أيها القوميون الاجتماعيون، أيتها الأمة السورية،
قررت الـحكومة اللبنانية الـحؤول في هذا اليوم، دون احتشاد أكبر قوة قومية عامة في الوطن السوري تريد إعلان موقفها من الـمسألة الفلسطينية وتـجاه مطامع اليهود، ألا وهي قوة الـحركة القومية الاجتماعية الـمعبّرة عن بعث الأمة السورية ونهضتها وإرادتها في الـحياة. وكان الـمنتظر أن يكون الـحشد عظيماً ونتائجه أعظم، ولكن هي طرائق هذا الـحكم الغريبة! فقررت، على ما ذكرت في بياني، فعل كل ما هو في مقدوري للحيلولة دون اصطدام عنيف بين إرادة الأمة وإرادة الـحكومة اللبنانية في قضية من أهم قضايا حياة الأمة ومصيرها، كي لا تزداد سخرية اليهود والأمـم الـحية من شؤوننا وكي لا نضيّع الوقت الثمين في عراك داخلي جديد يزيد حيوية الأمة شللاً على شلل.
ثم إني رأيت أن أستعيض عن الـخطاب الذي كنت مزمعاً أن أقوله في الـحشد القومي الاجتماعي بهذه الرسالة التي أوجهها إلى مجموع القوميين الاجتماعيين وإلى الأمة السورية جمعاء.
تصريح بلفور وسوابقه
يجيء هذا اليوم فتشعر الـحركة القومية الاجتماعية كلها بألم شديد من الطعنة العميقة التي طعنت سياسة بريطانية العظمى، في الـحرب العالـمية الأولى وفي مثل هذا اليوم من سنة 1917، الأمة السورية بها. ولكن هذه الـحركة العظيمة لا تبكي من ألـمها ولا تصرخ ولا تشكو ولا تئن ولا تتأوه، بل تزداد إدراكاً لقيمة قضيتها وفهماً لنظامها تـمسكاً بعقيدتها ورسوخاً في إيـمانها بقيادتها ومصيرها، فتقف قوة عظيمة جبارة، تـحدّق في الكون وتتأمل في الـمحيط والـمسائل وتعدّ النفس لعمل خطـير هـو: تغيير وجه التاريخ!
في هذا اليوم نذكر أيضاً، والألم يدفع الألم، أنّ بلفور لم يكن الطعنة الأولى ولا الطعنة الوحيدة التي نفذت في جسم الأمة السورية في ما مر من هذا القرن. فقد سبقتها طعنة ولـحقتها طعنات!
كانت الطعنة الأولـى حين اتفقت بريطانيـة العظمى وفرنسـة وروسية، قبيل الـحرب العالـمية الأولى، على اقتسام السيادة والنفوذ في سورية بعد انتزاعها من تركية، وحين أبدلت بالاتفاق الـمذكور معاهدة سايكس - بيكو[1] السرية، سنة 1916، التي تـم التعاقد فيها بين بريطانية العظمى وفرنسة على اقتسام سورية فيما بينهما عند خروجهما من تلك الـحرب ظافرتين.
بينما كـانت سوريـة تتخبط في خطط رجعية، مبنية على غير حقيقتها هي، للتخلص من سيادة الأتراك، وتفعل كل ما في وسعها لنصرة «الـحلفاء»، كانت بريطانية العظمى وفرنسة تنظران إلى سورية نظرهما إلى قسم من تركة «الإنسان الـمريض»، الذي عبّروا به عن تركية، وتتفقان على اقتسامها فيما بينهما في جملة أسلاب الـحرب!
بعد معاهدة باريس الـمذكورة، بين بريطانية العظمى وفرنسة، التي قسمت سورية إلى مستعمرتين أو منطقتي نفوذ، الواحدة بريطانيّة وتشمل فلسطين (شرق الأردن الذي لم يكن له نطاق يحده) وما بين النهرين (العراق)، والثانية فرنسية وتشمل الشام (التي كان يدخل فيها جبل لبنان)، أصبحت كل واحدة من هاتين الدولتين تعدّ نفسها مالكة للقسم السوري الذي نصت الـمعاهدة على أنه من نصيبها وصاحبة الـحق الشرعي فيه. ولم تكن لسورية، في ذلك الوقت، نهضتها القومية الاجتماعية الـمثبتة شخصيتها وحقوقها، فلم تتمكن من الوقوف في وجه تلك الـمساومات الغريبة والصفقات الـمنكرة، ولا من إعلان بطلان كل تسوية أجنبية سياسية - حقوقية على حسابها.
