وانتقل الزعيم إلى تناول الـمسألة العروبية فقال في هذه الـمسألة، إنها غير واضحة وإنها مرت في أطوار شتى كطور «حلف عربي» وطور «اتـحاد عربي» وطور «إمبراطورية عربية» وغير ذلك من الأطوار. وهو لا يعترف بوجود قضية حقيقية واضحة إلا قضية التعاون الـممكن لبعض أمـم العالم العربي من الوجهة السياسية وبعض الوجوه الاقتصادية والثقافية، وقد أعلن الـحزب السوري القومي في مبادئه أنه يعتبر أهمية هذا التعاون لـمصلحة الأمـم العربية. ويقول الزعيم إنّ الـحزب السوري القومي هو أول حزب فكّر في تـحديد قضية العلاقات بين الأمـم العربية وإيضاحها ليسهل الوصول إلى تعاون صحيح مفيد لـحياة الأمـم العربية وارتقائها. فليس هنالك، في نظر الزعيم، قضية عربية أو عروبية على الإطلاق، ولكن الـمسألة في نظره هي مسألة بعض الفئات التي تـحاول استغلال وجوه نظر دينية لبعض غاياتها. ووجوه النظر الدينية هذه تـجعل القضية العربية أو العروبية قضية دينية في أساسها باعتبار أنّ الدافع الأقوى إليها هو الإسلام فهي والـمسألة اللبنانية صنوان، لأن أساسهما ديني يجزىء وحدة الأمة السورية بتنفير كل عنصر من العناصر الدينية التي تشكل الشعب السوري عن الآخر وتؤدي إلى التفكك والانهيار.
وقال أيضاً إنه لـمّا كانت الـمسألة للحزب السوري القومي هي مسألة إنقاذ الأمة السورية قبل كل شيء وتأمين مصير مصالـحها، فهو يرى أنّ الوحدة السورية القومية لا يـمكن أن تتم بناءً على وجوه نظر دينية، بل على مبادىء الاجتماع والـحقوق الاجتماعية الاقتصادية العامة للشعب السوري. فهنالك قطر جغرافي مستقل عن غيره هو سورية، وضمن هذا القطر يعيش شعب واحد حياة مستقلة بدورتها الاجتماعية - الاقتصادية- الدموية، وعلى هذا الأساس وحده، يـمكن التفكير بتوحيد صفوف الأمة السورية وإعداد مصير مجيد لها. ومن هذه الناحية يجب أن نفهم عقيدة الـحزب السوري القومي وطريقته العملية.
وانتقل الـمحدّث إلى الكلام عن القصد من زيارته إلى الأرجنتين فقال إنّ هذه الزيارة هي جزء من برنامج رحلته إلى أوروبة والـمهجر السوري التي صدرت بها إذاعة رسمية من مركز الـحزب السوري القومي في بيروت. وغرض هذه الرحلة كما قال الزعيم، هو تفقُّد فروع الـحزب السوري القومي في الـمهاجر التي نشأت فيها فروع والنظر في احتياجاتها، وإعطاؤها التوجيهات اللازمة لفائدة الـحركة السورية القومية، وزيارة الـجوالي السورية عامة وتفقُّد أحوالها الاجتماعية والعمرانية والوقوف على مقدار تقدمها وعلاقاتها مع الشعوب التي تعيش في أوساطها، ودرس إمكانيات توثيق العلاقات الـحسنة بين الـجوالي والشعوب الـمذكورة من الوجوه الثقافية والاجتماعية، وتوجيه أنظار السوريين، في الـمهجر عموماً، إلى وجوب العمل لـحرية أمتهم لكي يتمتعوا بحق بالـحريات التي يحصلون عليها بين الأمـم التي يعيشون معها، وتأسيس فروع جديدة للحزب السوري القومي في الـجوالي التي تسمح قوانين البلاد النازلة فيها للجوالي الأجنبية، بالقيام بحركات فكرية وسياسية لـمساعدة أوطانها الأصلية.
والنقطة الرابعة هي الـموقف السياسي فإن الـمحدّث أشار إلى الأخطار الـمداهمة التي تتعـرض لها الأمة السورية في هذه الظروف. وهي أخطار الأمة السورية بأسرها أي بجميع أجزائها كفلسطين وشرق الأردن والشام ولبنان وسائر الأجزاء الصغرى. وأشار بصورة خاصة إلى الـخطرين التركي واليهودي، الواحد في الشمال والآخر في الـجنوب، وإلى الـمساومات الـجارية بين اليهود والأتراك والدول الـمنتدبة لتقرير مصير الشعب السوري تقريراً سيئاً بدون شك، بينما الشعب السوري لاهٍ بـمنازعاته وعوامل تفسخه الداخلي. وهو يقول إنه إذا لم ينتبه الشعب السوري إلى شخصيته وحقيقة حقوقه ومصالـحه التي توضحها مبادىء الـحزب السوري القومي وبرنامجه، فإن عاقبة حالة الـجمود ستكون وخيمة جداً وقد تكون قاضية على هذا الشعب، خصوصاً، في حالة الصراع العنيف الـمقبل. وهو يطلب من جميع الذين يحبون نـجاح شعبهم أن يتجردوا عن العنعنات وعن خصوصيات التفكير والـمذاهب ويُقبِلوا على درس الـحقائق وترك الأوهام والتخيلات الباطلة والإقبال على الصحيح.