قد يبدو هذا العنوان غريباً على فريق من سامعيه أو قارئيه فيستنكره البعض وربـما أنكره البعض الآخر، كما قد يبدو، للذين لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة العقيدة السورية القومية الاجتماعية أنه لفظ مستحدث وابتكار يلجأ إليه القوميون الاجتماعيون.
وأبادر فأوضح أن العروبة كما ظهرت وتظهر في مدارسها الفكرية،قديـمها وحديثها،ألوان وأشكال متعددة،وأن العروبة السورية القومية الاجتماعية، لفظاً ومعنى، بشر بها سعاده ودعت إليها التعاليم السورية القومية الاجتماعية منذ كانت.
ولقد كنت أرغب في أن أجعل من حديثي اليوم مناسبة لدراسة عامة حول العروبة على اطلاقها وبـمختلف أشكالها وصورها، وتـحديداتها ومفاهيمها، سواء منها تلك التي تتمايز بها مختلف الـمدارس الفكرية في الشام والعراق والأردن ولبنان، أو تلك التي تتميز بها، في طابع واحد، شقيقتنا مصر، على تعدد الهيئات والأحزاب فيها.
غير أن دراسة كل مدرسة بتناول البديهات التي تفترضها والقواعد الفكرية والشعورية التي تعتمدها وأوجه الـخلاف والانسجام فيما بينها والتطورات التي صاحبت هذا كله، والـخطوات التي تـحققت لها في مضمار العمل، إن دراسة على هذا الشكل من التشعب والتوسع لا يـمكن لـعجالة الستين أو السبعين دقيقة التي لا يحسن بأية محاضرة تـجاوزها، أن تلم بها إلـمامة خاطفة، فكيف والأمر يقتضي الاحاطة بالـموضوع إحاطة دقيقة سليمة ثم مناقشته وتفنيد أصوله وفروعه على ضوء وجهة النظر التي يؤمن بها القوميون الاجتماعيون.
لذلك كله لا لأجد بدا من حصر موضوع بحثي في عروبة واحدة هي العروبة السورية القومية الاجتماعية التي بحقيقتها وصحتها نؤمن نحن القوميين الاجتماعيين كل الإيـمان، وعلى تـحقيقها نقف كل وجودنا.
غير أنني أود أن أنبه إلى أن اقتصاري في البحث على العروبة السورية القومية الاجتماعية لن يـمنعني من أن أتناول بعض الـمرتكزات والقواعد الفكرية التي تقوم عليها سائر ألوان العروبة، ولكن بالـمقدار الذي يتطلبه توضيح عروبتنا نحن بالـمقارنة مع سواها، كما أن هذا الاقتصار لا يـمكن أن يعني أنني في هذا الـحديث سأستوفي البحث من جميع أطرافه. أن هذا الـحديث يبقى، مع ذلك، بحثاً في الاتـجاه أرجو أن تعقبه أبحاث في التركيز يتكون منها جميعاً الـحافز الذي يشد بكل من تفتقت فيه براعم الوعي القومي وأخذ في إدراك مسؤولياته وواجياته تـجاه أمته، إلى الانطلاق للعمل القومي بوعي وادراك، يصوغ في الصفوف القومية الاجتماعية وبها، لأمته ولعالـمها العربي، الـمصير الوضاء، مصير الـمجد والتقدم والانتصار.
أول ما يطالعنا في دراستنا للعروبة السورية القومية الاجتماعية، كون الـحركة السورية القومية الاجتماعية تشدد في ايقاظ الوعي القومي للشخصية السورية بكل خصائصها ومـميزاتها النفسية: إن إيضاح حقيقة الشخصية السورية القومية وطبيعتها، وتبيان نطاقها الطبيعي الـجغرافي وتاريخها الـحضاري، وبعث نهضة تعيد إليها حيويتها وقوتها، كل هذا يبرز ويتجلى كهدف للحركة القومية الاجتماعية وغاية لها.
فكيف نوفق بين عملية ايقاظ النفوس في الهلال السوري الـخصيب، لوعي الشخصية السورية القومية في وحدتها وتـمامها وتـميزها عن سائر الشخصيات القومية، العربية، وبين القول بعروبة الـحركة السورية القومية الاجتماعية؟
لسنا ننكر أن هذا الالتباس كان في أساس محاولات تنفير الرأي العام من الـحركة القومية الاجتماعية الـمنبثقة من صميم الشعب، فقد استغل هذا الـموضوع ببراعية وتفوق،أعداء الـحركة وأخصهم الأجانب،إبان الانتدابين الفرنسي والبريطاني، فوجدوا في تشديد الـحركة على حقيقة الشخصية السورية القومية وعدم نحوها منحى بقية الـحركات، من حيث اعتبار العالم العربي كله شخصية قومية واحدة، مجالاً للدس على الـحركة بتصويرها وكأنها، في موقفها هذا، أداة تهديـم في التعاون العربي ودعوة انعزالية في صميم العالم العربي.
ولسنا ننكر أن الـحركات الفكرية – السياسية الأخرى في بلادنا ما زالت تتخذ من تشديد الـحركة على حقيقة الشخصية السورية القومية مادتها للإثارة والتحريض والـمتاجرة بالعاطفة العربية واحتكار حق الادعاء بها. وذلك بنفي صفة العروبة عن حركتنا واتهامها في صدق شعورها ونواياها نحو العالم العربي. إن العروبة، في نظرها، وقف فقط على كل دعوة لا تعترف بتعدد الشخصيات القومية، العربية، في العالم العربي لتؤكد فقط وجود شخصية قومية واحدة جامعة عامة له. وبهذا يغدو كل مسعى، لديها،لاثبات أن العرب أبناء العالم العربي، يؤلفون عديداً من الشخصيات القومية لا شخصية واحدة، موازياً للكفر بالعروبة والتهديـم فيها وطعن العرب أنفسهم.
فهل صحيح أن العروبة، كل العروبة، هي في رفض الاعتراف بتعدد الشخصيات القومية في العالم العربي والتمسك بوحدة شخصية قومية واحدة جامعة؟
أنه من الـمسلم به أن كل مسعى لتمزيق الأمة الواحدة واعتبارها أمـماً متعددة إنـما هو هدم لهذه الأمة وشل لقواها وقتل لفاعليتها. فالأمة تـجد تـمام قوتها وكمال فاعليتها وقواها في وحدتها القومية، في وحدة اتـجاهها، وحدة تراص أبنائها، ووحدة وعيهم لشخصيتها وحقيقتها ومصالـحها وارادتها.
وليس من شك في أن مقومات الأمة الواحدة والشخصية القومية الواحدة، إذا ما توفرت في العالم العربي، فإن كل إصرار على تعدد الشخصيات يعني عملية تـمزيق للأمة الواحدة ويعني بالتالي عملية تخريب وهدم، ينتفي معها اعتبار الـحركة الـمنادية بها حركة قومية بل تزول الصفة القومية عن حركة كهذه لتلصق بها الصفة الوحيدة التي تستحقها وهي صفة الـخيانة.
فتجريـم الـمساعي العاملة على رفض الاعتراف للعالم العربي بوحدة قومية، يبقى شرطه الأول والأخير هو في توفر مقومات الأمة الواحدة والشخصية القومية الواحدة للعالم العربي بأسره.
أما إذا انتفت عن هذا العالم العربي مقومات الأمة الواحدة فإن الإصرار على تـجريـم الذين يعلنون هذه الـحقيقة ويتمسكون بها هو من قبيل التضليل والاستغلال، إلا إذا افترض أصحابه أن بيد الإنسان وبسائق ارادته، أن يذيب الشخصيات القومية الـمتعددة وقد توفرت لكل منها عوامل ومقومات الأمة في بوتقة شخصية واحدة جامعة: ومعنى ذلك اعتبار الأمة تنشأ إنشاء حسب الأهواء والأمزجة.
ولئن صح أن الأمة تنشأ إنشاء فليس لـحركة أن تـجرم حركة أخرى، لأن لكل أن يعمل حسب مزاجه وأهوائه ورغباته وحسبما يروق له ويحلو لارادته، وكل دعوة لإنشاء الأمة اللبنانية مثلاً أو الإسلامية أو العالـمية تبقى دعوات قومية سليمة صحيحة، من حق أصحابها، وقد زين لهم مزاجهم ذلك، أن يعتزوا بدعوتهم وليس بالعجيب بعد ذلك أن نسمع دعوة لأمة طرابلسية وأخرى حلبية وثالثة حمصية.
أما إذا سلمنا بالـحقيقة العلمية وهي أن وجود الأمة لا يخضع لـمشيئة الإنسان فليس له أن ينفيه أو أن يعدله أو أن يذيبه في كيان آخر يصبو إليه، وأن الأمة، في الـحقيقة والعلم،واقع اجتماعي فوق الإرادات الـخصوصية، أيًّا كان شأنها، تخضع عوامل ومقومات نشوئها للمبادئ الـجغرافية-السلالية-التاريخية-الاجتماعية- الاقتصادية-النفسية الاجتماعية، فإن الـحكم على كل حركة بقوميتها وبنائيتها، أو خيانتها وتخريبها، هو في مدى تقيدها بهذه العوامل والـمقومات واحترامها لنواميسها أو مدى اغفالها لهذه العوامل والـمقومات وتفلتها من أحكامها. وبـمعنى آخر أن الـحكم على صدق الـحركة القومية الاجتماعية وإخلاصها القومي هو في مدى إخلاصها للاعتبارات العلمية في تـحديد الأمة السورية وخضوعها لنواميسها وقواعدها. فإذا توفرت مقومات الأمة الواحدة التامة في الشخصية السورية ولم تتوفر في شخصية عربية واحدة جامعة للعالم العربي كله، لم يكن لنا إلا أن نسلم بحقيقة هذه الشخصية السورية كائنة ما كانت رغباتنا وعواطفنا ويبقى الـحكم على عروبة الـحركة السورية القومية الاجتماعية هو في نظرتها إلى الأمة السورية ضمن العالم العربي وما يترتب على هذه الأمة من سلوك تـجاه هذا العالم: فإن كان الاتـجاه انعزاليا انكماشيا يتنكر للروابط القائمة بين أجزاء العالم العربي ويعمل على إضعافها، كان معنى ذلك أن الـحركة القومية الاجتماعية، ولو أنها حركة قومية، إلا أنها تتنكر للعروبة وتـحاربها. أما إذا كان الاتـجاه الذي تلزم به الـحركة أمتها السورية، تعاونيا يـمتن من أسباب الروابط التي تشد بأجزاء العالم العربي ويـمضي بها إلى أقصى الـحدود التي تقتضيها الـمصالح والـمنافع الـمتبادلة كان لهذه الـحركة أن تعتز بعروبتها وتفاخر بها سائر الـحركات.
هذه هي الـحدود التي يجدر بالباحث الـمتجرد الـمدقق أن يلتزمها في دراسة الـحركة السورية القومية الاجتماعية وموقفها من العروبة، أما التنكب عن هذا الطريق السوي، والاكتفاء بنثر الاتهامات يـميناً وشمالاً بالعداء للعرب والعروبة فتضليل يجعل من صاحبه مستغلاً استثمارياً دجالاً لا يـمت بصلة إلى القومية والإخلاص القومي لأن القومية إن هي إلا وعي متجرد وعمل خالص لوجه الـحقيقة والأمة وليس غاية شخصية أو غرضاً خصوصياً للعاملين بإسمها.
إن بحثنا، إذن، ينحصر في نقطتبين أولاهما البحث في مقومات الأمة وتوفر هذه الـمقومات في العالم العربي كوحدة أو في الهلال السوري الـخصيب وحده، وثانيتهما، البحث في اتـجاه الـحركة السورية القومية الاجتماعية والسلوك الذي تلزم به الأمة السورية، بالنسبة للعالم العربي.
إن التسليم بشخصية قومية واحدة للعالم العربي بأسره والإقرار بنفسيته الواحدة ومجتمعه الواحد وبيئته الواحدة يخضع إلى موجبات العلم ومقاييس العقل والـمنطق لا إلى دوافع الشعور والأهواء.
والـمقومات العلمية لنشوء الأمـم تتمثل في عاملين: العامل الأرضي والعامل البشري اللذين ينشأ عن تفاعلهما الـمتبادل شخصية قومية متميزة بخصائصها وملامحها القومية وبنفسيتها وطابعها الـخاصين: أن الأمة هي اتـحاد مجموع من الناس في حياة واحدة على مساحة أرضية محدودة وهذا الاتـحاد يكتسب من بيئته ومن حياته الـمشتركة الـخاصة صفات خاصة به تـميزه عن سائر الـمتحدات.
أن الأمة، إذا، هي وحدة الـحياة الـمتجمعة ضمن حدود معينة، فلا أمة على الإطلاق بدون قطر معين محدود.
لقد عرّف سعاده، الأمة، في كتابه نشوء الأمـم، بأنها جماعة من البشر تـحيا حياة موحدة العوامل النفسية-الـمادية في قطر معين يكسبها تفاعلها معه، في مجرى التطور، خصائص ومزايا تـميزها عن غيرها من الـجماعات.
وفي مثل هذا التعريف عرّف ماتزيني الأمة بقوله: »الأمة هي مجتمع طبيعي من الناس ذو وحدة أرضية (جغرافية) وأصلية ووحدة عادات ولغة خاضع للإتـحاد في الـحياة والوجدان الاجتماعي».
فالأمة، إذن، تـجد أساسها، قبل كل شيء آخر، في وحدة أرضية معينة تتفاعل معها جماعة من الناس وتشتبك وتتحد ضمنها. فهل يشكل العالم العربي هذه الوحدة الأرضية التي تكسب الأصول الـمتمازجة الـمتفاعلة فيها، وحدة حياة، وحدة خصائص قومية؟
من هذه النقطة، نقطة البدء، ينبغي أن نبحث لنلتمس حدود هذه الوحدة الأرضية التي يصر الكثيرون من أبناء أمتنا على التأكيد بأن العالم العربي يشكل حقيقتها.
من الـمعلوم أن العالم العربي موزع بين القارتين الآسيوية والأفريقية، ومن يطالع خريطة العالم العربي يلمس لـمس اليد، أن هذا العالم يشكل وحدات من الأرض منفصل بعضها عن بعض بحدود طبيعية، من صحاري وجبال وبحار تـجعل من كل منها وحدة متميزة، منفصلة في عمرانها وحياتها عن سائر الوحدات.