على أساس معاهدة سايكس - بيكو، وقبل انتهاء الـحرب وقبل وَضْع بريطانية العظمى وفرنسة يديهما على سورية بالفعل، رأت السياسة البريطانية أنه لا يوجد ما يـمنع بريطانية من بيع فلسطين لليهود بثمن تـحتاج إليه لتقوية نفسها في الـحرب. من هذه النظرة السياسية نشأت فكرة التفاهم مع اليهود بواسطة مـمثلي الـحركة اليهودية «الصهيونية». وعلى أساس هذا التفاهم أعطى وزير خارجية بريطانية العظمى، اللورد بلفور، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1917، وعد بريطانية لليهود بتمكينهم من إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، الذي أصبح يُعرف بتصريح بلفور، وفي سورية خاصة، بوعد بلفور.
ذاك هو تصريح بلفور وتلك هي سوابقه وقواعده «الـحقوقية» وهذا هو وجه الـمسألة الصحيح!
إنه تصريح اعتدائي على وجود الأمة السورية وعلى سيادتها وحقوقها. ومجرّد إعلانه كان يجب أن يكون سبباً كافياً لإثارة نقمة الأمة السورية واحتجاجها ومقاومتها، ولكن الأمة السورية، في ذلك الوقت، كانت جسداً بلا روح. كانت لا تزال صريعة الـحزبيات الدينية الـمتحمسة وضحية أحقادها الوبيلة. حزبيات الـمحمديين والـمسيحيين والدروز. أحقاد الـمحمديين والـمسيحيين والدروز. أحقاد الـمحمديين والـمسيحيين خاصة، وأحقاد السنّة والشيعة بنوع مـمتاز.
لم يكن في سورية، في ذلك الوقت، وعي قومي ولا نهضة قومية. وكانت أولى اختلاجات توقها إلى الـحرية والنهوض، اختلاجات العقلية الرجعية التي لم تكن ترى غير الرجوع إلى حالة ماضية عارضة. لم يكن لسورية أمر ولم يرَ أول الناشطين أنه يجب أن يكون لها أمر وأن يكون أمرها في يدها. كلا. فالرجعة لم تكن تقدر أن تنظر إلى الـحقيقة وإلى الأمام. كانت الأنظار تتجه إلى العُربة بدلاً من الاتـجاه إلى الأمة نفسها. وكانت الآمال تُعلَّق على مكة وليس على دمشق وبغداد وحلب وبيروت وأورشليم.
الرجعة كانت تقول: الـخلاص يجب أن يأتي من الـخارج!
لم يكن يخطر في بال أحد أن يفكر في إنشاء جيش سوري لتحرير سورية، ليس لأنه لا يوجد في سورية رجال يصلحون للحرب، بل لأن الرجعة كانت تـجهل وجود حقيقة سورية. ولأن التفسخ الروحي الداخلي وانقسام الشعب على ذاته في الـحزبيات الدينية لم يجعلا مـمكناً التفكير في إنشاء جيش سوري. لم يكن معقولاً إنشاء جيش في سورية على غير أساس طائفي. وكانت خطط التفكير الرجعي بسيطة هينة: إنّ سورية «بلاد عربية» فالعُربة أساسها والعرب مرجعها فلنجعل مصير أمرها في يدهم ولنتجه إليهم!
لواحق تصريح بلفور
لم تكن بريطانية العظمى وفرنسة تـحتاجان، في الـحرب العالـمية الأولى، إلى مساعدة اليهود فقط، بل إلى مساعدة كل أمة - كل شعب كبيراً كان أم صغيراً. فوعد سياسيوهما السوريين وعوداً براقة بالاستقلال ولكن وعودهم لم تكن مسجلة في وثائق رسمية ولم توجد حركة سورية قومية تطالبهم وتفاوضهم وتتفق معهم على الـمساعدة والاستقلال وعلى تسجيل ذلك في وثائق رسمية كوثيقة تصريح بلفور.
