(كان للحديث الذي تـمكنّا من الفوز به من أنطون سعاده زعيم الـحزب السوري القومي الاجتماعي صدى بعيد في سورية ولبنان، فعلّقت عليه الصحف اللبنانية حسب ميولها وأهوائها كما حاولت دوائر الأمن العام اللبناني أن تهتدي على ضوئه على مقر سعاده دون طائل.
واعتبـرت بعض الصحف والـدوائـر الـحكوميـة اللبنانيـة بعض ما جاء في حديث سعاده دليلاً جديداً على اتصال سعاده باليهود.
وكان هذا مـما شجعنا على إعادة الكرّة للفوز بحديث يلقي ولو بعض النور، ويروي ولو بعض الظمأ فقام أحد محرري العلـم بـمحاولة صحفية جديدة أملاً في استشفاف الـحقيقة انتهت بعد مجاهيـد كبيـرة إلى الاتصـال بزعيم الـحزب للمرة الثانيـة. وهذا هو الـحديث ننشره راجيـن أن نكون قد قمنا بجزء من الواجب نحو قراء العلـم ومناصريه).
س - تقول بعض الصحف اللبنانية إنكم في حديثكم السابق إلى العلم اعترفتم ضمناً بوجـود اتصال للحـزب السوري القومي الاجتماعي باليهود، ويظهر أنّ هذا البعض قد ارتكز على عبارتكم القائلة «فإذا كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب ومخزية للمتحكمين في رقاب الشعب اللبناني وللطائفييـن الذين نـملك وثائق عديدة عن اتصالاتهم واتصالات جميع الرجعييـن والنفعييـن باليهود».. وقد قال هذا البعض إنّ عبارتكم في الـحديث الـماضي هي نفسها تشكل مستنداً لتهمة توجه إليكم وحدكم
ج - هذه علامة جيدة. فالـمتحكمون والرجعيون والـخونة قد ابتدأوا يتراجعون بعـد هجـومهـم الـمتسـرع العنيـف، وهـم يتخبـطـون في تـراجعهـم كمـا تخبطـوا في هجومهم، إنهم ابتدأوا يعترفون بافترائهم على الـحزب القومي الاجتماعي الذي يريد إنقاذ البلاد من نكبة نفعييهم وخيانتهم، إنهم يتجاهلون الـحقيقة الناصعة ويحاولون أن يجدوا في تراكيب الكلام ما يساعدهم تأويله الباطل على التعويض عن خيبتهم في مهاجمتهم الواقع.
إنّ عبارتي واضحة في مؤداها ولا تـحتمل عند أهل الـحق أي تأويل في مدلولها البسيط، فالـمفهوم الوحيد الـمباشر لعبارتي هو أنه إذا كانت الـحكومة قد استولت على شيء من الوثائق التي في حوزة الـحزب في صدد الاتصال باليهود، فإنّ تلك الوثائق التي استولت عليها استخبارات الـحزب القومي الاجتماعي تتعلق بعلاقة غيرنا باليهود. ووجود هذه الوثائق عندنا أمر يزيد قيمة الـحرب التي نقوم بها على أعداء الأمة والوطن والداخليين والـخارجيين الذين أشرت إليهم تكراراً في خطاباتي الأخيرة.
فالـمغرضون لم يروا في عباراتي إلا جملة «فإذا كان لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب» وغضّوا الطرف عن الذين تخزيهم الوثائق لأنها تتعلق باتصالاتهم هم الـمتفقة مع اليهود.
إنني لم أقل: إذا كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد اتصالنا نحن باليهود، بل قلت في صدد الاتصال باليهود من أية جهة كانت ثم عنيت في تتمة عبارتي الـجهات التي يحـوز الـحـزب القـومـي الاجتمـاعي على وثـائـق عن صـلاتها باليهـود، ولكن أهـل الباطل لا يـميِّزون بين إطلاق وتعييـن، وكثيراً ما يجعلون الـمخصص معمماً والـمعمم مخصصاً لأنهم لا يرجعون إلى حقيقة بل إلى غاياتهم الـخصوصية الدنيئة، ويكفيهم أن تلاقي اتهاماتهم الباطلة قبولاً عند أهل الباطل.
إذا كان بتأويل الكلام تثار التّهم بدون أي فعل أو واقع تتعلق به، فيجب حينئذٍ زج كل الناس في السجون. وأول من يجب وضعهم في السجن بسبب عباراتهم التي تثبت على الأقل دعاوتهم لليهود هو الـخائن صاحب الـجريدة الـمجتهدة في صناعة التآويل الباطلة، فهو يقول إنّ «الاتفاق» الذي استنتجته سليقته وسليقة أمثاله الشريرة من التحقيـق لم يبتـدىء اليهـود بتنفيـذه لأنهـم ينتظـرون «عـودة العلاقـات الطبيعية بين إسرائيل ولبنان» فيمكن اتهام الـجريدة الـمشار إليها بالدعاوة الـمباشرة لليهود بالتبشير «بالعلاقات الطبيعية» التي ينتظر عودتها إلى مجراها.
وإذا لم يرق لأهل الـخيانة والباطل إلا أن تكون عبارتي دليلاً على اتصال لنا نحن باليهود مشـرف للحـزب الـقومـي الاجتمـاعـي، فـلا بأس أن نـجاريهم في تفاسيرهم الـملتوية ونقول إنّ لنا اتصالاً باليهود مشرّفاً هو اتصال الـحرب والنار بيننا وبينهم - هو اتصال الأعداء بالأعداء، هو ما يسمونه في بعض اللغات Contact de feu وهذا الاتصال مشرّف بلا شك وهو يختلف عن اتصالات الرجعيين النفعيين الـمخزية.
س - تدخـل الـجمهورية السوريـة اليوم في طـور جديد من أطوار الانقلاب هو طور توطيد الانقلاب فما رأيكم في الانقلاب وبطله؟
ج - أريد بهذه الـمناسبة أن أوجه بواسطة جريدتكم الزاهرة تـحية خالصة إلى قائد الانقلاب الذي أنقذ معنويات الـجيش السوري وخلّصه من الفوضى وتلاعب الـمتحكميـن الـمفسدين، ومحا التخاذل وضرب على أيدي تـجار السياسة، فحركته الـمباركة التي أسبغت على الشعب، من فوق من الـحكم، القوانين الإصلاحية التي ألغت التفاوت الـحقوقي في الشعب، وعززت الـجيش، وطبَّقت التشريع الـمدني، كانت انتصاراً عظيماً للمبادىء التي تكوّن محور إيـماننا.
لا شـك عنـدي في أنّ إقبال الشعب على تأييد الانقلاب الكبير سيكون عظيماً بقدر ما كان عظيماً يأسه من الـحكم الـماضي، وإني أتـمنى للقائد الظافر النجاح في عهد الاستقرار والبناء الـجديد، وإنّ تـمنياتي هي تـمنيات جميع القومييـن الاجتماعيين الذين يعملون ويصارعون لانتصار القضية القومية الاجتماعية التي ظهر لها هذا البطل.