هذه الـحقيقة، حقيقة التقسيمات الطبيعية التي تقسم العالم العربي إلى أقطار جغرافية طبيعية، ظاهرة لكل ذي عينين، ومع ذلك يصر القائلون بالأمة العربية الواحدة للعالم العربي بأسره على اعتبار العالم العربي وحدة جغرافية طبيعية ذات حدود تـميزها عن سواها من الوحدات الأرضية وتشكل داخلياً وحدة أرض لا مجال لفصلها عن بعضها البعض.
وكأننا بهؤلاء القائلين بالأمة العربية الواحدة للعالم العربي بأسره يعتبرون أن الـحدود الطبيعية التي تـميز كل وحدة أرضية عن سواها وتـجعل من هذه الوحدة حقيقة جغرافية علمية، إنـما هذ الـحدود التي وقف عندها اللسان العربي ولم يتخطاها, فحيث امتد اللسان العربي شرقاً وغرباً، يـمكن اعتبار الـمتكلم أبناؤها بالعربية، وحدة جغرافية علمية لا يتطرق الشك إلى حقيقتها.
وهكذا نشوّه علوم الـجغرافيا والطبوغرافيا وما سواها لتصبح شيئاً كيفياً اعتباطياً، مقاييسه، وتـحديداته تابعة لأهواء الانسان، تعتبر أن الـحدود التي وقف اللسان عن تخطيها هي الـحدود الطبيعية الـجغرافية العلمية..
فأمام سحر اللسان وتأثير امتداده، تذوب الصحاري العازلة والـجبال الفاصلة والبحار الـحاجزة، بل تتبدد الفواصل بين القارات بأسرها، وتصبح الأرض وتقسيماتها الطبيعية العلمية وكأنـما اللسان وحده هو الذي يقسمها ويفصل بين أجزائها...
إن علوم الـجغرافيا في قواعدها العلمية السليمة ترفض هذه الـمقاييس اللسانية ولا تقبل، بوجه من الوجوه، أن يكون اللسان وامتداده هو الـحد الفاصل لتقسيمات الأرض الطبيعية: إنها ترى أن وحدة اللسان لا تعني وحدة أرض، فالعالم العربي مجموعة أقطار لا قطر واحد: أنه وحدات من الأرض تفصل بين بعضها البعض حدود جغرافية طبيعية أقامتها يد الطبيعة ولا شأن للانسان ولا للسان بتكييفها.
هذه الـحدود هي التي تعزل مجتمعات العالم العربي عن بعضها البعض فتجعل منه بيئات لا اتصال في عمرانها ولا تشابك في تفاعلها القومي: إنها مجتمعات متعددة لكل منها دورة حياة اجتماعية-اقتصادية-نفسية منفردة متميزة.
ولقد أدى تـجاهل العامل الأرضي،وفق القواعد العلمية الـجغرافية الـمسلم بها إلى،أن يتردى الذين تعسفوا في اعتبار اللسان هو الـحد الفاصل بين أرض وأرض، في سلسلة أخطاء وتعسفات علمية لا تقل خطراً عن اعتبار الـحدود الطبيعية هي حدود اللسان وامتداده.
هذه الأخطاء نراها في مقاييس هؤلاء الـمتعسفين الـمنحرفة انحرافاً خطيراً سواء في التاريخ أو في علوم الاجتماع وغيرهما.
إن التاريخ، الذي يعني تاريخ الشعب في خط تطوره الـحضاري، تاريخ الشعب في تطور عمرانه وصناعته وزراعته وتـجارته، وفي تطور ثقافته وفكره وخصائصهما ومـميزاتهما، وفي كل ما أبدعت وأنتجت نظرته إلى الـحياة في خط غناها ونـموها وخصبها.
إن التاريخ الذي يعني مؤسسات الشعب الثقافية-الاجتماعية-الاقتصادية-السياسية، تاريخ حضارة الشعب المتميزة،
إن التاريخ الذي يعني تتبع خط الفكر والنفسية القومية منذ ما قبل الزمن التاريخي الـجلي، منذ أن وجد الإنسان على الأرض القومية وتفاعل معها ففعلت فيه وفعل فيها ليكون من هذا التفاعل، الـحضارة الـمتميزة وخط التطور الـحضاري الـخاص،
هذا التاريخ، يصبح في تشويهه الـخطير النتائج، تاريخ حقبة معينة من الزمن تنتزع من مجراها الزمني الـمستمر، لتفهم على غير طبيعتها ووجهها الصحيح.
إنه يصبح تاريخ السلطان السياسي، تاريخ الـخلفاء والـملوك والأمراء والقادة الذين تعاقبوا على الـحكم فحسب في فترة زمنية معينة، تنظر إلى خط الاستمرار في نشوئه وتطوره في هذه الـحقبة نظرتها إلى شعوب مندرسة وآثار دارسة لا صلة لها معها وتعتبر التقاء خطوط التطور الـحضارية لعديد من الشعوب، اندماجاً لهذه الـخطوط ووحدة لها واتباعاً منها لـمجرى تاريخي واحد.
أما علوم الاجتماع، في تعسف الـمتجاهلين لـحقيقة التقسيمات الأرضية الفاصلة بين مجتمع ومحتمع، فتصبح ذات مقاييس مقلوبة، تأخذ الظواهر بالأسباب وتلتبس عليها الـمقومات بالنتائج.
إن القول بوحدة الآمال أو وحدة الآلام، أن القول بإرادة الـحياة الـمشتركة (كما في محاضرة للدكتور العجلاني) على أنها من مقومات وحدة الـحياة القومية، وحدة الـمجتمع، قول فيه شطط وخروج على الـمبادئ العلمية الـمقررة.
إن وحدة الآلام والآمال والإرادة والشعور هي ظواهر ونتائج لوحدة الـحياة، لا أسباب ومقومات لها.
ولذلك ينتفي القول بوجودها مع انتفاء مقومات الـحياة الاجتماعية الـمتمثلة، قبل كل شيء آخر، في وحدة الأرض، ويصبح قولاً تعسفياً اعتباطياً كيفياً لا سند له من أساس أرضي- اجتماعي-اقتصادي-إتني-نفسي يؤديه، وليس للعقل إلا أن يرفض التسليم به كما ترفض قواعد العلم القبول بحقيقته.
وإذا كان علم الاجتماع يحذرنا من أخذ الظواهر بالأسباب التردي في أخطاء علمية فادحة كهذه، فإن علم الاجتماع ينهينا أيضاً إلى أن التطور الاجتماعي هو سير وفق نواميس طبيعية وحسب قواعد علمية مقررة. فالواقع الاجتماعي الـمتحرك، يبقى نطاق حركته محصوراً في حدود الواقع الـمكاني الثابت، واقع الـجغرافيا، والواقع الزماني الثابت، واقع التاريخ. وكل محاولة لاطلاق الواقع الاجتماعي الـمتحرك خارج حدود الـمكان والزمان الـمقررة علمياً، تبقى اختلاجات مضطربة وهوساً محموماً يشبه في سعيه، الذي لا يستند إلى طبائع الأشياء والأمور، محاولات الذين أنفقوا أعمارهم وثرواتهم لتحقيق الـحركة الدائمة أو للوصول إلى حجر الفلاسفة الكيمائي العجيب...