على عكس السوريين كان الـمصريون والعرب كل أمة منهما قامت بقضيتها الـخاصة. فلا الـمصريون اعتمدوا على السوريين أو العرب لتثبيت حقوقهم وتوطيد أمرهم ولا العرب اعتمدوا على السوريين أو الـمصريين للنهوض بأمرهم.
كانت هنالك قضية مصرية وقضية عربية ولكن لم تكن هنالك قضية سورية. ولذلك لم يـمكن البريطانيين والفرنسيين أن يتعاقدوا مع السوريين في حرب 1914 - 1918.
بعد أن اتفقت بريطانية العظمى ومصر على استقلال مصر وتنظيم العلاقات بين الأمتين، وبعد اتفاق بريطانية مع اليهود على إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وبعد فشل الـمحاولات الهزيلة لإنشاء قضية سورية مبتورة، مستعجلة، رأى البريطانيون الاتفاق مع العرب - مع شريف مكة، الـحسين ومع سيد نـجد، عبدالعزيز آل سعود. وكان شريف مكة على اتصال بالسوريين، الذين، لأنهم لم يكونوا قد تـمكنوا من تأسيس قضيتهم القومية، اتـجهوا إلى الشريف. فأخذ يخطط بناء إمبراطورية يكون هو وورثاؤه أباطرتها ويكون أولاده ملوك جهاتها. وكانت سورية أو بعض أجزائها من جملة ما كان يجب أن يدخل في إمبراطورية الـحسين. ووافقه على تخطيطه بعض الذين قاموا يشتغلون في السياسة من السوريين. وهكذا بقي السوريون بلا قضية قومية مستقلة وبلا أمر ولا أهداف وفاتتهم فرصة من أثمن الفرص التي يـمكن أن تـمرّ في تاريخ أمة من الأمـم.
إستمرار الشلل السوري
لم يؤسس السوريون قضيتهم القومية قبل الـحرب العالـمية الأولى ولم يتمكنوا من اغتنام فرصة تلك الـحرب لإنشاء دولتهم فبقوا بلا قضية ولا دولة إلى ما بعد تلك الـحرب. وعملاً بالقاعدة التي اعتمدتها الرجعة الـمفلسة، القائلة: مصير سورية يقرر دائماً في الـخارج، أصبحت سورية تـحت رحمة الإرادات الأجنبية البحتة.
إنتهت حرب 1914 - 1918 وجاء الاحتلال الـمثنى البريطاني - الفرنسي ودخل مصير سورية في مؤتـمر الصلح الذي لم تـمثّل فيه قضية سورية صحيحة، ولـما لم تكن هنالك قضية سورية كلية قائمة بنفسها لم يكن من يقف في وجه ادعاءات اليهود ومطاليبهم ومساعيهم الإنترناسيونية؛ ففازت قضيتهم في مؤتـمر الصلح فوزاً كبيراً على حساب حقوق الأمة السورية ووحدتها ومصيرها. وبتأثير بنود ولسن الأربعة عشر[2] تـحوّل الاستعمار البريطاني - الفرنسي لسورية إلى «انتداب» من قِبَل «الرابطة الأمـمية»[3]. فكان لنا انتدابان: بريطاني في الـجنوب الغربي والشمال الشرقي، وفرنسي في الشمال الغربي.
في ذلك الوقت، وأنا بعد في دور الـمراهقة، جمعتني الصدف بجلساء من وجوه بيروت يتناقشون في هل يكون البريطانيون أفضل لاحتلال البلاد أم الفرنسيون. ومن غريب الصدف أنّ أولئك الكبار طلبوا رأيي في الـجدل القائم فيما بينهم فأبديته وكان صريحاً قوياً. قلت لهم إنهم جميعهم في ضلال وخطأ وإني أرى الأفضل نهوض الأمة لتولي أمرها بنفسها. دهش الـحاضرون وسكتوا. كانت السنة 1919 وأنا في الـخامسة عشرة من عمري.
لم تشعر الأمة السوريـة بخطورة ما حدث. والكتّاب القلائل، أو النادرون، الذين كان لهم نظر في الأمور وبعض الوعي القومي وكتبوا في هذه الـمواضيع وحاولوا تنبيه الأمة إلى حالتها الـخطرة لم تصل كتاباتهم إلى الشعور العام لأن البلبلة كانت عظيمة. وطغت على شعور الأمة وفهمها القضايا الـمحلية والأغراض الـخصوصية والـحزبيات الدينية.
