مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
المعرض السياسي الحالة الاقتصادية الإضراب في الكورة الحالة السياسية الميثاق الوطني اللبناني
 
 
 
سورية الجديدة،سان باولو،العدد 3، 1939/3/25
 

 

 

 

 

لبنان، بيروت في 4 مارس/آذار 1939 - لـمراسل سورية الـجديدة الـخاص

 

 

أول مارس/آذار

 

كان عيد القوميين في أول مارس/آذار، ذكرى مولد الزعيم، عيداً رائعاً مؤثراً. ففي هذا اليوم جرت احتفالات متعددة في جميع الأنحاء السورية، بعضها لامع زاهٍ وبعضها وادع خاشع. بعض هذه الاحتفالات كان صلاة أكثر منه احتفالاً. وجماعات كثيرة من الشعب، صلّت ليمدّ الله في أجل الزعيم ويعطيه الصحة والنشاط ليتغلب على الصعوبات ويتابع العمل العظيم، لإنقاذ الأمة السورية من الهوة التي رميت فيها.

 

وفي الاحتفال الـمركزي الرسمي الذي تـجلت فيه قوة نظام الدولة القومية الفتية، ألقى رئيس مجلس العمد خطاباً قوياً سأطلب نسخة منه لأرسلها إلى سورية الـجديدة.

 

الـحالة الاقتصادية - الإضراب في الكورة

يتفاقم شر الـحالة الاقتصادية في «الـجمهورية اللبنانية» فسياسة الفصل التّام بين لبنان والشام وزيادة الـمكوس والضرائب وقضية الديون وأرباح شركة السكة الـحديدية ومنع صناعة الـملح واحتكار التبغ وخطوط السيارات، وغير ذلك، من مصائب السياسة الاقتصادية الـمتّبعة قد استنزفـت مـوارد الشعب وأضعفت حيويته وحطّت مستوى معيشته فأصبح في ضيقة شديدة.

 

ويشعر الشعب اليوم بشدة وطأة شركة احتكار التبغ واستبدادها الـمتزايد يوماً بعد يوم. ومن غريب اجتهاد هذه الشركة العاتية أنها تغرّم كل شخص يقلّ محصوله عن الـمقدار الـمعيّن له، مهما يكن سبب نقص الـمحصول، كما تغرّم كل من يزيد محصوله.

 

وقد اتفق أنّ بعض زرّاعي التبغ في منطقة الكورة نقص محصولهم عن معدله هذه السنة، ففرضت الشركات غرامات باهظة عليهم. فأدى الأمر إلى هياج في الكورة ومظاهـرات ومقاطعة سيارات الشحن في أواخر يناير/كانون الثاني الـماضي والـحالة لا تزال سيئة والشركة لم ترجع عن غيِّها بسبب استنادها إلى سلطة الـمفوضية الفرنسية.

 

الـحالة السياسية

إنّ النـواب لا يـمكن أن ينشغلوا بغير السياسـة الشخصيـة وكـراسي الوزارة فالكتل البرلـمانية تتـألف وتتفكـك بين ليلة وضحـاها وهذا طبيعي في السياسة الشخصية الفردية الضيقة التي لا تريد من التكتلات سوى الوصول إلى بعض الـمنافع الفردية وكراسي الوزارة.

 

أما في أوساط الشعب، فالتذمر شديد من الـحالة الـحاضرة. وهذا التذمر يساعد الانتهازيين على اغتنام الفرص للعمل في ما يسعون إليه وهو النيابة. فالنواب، بعد وصولهم، طامعون في الوزارة وخلافهم عليها. والانتهازيون طامعون في النيابة وخلافهم فيما بينهم ومع الـحكومة عليها.

 

ويذكر الذين تتبعوا انتخابات لبنان الأخيرة أنّ عدداً من الطامعين في النيابة، وكانوا مرشحين على قائمتي الـحكومة والـمعارضة، سقطوا من الترشيح على هاتين القائمتين بحصول «الائتلاف» فتألبوا وشكلوا من أنفسهم كتلة سموها كتلة «اللائحة الشعبية» تيمناً بالـجبهة الشعبية في فرنسة. فلما خذلتهم الانتخابات، لأن قوّتهم كانت ضعيفة جداً بالنسبة لقائمة الائتلاف قرروا «الاستمرار في العمل الـمشترك» باسم «الكتلة الوطنية» تيمنـاً بالكتلة الوطنيـة في الشام وسيراً على غرارها. حتى تعابيرهم صارت تشابه تعـابير تلك الكتلـة وكـانت لهم بيانات كبياناتها، خصوصاً البيان الذي أصـدروه عقيب تشكيل «كتلتهم» وفيها «لقد خضنا الـمعركة مدفوعين بعامل الإخلاص لهذا الوطن» والإخلاص للوطن هو من التعابير الـمطاطة يتستر بها صاحب الغاية النفعية من غير أن يكون هنالك قصد واضح من هذا الإخلاص.

 

ولكن هذه الكتلة الوطنية ماتت مع بيانها الأول. فانصرف بعض أعضائها إلى تشكيل ما سماه الـمطران مبارك «جمعية الرفق بالإنسان» ولكن هذه الـجمعية لم يظهر منها غير اسمها في خطاب الـمطران.