هذه هي حقائق العلم وما دامت هي ترفض التسليم بشخصية قومية واحدة للعالم العربي بأسره والإقرار بنفسيته الواحدة وتاريخه الواحد وبيئته الواحدة، فإن الـحركة السورية القومية الاجتماعية، في رفضها الاعتراف بالشخصية السورية القومية الاجتماعية، لشعوب العالم العربي في مختلف أقطاره الأفريقية والآسيوية وإنـما تخضع إلى موجبات العلم ومقاييسه لا إلى نوازع الشعور ورغباته.
إن الـحركة السورية القومية الاجتماعية ترى العالم العربي في واقعه لا في تخيلات الشعور. والعالم العربي في واقعه هو عالم بيئات وشعوب وأمـم فلا يجوز أيها الناس، كما قال سعاده، بإمكان تـحويل هذه البيئات الـمختلفة والشعوب والأمـم، إلى بيئة واحدة وشعب واحد وأمة واحدة بواسطة رابطة اللغة والدين أو بواسطة دخول كمية من »الدم العربي» فيما بين تلك الشعوب والأمـم من نحو ألف سنة ونيف أو بواسطة الطيارات والبواخر والقطارات.
هذا هو موقف الـحركة السورية القومية الاجتماعية من الـحقائق العلمية لا تـحاول مسخها وتشويهها تـحقيقاً لرغبات أيا كان شأنها ومهما كانت قيمتها.
وهذه الـحقائق لم تعد خافية على الكثيرين وإن كان البعض ما زال، رغم إقراره بها، وبحقيقة البيئة السورية الطبيعية والشخصية السورية في الهلال السوري الـخصيب يرى أن لفظ »العربي» والاستمساك به، وإطلاقه على هذه البيئة الطبيعية الـحقيقية، أمر أكثر تعبيراً عن استمساك السوريين برابطة العروبة ودعمهم لها.
ولقد جنح البعض، في تشديده على ضرورة التمسك بلفظة العربي، مع تسليمه بصواب الـمرتكزات التي تستند إليها الـحركة السورية القومية الاجتماعية إلى حد الاعتراف بأنه لا يريد من هذه اللفظ سوى التعبير عما يقصده السوريون القوميون الاجتماعيون من لفظة السوري القاطن في الهلال الـخصيب، وأن العربي تعني السوري حصراً، إذ إنها لا تعني أصلاً عنصرياً معيناً بل هي كلمة أطلقت على السوريين القاطنين في الصحراء، وادي العربة في الـجنوب، فيحسن بالسوريين والـحالة هذه تبني اللفظ والانتساب إليه.
إن الـحركة السورية القومية الاجتماعية مع تسليمها بالـحقائق العلمية التي أوردها هذا البعض من أن قرطاجة هي طليعة من طلائع الهلال السوري الـخصيب على الشاطئ الأفريقي وأن الدين الإسلامي نفسه تـحدر رسوله من سورية، ومع أن كلمة العربي قد تكون أول ما خرجت من سورية، لتطلق على فريق من أبنائها القاطنين في الصحراء، ولتغزو من ثم بقية العالم العربي، وعلى الأخص سكان شبه الـجزيرة العربية، أن الـحركة السورية القومية الإجتماعية مع تسليمها بكل هذا وصحته، لا ترى في محاولات الولولج من هذه الـحقائق إلى ضرورة التنازل عن الإسم السوري لاستبداله بلفظة العربي، سوى محاولات تتمسك بالقشور، وتشابه كثيراً محاولات البعض من أبناء الساحل اللبناني الذين يسلمون مع الـحركة السورية القومية الاجتماعية بحقيقة الواقع القومي للأمة السورية ولكنهم يدعونها إلى التخلي عن لفظة السورية واطلاق إسم اللبناني على هذا الواقع القومي الصحيح.
كلا الفريقين يستمسك باللفظ الـمحبب إلى نفسه لاعتبارات لا تتصل مطلقاً بالواقع الاجتماعي وبحقيقة الوحدة الأرضية التي تتفاعل فيها أمتنا،والـحركة السورية القومية الاجتماعية ترفض أن يتم استرضاء الـجماهير والعواطف على حساب الـحقيقة والعلم.
قلنا أن الـحركة القومية الاجتماعية لا تسمح لنفسها، بدافع عاطفتها العربية وهي العاطفة القوية الـحارة، أن تنساق إلى تشويه حقائق العلم والتردي في الـمفاهيم الـملتوية الـخاطئة.
إنها ترفض أن تكون عروبتها في اهمال مبادئ الـجغرافيا والتاريخ والاجتماع وجميع العوامل التي توجه الواقع الاجتماعي وتتكفل بحفظه. إنها ترى في عروبة تتجاهل أسباب اختلاف أمزجة الشعوب وطبائعها وتباين مراميها القائمة في الأساس، على اختلاف الأقاليم والأجناس والبيئات وتباين الـمطالب العمومية وتنائي الأقطار لتتمكن من الادعاء بإن العالم العربي وطن واحد وأمة واحدة، فتتخبط في مفاهيمها إلى حد تـحديد العربي بأنه من ولد على الأرض العربية،وتكلم العربية، دون أن يشكل العالم العربي وحدة أرض بل وحدات أرضية، أو تـحديد العربي بأنه كل من ارتضى القومية العربية نسباً، كأن القومية هي مصاهرة تتم بالاختيار أو كأنها رداء ينتقيه الإنسان بـما يناسب ذوقه ويلائم شكله. أن الـحركة السورية القومية الاجتماعية ترى في عروبة تـمسخ الـحدود الـجغرافية وتزدري بالفواصل الطبيعية لتجعل من الإرادة الـخصوصية عاملاً من عوامل نشوء الأمـم وتكوينها، ترى فيها عروبة وهمية خيالية نصيبها منا التنكر لها والنشاط في محاربة نتائجها الوخيمة.
إن كل حركة قومية تهمل مبادئ العقل والعلم وتخضع في مقاييسها للاعتبارات الغيبية تسترشد بنزعاتها، هي حركة خطيرة النتائج لأنها تعطل مفهوم العقل وبالتالي تـجرد الانسان من إنسانيته وقوته.
إن التوهم بإن إعلان الإيـمان بالوطن العربي الواحد والأمة العربية الواحدة، يـمكن له، بعامل تأثيره الروحاني، التفلت من أحكام العقل والتحرر من العوامل والاعتبارات الطبيعية- الـجغرافية- الإجتماعية إنـما يعني عملية استنزاف للقوى القومية وصرف الـجهود بلا طائل كما يدل على اتـجاه خطير يحاول إيقاع الشعب في تخيلات الأوهام وصرفه عن التيار العقلاني الذي يستطيع وحده أن يفعل وأن يحقق للأمة نهضتها.
ومن هذا القبيل أيضاً، استنباط الاجتهادات والنظريات للتدليل على وحدة السلالة في العالم العربي وبالتالي على وحدة الأمة.وكأن الأمة، في عرف هؤلاء الـمستنبطين الـمجتهدين، وحدة سلالية، وكأن كل وحدة سلالية تشكل أمة.
