(لا يُعرف اتـجاه الشعب إلا من الـحركات الـمستقلة الـمتولدة فيه. فهي أصدق تعبير عن حاجاته لأنها وليدتها. والـحزب السوري القومي هو محور النهضة التي ولّدها والـحركة الأولى الـمستقلة بتفكيرها ونظامها. وقد تعرّض هذا الـحزب لشتى التآويل عن أغراضه وأهدافه، فرأينا أن نـجلو للرأي العام حقيقة تخطيطاته، فأوفدنا رائدنا إلى زعيمه يستوضحه بعض النقاط التي تشغل الرأي العام فجاءنا بالـحديث التالي:)
س - اتُّهم الـحزب السوري القومي بالعمل لهدم كيان لبنان. فهل هذا صحيح؟
ج - لقد جرى الاتهام ولم تثبت صحته. والـحقيقة أننا لسنا أعداء للكيان اللبناني. ولسنا حزباً يطالب بالوحدة السياسية الاعتباطية التي يريدها بعض الـمتزعمين لأسباب غير قومية وإن تسترت بالقومية، بل نحن حزب يعمل للوحدة القومية أولاً. أما الوحدة السياسية فمسألة غير متعلقة بنا رأساً بل مرجعها الأمة، ونحن في لبنان نعمل بصورة إيجابية ضمن الكيان اللبناني لنجاح الشعب اللبناني وتقدمه من غير أن يـمنعنا هذا العمل من اعتبار الواقع أنّ سورية الـجغرافية تشكل وحدة اجتماعية اقتصادية. ومنذ الوقت الذي تـم فيه الاعتراف بالكيان اللبناني أصبح هذا الكيان كيان جميع اللبنانيين، ونحن منهم. وأصبح واجب جميع اللبنانيين مـمارسة حقوقهم الـمدنية ضمن هذا الكيان. ونحن من جملة اللبنانيين الذين لهم الـحق أن يـمارسوا صلاحياتهم الـمدنية لـمصلحة الشعب اللبناني.
س - كيف توفقون بين عقيدتكم القومية واحترام الكيان اللبناني؟
ج - إنّ عقيدتنا القومية شيء اجتماعي، والكيان اللبناني شيء سياسي، ونحن لا نخلط بين الاثنين، فإذا كانت الـمصلحة أو الظروف السياسية اقتضت إنشاء الكيان اللبناني، فالـمسألة من هذا الوجه تبقى مسألة سياسية بحتة، ولا وجه لإحلال الـمسألة السياسية محل القضية القومية. ولذلك فالذين يظنون الـحزب السوري القومي حزباً وُجد لـمجرّد الـمطالبة بالوحدة السورية يخطئون أو يغلطون أو يسيئون فهم قضية الـحزب السوري القومي، والذين يهوّلون على غلاة اللبنانيين بالقول إنّ الـحزب يريد ضم لبنان إلى الشام يؤوّلون القصد ويريدون بث دعاوة خبيثة. فالـحزب لا يقول بالضم أو الفصل بل يعمل للوحدة القومية وجعل الأساس القومي محل الأساس الديني ونزع فكرة الـحكم على أساس الـمذهب فيكون الكل سوريين قوميين، لا أكثرية إسلامية ولا أقلية مسيحية، كما يريد ذوو الغرض إيهام الناس أنه النتيجة الوحيدة لفكرة الـحزب السوري القومي.
إنّ الـحزب لم ينشأ لتحقيق رغبات الذين لهم في الوحدة السياسية الـمستعجلة أغراض تتستر وراء الـمصلحة القومية. ولا للقول ببقاء حالة معينة تستفيد منها فئة من الناس. بل أنشىء الـحزب السوري القومي ليعمل على تطوير حالة الـمجتمع وتوحيد العقائد في عقيدة واحدة هي العقيدة القومية التي لا عقيدة غيرها تكفل زوال النظريات الـخصوصية وتضمن توحيد الشعور والاتـجاه.
وما الفائدة من الوحدة السياسية الـمستعجلة على غير أساس الوحدة القومية؟ وهل يـمكننا أن نتصور وحدة قومية سياسية على أساس بقاء الأمة أقواماً دينية متضاربة الـمصالح متنافرة الغايات؟
إننا نهضة قومية أكثر منا حزباً سياسياً؛ والنظرة القومية هي التي تـملي علينا سياستنا.