في دمشـق حصل تصـادم، في عهد الأمير فيصـل بن الـحسين الـعربي، بين الشاميين والعراقيين. وكانت أسباب ذلك التصادم النظرة الـمحلية والـمسائل الـخصوصية أو الشخصية والـحزبية الدينية. ولم يـمكن توحيد النظر بين الشاميين والعراقيين لأن حزبية السنييّن في الشام وحزبية الشيعيين في العراق كانتا أقوى من كل قضية وموضوع آخرين. وفي لبنان ظهرت حزبية الـمسيحيين ظهوراً جلياً. وفي فلسطين نشطت حزبية السنييّن وفي بعض أنحاء الشام نشطت حزبية العلويين في سلسلة الـجبال الـمكملة لـجبال لبنان وحزبية الدروز في جبل حوران.
نهوض الأتراك وخسارة كيليكية
كان التفسخ الروحي والتفكك القومي بالغاً معظمه، في سورية الطبيعية. فوجد الاحتلال البريطاني - الفرنسي الذي خلف الاحتلال التركي، أفضل حالة لتثبيت قدمه وتنفيذ السياسة الاستعمارية الـمقررة. كل اختلاجة من اختلاجات الـحياة السياسية في سورية كانت خصوصية في أساسها، خصوصية في مراميها: دينية أو عشائرية أو محلية. كل فئة في جزء من أجزاء سورية عملت بـمنهاج فئوي في دائرة محلية. وساعدت الإرادات الأجنبية هذا التفسخ الواسع. فقام العراقيون بقضية عراقية، وقام الشاميون بدعوة إلى قضية سورية «بيزنطية» على أساس الـخصوصيات الإقطاعية والدينية بدون تلبية عامة، وقام مسيحيّو لبنان بقضية «لبنانية» وعلويو النصيرية بقضية علوية، ودروز جبل حوران بقضية درزية، وفي فلسطين نشأت قضية فلسطينية محلية وأنشئت قضية مثلها بشرقي الأردن.
بينما سورية تتخبط في قضاياها الـجزئية كانت تركية الـموحدة الروحية والقضية والعصبية القومية تتحفز للنهوض من سقطتها. وما إن أحدث مصطفى كمال باشا ثورته حتى وجّه اهتمامه إلى منطقة كيليكية السورية الغنية. وقد تـمكنت وحدة الأتراك من التعويض عن نقص القوة ومن اغتنام الفرص الثمينة. فلم يطل الأمر حتى سلّم الفرنسيون للأتراك تلك الـمنطقة السورية الثمينة التي هي من أغنى مناطق سورية وسلخت كيليكية الغنية عن جسم الوطن، والـمسائل الـمحلية تشغل الأمة السورية عن قضيتها الكلية وعن صراع الـحياة والـموت مع الإرادات الأجنبية!
إستمرار الفوضى والتراجع
مع كل الكوارث الـجسام التي مرّ ذكرها في ما تقدم ظلت الأمة السورية في شلل تـجاه إطباق القوات والـمطامع الأجنبية عليها من الـخارج، لأن الفئات التي تصدت للمعالـجة السياسية كانت كلها من النوع الرجعي، الديني أو الإقطاعي أو العشائري. وكلها قامت تعمل عمل الشركات الـمحدودة الرأسمال والـمحدودة الشركاء. كل فئة شكّلت نفسها تشكيل شركة خصوصية بكل ما في مدلول لفظة «شركة» من معنى. ومن جملة أغراض الشركات السياسية التي تألفت للعناية بالقضايا الـجزئية في سورية وطرقها أن تسعى جهدها لاحتكار القضايا احتكاراً. فنشأت في كل جزء من أجزاء سورية شركة محدودة (وفي بعض الأجزاء نشأت شركتان) تـحتكر العمل في الـجزء الذي هي فيه. وكان من أسس الاحتكار أن تـحدد كل شركة نطاق الأرض التي تريد العمل فيها كما تـحدد الرأسمال الـمعنوي والـمادي الذي تعمل به.
