مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة قضية الأحزاب الببغائية في المجلس (6)
 
 
 
الدم اللبناني الصرف
 

 

 

يصرّ الأستاذ عمون في خطابه الـحقوقي «الـحامي» على الـخلط بين الـحكومة ورجال الـحكم. فبعد أن خاطب الـحكومة بصيغة الـجمع، وهذا جائز ومقبول مع مراعاة أنّ الـجمع لا ينفي عن الـحكومة هيئتها الرسمية، يقول عن حوادث الـحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني إنها ليست «إلا نتيجة محتمة لطريقة الـحكم التي اتبعتموها.» ويضيف على هذه الـجملة جملة أخرى تزيد الصورة الشخصية وضوحاً حين يبين ما هي الـحوادث الـمشار إليها «إنها نتيجة طبيعية لـما يحدث منذ ثلاثة أشهر.» ويشير إلى حوادث مصادمات عاليه في استقبال الأستاذ بشارة الـخوري ويقول «ليست هذه الـحوادث (21 نوفمبر/تشرين الثاني) إلا وليدة تلك (عاليه) ووليدة الروح السائدة في بعض الـمقامات.»

 

فيكون السيد عمون قد نفى أنّ مظاهرات الـحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الـماضي هي نتيجة حل الأحزاب وأثبت أنها نتيجة حوادث التنازع والتكالب على الـحكم اللّذيْن يذهب ضحيتهما الشباب البريء. ولا تكون «البطولة» العظيمة التي ظهرت في تلك الـمظاهرات والبسالة النادرة التي أظهرها قادتها سوى رد فعل بارد لضرم «التحميس» الذي جرى في «الكواليس» وفي مقامات الذين يديرون من وراء الستار.

 

والـحقيقة هي أنّ السيد عمون يتواضع جداً ويَبِزُّ رصيفه الـمحنّك السيد عواد في التواضع. فيتحاشى القول إنّ مظاهرات الـحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الـماضي كحوادث الـخامس عشرمن نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1936 هي نتيجة للسياسة الـخرقاء التي سلكتها الـحكومات السابقة بإيجاد التشكيلات الطائفية التي تُضعِف الشعب أمام الـمطامع الأجنبية، وبتشجيع هذه الأحزاب الـمصطنعة التي أوجدت لصد الفكرة القومية الصحيحة عن الـمناطق «اللبنانية الصرف»، وإيقاظ النعرات الدينية وقسمة الكيان اللبناني إلى معسكرين: مسيحي وإسلامي - هذه الأحزاب التي قامت تناهضها «النجادة» الإسلامية و«الكشاف الـمعني» الدرزي و«الطلائع الإسلامية» الشيعية - هذه الأحزاب وهذه التشكيلات التي بلبلت الرأي العام ومثّلت عقلية الشعب اللبناني الراقي أسوأ تـمثيل وجعلتنا هزؤاً وسخرية بين الأمـم الـمتمدنة وأنزلتنا دون الأقوام البربرية دركات، لأن الأقوام البربرية نفسها تعرف كيف تـحافظ على وحدة مصيرها ووحدة صفوفها، وتقدس الروح التي تـجمع الكل في الـمصلحة العامة، ولأن الأقوام البربرية نفسها تدرك ما تقصّر عن إدراكه هذه «الأحزاب الـمنظمة التي خلقت روحاً وثابة.»

 

أجل، إنّ السيد عمون لا يقول: إنّ هذه «الأحزاب» التي خلقت التعصب الديني خلقاً جديداً كانت شر بلية حلت بهذا الوطن السيّىء الطالع وإنّ الـحكومة ارتكبت بإيجادها هذه «الـمنظمات» خطيئة يقصر حلها عن إعطاء التفكير الكافي عنها. كلا، لا يقول الأستاذ عمون شيئاً من ذلك. فهو يرى جيداً ويضع الـمجهر والـمنظار الطيفي حين ينظر في حوادث الـحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني ولا يرى مطلقاً حوادث الـخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني.

