من الـحوادث التي تأسف إدارة الزوبعة لعدم إمكان التعليق عليها في حينها، بسبب توقف هذه الـجريدة عن الصدور موقتاً، ما لا يصح السكوت عليه أو تأجيله. ولذلك نضطر لإثباته في هذا العدد الذي كنا آلينا أن لا ننشر فيه غير أخبار حوادث اليوم التاريخي الهامّ الذي جرى فيه عيد مولد مؤسس نهضة سورية القومية الاجتماعية.
الـحادث هو ما أذيع بالراديو في أخبار دوائر الإدارة الأرجنتينية الرسمية ونشرته في اليوم التالي جريدة لا ناسيون في عددها الصادر في 12 مارس/آذار الـماضي. وهذا نص الـخبر كما ورد في الـجريدة الـمذكورة:
«سمح الدكتور كستيليو بـمقابلة للنائب في مجلس ولاية سانتياغو دل أسيرو، السيد رشيد عجوب، الذي جاء بـمعيته رئيس «البنك السوري اللبناني»، السيد موسى عـزيـزه. وقد أوصل هذان السيدان إلى الدكتور كستيليو تأييد الـمجموع السوري اللبناني لسياسة الـحكومة.»
ليست هذه أول مرة يجري فيها انتحال تـمثيل النزالة السورية في هذه البلاد الكريـمة، لأغراض فردية مستورة وبدون أي تفويض أو مستند قانوني صالح لـمثل هذه الغاية. ولكن هذه الـمرة بلغ هذا الانتحال أبعد ما يـمكن ووصل إلى حد العبث بكرامة النزالة ودوس شخصيتها.
إنّ النزالة السورية في هذه البلاد التي يسميّها البعض «النزالة السورية اللبنانية» والبعض الآخر «النزالتين اللبنانية والسورية» وغيرهم «الـجالية العربية» أو «السورية العربية» ليست حزباً سياسياً ولا منظمة سياسية لها حق التدخل في حكومة الأرجنتين وسياستها وإعلان تأييدها لبعض الـحكومات الأرجنتينية دون بعض، بل هي مجموع سوريين أمُّوا هذه البلاد مغتربين عن وطنهم ليعملوا في هذه البلاد لتقدمهم الاقتصادي ولعمران هذا القطر، محترمين شرائع هذه الأمة النبيلة وإرادتها في أشكال حكومتها ورجال إدارتها وسياستها. وهي من هذا الوجه تـحترم جميع الـحكومات الأرجنتينية الناتـجة عن إرادة الشعب الأرجنتيني العامة ولا تتحيز مع حكومة ضد حكومة ولا مع حزب ضد حزب. هي من هذا القبيل كما ذكرنا عن النزالة السورية في البرازيل في انتقادنا خطاب السيد رزق اللّه حداد هناك في العدد التاسع والـخمسين من هذه الـجريدة (ص 374 أعلاه).
إنّ ما ادّعاه السيدان الـمذكوران من تـمثيل النزالة أو التعبير عن موقفها مخالف لكل صفة حقوقية أو اجتماعية للأسباب الآتية: أولاً إنّ السيد رشيد عجوب قد خرج عن جنسيته السورية باعتناقه الـجنسية الأرجنتينية ودخوله ميدان السياسة الأرجنتينية، فهو نائب أرجنتيني في ولاية أرجنتينية. وتدخّله في شؤون النزالة السورية إنـما هو دائماً بهذه الصفة التي تـجردت عن الشعور السوري. ثانياً، إنّ السيد موسى عزيزة هو أيضاً قد طلق الـجنسية السورية، على ما هو مشهور، وجميع أعماله التي سعى لإكسابها صفة «مؤسسات» هي من نوع غامض غريب وشبه يهودي. فنادي «شرف ووطن» ليس سورياً في حقيقته الاجتماعية، بل «إنترناسيونياً» شبه يهودي. ولذلك رفض الزعيم الـمأدبة التي أراد هذا النادي إقامتها على شرفه في ديسمبر/كانون الأول سنة 1939 وكرر رفضه في يناير وفبراير/كانون الثاني وشباط سنة 1940، أي مرتين. وجمعية «حماية الـمهاجرين» ليست لها غاية تذكر أو تعرف بأمور الـمهاجر السوري. ثالثاً، إنّ النزالة السورية في الأرجنتين لم تـجتمع ولم تؤلف مجلساً أو لـجنة للنظر في سياسة الـحكومة الأرجنتينية ولم تفوّض إلى أحد إعلان موقف لها في صدد هذه السياسة.
لهذه الأسباب وغيرها نكذّب ما ادّعاه السيدان الـمذكوران من التمثيل والتعبير اللذين لا حقيقة لهما.
أما الاحترام الذي يلاقيه سعادة رئيس جمهورية الأرجنتين في أوساط السوريين النازلين الأرجنتين والتقدير لـما يبذله لـخير وطنه وأمته فأمر يتعلق بشخصية الدكتور كستيليو الـممتازة وجاذبيتها أكثر مـما يتعلق بسياسة حكومته التي لا يريد السوريون إثارة مسألة تأييدها أو استنكارها، لأنها عائدة إلى إرادة الشعب الأرجنتيني العامة وحده، والسوريون بصفة كونهم شعباً حراً، يريدون احترام إرادة الشعب الأرجنتيني الـحر الذي يقيمون في بيئته فلا يتدخلون في خصوصياته السياسية وحزبياته الداخلية، بل يتجنبون كل ما يُشتمّ منه رائحة التدخل غير الـمرغوب فيه وغير الـمستحسن.
ويجب أن يعلم الذين يريدون جر النزالة السورية إلى خرق حرمة حيادها في مسائل الأرجنتين السياسية الداخلية والـخارجية أنّ زمن التلاعب باسم النزالة واستخدامه للأغراض الـخصوصية قد مضى. ولم تعد النزالة السورية مطية أحد من الناس ليصل إلى حاجته.