وقّعت في موسكو، مساء السادس من هذا الشهر، معاهدة صداقة وتعاون ومساعدة متبادلة بين روسية وفنلندة.
مدة الـمعاهدة عشر سنوات. وموادها تنص على احترام رغبة فنلندة في البقاء خارج الاختلافات بيـن الدول وعلى أنه «إذا اعتدت ألـمانية أو أيـة دولة أخرى على فنلندة أو روسية عبر فنلندة»، فإن هذه الدولة تكون ملزمة بوضع كل القوات الـممكنة لـمنع الاعتداء ولـمساعدة روسية على الدفاع. ومن بنود الـمعاهدة أيضاً أنّ روسية تكون مستعدة لتقديـم الـمساعدة اللازمة لفنلندة بالاتفاق مع هذه الدولة على نوع الـمساعدة وكيفيتها. وتنص الـمعاهدة أيضاً على احترام كل من الدولتين سيادة الأخرى، وامتناع كل منهما عن التدخل في شؤون الأخرى الداخلية.
فنلندة أمة صغيرة يبلغ عدد سكانها نخو ثلاثة ملايين. والبلاد متاخمة لروسية على البحر البلطي، وقد حاربت روسية في الـحرب الأخيرة حرباً طويلة أدهشت بسالة جيشها فيها وأعماله الـحربية العالم.
وإنّ الـمعاهدة التي عقدتها مع روسية معاهدة يكاد لا يكون لها مفر منها. فالضغط الروسي يشتد على أمـم البحر البلطي. وسياسة اتخاذ الـمراكز استعداداً للحرب الـمقبلة تأخذ مجراها بكل نشاط.
إنّ مركز فنلندة هام جداً للأعمال الـحربية ضد روسية أو معها، كما برهنت الـحرب الـماضية. فبرزخ كرالية يهدد لينينغراد. ومن الـجهة الأخرى يـمكن اتخاذ فنلندة موصلاً لروسية ببلاد أسوج التي هي أعظم حصن على البلطي ضد الشيوعية والتوسع الروسي.
وقد أيقظ اهتمام روسيـة بعقد معـاهدة صداقة وتعاون وتبادل الـمساعدة مع فنلندة اهتمام أسوج. ومنذ مدة قريبة وجّه الـمسؤولون العسكريون في أسوج عنايتهم إلى تـحصين الـحدود وزيادة معدات الـجيش. فمع أنّ أسوج نـجت من الـحربين العالـميتين الأولى والثانية وبقيت مدة طويلة لا يعرف تاريخها الـحرب، فإنها دولة نشيطة متيقظة ولها حركة اقتصادية إنترناسيونية واسعة. وهي دائمة الاهتمام بالـجيش والـمعدات الـحربية العصرية.
من الأمور التي تلفت النظر في الـمعاهدة الفنلندية ـ الروسية، الـمادة التي تنص على احترام رغبة فنلندة في البقاء خارج الـمشاحنات الإنترناسيونية، الأمر الذي يدل على أنها، على الرغم من الـمعاهدة، تريد الاحتفاظ بحياد وعدم تـحيز لإحدى الـجبهتين وأنها تكاد تكون مرغمة بحكم مركزها على قبول الـمعاهدة مع روسية الشيوعية.