هكذا تـحددت قضايا ما بين النهرين والشام ولبنان وفلسطين وشرق الأردن وهكذا تـحدد العمل السياسي في كل منها. فلم تكن هنالك قضية واحدة تضم كل الأجزاء وتـجتمع فيها كل القوى ويخطط لها عمل موحد. ولـما كانت كل فئة قد حددت عملها في منطقتها فقد خرج من دائرة اهتمامها ما خرج عن نطاق مصالـحها. فتجزأت قوى الأمة وتفرّق أمرها وانفرد كل جزء بـمهامه وشؤونه، فلم تـجتمع قوة الأمة وتنصبّ في مسألة من الـمسائل، ولم تقف قواها موحدة تـجاه أي خطر عظيم. فذهبت كيليكية من غير مقاومة سورية عامة فلم تشعر بذهابها الأقسام البعيدة عنها، وتفاقم الـخطر في فلسطين فلم تشعر به جميع الـمناطق الشعور الصحيح. واشتد الـخطر في الشمال على الإسكندرونة والـحالة لم تتغير من الناحية القومية. فشؤون فلسطين كانت محتكرة ومحصورة في هذه الـمنطقة وفئتها السياسية، وشؤون الشام كانت مقتصرة على أهل الشام، وقس عليه بقية شؤون مناطق سورية.
التخبط في قضية فلسطين القومية
إنّ عدم وجود نهضة سورية قومية قبل الـحرب العالـمية الأولى أو في أثنائها أوجد الأمة السورية في حالة شلل عام تـجاه الأخطار العظيمة الـمحدقة بها وتـجاه الإمكانيات غير الـمحدودة الـمتوفرة لها. فلم يكن لها بد من دفع جزاء تفسخها وتـجزئها القوميين، ولقد دفعته باهظاً في كيليكية، ثم تعرضت لدفعه في فلسطين والإسكندرونة. ولكن أهل فلسطين انفردوا بـمعالجة الـمسألة التي تـمسّهم أولاً، وأهل الشام انفردوا بـمسألة التوسع التركي في شمال سورية. لم تكن الأمة قد شعرت بكارثة كيليكية!
في فلسطين قـامت الفئة السياسية تعمل على أسـاس لاقومي. فإن العاملين هناك لم يعملـوا على أساس الأمة السوريـة والوطن السـوري وحقـوق الأمـة السوريـة ومصالـحها ووحدة حياتها ومصيرها ووحدة وطنها، بل عملوا على أساس الاعتبارات التي هي ما وراء القوميـة - على أسـاس الاختلاطـات العربيـة. فجعلوا أساس الـحقوق القوميـة في فلسطين الفتح العربـي، وجعلوا الـمستند الـحقوقي لطلب إيقاف هجرة اليهود إلى فلسطين وعد بريطانية العظمى للحسين باستقلال العرب. فأخرجوا الـحقوق السورية القومية الأصيلة من أساس دعواهم واستندوا إلى اعتبارات خارجية لا تقوم مقام حق الأمة السورية الأصلي، وجعلوا بالتالي الـحقوق السورية مشاعاً لـجميع دول العالم العربي.
عولـجت مسألة فلسطين، بتلك الطريقة وتلك النظرة، أسوأ ما يـمكن أن تعالج به قضية ما. فقد وضعت حقوق السوريين الأصيلين في البلاد على مستوى حقوق اليهود الدخيلين عليها، بجعل حقوق السيادة عائدة إلى العرب الفاتـحين بعد اليهود، بحجة واهية تقول إنّ العرب دخلوا البلاد بعد اليهود ولذلك هم أحق منهم بالبلاد!
إذا كان العرب أحق من اليهود لأنهم دخلوا البلاد بعدهم أفلا يكون الأتراك أحق من العرب لأنهم استولوا على البلاد بعد العرب؟ أولا يكون البريطانيون أحق من العرب والأتراك معاً لأنهم استولوا على سورية من الأتراك في الـحرب العالـمية الأولى، ويكون بالتالي من حقهم أن يهبوها لليهود أو من يشاؤون؟
أما تصريح بلفور فقد جرى الاحتجاج عليه على أساس سياسي لا على أساس حقوقي، كما كان يجب أن يكون. فقد احتجت الفئة القائمة بالسياسة السورية في فلسطين على وعد بلفور ليس لأنه مخالف لـمبادىء الـحقوق، بل لأنه مخالف لوعد بريطانية للحسين! وهذا يعني أنه لو لم تكن بريطانية قد وعدت الـحسين باستقلال العرب (والعرب في العرف الإنترناسيوني هم أهل العُربة ولم يكن الـحسين يـمثّلهم جميعهم) ولو لم يكن العرب افتتحوا سورية بعد دخول اليهود إلى فلسطين لـما كان للسوريين عامة والفلسطينيين خاصة حقوق أصلية في فلسطين يجب أن يعترف العالم لهم بها!
