مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
عرض وتعليق إئتلاف لا إئتلاف
 
 
 
جريدة صدى النهضة، بيروت، العدد 253، 6/4/1947
 

 

(وهذا مقال آخر نثبته في صفحتنا الـحرة التي يريدها القُراء منبراً حراً تتقارع فيه الآراء والأفكار).

 

تـجري اليوم في لبنان حرب عقائدية عنيفة أثارتها الطائفية التي ترى نفسها مهددة بنشوء القومية وتقدمها، وصانعتها الإقطاعية لأنها ترى في اجتماعية النهضة القومية القضاء على وضعيتها الـممتازة الـمكتسبة من حرمان الشعب حقوقاً أساسية ضرورية لـحياته وتقدمه.

 

هذه الـحرب أثارتها «الفلانـج» وسندتها فيها القوة الرأسمـالية الثلاثية الأقانيم. مع عدم مبالاة كلي من قِبَل الـممثلين الذين لا يفهمون من قضايا الشعب غير تـمثيل الأحقاد الـمحلية في الـمناطق الانتخابية.

 

هذه الـحرب الـجارية في أوساط الشعب، التي لم تقتصر على لبنان بل تشنجت لها البلاد كلها، تـمثل قوة اليقظة القومية الـحديثة وفاعليتها، ولكنها تـجري في وقت تـحدث فيه حركات سياسية شديدة بحيث يكون من الصعب عزل الـمسائل السياسية عن القضايا العقائدية.

 

نحن الآن على أبواب الانتخابات في لبنان. والـخطط والـحركات السياسية تـجري في دوائر الـحكومة وأوساط الـمجلس النيابي وخارجها.

 

كل الذين وصلوا إلى كرسي النيابة، بطريقة ما، في الانتخابات الـماضية يريدون أن يعودوا إلى كراسيهم وبعضهم يريد أن يجلب بعض أقربائه معه.

 

وجميع الذين خابوا في انتخابات سابقة من الـمشتغلين بسياسة الانتخابات والنيابة يسعون اليوم ليكتسبوا ما أضاعوا في الـماضي، وتعود اليوم «الكتلة الوطنية» إلى محاربة «الكتلة الدستورية».

 

والـحسابات الانتخابية لا تزال تـجري على القواعد القديـمة، الانتخابات في الأوساط الـمذكورة، لا تزال سياسة أشخاص ومنافع فردية وعائلية. ولذلك نرى هناك سعياً حثيثاً وراء الأشخاص التقليديين وبعض الأشخاص الذين برزوا مؤخراً في مجال الـحزبيات الشخصية - الطائفية.

 

وهناك محاولة تريد أن تـحقق بجميع الوسائل ائتلافاً يقيها الـمجازفة الـخطيرة رغم جميع الاحتياطات والتدابير والتطبيقات بخوض الـمعركة الانتخابية الـمقبلة.

 

وهذه الـمحاولة تهدف للعمل بقول الـمثل «عصفور باليد أفضل من عشرة على الشجرة»، وهي لذلك، تسعى سعياً حثيثاً لترتيب ائتلاف تطمئن إلى مجموعة أفراده. وفي الوقت عينه تدأب بتضليل الـمراقبين فتوعز، الفينة بعد الفينة، إلى بعض الصحف لتعلن «خيبة» الـمساعي الائتلافية من ذر الرماد في العيون وإبقاء حقيقة هذه الـمساعي خافية على الرأي العام.

 

والـحقيقة أنّ الـمساعي مبذولة بسخاء لإيجاد الائتلاف إن أمكن، والـمساومات قائمة على قدم وساق فإذا لم ينتبه الذين يعللون أنفسهم بالانضمام إلى لائحة حكومية أو لائحة نواب معارضين، إلى هذه الـحقيقة، فقد يستفيقون ذات صباح ليقرأوا في الـجرائد أخباراً تبدد أحلامهم الذهبية.

 

هناك طائفة كبيرة من «صعاليك الانتخابات» يحمل كل فرد من أفرادها جعبة واسعة من الافتراضات والـمعادلات والـحسابات والتأكيدات، وكل واحد منهم يؤكد أنّ منطقة كذا هي كلها معه، وأنّ صديقه فلاناً يضمن له أصواتاً في عدة قرى. هذه الطائفة يحوم أفرادها حول حزب الـحكومة وحول حزب «الـمعارضة» وحول كل قوة شعبية خـارج الـمجلس. وهم لا يبحثون عن شيء آخر غير وضع أسمائهم في بعض اللوائح الانتخابية لعلهم يفوزون بأمنية طالـما عللوا النفس بها. الوصول إلى كرسي النيابة.

 

هؤلاء هم عوامل انتخابية قانونية ولكثرتهم يصعِّبون تـمركز القوى الانتخابية في جبهات واضحة، كل من يظن أنه يقدر أن يجمع مئة ناخب حوله يرى أنه ملك رأسمالاً صالـحاً لترشيح نفسه للانتخابات، ومنهم من يرشّح نفسه على افتراض وجود خمسين ناخباً في جانبه.

 

جميع الفئات الانتخابية التي وصفناها حتى الآن هي فئات غير مسؤولة، أو غير شاعرة بـمسؤولية، لأنها ليست مرتبطة بأحزاب ومبادىء معينة، كل قوّتها هي في الوعود وفي التودد إلى بعض الأوساط الانتخابية وفي الروابط العائلية.

 

فالـمصالح التي يقومون عليها أصبحت مصالح [.....] عامة، بل مصالح عائلية أو مصالح قرى أو مصالح طائفية، وأغراضها النفوذ الشخصي والامتياز في الـمنافع.

 

الانتخابات الـمقبلة ستوجد حالة جديدة لم تعهدها البلاد من قبل هي حالة ظهور الأحزاب السياسية في الـميدان وقد تأتي هذه الـحالة بـمفاجآت غير منتظرة.

 

يوجد في لبنان حزبان صحيحان بهذا الـمعنى هما: الـحزب القومي الذي أوجد الـحزبية العقائدية والـمنهاجية الصحيحة، والـحزب الشيوعي القائم على الـخطط الشيوعية والـمناهج الـمقررة في موسكو.

 

وإلى جـانب هذين الـحزبين تقوم مشكَّـلات من الشبـان، كـ «الفلانـج» و«النجادة» وسواهما.

 

من بين جميع هذه الأحزاب والتكتلات يـمتاز الـحزب القومي الاجتماعي الشاق طريق العقائد والنظام في بلادنا، بقوة العقيدة وشدة الوعي والشعور بالـمسؤولية والقلق على الـمصالح الشعبية العامة ودقة النظام. ومهما يكن من أمر الضجيج الذي أثير حول هذا الـحزب من يوم وصول مؤسس النهضة القومية الاجتماعية إلى هذه البلاد، فالـحزب صامد صمود الثقة والثبات وفاعليته تزداد يوماً بعد يوم.

 

لا شك في أنّ الـحزب القومي يشكّل أعظم قوة انتخابية منظمة في لبنان. والـمشهور عن جميع أعضائه أنهم أكثر ما يكون تشبثاً بنظامه وأهدافه. وقد اكتسب هذا الـحزب في الـمدة الأخيرة شعبية واسعة وله مؤيدون وأنصار كثر في الشعب، ولسنا نظن أنّ التأويلات الكثيرة لـخطاب الزعيم التي أوّلتها بعض الصحف تتمكن من إضعاف شعبية هذا الـحزب، بل يوجد دلائل على أنّ شعبيته ازدادت أثناء الـمعركة الـحقوقية العقائدية التي انتصرت فيها نظرياته انتصاراً مبيناً.

 

أمّا الـحزب الشيوعي فقد خسر كثيراً من القوة العددية التي كان اكتسبها أيام الاحتلال الفرنسي بتشجيع الفرنسيين، وكانت خسارته لـمصلحة القوميين الاجتماعيين الذين اكتسحوا في السنة الـماضية مناطق كثيرة كان الشيوعيون منتشرين فيها. ويـمكن القول إنّ «الفلانـج» قد خسرت كثيراً من معنوياتها بسبب الـحملة العنيفة التي زجت نفسها فيها من غير استعداد، والتي كشفت للرأي العام حقائق لم تكن معلومة وليست في مصلحة «الفلانـج» ولا في مصلحة لبنان.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro