مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي الجيل الجديد موقف الجبهة المتفرنسة من اتفاقية النقد
 
 
 
جريدة الـجيل الـجديد، بيروت،العدد 5، 9/4/1948
 

 

 

في التصريح الـخطير الذي أدلى به زعيم الـحركة القومية الاجتماعية في سورية الطبيعية كلها، ونشرته هذه الـجريدة في عددها الأول، قال حضرته، جواباً على سؤال هذه الـجريدة رأيه في بعض الفئات التي رحبت باتفاقيـة النقد وهاجمت الذين يهاجمونها: «إنّ لبعض الفئات علاقات سياسية وثقافية واضحة بفرنسة. فهي ترى الأمور بـمنظار السياسة والـمصالح الفرنسية، لا بـمنظار الـمصالح اللبنانية الصحيحة. فلو سئل الفرنسيون أنفسهم الدفاع عن الاتفاقية، لـما قالوا في هذا الصدد شيئاً أحسن من الذي قاله الـمثقفون في النظرة والـمصالح الفرنسية».

 

ليس أبلغ من هذا التحليل الدقيق لتصوير الـحالة السياسية الداخلية في صدد اتفاقية النقد. وفي الوقت عينه تقريباً الذي يعلن فيه الزعيم هذه الـحقيقة يصدر في جريدة العمل «الفلنجية» بيان يحمل توقيع السيد بيار جميّل «رئيس الكتائب اللبنانية الأعلى» فلم نـجد، بعد أن تصفحناه في عدد العمل الصادر الأحد في 4 أبريل/ نيسان الـحاضر، في شيء مـما صدر عن الـجبهة الـمتفرنسة ما ينطبق عليه تـحليل الزعيم انطباقاً كلياً كانطباقه عليه!

 

خلاصـة «البيان» الـمشـار إليه صـراخ وولـولـة غير عاقلـة فهو لا يختلف عن «بيـانـات وتصريحات» سابقة «لرئيس الكتائب الأعلى».

 

بعد أن اعترف «البيان» الـمذكور «بأن الـخلاف الضارب في البلاد خطير، بل أخطر مـما يتراءى لنا، لكونه يدور حول الكيان اللبناني نفسه» يندفع نحو إعلان إيـمان السيد بيار الـجميّل به إيـمانه بالله، من غير أية حاجة موجبة لـمثل هذا الإعلان، الذي لا يختلف عن القول «إني أؤمن بصيدا وأؤمن بوادي الـجماجم إيـماني بالله» ـ بعدما تقدم يصور بيان السيد الـجميّل الـموقف السياسي فيقول إنّ اللبنانيين تقدموا «للمخلصين من العرب» بقولهم: «دعونا نطمئن إليكم وإلى نياتكم، ليكن احترامكم استقلال لبنان... إننا لا نرغب إلا في أن نعيش وإياكم بسلام ووئام، إنّ كل شيء يدعونا وإياكم إلى التفاهم والتآلف».

 

إنّ مثل الكلام الـمتقدم هو قول هراء وأحرى به أن يقال في أوساط بعض الـمعارف الـخصوصييـن من أن يعلن على صفحات الصحف. فمن هم «اللبنانيون» الذين قالوا القول الـمتقدم، ومن هم «الـمخلصون من العرب» الذين خاطبهم اللبنانيون الـخطاب الذي يذكره بيان السيد جميّل. وما هو نوع عبارة «أن نعيش وإياكم»، هل يعني العيش الـمشترك في وطن أم غير ذلك.

 

إنّ تسمية الـمسيحيين عامة والـموارنة خاصة في لبنان باسم «اللبنانيين» وتسمية الـمحمديين عامة والسنيين خاصة في سورية الطبيعية باسم «العرب» من الـمهارة الفائقة في علم الاجتماع والسياسة بحيث إننا نرى الـخوض في موضوعها، بأسلوب بيان السيد جميّل، تـحقيراً للمدارك الإنسانية.