أيها القوميون الاجتماعيون، أيتها الأمة السورية،
تلك كانت قواعد العمل القومي في فلسطين وفي كل بقعة من بقاع الوطن السوري. وهي قواعد فاسدة لا تضمن للأمة السورية حقوقها ولا تفتح أمامها طريق النهوض والتغلب على خطط الذين يريدون لهذه الأمة الـموت والفناء. وقد رأيت فساد تلك القواعد من زمان طويل ورأيت أنه لا يقوم أمر هذه الأمة إلا بـمبادىء وقواعد صحيحة تـجد فيها الأمة نفسها وحقوقها ومصالـحها وطرق تقدمها وتفوّقها. وباكراً جداً رأيت عقم السياسة والأساليب الوطنية الـمتّبعة في فلسطين ورأيت أنّ جعل مسألة فلسطين مستقلة ومنفصلة عن مجموعة الـمسائل التي تواجه الأمة السورية كلها والتي يجب أن يعود البتّ فيها للأمة هو أمر باطل، وأشد بُطلاً منه إخراج الـمسألة الفلسطينية من نطاق قضايا الأمة السورية وحقوقها وحدها وجعلها من حق دول العالم العربي جميعها. فعملت جهدي لإصلاح الـحال ولإيجاد الأساس الصحيح لقضية فلسطين ولـجميع قضايا الأمة السورية.
في سنة 1924 عالـجت في مقال نشرته في الـمجلة في سان باولو، البرازيل، مسألة فلسطين وقواعدها الـحقوقية والسياسية. ثم في سنة 1931 أنشأت رداً على خطبة للسياسي البريطاني القديـم لويد جورج تناول فيها مسألة فلسطين وأيّد الادعاءات اليهودية وأوضحت فيه أنّ قضية فلسطين هي قضية للأمة السورية وأنّ سكان فلسطين هم جزء من هذه الأمة صاحبة الـحق الأصيل، الشرعي في فلسطين. ثم في سنة 1932، والـحزب القومي الاجتماعي لا يزال نواة تتحرك عوامل حياتها في الـخفاء، ألقيت خطاباً في حفلة افتتاح نادي طلبة الـجامعة الأميركانية الفلسطينيين دعوت الأمة السورية فيه إلى النظر في الـخطرين الـجنوبي والشمالي، الأول خطر النمو اليهودي في فلسطين والثاني خطر التقدم التركي على حدودنا الشمالية. وفي سنة 1936 وضعت بلاغي الـمعروف بالأزرق، الذي عالـجت فيه عدة مسائل وقضايا سياسية في الشام ولبنان وفلسطين وفيه أعلنت، حين عرضت لقضية فلسطين، «أنّ وعد بلفور هو وعد سياسي لا حقوقي وأنه ليس لليهود حقوق عامة أو خاصة في فلسطين.» ويسرني أن يكون الأستاذ فارس الـخوري قد ردد هذا القول في الـمؤتـمر البرلـماني العربي في مصر سنة 1938، بصفته رئيساً للمجلس النيابي الشامي. وفي سنة 1937 وضعت مذكرة الـحزب القومي الاجتماعي رداً على تقرير لـجنة اللورد بيل الـمشير بتقسيم فلسطين وقدّمتها إلى العصبة الأمـمية، وفيها أوضحت أساس الـمسألة الفلسطينية من الوجهة القومية الاجتماعية الـمعبّرة عن حقوق الأمة السورية، وأعلنت أنّ الأمة السورية هي صاحبة الـحق في فلسطين سواء كانت هنالك وعود بريطانيّة للحسين أو لغيره أو لم تكن. وهذه الـمذكرة صارت مثالاً لـمذكرات هيئات أخرى اقتبست قواعدها ولم تعرف كيف تعمل بها!
إنّ الـمبادىء والتعاليم والقواعد التي وضعتها في الرسائل والكتابات الـمذكورة صارت أساساً لقضية فلسطين وقواعد للعمل لهذه القضية في الـحزب القومي الاجتماعي.