 

وآخر ما كان من أمر الطامعين في الـحكم أنهم لـجأوا إلى اسم جديد هو «الـميثاق الوطني اللبناني» الذي قيل إنّ لـجنة منهم وضعته وهو كما يلي:

 

الـميثاق الوطني اللبناني

منذ ستـة أشهر، عقدت اجتماعات متعددة، في مدينة بيروت من مختلف الطوائف ونظروا في حالة الوطن وتفرقه وسعوا بإيجاد كلمة يجتمع عليها اللبنانيون، إن لم يكن كلهم فمعظمهم، فتوصلوا إلى وضع ميثاق وطني وألّفوا لـجنة من بضعة أشخاص، من أمثال الدكتور سليم إدريس والأستاذ يوسف السودا والأستاذ نـجيب صائغ والأستاذ تقي الدين الصلح والأستاذ توفيق يوسف عواد والدكتور إلياس الـخوري والدكتور رئيف أبي اللمع والأستاذ صلاح بيهم والدكتور عبدالـحميد قرانوح والأستاذ نصري معلوف وسواهم. وهذا نص الـميثاق:

 

«أولاً - إستقلال لبنان التّام في حدوده الـحاضرة وحكمه الوطني.

 

«ثانياً - توثيق عرى الإخاء والإلفة بين أبناء لبنان على اختلاف الطوائف والـمناطق.

 

«ثالثاً - تـمكين الصلة بين لبنان والدول العربية في اتـجاه حلف يضمن له ولهذه الدول الاستقلال التّام والإنعاش الاقتصادي كلٌ في دائرة كيانه الـخاص.

 

«رابعاً - الـمساواة بين اللبنانيين على قاعدة العدل والكفاءة.

 

«خامساً - اللغة العربية وحدها هي لغة البلاد الرسمية.

 

«سادساً - تـوحيد الثقافـة القوميـة وجعل التعليم البدائي إجبارياً ومجاناً وتعميم منهاج للتدريس تشرف الـحكومة على تنفيذه في الـمؤسسات على اختلافها.

 

«سابعاً - تـحقيق استعمال الـحريات الدستورية، حرية الصحافة وحرية الاجتماع وحرية الـجمعيات والأحزاب.

 

«ثامناً - العمل على إلغاء الامتيازات لتسري شرعة البلاد على سكانها سواء.

 

«تاسعاً - العنايـة بتنظيم التشريع والقضاء والإدارة والاهتمام بالشؤون العمرانية والاقتصادية أخصها الـمصيف والـمشتى والسياحة وتنشيط الـمنتجات والـمعامل الوطنية وصيانة الآثار.

 

«عاشراً - الاهتمام بالـمهاجرة والبطالـة والشبيبـة والعامل والفلاح والتاجر والـموظف وقوى الدفاع.»

 

أما اللجنة التي وضعت هذا الميثاق فأشيع أنّ قوامها الدكتور سليم إدريس والأستاذ يوسف السودا والأستاذ نـجيب الصائغ والأستاذ تقي الدين الصلح والسيد توفيق يوسف عواد والدكتور إلياس الـخوري والدكتور رئيف أبي اللمع والسيد صلاح بيهم والدكتور عبدالـحميد قرانوح والأستاذ نصري معلوف «وسواهم».

 

لا أعـرف كثيراً عن الدكتور سليم إدريس ولكن الأستاذ السودا معروف وأمره أصبح مشهوراً بعد زيارة رومة بصحبة غبطة البطريرك وإنشائه جريدة الراية التي صعدت منها رائحة أجنبية شديدة! وأما الأستاذ نـجيب الصائغ، فأمره مشهور منذ الانتخابات الأخيرة، فهو دخل الـحزب السوري القومي قبيل الانتخابات ليحمل الـحزب على تأييده، وفي الوقت عينه، رشّح نفسه عن الشيوعيين، كما فعل محمد جميل بك بيهم. وقد تبيّن للحزب القومي تلاعب الأستاذ الصائغ فطرده. وأما السيد جميل بيهم، فلما لم يكن عضواً فقد امتنع الـحزب عن تأييده في الانتخابات. وهنالك الأستاذ تقي الدين الصلح وهو أحد الأفراد الذين سافروا سنة 1937 بنفقة أجنبية إلى إيطالية وإسبانية ومراكش! وأما السيد توفيق يوسف عواد فكان قد ابتدأ يحرز مركز أديب بعد ظهور قصصه كـ قميص الصوف وغيرها التي نحا فيها نحواً هو مزيج من بعض الألوان الفرنسية والروسية. وهو أحد محرري جريدة النهار. والظاهر أنه لا يريد الاكتفاء بالأدب والصحافة فهو يريد أن يقتفي خطوات أستاذه التويني فيكون الأدب والصحافة وسيلة له إلى السياسة. ومعروف عن هذا الأديب أنه ألقى محاضرة في الـجامعة الأميركانية، أبان فيها حسن مبادىء الـحزب السوري القومي ونظامه وقوة عقيدته، ولكنه عاد فاختار السبيل الأهون. ولا أعرف إلا القليل عن الدكتور إلياس الـخوري. وأما الدكتور رئيف أبي اللمع فشخص يطمح إلى أن يلعب دوراً سياسياً ولكنه مخلص ويكره الاستعباد وله مواقف وطنية طيبة، ومن الـمستغرب، أن يحشر نفسه بين هذه الزمرة. وأما السيد صلاح بيهم، فيلعب دوراً سياسياً في الطائفة السنّية. وأما الدكتور عبدالـحميد قرانوح فشأنه شأن السيد بيهم وكان أحد الـمرشحين الـخائبين.

 

كان حادث «الـميثاق الوطني اللبناني» آخر البروق الـخادعة في جو السياسة «اللبنانية» ويلوح لي أنّ الـميثاق قد أصبح في خبر كان وأعضاؤه سينتظرون اتـجاهات الـمفوض الفرنسي الـجديد ليجدوا فرصة أخرى.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro