عزيزي الشيخ نعمان،
بكل سرور تسلمت كتابيك، خصوصاً الثاني منهما الـمؤرخ في 26 الـجاري. ومعظم سروري هو لعودة الاتصال بيننا الذي كان قد انقطع بسبب نزوحك عن الوطن، وما خضت أنا من معارك شغلتني عن كل أمر آخر وعن نفسي وصحبي.
إني كنت أتصور ما سأجده في الـمهاجر السورية من أغراض خصوصية ودعاوات وعنعنات. فإني أعرف جيداً نفسية شعبي العتيقة، وأعرف الـمهجر، وأعرف أعمال أعداء الأمة ومحبي مصالـحهم الـخصوصية. ولكني أعرف أنّ عامة الشعب طيبة القلب قابلة للإصلاح متى أنقذناها من سيطرة النفعييـن، وأريناها الطريق القويـم نحو الـحياة الـمثلى والفضائل الباقية. وإنّ لي ثقة بوجود نفوس كبيرة، نبيلة تـميّز بين النور والظلمة وتعمل في النور لنشر النور.
إنّ الصحافييـن في هذه العاصمة و«ذوي الـمكانة» جربوا أن يتعصبوا ضد زيارتي، ظانيـن أني سألتجىء إليهم. وقد ساء فألهم. إنهم يجهلون خطورة الـحركة السورية القومية وقوة فاعليتها.
وظنوا أنّ زيارتي للمهجر هي كزيارة أولئك التجار السياسييـن الذين تعودوا زيارة الـمهجر لاستغلال بعض الـحوادث وكسب الـمال، فكانوا يلتجئون إلى بعض «الكبار» ويتوددون إليهم ويحدثون ضجة ويجمعون مبلغاً من الـمال ويعودون من حيث أتوا. أما أنا فقد حافظت على حقيقة الرسالة التي أؤديها.
وابتدأت الأوساط تتعرف إلى مرافقَيّ [أسد الأشقر وخالد أديب] أولاً، ثم تطلب التقدم إليّ. وقد تبيـن أنّ لي بعض الأصدقاء القدماء من الشبيبة أمّوا الأرجنتيـن من زمن غير بعيد مثلك، وبعضهم في هذه العاصمة لهم مركز جيد. وإني متفائل بالنتيجة.
أحب أن أعرف ما يـمكنك أن تعمل من جهتك بين معارفك وأصدقائك؟
وما هي أهمية الـمكان الذي أنت فيه؟ وهل الأوساط عندكم تهتم لقضية وطنها؟ وهل هنالك عناصر تريد أن تعمل بإخلاص لـمصلحة الشعب السوري عامة والـجالية عموماً بوجه خاص؟
وهل هنالك استعداد لـمساعدة حركة الإنقاذ القومي التي نقوم بها، وما يـمكن أن ينتظر من زيارة أقوم أنا بها أو يقوم أحد ناموسيّ إلى الداخلية؟
أعتقد أنه يـمكنك أن تؤدي خدمة كبيرة أثناء زيارتك لـمندوسة بالاتصال بالأوساط التي لك علاقة بها وتهيئة الأفكار، حتى إذا وجدت استعداداً طيباً تخبرني بسرعة. إنّ الاستعداد هنا ينمو والاهتمام يزداد وستتحرك قريباً بعض الأوساط. فإذا وجدت استعداداً حسناً في الداخلية فقد نقوم برحلة سريعة إليها بعد أن نفرغ من هنا، أي بعد بضعة أسابيع.
إني مرسل إليك بعض نسخ قليلة من مبادىء النهضة السورية القومية، واحدة خصوصية لك والبقية لتوزعها على من ترى فيهم الأهلية والاستعداد الطيب. وإني مسرور جداً من استعدادك الروحي، الذي لا يزال كما أعهده. فأنت تـمثّل قوة النفسية السورية الـحية.
كذلك سرّني أن تكون وعائلتك العزيزة بخير. فسلامي لك ولها.
ولتحيى سورية.