بقلم الزعيم
لم يكد يصدر من هذه الـجريدة خمسة أعداد أولى حتى عطلتها الـحكومة في التاسع من أبريل/نيسان 1948 فيكون قد مضى على تعطيلها، إلى أن أفرج عنها نهائياً في جلسة مجلس الوزراء الـمنعقد في السابع من أبريل/نيسان 1949 وإلى أن تبلّغنا قرار الإفراج أمس الثلاثاء في 12 أبريل/نيسان، حولٌ كامل وثلاثة أيام!
وكانت جريدة [صدى] النهضة قد عُطِّلت قبل ذلك في ربيع سنة 1947، فتكون الـحركة القومية الاجتماعية التي يعتز بها لبنان وينتشر نورها وتوجيهها في سورية كلها قد بقيت مدة سنتين محرومة من صحيفة يومية تنشر آراء كتّابها وتعلن موقفها من الـحوادث الهامّة التي تعرَّض لها الوطن وتعرَّضت لها الأمة كلها. وكم من الـحوادث الـجسام مرّت بالأمة والوطن في الـحولين الـماضيين وتركت لهما نتائجها الهائلة التي لا يفوقها هولاً إلا الغفلة الـمرعبة التي تنعم بها فئات الرجعة والقضايا الرجعية وفئات الغايات الـخصوصية وشركات الاحتكار السياسي!
بعد عامين من تعطيل الصحف القومية الاجتماعية وبعد عام من تعطيل الـجيل الـجديد، تعود هذه الـجريدة إلى الصدور ناشرة نور النهضة القومية الاجتماعية في أرجاء الوطن، حاملة إلى ناشئة الأمة الفتية عقيدة فتية تنشىء جيلاً جديداً لـمصير جديد!
بعد سنتين تعود هذه الـجريدة إلى قرائها وقد ودعت التعطيل لتلاقي قانون الـمطبوعات الـجديد الذي يضع في قبضة الـحكومة والقضاء ما هو أدهى من التعطيل، ويسجل على لبنان عاراً لم يعرف مثله في أي زمن سابق من أزمنة العبودية الأجنبية! بيد أنّ عار قانون الـمطبوعات على ضخامته هو في عُرفنا أخف وطأة من عار التعطيل، لأنّ الـخضوع للقانون، مهما كان القانون ظالـماً، هو أقل هواناً للمرء من الـخضوع لتحكّم الذين يقبضون على مقاليد السلطة. لذلك نخالف رأي الصحافيين التجار الذين لا يحاربون حرب العقائد ولا يصارعون صراع العز، الذين ارتأوا أنّ التعطيل أفضل من القانون، ونخالف كل من ذهب هذا الـمذهب النفعي الذي يقي الصحف التجارية، الـمتوددة والـمتزلفة والـمستدركة، التعرض للمحاكمة والـجزاء، ولكنه يضع صحف الـمبادىء والرأي تـحت رحمة تبدل الـحكومات وتقلب الأهواء.
أي قانون سيِّئ، مهما بلغ من السوء، هو أفضل من عدم القانون ومن ظنون رجال السلطة وأهوائهم، مهما كانوا رحماء! فالـمرء يقف أمام القانون دائماً عزيزاً ولكنه يقف دائماً صاغراً أمام صاحب السلطة الـمتحكم. والقانون هو دائماً رمز سيادة الشعب، أما التحكم فرمز الذل. وليس القانون، مهما قسا، بثمن فاحش لإزالة التحكم!
إننا نؤيد القانون ولكننا ضد قانون الـمطبوعات الـجديد، الذي، مع أنه قانون ينظم العمل الصحافي، يضع في يد القضاء والهيئة الـحاكمة من أبواب التأويل ما يوازي صلاحية التعطيل الإداري من حيث منع حرية الرأي ويفوق التعطيل في الإضرار من حيث الـجزاء.
إنّ عودة الـجيل الـجديد هي حلقة جديدة في سلسلة الانتصارات العظيمة التي أحدثت تغييراً كبيراً في عقلية الأمة وفي نظرها إلى الأمور الـجوهرية.
إنها انتصار جديد للحركة القومية الاجتماعية على أعداء الـحرية الذين أوجدوا تكتلات نايو رجعية من الشباب الـمشوه الثقافة لتكون حرباً على الـحريات الأساسية والـحقوق الـمدنية والسياسية ثم أخذوا يـملاؤن الدنيا الضيقة التي يعيشون فيها صياحاً في «الدفاع عن الـحرية».
إنها انتصار لأمة عظيمة تعسة بعدد وفير من أبنائها الذين يـمزقونها بأيديهم وعقولهم بين مختلف النزعات الرجعية من دينية وعشائرية وفردية ويطرحونها صريعة أمام الـمطامع الأجنبية.
إنها انتصار على التدجيل وسرقة التعاليم والأفكار القومية الاجتماعية وانتحالها للتغرير بالشعب في قضايا فاسدة ولإلباس النفسيات الرجعية الـمتضاربة حلة منها، استغلالاً للنفسيات الـمريضة بـمجاراة مرضها واكتساب تأييدها!
إنها انتصار على الشعـوذة الأثيمـة التي تـأخـذ البنـاء القـومـي الاجتماعي الذي تشيده تعاليم الـحركة القومية الاجتماعية لتقيمه على الأسس النفسية - الاجتماعية الفاسدة الـمؤذنة بالانهيار!
إنها انتصار إرادة جيل جديد فتي ينهض بقضية عظيمة فتية على الإرادات الأجنبية والرجعية والـخصوصية الـمتحالفة فيما بينها.
إنها انتصار لأنها صوت النهضة القومية الاجتماعية التي هي، بـمجرّد نشوئها، انتصار للبنان القومي الاجتماعي على لبنان الرجعة والانعزال والإرادات الغريبة.
إنّ لبنان يحيا بالـحرية ويندثر بالعبودية!