 

ويشترك الأستاذ حميد فرنـجية مع الأستاذ شارل عمون في الدفاع عن طائفية «الكتائب»، وحجتهما هي: أنه بـما أنّ «الكتائب اللبنانية» كانت في حوادث 15 نوفمبر/تشرين الثاني في بدء عهدها ولم تتولَّ قيادة تلك الـحوادث، وبـما أنها حتى الآن احتفظت بصبغتهـا الطائفيـة من غير الإقـدام على عمل طائفي أو ديني مستعجل، إذن فـ «الكتائب» غير طائفية أو غير دينية!

 

وعلى هذا القياس تكون «النجادة والطلائع والكشاف الـمعني» غير طائفيـة ولا دينيـة!

 

وفي لـجاجة الدفاع يتدارك السيد عمون وعيه في نقطة بارزة يجب تسجيلها له في صفحة غير الصفحة التي سجلنا له فيها أقواله التي ذكرناها آنفاً. وهذه النقطة هي بلاغ وزارة الداخلية الذي يحظّر ذكر الـمظاهرات والـحوادث في الصحف. فهذا البلاغ يشبه البلاغات التي كانت تعطى للصحف أثناء اعتقالات الـحزب السوري القومي لكتم الـمعلومات عن الشعب. ومثل هذه التدابير لا تبرره سوى حوادث حرب أهلية أو تـمرد في الـجيش أو ما أشبه من الأمور الـخطرة على كيان الدولة أو شكل الـحكم، مع العلم بأن الـمبرر هو «مصلحة الدولة» فقط.

 

إنّ هذه النقطة جديرة بالـمهاجمة ولكنها غير جديرة باللهجة الشخصية الـحارة التي استعملها السيد عمون وأفقدت الانتقاد شيئاً كثيراً من خطورته. وإنّ تأييد هذه النظرة واجب على الـمجلس النيابي الذي انتخب ليمثّل الشعب لا ليمثّل «الإرادات» التي يشير إليها السيد فرنـجية. وسنعود إلى هذه النقطة فيما يلي من الـمقالات.

 

وتـجد خطباء عديدين في مقدمتهم السيد عمون يعضده السيد خليل أبو جوده والسيد فرنـجية يُظهرون في هذا الـمجلس الضخم ما لم يجرؤ على إظهاره غيرهم في الـمجلس السابق. فهم ينتصرون انتصاراً شديداً «للدم اللبناني» الـمهدور.

 

لقد كان لـجريدة لوجور موقف لا ينساه لها الـحزب السوري القومي في الانتصار للحق، ولكن البرودة التي قابل بها الـمجلس حوادث بكفيا وغيرها كانت أعظم طعنة في صميم «الكيان اللبناني».

 

وهنا يجوز لنا أن نتساءل ما هو السر في هذه الغضبة «الضجاجة» للدم اللبناني في هذا الـمجلس الـموقر الـممثل جميع اللبنانيين، الصرف منهم وغير الصرف، وما هو السر في سكون الـموت الذي خيّم على الـمجلس السابق ومن ضمن ملاكه خطيب كبير كالأستاذ حميد فرنـجية حين كان الدم اللبناني ينزف في بكفيا، لا بسبب مظاهرة ولا بسبب خطاب مطران بل بسبب استقبال فرح بزيارة الزعيم الـخارج من سجن الآلام يتحملها في سبيل الأمة جمعاء، في سبيل حياة اللبنانيين كما في سبيل حياة الشاميين والفلسطينيين، في سبيل اللبنانيين الصرف كما في سبيل غير اللبنانيين الصرف؟

 

هل يكون السر في «الإرادات» يشير إليها تلميحاً السيد فرنـجية في خطابه في الـمجلس. وهل تكون هذه «الإرادات» هي التي جعلت لسان حال الـمجلس يقول:

 

قـــالــت الضـــفــــدع قــــــولاً

                                         فــــــسّـــــرتــــــه الـحكـــــمـــــــــــــاء

فـــــي فـــمـــي مــــــاء وهـــل

                                         يـــنـــطـــق مــــن فـــــي فيـــــه مـــــاء؟

 

أم السر هو في وجوب الغضبة للدم «اللبناني الصرف» فقط؟

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro