صدر عن مكتب الزعيم البلاغ التالي:
وصـلـت الحـرب،كـمـا كـان مـنـتـظـراً،إلى الغـرب الأقصـى،إلى أميركة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. فوقع القتال بين اليابان والولايات المتحدة. فشهرت الولايات المتحدة الحرب على اليابان على أثر هجوم قوات هذه الدولة البحرية والجوية على مينـاء برل هاربر وتبع ذلك شهر الحرب من قِبل ألمانية وإيطالية على الولايات المتحدة، تضامناً مع اليابان.
كان من المنتظر، نظراً للعلاقات الاقتصادية والسياسية المثبتة في معاهدات ومؤتمرات عديدة بين الأمم الأميركية، أنّ عدداً كبيراً من هذه الأمم أعلن تضامنه مع الولايات المتحدة. وتقرر في مؤتمر ريو دي جانيرو للمشاورة إبداء الرغبة إلى جميع الحكومات الأميركية في قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول المحور. فعمل بهذه الرغبة العـدد الأكبر ومنه البرازيل والأوروغواي وكوبة والمكسيك وغيرها. وبعض هذه الدول لم تقف عند هذا الحد، بل أعلنت الحرب على دول المحور وقد فعلت ذلك مؤخراً المكسيك.
ولما كانت الأقطار الأميركية الشمالية والجنوبية لا يخلو قطر منها من مغتربين سوريين، ولما كانت النهضة السورية القومية الاجتماعية قد انتشرت بين السوريين المغتربين في جميع الأقطار المذكورة، وكثرت لذلك التكهنات والأقاويل عن موقفهم رأى زعيم الحزب السوري القومي إصدار هذا البلاغ، منعاً للشبهات وقطعاً لدابر الإشاعات والسعايات الأثيمة.
إنّ للسوريين القوميين الاجتماعيين قضية واضحة لا يأتيها الشك من أي وجه من وجـوهها. إنها قضيـة شعب حـر يـريـد تقـريـر مصيره بمطلق حريته، ويطلب حقوقه بكـل قوّته. إنها قضية نبيلة لا ينكرها على السوريين شعب من الشعوب الحرة غير الطامعة في سورية.
ولما كانت قضية السوريين القوميين الاجتماعيين مختصة بسورية ومصيرها، ولما لم يكن في هذه القضية أي عداء أو تصادم مع أي شعب من الشعوب الأميركية، ولما كانت زعامة الحزب السوري القومي الاجتماعي لا ترغب إلا في توثيق عرى التفاهم والمودة مع جميع الشعوب الأميركية، فجميع السوريين القوميين الاجتماعيين في الأميركتين مدعوون إلى احترام شعور الشعوب الأميركية النازلين بينها والعمل بالتقاليد السورية العريقة في المعاملة بين الضيف والمضيف على أساس تبادل المحبة والاحترام.
وليـذكر السـوريـون الـقوميـون الاجتمـاعيـون عبر الحدود أنّ عملهم لقضيتهم القومية الاجتماعية بإيمان وإخلاص يقرّبهم أكثر فأكثر من الشعوب الحرة النازلين بينها، ويكون أدعى لاحترامهم. فليحافظوا على نزاهة قضيتهم وليعملوا دائماً لرقي أمتهم العظيمة وتحقيق مثلهم العليا مؤمنين بالفلاح.
صدر عن مكتب الزعيم في 13 يوليو/تموز 1942
ولتحيى سورية
زعيم الحزب السوري القومي
أنطون سعاده
الزوبعة: إنّ البلاغ المتقدم هو على مستوى البلاغات التي صدرت عن مكتب زعـامـة الحـزب السـوري القـومي الاجتمـاعي في الصراحة ووضوح الغاية. فجميع الأقطار الأميركية ترى فيه الموقف الصحيح الذي يقفه الحزب تجاه الأمور الإنترناسيونية التي تنـاولـت أميـركـة وتعرف منه الشعور الودّي نحوها الذي يملأ صدور القوميين الاجتماعيين النازلين فيها. فكلمة الزعيم هي كلمة جميع القوميين الاجتماعيين. والزعيم الذي اشتهر بالصراحة والجرأة في أشد المواقف صعوبة لا يقول الكلام زلفى أو استعطافاً، بل يقوله صراحاً غير ذي عوج. لذلك يمكن أخذ بلاغ الزعيم بمثابة عهد شرف بالولاء نحو جميع الأمم الأميركية التي برهنت عن محبة الحرية واحترام إرادة الأمة السورية في الحياة والسيادة القومية.
أما القوميون الاجتماعيون فيجدون فيه العزيمة الصادقة على المضي في الغرض القومي الأسمى لحياة سورية وحريتها ورقيّها، فلا يمكن تأويله كدعوة إلى التخلي عن واجبات الشرف القومي والعمل القومي الاجتماعي الذي لا غاية له غير إنقاذ الوطن ورفع مستوى حياة الشعب السوري والمساهمة مع الأمم المتمدنة في ترقية شؤون العالم وإيجاد حالة أفضل من الحاضرة للإنسانية.