اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتـمر العربي

 

كان النحاس باشا قد اتفق أثناء الـمشاورات مع مـمثلي الدول العربية على أن يدعوهم معاً بعد مدة لتشكيل لـجنة تـحضيرية للمؤتـمر الـمنوي عقده.

 

وبعد ستة أشهر تقريباً من انتهاء الـمشاورات وجّه النحاس باشا الدعوة إلى الدول العربية التي اشتركت في الـمشاوارات فحضر مـمثلو تلك الدول وتألفت منهم اللجنة التحضيرية للمؤتـمر العربي، وقد قررت هذه اللجنة قبول السيد موسى العلمي الـمندوب العام للأحزاب الفلسطينية في الاشتراك بأبحاثها. وكانت ثمرة جلساتها الـمتعددة بروتوكلاً وقّعه مـمثلو تلك الدول ما عدا مـمثل الـمملكة السعودية ومـمثل اليمن الذين طلبا أن يطلعا ملكيهما على البروتوكول قبل توقيعه. وقد أرسلت اللجنة لكل من الـمملكتين العربية السعودية واليمنية بياناً تشرح فيه وجهة نظر اللجنة في قرارها بالنسبة للبروتوكول وإعلانه. فوافق عليه ابن السعود في 7 يناير/كانون الثاني 1945 والإمام يحيى في 4 فبراير/شباط 1945 وهذا نص الوثائق  التي أذاعها رئيس الـحكومة الـمصرية في 7 أوكتوبر/تشرين الأول 1944 بعد ارفضاض الـجلسة الـختامية للجنة الـمؤتـمر العربي التحضيرية.

 

 

بيان اللجنة التحضيرية

 

 

«انتهت اللجنة التحضيرية للمؤتـمر العربي العام من أعمالها كما بدأتها في جو رائع من الثقة الـمتبادلة والأخوة الصادقة والود الصميم والشعور بالـمسؤولية الـمشتركة في هذه الظروف الـخطيرة التي يتحول فيها مجرى التاريخ، تـحدوها الرغبة الـملحة في جمع شملها وتوحيد جهودها وتوجيهها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتـحقيق أمانيها وآمالها.

 

وقد كان من أعظم دواعي الغبطة والسرور أن ينضم إلى اللجنة حضرة الأستاذ موسى العلمي العضو الـممثل لعرب فلسطين لـما لقضية هذا القطر العربي الشقيق من الـخطورة البالغة والأهمية الكبرى عند العرب أجمعين.

 

وقد اتخذت اللجنة بإجماع الوفود السورية والأردنية والعراقية واللبنانية والـمصرية الكثير من القرارات الـحيوية سواء من الناحية السياسية أو من النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها. وإثباتاً لاتفاق هذه الوفود على القرارات الـمذكورة وقع رؤساؤها وأعضاؤها البروتوكول الـمرافق لهذا البيان.

 

أما وفدا الـمملكة العربية السعودية واليمن فقد أرجآا ابداء الرأي إلى ما بعد عرض القرارات الـمذكورة على حضرتي صاحبي الـجلالة الـملكين الـمعظمين عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين.

 

ويسر اللجنة أن تنتهز هذه الفرصة السعيدة التي هي بحق من أعظم الصفحات وأمجدها في تاريخ العرب فتزف إلى البلاد العربية قاصيها ودانيها أطيب تهانيها وأصدق أمانيها وترفع إلى حضرات أصحاب الـجلالة والفخامة والسمو ملوك الدول العربية ورؤسائها وأمرائها العظام أسمى آيات ولائها وأبلغ عبارات ثنائها موقنة أن أعمالها وآمالها والنتائج التي وصلت وستصل بإذن الله إليها تـحظى منهم بأوفر العطف وأبلغ التشجيع والتأييد».

 

 

البروتوكول

 

 

«الـموقعون على هذا رؤساء الوفود العربية في اللجنة التحضيرية للمؤتـمر العربي العام وأعضاؤها وهم:

 

رئيس اللجنة التحضيرية: مصطفى النحاس باشا، رئيس مجلس وزراء مصر.

 

الوفد السوري: سعدالله الـجابري رئيس الوزراء، جميل مردم بك، الدكتور نـجيب الأرمنازي، صبري العسلي.

 

الوفد الأردني: توفيق أبو الهدى رئيس الوزراء، سليمان السكر.

 

الوفد العراقي: حمدي الباجه جي رئيس الوزراء، أرشد العمري وزير الـخارجية، نوري السعيد، تـحسين العسكري.

 

الوفد اللبناني: رياض الصلح رئيس وزراء لبنان ورئيس الوفد، سليم بك تقلا وزير الـخارجية، موسى مبارك مدير غرفة رئيس الـجمهورية.

 

الوفد الـمصري: نـجيب الهلالي باشا وزير الـمعارف، محمد صبري أبو علم باشا وزير العدل، محمد صلاح الدين بك وكيل وزارة الـخارجية.

 

إثباتاً للصلات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط بين البلاد العربية جمعاء وحرصاً على توطيد هذه الروابط وتدعيمها وتوجيهها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتـحقيق أمانيها وآمالها.

 

واستجابة للرأي العام في جميع الأقطار العربية.

 

قد اجتمعوا في الإسكندرية بين يوم الاثنين 8 شوال سنة 1363 الـموافق 25 سبتمبر/أيلول سنة 1944 ويوم السبت 20 شوال سنة 1363 الـموافق 7 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1944 في هيئة لـجنة تـحضيرية للمؤتـمر العربي العام وتـم الاتفاق بينهم على ما يأتي:

 

 

أولاً: جامعة الدول العربية

 

تؤلف «جامعة الدول العربية» من الدول العربية الـمستقلة التي تقبل الإنضمام إليها. ويكون لهذه الـجامعة مجلس يسمى «مجلس جامعة الدول العربية» تـمثل فيه الدول الـمشتركة في «الـجامعة» على قدم الـمساواة، وتكون مهمته مراعاة تنفيذ ما تبرمه هذه الدول فيما بينها من الاتفاقات وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها وتنسيق خططها السياسية تـحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل الـممكنة وللنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالـحها.

 

وتكون قرارات هذا «الـمجلس» ملزمة لـمن يقبلها فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الـجامعة، ويلجأ فيها الطرفان إلى الـمجلس لفض هذا الـخلاف، ففي هذه الأحوال تكون قرارات «مجلس الـجامعة» نافذة ملزمة.

 

ولا يجوز على كل حال الإلتجاء إلى القوة لفض النزاعات بين دولتين من دول الـجامعة، ولكل دولة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الـجامعة أو غيرها اتفاقات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام أو روحها. ولا يجوز في أية حال اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة منها.

 

ويتوسط الـمجلس في الـخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الـجامعة وبين أية دولة أخرى من دول الـجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما.

 

ثانياً: التعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها

 

تتعاون الدول العربية الـممثلة في اللجنة تعاوناً وثيقاً في الشؤون الآتية: الشؤون الاقتصادية والـمالية بـما في ذلك التبادل التجاري والـجمارك والعملة وأمور الزراعة والصناعة. شؤون الـمواصلات بـما في ذلك السكك الـحديدية والطرق والطيران والـملاحة والبرق والبريد. شؤون الثقافة: شؤون الـجنسية والـجوازات والتأشيرات وتنفيذ الأحكام وتسليم الـمجرمين وما إلى ذلك. الشؤون الاجتماعية، الشؤون الصحية.

 

تؤلف لـجنة فرعية من الـخبراء لكل طائفة من هذه الشؤون تـمثل فيها الـحكومات الـمشتركة في اللجنة التحضيرية وتكون مهمتها إعداد مشروع قواعد التعاون في الشؤون الـمذكورة ومداه وأداته.

 

تؤلف لـجنة للتنسيق والتحرير تكون مهمتها مراقبة عمل اللجان الفرعية الأخرى وتنسيق ما يتم من أعمالها أولاً فأول وصياغته في شكل مشروعات اتفاقات وعرضه على الـحكومات الـمختلفة.

 

عندما تنتهي جميع اللجان الفرعية من أعمالها تـجتمع اللجنة التحضيرية لتعرض عليها نتائج بحث هذه اللجان تـمهيداً لعقد الـمؤتـمر العربي العام.

 

 

ثالثاً: تدعيم هذه الروابط في الـمستقبل

 

مع الاغتباط بهذه الـخطوة الـمباركة ترجو اللجنة أن توفق البلاد العربية في الـمستقبل إلى تدعيمها بخطوات أخرى وبخاصة إذا أسفرت الأوضاع العالـمية بعد الـحرب القائمة عن نظم تربط بين الدول العربية بروابط أمتن وأوثق.

 

رابعاً: قرار خاص بلبنان

 

تؤيد الدول العربية الـممثلة في اللجنة التحضيرية مجتمعة احترامها لاستقلال لبنان وسيادته بحدوده الـحاضرة وهو ما سبق لـحكومات هذه الدول أن اعترفت به بعد أن انتهج سياسة استقلالية أعلنتها حكومته في بيانها الوزاري الذي نالت عليه موافقة الـمجلس النيابي اللبناني بالإجماع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1943.

 

خامساً: قرار خاص بفلسطين

 

ترى اللجنة أن فلسطين ركن مهم من أركان البلاد العربية وأن حقوق العرب لا يـمكن الـمساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقرار في العالم العربي.

 

كما ترى اللجنة أن التعهدات التي ارتبطت بها الدولة البريطانية والتي تقضي بوقف الهجرة اليهودية والـمحافظة على الأراضي العربية والوصول إلى استقلال فلسطين هي من حقوق العرب الثابتة التي تكون الـمبادرة إلى تنفيذها خطوة نحو الهدف الـمطلوب ونحو استتباب السلم وتـحقيق الاستقرار.

 

وتعلن اللجنة تأييدها لقضية عرب فلسطين بالعمل على تـحقيق أمانيهم الـمشروعة وصون حقوقهم العادلة.

 

وتصرح اللجنة بأنها ليست أقل تألـماً من أحد لـما أصاب اليهود في أوروبا من الويلات والآلام على يد بعض الدول الأوروبية الدكتاتورية، ولكن يجب أن لا يخلط بين مسألة هؤلاء اليهود وبين الصهيونية، إذ ليس أشد ظلماً وعدواناً من أن تـحل مسألة يهود أوروبا بظلم آخر يقع على عرب فلسطين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم.

 

يحال الاقتراح الـخاص بـمساهمة الـحكومات والشعوب العربية في «صندوق الأمة العربية» لإنقاذ أراضي العرب في فلسطين إلى لـجنة الشؤون الاقتصادية والـمالية لبحثه من جميع وجوهه وعرض نتيجة البحث على اللجنة التحضيرية في اجتماعها الـمقبل.

 

وإثباتاً لـما تقدم وُقّع هذا البروتوكول بإدارة جامعة فاروق الأول بالاسكندرية في يوم السبت 20 شوال سنة 1363 الـموافق 7 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1944.