أيها الرفقاء، [1]
في هذا الـموقف العصيب الذي يقف فيه الـمصير القومي العام على مفترق طريقين: طريق الفلاح وطريق البوار - في هذه الظروف الـحرجة التي يتراوح فيها الوطن بين النهوض والانحطاط، بين النهضة القومية والـحركات الرجعية، في هذه الـحال الـخطرة تـحار الأبصار وتبحث العقول عن قوة حكيمة تثبت للزعازع وتنقذ الـموقف. إنّ هذه القوة هي أنتم.
أهنئكم على رصانتكم وعلى روح النظام التي أب ديتموها في حوادث أمس الـمؤسفة. إنّ هذه الـحوادث دليل واضح على أنّ مبادئكم هي الطريق الوحيدة الأمينة للخروج من ظلمات الـجهل ودركات الانحطاط إلى مجال الـحياة القومية الـمثلى، ويا ليت الأمة كانت بغنى عن مثل هذا الدليل.
لقد قامت الرجعية بعد هجعتها وخرجت تبحث عن فريسة فوجدتها في الغوغاء فأنشبت أظفارها في لـحمها. إنّ الرجعية خبيثة ومنافقة وذات حيلة ولبوس. فهي تظهر حينـاً بـمظهر الغضب لكرامة بالية وآناً بـمظهر الدعوة إلى وهم أجوف وما غايتها الصحيحة إلا الاصطياد في الـماء العكر.
إنّ تـحويل الوطن إلى ميدان ينقسم فيه الشعب الواحد، الـموحد الـمصير إلى جيشين يتطاحنان للوصول إلى غاية واحدة، هي الـخراب القومي، عمل شائن لا يليق إلا بالشعوب البربرية، والرجعية تـحب البربرية لأن فيها حياتها وكرامتها.
إنّ الرجعية تثير الأحقاد وتستفز الـجماعات وترمي الغوغاء إلى معترك الفوضى. هكذا ابتدأت مظاهرة أمس وهكذا انتهت مظاهرة أمس.
أيها الرفقاء،
إنّ حركتكم القومية قد برهنت، في كل ظروف الفوضى والأعمال الاعتباطية التي مرّ بها الوطن، على أنها حركة منظمة لها هدف عام واحد وعمل تعميري قومي، وأنّ عدم استفحال الطائفية والرجعية يعود الفضل فيه إلى موقفكم الـمستقل البعيد عن الشغب والفوضى.
إنّ كرامة الأمة وسلامة الوطن قد أصبحتا وليس لهما ضمان سوى موقفكم وعملكم، فعليكم أن تعملوا بـما عرفتم به من عقيدة راسخة وتـجرّد صادق ووطنية لا غبار ولا شبهة عليها. فاعملوا لتغلّب الوطنية على الطائفية ولانتصار النهضة القومية على الـحركات الرجعية.
إنكم قد سمعتم بعض الـجماعات الراغبة في جرّكم إلى الفوضى تهتف حين حملاتها الفوضوية باسمكم وباسم زعيمكم. فأوصيكم أن تكونوا عند عهدي بكم من النظام وأن لا تؤخذوا بهوس الـمهوسين الذين يريدون أن يستغلوا قضيتكم وقوّتكم.
كونوا رسلاً أمناء لقضيتكم القومية.كونوا جنوداً لتحاربوا التجزئة والانقسام الداخليين.كونوا سداً منيعاً ضد الدعوة إلى بعث النعرات الهدامة. أوصوا كل من تـجتمعـون بهم أن لا يكونوا آلة في يد رجال يستثمرون الشعب ويضحّون مصالح الشعب في سبيل منافعهم، هؤلاء الذين اتخذوا الرعونة نظاماً لهم والـمنفعة الشخصية دستوراً.
كونوا قوميين دائماً،
إنّ الـمستقبل لكم.
أنطون سعاده
[1] طبع ووزع إثر الصدامات الطائفية بيـن «الكشاف الـمسلم» وحزب «النجادة» من جهة، وحزبي «الوحدة اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» من الـجهة الأخرى.