(لـمراسل الهدى اللبناني الـخاص - بالبريد الـمسجل)

ثم ختم الـمرافعات الأستاذ إميل لـحود فعرض في دفاعه لتفنيد النقاط القانونية- فذكر أن القانون التركي لا يوجب على الـجمعيات أن تـحصل على الرخصة قبل اكتمال تأليفها، وإنـما هي تتألف أولاً، ثم تعلم الـحكومة بتأليفها. والـحزب القومي السوري لم يكن قد تألف نهائياً عندما ألقى القبض على أفراده فهو إذن لم يخل بالقانون.

وطلب الرئيس من الـمدعي العام إذا كان لديه ما يضيفه إلى مطالعته، فأجاب أنه يصرّ على ما جاء في مطالعته، وشكر وكلاء الدفاع على ما أظهروه من محبة لفرنسا وتعلق بها.

ثم سأل الرئيس الـمتهمين إذا كانوا يريدون أن يضيفوا شيئاً على ما ذكر في الدفاع عن أنفسهم، فوقف الزعيم أنطون سعاده وقال بالعربية:

أريد أن أوجه نداء إلى الـمحكمة والأعضاء وهو أن لا يجعلوا القانون يحكم على الـحقوق. فإن الـحقوق هي أجمل ما تتمتع به البشرية الـمتمدنة وأشكر الرئيس والهيئة والـمحامين والإدعاء على كل ما أبدوه من تـجرّد ونزاهة وسعة صدر أثناء الـمحاكمة. وأرجو أن ترافق هذه الصفات الـحكم الذي ستصدره الـمحكمة في هذه القضية.

ولم يكن من السهل تقدير عدد الـجماهير التي احتشدت على باب قصر العدل وفي باحاته الداخلية والـخارجية لسماع كلمة القضاء في دعوى الـحزب السوري القومي. وقد جاء هذا الإزدحام دليلاً واضحاً على مدى اهتمام الرأي العام بـمصير هذا الـحزب الذي يضم نخبة من شبابنا الـمثقف.

الـحكم

وفي الساعة التاسعة التأمت الـمحكمة وشرع الرئيس الـمسيو روسه يتلو حيثيات الـحكم ويشرح التهم الـموجهة إلى كل من الأعضاء، ثم لفظ القرار التالي:

الزعيم السيد أنطون سعاده ستة أشهر حبس (مع التنفيذ) و25 ليرة سورية غرامة.

السادة- نعمة تابت، عبدالله قبرصي وزكي النقاش والأمير أسعد الأيوبي شهر حبس ومع وقف تنفيذ الـحكم ،و25 ليرة غرامة. السادة جورج حداد وجورج حكيم وفؤاد مفرج ومأمون اياس وفكتور أسعد ويوسف الدبس وروبير أبيلا وصلاح لبكي ومحمد النقاش وعمر لبان ومنح راسي وفؤاد خوري وجورج صليبي ورفعت زنتوت وسامي قربان ومحمود حافظ وعفيف فاخوري بسجن أسبوعين مع وقف التنفيذ. السادة عادل العيتاني وسميح علم الدين وجميل صوايا وشفيق شرتوني وعادل ماهر وجان جلخ ونـجيب فيكاني براءة.

وقد استقبل أعضاء الـحزب واخوانه هذا الـحكم بهدوء تام. وكان الزعيم انطون سعاده أشدهم رباطة جأش على الرغم من أن وطأة الـحكم كانت شديدة عليه. بيد أنه كان- كما صرّح غير مرة- مستعداً لتحمّل أية تبعة تصيبه من جراء تأسيسه هذا الـحزب، فلما سمع كلمة القضاء انفرجت شفتاه عن ابتسامة الرضى والإطمئنان.

ولـما انصرفت هيأة القضاة، أقبل أركان الـحزب بعضهم على بعض متصافحين- وعانقوا الزعيم عناقاً مؤثراً.

الإفراج عن الـموقوفين

وعند الساعة العاشرة توجّه جمهور يناهز الـخمسمائة من الشبان على رتل من السيارات إلى سجن الرمل فاستقبلوا الأستاذين زكي النقاش ونعمه تابت اللذين أطلق سراحهما ورافقوهما إلى منزلهما هاتفين فرحين.

الزعيم

أما زعيم الـحزب الأستاذ سعاده فقد مضى على اعتقاله شهران وثلاثة عشر يوماً. وسيبقى رهن السجن إلى أن تنتهي عقوبته.