إن الوحدة السلالية عدا عن كونها خرافة هزأت بها قواعد العالم والتاريخ لا يـمكن أن تعني وحدة أمة، لأن الأمة تـجد أساسها قبل كل شيء آخر في وحدة أرضية يتفاعل الإنسان معها وعليها، وسيان بعد ذلك تفاعل في الوحدة الأرضية سلالة أو سلالات إذا كانت متقاربة، فالتفاعل الاجتماعي يصهرها جميعاً، لتقاربها وتـمازجها، في بوتقته، فيكسب كل وحدة حياة اجتماعية من الـخصائص والـمميزات ما يـميزها عن غيرها من الـجماعات.
فعامل الأرض والبيئة في إكساب الإنسان خصائصه، ومـميزاته عامل يلعب الدور الأول في الـحياة القومية.
وكأننا بهؤلاء الذين يصرون على اعتبار واقع العالم العربي واقع أمة عربية واحدة ويستنبط بعضهم الاجتهادات في إبراز وحدة السلالة، للتدليل على هذا الواقع، كأننا بهؤلاء يتوهمون أن انفصال البيئات عن بعضها البعض في العمران والثقافة والاجتماع والاقتصاد والنفسية والأرض هو وليد العوامل والاعتبارات السياسية وحدها من داخلية وخارجية، حتى إذا انتفت العلة زال المعلول. وأن من حقنا أن نتساءل ما دامت نقائص التجزئة والتباعد قائمة فقط في نظرهم نتيجة لعوامل سياسية داخلية وخارجية، متى كان العالم العربي قبل أن تعبث بأوضاعه الارادات الأجنبية فتمزقه سياسياً، وبالتالي اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً وعمرانياً- على حد اعتبار هؤلاء الواهمين- متى كان العالم العربي بيئة طبيعية واحدة في وحدة حياتها واتصال عمرانها؟
يحدثنا التاريخ، أن سكان شبه الـجزيرة العربية، كانوا إلى ما قبل الإسلام قبائل بدوية لا حضارة لها إلا ما انحصر في نطاق الـجزء اليمني الـخصيب، وإلا ما كان من أثر بعض الهجرات السورية الهاربة إليها من الاضطهاد. وأن هذه القبائل كانت خاضعة لتقاليد وأعراف خاصة وتشكل بيئة اجتماعية متبدية خاصة، بينما كانت أقوام الهلال السوري الـخصيب تشيد أرقى الـحضارات العمرانية الـمتشابهة في خطوطها وقواعدها الهامة. تلك التي تـمت وازدهرت على شواطئ دجلة والفرات وبردى والبحر السوري فوضعت حجر الزاوية في بناء التمدن الـحديث، في حين كان شعب وادي النيل ينشيء على ضفتي نيله العظيم، حضارته الفرعونية الـمتميزة بطابعها وخصائصها.
وأما بظهور الإسلام، يوم وحد الرسول العربي قبائل شبه الـجزيرة في أمة واحدة غزا بها خلفاؤه أقطار ما يسمى العالم العربي اليوم، ففتحوها ووحدوها في ظل سلطان سياسي موحد، فقد تـم تنازل هذه الأقطار عن ألسنتها، أو كما يقول البعض، عن لهجاتها الـخاصة الواحدة في أصولها مع العربية، وعن دياناتها، لتتخذ من اللسان العربي القرشي ومن دين العرب لساناً لها وديناً، من غير أن تعني وحدة السلطان السياسي واللغوي والديني، اتصالاً في العمران وترابط دورات الـحياة في كل قطر في دورة حياتية واحدة تضم شتى الأقاليم والبيئات.
إن وحدة السلطان السياسي عجزت عن تـحقيق وحدة حياة قومية في العالم العربي، فبقي كل قطر مستقلاً بـمجرى تفاعله القومي واستمرت الهوات الاجتماعية- الثقافية-الـحضارية تباعد بين أقاليمه بتأثير العوامل الطبيعية التي لا بد للإنسان في التفلت منها، فلا البيئة البدوية تـحضرت ولا الـحضارية تبدت، ولا البيئة السورية تـمصرت ولا الـمصرية تسورت ولا العمران نـما وازدهر وتخطى حواجز الطبيعة وفواصلها بل بقيت دورة الـحياة في كل قطر منفصلة عن شقيقاتها، وإن اتخذت جميعها اللسان والدين العربيين لساناً لها وديناً وأن ظللها جميعاً سلطان سياسي واحد.
بل أن سورة الفتح ما كادت تخمد حتى استفاق كل شعب إلى حاجاته ورغباته وشخصيته ونفسيته فلم يستطع السلطان السياسي الواحد أن يدوم أكثر من قرن.
إن وحدة السلطان السياسي لا تنشيء أمة واحدة، كما أن تعدد السلطان السياسي لا يجزئ الأمة الواحدة، فكما أن الأمـم لا تنشأ بالأهواء والرغبات فهي لا تنشأ أيضاً بالفتح وبسط النفوذ السياسي أو بالتجزئة السياسية.
وإنـما تنشأ الأمـم بالنواميس الطبيعية- الاجتماعية، القائمة على القواعد الـجغرافية-الاجتماعية-الاقتصادية-النفسية. من هذه الـحقيقة يجب أن ننطلق لنرى العالم العربي على حقيقته مؤلفاً من أقطار متباعدة، تتخلل أقساماً كبيرة منه أو تؤلفها صحاري عازلة غير صالـحة للعمران وحائلة دون كل اتصال حياتي.
وإذا كانت قد دخلت هذه الأقطار نسبة دموية عربية معينة أو كانت موحدة الأصول في عناصرها فإن وضعها الـجغرافي ومعدل كثافة سكانها وامكانياتها الاقتصادية لم تؤهل هذه الأقطار لتحقيق مجتمع واحد مترابط بدورة دموية-اجتماعية-اقتصادية منظمة، فلم يـمكن ولا يـمكن- لفقدان العامل الأرضي الواحد- أن تنشأ فيها نفسية متمدنة واحدة، ولا نظرة إلى الـحياة واحدة إنها ليست بيئة واحدة وسكانها لا يؤلفون أمة واحدة، وإن تسمية شعوب العالم العربي والـحالة هذه، أمة واحدة، هي من باب إطلاق الأسماء على خلاف مدلولاتها ومعانيها.
وإذا كانت هذه هي الـحقائق العلمية التي تـحول دون اعتبار شعوب العالم العربي أمة واحدة، فهل تنطبق الـمقاييس العلمية على القول بالشخصية السورية القومية أم أننا نتعسف أيضاً في هذا القول وننحرف بدورنا عن جادة العقل وأحكام العلم، ليصبح بالتالي اتهامنا بالـجري مع الهوى ومحاسبتنا على تزييفنا للحقائق العلمية واستهتارنا بها ومطالبتنا إما بالـخضوع في أقوالنا للقواعد العلمية أو مجاراة الذين يعتبرون العالم العربي وحدة قومية ما دام القول في كلا الـحالين ناجماً عن السير وراء الرغبات والعواطف وخارجاً في كلا الحالين عن الـحقائق العلمية الـمقررة؟
إن الوحدة الأرضية التي تـجد فيها كل أمة أساسها، متوفرة للأمة السورية، في الهلال السوري الـخصيب، بشكل يندر مثيله بالنسبة للأمـم الأخرى فما من أمة وهبت حدود طبيعية فاصلة واضحة من أطرافها الأربعة كما هو حال الأمة السورية، فهنا جبال عازلة فاصلة واضحة من أطرافها الأربعة كما هو حال الأمة السورية فهنا جبال عازلة فاصلة وهناك صحراء تاهت في بيدائها القدام والعقول وهنالك بحر يقطع بين أسباب الاتصال الاجتماعي الـمستمر الفاعل وهنالك جبال وخليج تـحول دون التفاعل والعمران.
أنها حدود أوقفت فاعلية الانسان عن الامتداد الأفقي إلى الارتداد في فعله إلى صميم الوحدة التي تشكل هذه الـحدود إطارها الـمثبت بيد الطبيعة، فينشأ الانسان السوري من تـمازج السلالات والأقوام التي استوطنت هذه الأرض، سيان كانت موحدة الأصول الدموية كما يذهب البعض، أو مختلفة كما يذهب البعض الآخر، ينشأ متميزاً، بعامل الأرض الواحدة ذات الطابع الـخاص ومنطبعاً بخصائص البيئة الـمتنوعة الـمتقلبة في مناخها، القاسية في طبيعتها الصافية، في أديـمها،الصراعية في صلابتها، الـمنفتحة في وضعها الـمكاني، فإذا هو الإنسان السوري الصراعي الفنان الـمنفتح للعالم يفيض عليه يـمناً وبركة وخيراً وحضارة.
وإذا ما قال قائل أن في البيئة السورية نفسها، فواصل تقطع خطوط العمران وتـجعل من كل جزء دورة حياة منكمشة منطوية على ذاتها، وجد الباحث الـمدقق اتصالا في العمران من طرف دون الطرف الآخر، كما وجد الفواصل العازلة وليدة ظروف اجتماعية طارئة بعامل التقهقر القومي لا وليدة الاعتبارات الطبيعية. فالبادية التي سقاها الانسان السوري إبان مجده بعزمه ونشاطه فجعل خليفة الـمسلمين يسير من شرقي البلاد إلى غربها دون أن يتعرض للفحات الشمس، هذه البادية الـمؤهلة للزراعة والعمران، إنـما امتد فيها التجويف الصحراوي العازل بفعل انحطاط القوى القومية وتضعضعها وما زال تـجويفها حتى الآن يهدد الأمة السورية بالامتداد والتوسع. أن النهضة السورية القومية الاجتماعية في إدراكها هذه الـحقيقة وعيها لها لتعلن دنو النهاية لهذا الامتداد الصحراوي وآن لها في ما تقدمه للأمة وللعالم من حيوية وفعالية خير برهان على ابتداء التاريخ الـجديد للأمة السورية، تاريخ التفوق والتقدم وتلاحم قوى الأمة وترابط أجزائها.
وليس التجويف الصحراوي وحده هو الذي يـمزق وحدة الأمة فإن الـجيوب الطائفية أو العنصرية القائمة في صميم الأمة والتفسخ الاجتماعي الـحاصل منها والـجاعل من كل طائفة أو عنصر مجتمعاً منزوياً منكمشاً على نفسه، أن هذه الأمراض الفتاكة الـممزقة لوحدة الأمة، لا علاقة للعوامل الطبيعية بها. وأن النهضة السورية القومية الاجتماعية في حربها اللاهبة لتحطيم هذه الـجيوب والأسوار القائمة في صميم الوحدة القومية تعمل لتعيد إلى الأمة سابق وحدتها وفعاليتها التي تؤهلها لها ببيئتها الطبيعية وطبيعتها الـحضارية الـمتفوقة فيعود تاريخنا تاريخ العطاء الباني يسطر للأمة، صانعة التاريخ، صفحات الـمجد والفخار.
إن جميع قواعد العلم متوفرة في إثبات الشخصية السورية القومية فالتاريخ، من ضمن وعي هذه الشخصية وحقيقتها، يصبح الـخط الـحضاري الـمستمر النامي الـمتطور، فلا تبتدئ خطواته من ألف سنة ونيف فحسب مهملة مجراه الزمني الـموغل في القدم، بل يبرز منذ قدمه السحيق مسطراً للأمة السورية مواهبها وشخصيتها وفضائلها، وتلقي على هذه الالف من السنين الأخيرة النور الكاشف فيبدو الـمجد العربي الذي أفقنا على التغني به والشدو بعظمته وفخاره، على حقيقته، مجداً لأمتنا التي شيدته بفيض عبقريتها وسمو نفسيتها الـحضارية الـمتفوقة، مجداً يشكل البرهان على ما تـمتاز به الأمة السورية، في عطائها الـحر، من مواهب ومزايا. إن الـمجد العربي الذي ساهمت الأمة السورية فيه بأوفى نصيب لا تتنكر له الـحركة السورية القومية الاجتماعية في عيها للشخصية السورية القومية كما يريد البعض أن يروج. لأنه مجد الأمة السورية ودليل فاعليتها وعظمتها. وأن الفتوحات التي انساحت على أطراف الدنيا تـحمل إليها رسالة العلم والـحضارة والتمدين هي الفتوحات التي قامت على كاهل شعبنا العظيم في دمشقه وبغداده وبيروته وقدسه وعمانه.
بل أن الدين الذي أعطى شعوب الأقطار العربية الأسس الروحية والـمبادئ الغيبية التي عينت نظرتهم إلى ما وراء الطبيعة، ما كان ليكون التشريع السابق والثروة الفكرية الـخصبة التي نتيه بها وندل، لو لم نعمل نحن السوريين، بسائق اختيارات الـحياة السورية الغنية الـممتدة الـخصبة، في هذه الأسس والـمبادئ نوسعها ونطورها ونحصيها ونلقنها، اجتهاداً واستنباطاً وتـحليلاً لـملائمة أحوالنا الاجتماعية السائدة.
ولذلك يبقى من حق السوريين مفاخرة الأمـم بالتشريع الاسلامي الذي ساهم العقل السوري، بنصيب كبير، في اخصابه، وانـمائه والاعتزاز بهذا التراث والاستقاء منه.
واللغة نفسها، هذا العامل الـمقرب بين الشعوب العربية، ما كانت لتكون بهذا الـخصب وهذا الغنى وهذا التنوع، وما كانت لتستطيع أن تفي بحاجات الشعوب وتعبر عن خلجات النفوس، لو أنها بقيت كما كانت، تتناقلها القبائل البسيطة الـحاجات والـمطالب، وأن الفضل لنموها وغناها هو للشعوب التي أعملت فيها تطويراً وابداعاً واخصاباً بعامل حضاراتها الـمزدهرة ومطالبها النفسية الـمرتقية.
لهذا كله لا يـمكن للحركة السورية القومية الاجتماعية أن تتنكر للتراث العربي فهو تراث السنين الألف الأخيرة من تاريخها الـمزدهر وهو التراث الذي أسهمت فيه بالنصيب الأوفى والـمعبر عما تزخر به من قوى.
وإذا كانت حركتنا لا تتنكر لهذا التراث لأنه تراثها فهي تدأب وتـجد لإيقاظ النفوس على حقيقة هذا التراث والأسس التي ولدته لتبيان استمرار قواعد فعاليته وحضارته منذ ما قبل الزمن التاريخي الـجلي.
إنها في اعتزازها الأخير لا تقطع أسبابه مع الـخط الذي جاء متابعاً له بل ترى في هذا الـخط استمراراً عبر فيه الشعب السوري عن امكانيات التفوق والابداع الزاخرة بهما طبيعته.
ومن هنا إحياؤنا لأمجادنا السابقة للفتح الاسلامي ومن هنا اهتمامنا بتاريخنا الـمستمر القديم الأصيل: أن ما نعمل له ليس التفاخر بسلالة عنصر معينة بل الكشف عن النفسية السورية الأصيلة في التاريخ الواحد الـمستمر على اختلاف القبائل وتعدد السلالات وتنوع السلطان السياسي وأشكاله.
وإذا كانت الـحركة السورية القومية الاجتماعية قد قامت مقاييسها في كل هذا، على القواعد العلمية الصحيحة فإنها مع ذلك لتدعي، وادعاؤها صحيح، أن ليس من حركة في البلاد، تفوقها في شعور الـمودة والاخاء تـجاه العالم العربي بأسره.
ومن هنا ينبغي أن نبحث في العروبة السورية القومية الاجتماعية، وهل هي عروبة تعاون وتساند أم أنها ترمي إلى بث الشقاق والقطيعة في العالم العربي.
»متى كانت الـمسألة مسألة كرامة العالم العربي ومكانته فنحن هم العرب قبل غيرنا، نحن تاريخ العرب، نحن مجد العرب، ونحن سياج العرب ونحن حصن العرب »أننا جبهة العالم العربي وصدره وسيفه وترسه، ونحن حماة الضاد ومصدر الإشعاع الفكري في العالم العربي كله». (سعاده).
هذا هو شعورنا تـجاه العالم العربي ينطق به سعاده داوياً مدوياً. وإذا كنا مع ذلك نشدد على سوريتنا فليس مرد ذلك ما يتوهمه البعض من شعور التطهير مـما تعنيه كلمة العربي لدى بعض الـجهات الأجنبية الـمغرضة والصهيونية من صفات البداوة والرجعية والإنحطاط.
إننا نحن هم العرب قبل غيرنا، نعلن ذلك على رؤوس الأشهاد ولكننا نرفض أن نسمى عرباً بالـمعنى السلالي الـجنسي فنزيد في تفسخ الـمجتمع إلى عناصر وسلالات وأجناس. إن حقيقتنا السورية هي التي توحد أبناء الأمة على اختلاف عناصرهم لأنها الـحقيقة الـمكتسبة من الأرض الواحدة التي عليها نشأنا وفيها نشأ أجدادنا وينشأ أحفادنا إلى آخر الدهر.
أن الـمجتمع يكتسب صفته من اسم أرضه فليس السوريون سوريون لأنهم من جنس سوري بالـمعنى العرقي أو السلالي الدموي بل لأن الأرض التي نشأوا فيها وتفاعلوا بها وتأثروا منها وفيها، هذه الأرض هي سورية الوطن، الأرض التي صهرت وتصهر كل العناصر الـمتجانسة التي لا تنكمش على نفسها وتنطوي على ذاتها في بوتقتها القومية الاجتماعية الـجامعة الـموحدة.
قلنا أن البحث عن عروبة الـحركة السورية القومية الاجتماعية يكون بالبحث عن موقف هذه الـحركة من التعاون العربي، فهل دعت الـحركة وتدعو إلى التعاون العربي؟ أم أنها تتنكر لـمثل هذا التعاون؟
أن العروبة،في حقيقتها،كشعور بالتآخي ورغبة في توحيد الـجهود وتنميتها وتقويتها في العالم العربي بأسره، هذه العروبة جاءت التعاليم السورية القومية الاجتماعية تدعمها إلى أقصى مدى.
لقد أوضحت الـمبادئ القومية الاجتماعية للقوميين الاجتماعيين حقيقة كون سورية أمة عربية تشترك مع سائر الأمـم العربية برياط العروبة الذي يشدها إلى بعضها البعض إن أمـم العالم العربي أمـم شقيقة عربية تؤلف فيما بينها عالـماً خاصاً يتميز عما سواه من العوالم والأمـم.
لم تقف التعاليم القومية الاجتماعية بشعور التآخي العربي عند حد التنبيه بل دعمته بتوكيدها على ضرورة إنشاء جبهة عربية وعلى ضلال التوهم بإمكان تخلي سورية عن العالم العربي. »إن الذين يعتقدون أن النهضة السورية القومية الاجتماعية تقول بتخلي سورية عن العالم العربي قد ضلوا ضلالاً بعيداً: أن سورية هي إحدى الأمـم العربية وأنها هي الأمة الـمؤهلة لقيادة العالم العربي.... أن على سورية رسالة إلى العالم العربي ولكنها يجب أن تكون قوية بذاتها لتتمكن من تأدية هذه الرسالة».
هكذا لم تقتصر التعاليم القومية الاجتماعية على دعم العروبة من حيث طبيعتها كشعور بالتآخي والتعاطف ورغبة في توحيد القوى وتلاحم الـجهود، بل تعدت في شعورها العربي، كل حد بأن فرضت على الأمة السورية، رسالة نحو العالم العربي وألزمتها بـمسؤولية كبرى تـجاهه، هي مسؤولية العمل لإنهاضه وقيادته نحو العز والقوة والتعاون الفعال.
إن عروبة الـحركة السورية القومية الاجتماعية هي عروبة التزامات تلزم حركتنا الأمة السورية بها! إن رسالة الأمة السورية الكبرى هي رسالتها إلى العالم العربي ومسؤوليتها في النهوض به.
بهذا عبرت التعاليم السورية القومية الاجتماعية عن عاطفة الأمة السورية، عاطفتها العربية الـمتأججة، ولكنها ترجمتها إلى شعور واع مسؤول، ينطلق من الفؤاد الذي يخفق به والقلب الذي يكنه والفكر الذي يتملى منه والإرادة التي تتفولذ على لهبه، ليتجلى محبة شاملة كاملة للشقيق،كل شقيق، وعالم الأشقاء وتحسسا مرهفاً دقيقاً بواجب مساعدة الإخوة العربية وتنميتها.وإرادة واعية سليمة بوضع النفس وإمكانياتها الـخصبة- بعد إطلاقها إلى أقصى مداها وفعاليتها عن طريق توحيدها- في خدمة كل شقيق
عربي وخدمة عالم الأشقاء للوصول من ثم إلى إنشاء العائلة القوية القادرة على الصمود في وجه الزعازع والأعاصير..والأوهام.
ولست أجد، للتدليل على طبيعة الـحركة السورية القومية الاجتماعية وعلى عروبتها الواقعية الصادقة خيراً من الرسالة التي أجاب فيها سعاده عام 1936 صديقاً له سأله عن موقفه من العالم العربي.
»وتسألني ما موقفي من الـمسائل العربية فأقول أني أشعر بأن الذين سمعوا شيئاً عن آرائي قد التبس عليهم موقفي حتى أن سوريتي قد أصبحت تؤول بالفينيقية وبغير ذلك من التآويل.
ولست بحاجة إلى القول أن الـمسألة القومية لا الـمسألة السلالية هي التي تستدعي كل اهتمامي.
»إذا كنت قد رأيت أن أصرف كل همي وكل عنايتي إلى خدمة أمة واحدة من أمـم العالم العربي أعني أمتي السورية، فذلك لأن أمتي أحوج إلى عملي ولأن لها الـحق الأول علي ولأن الاشتغال في قضايا هذه الأمـم، بينما أمتي جسم مشلول، يزيد بلبلة قضايا العالم العربي بلبلة فأنا لا أؤمن بالتضخم ولا أجد له حسنة.
»أن في العالم العربي، قوة واحدة يـمكنها في حال اكتمالها أن تقبض عليه وتصير الأغلاط الاجتماعية والسياسية والدينية التي فيه عاملاً فعالاً في سبيل تـحقيق الغايات الكبيرة النبيلة، هي القوة السورية.
»وما زال هذا العنصر فاقد العصبية الـموحدة في ذاته- فاقد استجماع القوى الـموحدة في إرادته الاجتماعية والسياسية أي ما زال العالم غير العالم بـمواهبه الـخاصة التي يجب أن يعول عليها، ومجزءاً بين مختلف السياسات الـمذهبية والطائفية والعوامل الطبقية –الشخصية، وقوى عقول شبيبته الـممتازة مبعثرة بين مختلف الآراء والعقائد، موزعة على بيئات تخرج عن متناوله ومقدوره فلا أرى للأمة السورية خيراً ولا أرى خيراً للعالم العربي.
»اعترف أني أغرقت في سوريتي حتى نسيت العالم العربي ومشاكله. ولكن مهما بالغت بالنسيان ومهما كان أمره فذلك لن يبعدنا عن العالم العربي بل هو سيقربنا إليه وقد استيقظنا واستخرجنا مواهبنا من مدافنها ووحدنا قوانا الـمبعثرة في إرادة واحدة نافذة، فنتائج الفعل هي غير نتائج القول.
»ولقد قربت من نقطة حساسة في نفسي لا أريد أن أحدثك عما يكنه فؤادي للعالم العربي. أريد أن أفعل واجبي تـجاه أمتي لتستطيع أمتي أن تفعل واجبها نحو عالـمها الثاني.
»أنني أؤمن أن الأمة السورية هي الأمة الـمؤهلة للنهوض بالعالم العربي ولكنها لا تستطيع القيام بهذا العمل إلا إذا كانت ذات عصبية قوية في ذاتها تـجعل ثقافتها مسيطرة وإرادتها نافذة.
»لقد وقفت نفسي على توحيد أمتي وتقوية معنوياتها وإبراز مواهب شخصيتها حتى تصبح الآمال التي تـجول في مخيلة رجال سورية أفكار قابلة التحقيق بتولد القوة الفاعلة فيها».
أرأيتم إلى هذا الشعور العربي الـمتدفق وعياً ومحبة وإرادة وعزيـمة على النهوض بالـمسؤوليات تـجاه العالم العربي، أرأيتم إلى هذا التحسس الـمسؤول بالواجب تـجاه العالم العربي وشعوبه، هذا الشعور وهذه الـمحبة وهذا التحسس بالواجب، هل تنم عن اتـجاه انعزالي انكماشي يتنكر للروابط التي تشد أجزاء العالم العربي إلى بعضها البعض أم أنها تدل على اتـجاه تعاوني يعمل لتمتين أسباب الود والترابط بين جميع شعوب العالم العربي!
إن هذه الـمحبة الكلية للعالم العربي الذي نحن منه له وهذا الإلزام بالعطاء السمح له ولكل شعب من شعوبه مع اهتمامنا الـمنصب على تنمية امكانياتنا ودعمها ليأتي عطاؤنا الذي نحن ملزمون به للعالم العربي على ما ينبغي أن يأتي عليه من قوة وفعالية وجدوى، هذه الـمحبة الكلية وهذا الإلزام السمح اللذين تلزم بهما التعاليم السورية القومية الاجتماعية الأمة السورية لأنهما دفق من شعرها ووجه من حقيقتها ومهمة كبرى من رسالتها، وجد في هذه الأمة من يعتبرهما، تـحت ستار الغيرة على العروبة، عداء للعروبة وتنكراً لها.
فهل تكون العروبة شيئاً سوى الشعور الـمسؤول بالتعاون والـمساعدة والعمل للنهوض بكل شعب من الشعوب العربية والغيرة على مصالـحه سيادته وكرامته، وبذل كل ما في الطاقة من جهد لصيانة هذه الـمصالح وفرض هذه الكرامة؟
لقد قلنا أن الـحكم على العروبة السورية القومية الاجتماعية أولها يكون في تبين الـموقف الذي ترتبه على الأمة السورية، تـجاه العالم العربي في وعيها لـحقيقة هذه الأمة وعملها لتحقيق قوتها وفعاليتها ووحدتها.
وأن للحركة السورية القومية الاجتماعية، من موقفها تـجاه العالم العربي وتـحسسها العميق بـمسؤوليتها تـجاهه، ما يجعلها تزهو بعروبتها الصادقة الصافية التي تتضمن محبة وشعوراً بالواجب تـجاه الشعوب العربية بأسرها..
بل أن للحركة القومية الاجتماعية، في عملها لتحرير النفوس من مثالب الرجعية والطائفية والإقطاعية والأنانية الفردية، وفي تـحقيقها لبناء النفسية القومية على قواعد النظام والواجب والـحرية والقوة وبـما تغرسه من مناقب الرجولة والبطولة والتجرد والإيـمان القومي،وأن للحركة السورية القومية الاجتماعية بـما تعده من نظام قومي اجتماعي اقتصادي يكفل للأمة السورية وحدتها في وطنها الطبيعي، وسيادتها على مرافقها ويؤمن صيانة ثروتها وانتاجها من الاستغلال، ويدفع عنها هدر حيويتها في الصراع الطبقي- الشخصي، ويعيد لها حيويتها وفعاليتها ويؤمن لها التقدم والرخاء والقوة والـمنعة. أن للحركة السورية القومية الاجتماعية من هذا، ما يجعلها تتيه بعروبتها القومية الاجتماعية، لأن القوة التي تعدها والنهوض الذي تـحققه والـمناقب التي تغرسها في الأمة السورية، يبقى مردودها للعالم العربي الذي نحن منه وله. إن هذه القوة وهذا النهوض وهذه الـمناقب التي تـحققها فينا الـحركة السورية القومية الاجتماعية، هي وحدها القادرة على أن تصير الأغلاط والـمفاسد والضعف القائمة في العالم العربي إلى تـماسك ونهضة وتقدم، تـجعل من هذا العالم، الصخرة التي تتحطم عليها ضروب التعسف والاستغلال.
إن العروبة السورية القومية الاجتماعية هي وحدها دون سائر ألوان العروبة، العروبة الواقعية السليمة الصحيحة التي تكفل لأمتها سورية التقدم ولعالـمها العربي العز والقوة والـمنعة والرفاه.
أيار 1954