 

ويستشهد بيان السيد جميّل بـمذكرة الوفد الإكليريكي الـماروني إلى فرنسة سنة 1919 وبقرار مجلس إدارة لبنان في مايو/ أيار من السنة الـمذكورة، الذي يحمل في نصه شهادة التدخل الفرنسي إذ يقول القرار في بنده الثالث: «إنّ الـحكومة اللبنانية والـحكومة الفرنسية الـمساعدة تتفقان على تقرير العلائق الاقتصادية بين لبنان والـحكومات الـمجاورة». ولكنه لا يستشهد مطلقاً بـمصير مجلس إدارة لبنان حين قرر عدم فصل لبنان عن الشام سنة 1920، الذي قبض على أعضائه الـجنرال غورو في تلك السنة وحوكموا ونفوا إلى جزيرة كورسكة. وفي مكان آخر من هذا العدد يجد القارىء صورة منشور القائد الـمحتل الذي داس بقوة الـجيش الـمحتل كرامة اللبنانيين واعتدى على أعضاء مجلس الإدارة واستاقهم كالـمجرمين!

 

وبعد فماذا كان «مجلس إدارة لبنان» الـمغفور له؟

 

هل كان مجلساً تأسيسياً منتخباً من قبل جميع سكان الـجمهورية اللبنانية لإعلان الـمصير الذي يريده اللبنانيون، أم كان مجرّد مجلس إداري، كما يدل عليه اسمه، ولم تكن له صلاحيات دستورية لإعلان الـمصير؟

 

وإذا كان «مجلس إدارة جبل لبنان» ذا صلاحيات دستورية تأسيسية فكيف لم يقبل تقريره عدم الانفصال عن الشام وكيف قبل اللبنانيون أن يقبض قائد جيش محتل على أعضائه ويحاكموا من قبل السلطة الأجنبية؟

 

ويستشهد بيان السيد جميّل بخطاب الـمرحوم البطريرك إلياس الـحويك الذي قاله في أواخر سبتمبر/ أيلول 1922 للجنرال غورو في الديـمان، الذي قال فيه البطريرك: «أنا يوم سافرت إلى باريس، حملت إليها الوكالات مـمضاة من كل طوائف لبنان... أنا أنطق بلسان اللبنانيين على بكرة أبيهم».

 

إنّ قيمة «الوكالات الـممضاة من كل الطوائف» يجدها السيد جميّل وغيره في رد الزعيم على خطاب البطريرك [أنطون] عريضة الـمنشور في أعداد يناير/ كانون الثاني 1938 من جريدة النهضة. إنّ الوكالات الـمذكورة لا قيمة تـمثيلية ديـموقراطية لها.

 

ومع كل التبجح بالإيـمان بلبنان كالإيـمان بالله يختتم بيان السيد جميّل الـمدافع عن وجهة النظر الفرنسية والـمتفرنسة بالقول إنه إذا كانت تسوية 1943 قد أصبحت متزعزعة فالفلنج تصبح في حلٍ منها «ويصبح من أقدس واجباتنا أن نطرح القضية اللبنانية بكاملها على بساط البحث مجدداً قبل فوات الأوان».

 

إنّ القضية اللبنانية الـحديثة التي يعترف بيان السيد جميّل بأنها نتيجة تسوية جرت سنة 1943 من غير استفتاء عام للشعب، هي مطروحة على بساط البحث بـمجرى الـحوادث وبالـمشاكل التي يواجهها الكيان اللبناني بطبيعة وضعه.

 

ينسى بيان السيد جميّل، وهو يقول: «أين كنتم سنة 1943 في اليومين الأولين من الثورة اللبنانية، وأين كنتم عندما كنا في الشارع نستقبل الرصاص بصدورنا، إلخ». إنّ «الفلانـج» تأسست للسعي لإنشاء الأمة اللبنانية على أساس الصداقة والتعاهد مع فرنسة!

 

وينسى أنّ العقوق بالأم الـحنون ليس بطولة كبيرة!

 

وينسى أنّ العودة للدفاع عن مصالح فرنسة في بلادنا، ليس من شيم الذين يستقبلون الرصاص بصدورهم ليتخلصوا من أجنبي محتل!

 

وينسى أنّ الذين حاربوا الاحتلال الفرنسي في سبيل حرية إرادة الشعب في لبنان هم صفوف الـحزب السوري القومي الاجتماعي!

 

وينسى أنّ الذين سقطوا بالرصاص في بشامون وغيرها في تلك الثورة التي قام بها القوميون الاجتماعيون في بشامون وعين عنوب، هم قوميون اجتماعيون لا فلنجيون يسيرون وراء النساء في شوارع بيروت!

 

ما أصدق ما قاله الزعيم، في تصريحه الـمذكور، عن الـجبهة الـمتفرنسة، التي لا ترى الأمور إلا بـمنظار الـمصلحة الفرنسية والـحزبية الدينية!

 

 

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro