إقتدى السوريون القوميون الاجتماعيون بزعيمهم، فتابعوا طريق الـجهاد لـمواجهة العدوان اليهودي في فلسطين وسواها من الكيانات السورية.
فقد كتب العديد من الرفقاء الذين شهدوا حدث قيام الدولة اليهودية على أرض جنوبنا السوري، عن أعمال القوميين الاجتماعيين في الـمعارك في فلسطين، والذين تـجندوا من الشام ولبنان، وعن بطولات غسان جديد. فكتب سامي أيوب الـخوري في «أمل لا يغيب» عن الـمناضل عبد الهادي حماد الذي قاتل أولاً مع أديب الشيشكلي في جيش الإنقاذ، ثم «قام بتشكيل فرقة للتدمير وفرقة للمقاومة... وحضر معهم معارك «اللوبية» و«الشجرة» وقام بنسف بنك «باركليس» في الناصرة.. ».
ويلقى كتاب «الكلمات الأخيرة» لإنعام رعد أضواء على تطوع القوميين الاجتماعيين للقتال في فلسطين من عبد اللطيف كنفاني إلى يوسف صايغ إلى مصطفى سليمان الذي قاد فرقة الزوبعة، والتي قاتلت بين اللد والرملة.
وتورد بيان الـحوت نويهض في كتابها: القيادات والـمؤسسات السياسية في فلسطين: ...وفي حيفا قام القوميون السوريون بنسف أكثر من بناء مرتفع كان اليهود يستعملونه كموقع حربي لضرب العرب، فقد وضعوا الـمتفجرات في الـمركز التجاري الـجديد وفي بناية مطاحن فلسطين الكبرى.
كما نشير إلى الدور العسكري الهام الذي لعبه الرفيق نشأت مهدي (جندي في الـجيش الشامي) في فلسطين بعد قيام الدولة اليهودية. وقد صدر له كتاب كبير يتضمن مختلف العمليات العسكرية التي قام بها ضد اليهود. والرفيق سليمان حمود الـملحم من بلدة القريا (السويداء) والذي شارك في الثورة السورية الكبرى، والتحق بجيش الانقاذ برتبة ملازم أول (قائد سرية) فاشترك في عدة معارك منها الهوشة والكساير واستشهد في معركة الـمالكية عام 1948.
والـجدير ذكره، أن القوميين الاجتماعيين، قد قاموا بالواجب الـملقى عليهم كل في مكانه، لاسيما بالنسبة لرفقاء فلسطين، حيث دخلت فرق قومية أخرى، من لبنان والشام للقتال في فلسطين بفضل ما استطاعت الـحصول عليه من سلاح.
ويذكر الضابط في الـجيش الشامي فضل الله أبو منصور، الذي أعدم حسني الزعيم ومحسن البرازي، وتسلّم مسؤولية عميد دفاع خلال فترة عام 1958، في كتابه «أعاصير دمشق» الصادر عام 1959، أعماله القتالية هو وفرقته في فلسطين رغم «قلة العدد والنقص في العتاد» وخوضه غمار قتال شرس مع اليهود في منطقة «كعوش» وإنه رغم «تفوق الـمدفعية اليهودية» فقد استطاع وفرقته الهجوم على «أحد الاستحكامات الـمصنوعة من الباطون الـمسلح... وقُتل في الـمزرعة ستون يهودياً وأُسر إثنان».
الـجهاد في فلسطين
وتذكر النشرة الرسمية عام 1948، عن الـجهود التي قامت بها الإدارة الـمركزية، وما قام به عميد التدريب أديب قدورة مع «مكتب فلسطين الدائم» حيث عرض العميد فكرة تشكيل جحفل يتولى الأعمال الـحربية في جبهة يتم الاتفاق عليها مع الـمكتب الـمذكور. ولم تصل مساعيه إلى نتيجة إيجابية.
وفي حديث أدلى به منير أبو فاضل إلى مجلة صباح الـخير )عدد 446 – تاريخ 1948/9/2)، وكان يشغل منصب قائد قوات «الـجهاد الـمقدس» في القدس يقول: «إنه اجتمع مع الزعيم في بيروت الذي أبلغه أنه على استعداد لإرسال 2400 مقاتل للمشاركة في حرب فلسطين، لكن يلزمهم السلاح. واتصل أبو فاضل ببعض الدول العربية لكن التجاوب لم يكن حسب الطلب. كما يذكر أبو فاضل أنه كان بين الـمقاتلين في فلسطين عدد كبير من القوميين الاجتماعيين وعلى رأسهم يوسف صايغ.
وتناولت النشرات الرسمية الصادرة في ذلك الـحين العديد من أخبار القوميين وأعمالهم. فوردت أخبار رفقاء منفذية عكا الذين صمدوا لفترة في وجه العصابات اليهودية ثم قاتلوا على الـجبهة الشامية.
وأخبار التحاق رفقاء من الكيان اللبناني من مديرية شبعا الـحدودية مع فلسطين الذين شاركوا في معارك مشمار عيميك وكفر كرم كما ساهموا في «معركة باب الواد الضارية الـمشهورة» وترد أيضاً أسماء رفقاء من نيحا – الشوف ومديرية رأس الـمتن وطرابلس، إضافة إلى رفيق من مديرية الـمنصف – البترون، الذي شارك في معارك صفد والـمالكية وقدس، «وقد أبلى فيها بلاءً كبيراً».
لا سلاح للقوميين
ونقتطع من رد اللجنة الإذاعية للحزب الصادر في 1949/2/5، الـمقتطفات التالية حول عدم إعطاء القوميين سلاحاً للمشاركة في معارك فلسطين :
«... وكان قصد القيادة القومية الاجتماعية العليا تشكيل ما لا يقل عن كتيبة كاملة لتبتدئ العمل بـمهمات تكلف بها لـمساندة القوات الأخرى على أن تشكل كتائب أخرى تتبعها إذا حصل نـجاح في تسليح الكتيبة الأولى. ولكن ذهبت جميع الـمحاولات التي قامت بها عمدة التدريب، وعلى رأسها الأمين أديب قدورة، أدراج الرياح. فقد اتصل العميد مراراً «بـمكتب فلسطين الدائم» وسأل عمته السيدة ابتهاج قدورة مساعدته للوصول إلى بغيته. وحصلت اتصالات مداورة مع بعض أشخاص الـحكومات. والـجواب دائماً: لا سلاح للقوميين الاجتماعيين» وقد حدث في وقت من أوقات الـمعارك أن قيادة جبهة القدس عرضت على منفذية القدس العامة تسليح فرقة قومية اجتماعية تتخذ موقعها في القدس. فأتى رسول مستعجل من الـمنفذية وخابر الـمركز فقبلت القيادة القومية الاجتماعية العليا العرض فوراً وعاد الرسول بالقبول الـمبدئي وطلب التفاهم على التفاصيل. فلم تـمضِ أيام معدودة حتى جاء رسول ثانٍ هو ناموس منفذية القدس العامة، الرفيق عبد اللطيف كنفاني، يقول أن قيادة القدس عدلت عن التسليح بحجة أن لا سلاح لديها! ».