خَزْي الأعمال الرجعية والاعتباطية
وبكل أسف أقول إنّ الفئات السورية السياسية العاملة لقضية فلسطين بالأساليب الرجعية والاعتباطية لم تأخذ بعين الاعتبار وجوب التعاون مع الـحزب القومي الاجتماعي. واستمر العمل الاعتباطي يسير على هواه مجازفاً بـمصير فلسطين وبـمصير الأمة السورية كله.
بأساليب العمل الاعتبـاطي حدثت «ثورة» 1936، التي لا يعرف إلا الله والراسخون في العلم لـماذا ابتدأت ولـماذا انتهت!
قيل إنّ تلك الثورة قامت لمحاربة اليهود فلما قويت وضجّ لها السوريون في جميع أنحاء الأرض ألقت سلاحها تاركة «لملوك العرب» متابعة القضية بالطرق السياسية مع بريطانية!
تلك الثورة الاعتباطية قوّت شوكة اليهود وأفقدت السوريين الكثير من الدم الزكي والـمال والـمواسم. وعلى أثرها ازداد تسلح اليهود وامتدادهم في فلسطين!
ثم جرت سنة 1937 محاولة ثانية لتكرار تلك الثورة ولكن الـمحاولة ماتت في مهدها، لأن السلاح كان قد ذهب، ولأن الـمال كان قد ذهب، ولأن الرجال فقدوا الثقة بتلك الـخطط الاعتباطية!
إنّ النتائج التي وصلت إليها تلك الأساليب تشهد عليها!
إنني لا أتعرّض في هذا الاستعراض لأحد شخصياً. إنني لا أعرف القضايا الشخصية. ولكنني أتعرّض للقواعد والأساليب، وأتعرّض للكوارث القومية التي أنزلتها بنا تلك القواعد والأساليب الرجعية والاعتباطية، ليس فقط في كيليكية بل في فلسطين والإسكندرونة والعقبة وغيرها!
إني أقول إنّ الأهداف والخطط والقضايا التي قامت بها «النهضة الرجعية» في جميع مناطق الوطن السوري ودوله قد أنزلت بنا كوارث جسيمة ومكّنت الأخطار من وطننا وأمتنا.
بينما النهضة القومية الاجتماعية تـحارب حروبها الأولى من أجل تثبيت نفسها وعقيدتها وقواعدها، استمرت «النهضة الرجعية» في عملها وأغراضها الـخصوصية ومساوماتها في كل مكان. وفي فلسطين استمرت الـحزبية الـخصوصية سائدة حتى خرج الأمر من يد السوريين إلى يد «الـجامعة العربية» تقرر وتبتّ فوراً، وبريطانية وأميركانية وروسية تصغي كل واحدة منها إلى حركة فلسطين الـخصوصية حيناً وآناً إلى «الـجامعة العربية» مختارة ما تـحب ويوافقها أكثر.
أما اليهود فكانوا كل الوقت يشتغلون ويعملون كثيراً مجتمعين في قضية واحدة هي قضية «الوطن القومي اليهودي» الذي يريدون إنشاءه على حساب السوريين!
إستمرت «النهضة الـخصوصية» في أهدافها وأساليبها في فلسطين (وفي كل بقعة سوريّة أخرى). وتـجاه استفحال الـخطر وتدخّل دول كبيرة لـمصلحة اليهود لم تتمكن تلك «النهضة» من إيجاد أي تغيير في أساليبها ونظرها. وهي في شللها وعجزها عن إيجاد قوة قومية صحيحة قدمت مظاهر مضحكة مبكية كتلك التهديدات لبريطانية بالاتفاق مع روسية من غير أي أساس صحيح لسياسة تفاهم مع الروس، كأن الروس رهن إشارة بعض الـمشتغلين بسياسات صغرى ضعيفة لا ينتظرون غير إيـماءة أو «غمزة» سياسية!
وبينما يظن أصحاب السياسات الـجزئية اللاقومية أنهم يتمكنون من التهويل على بريطانية بالسفر إلى موسكو، كان اليهود يتفقون سراً مع الروس حتى اجتمع ضد قضيتنا الفلسطينية الذين لم يجمعهم شيء آخر بعد الـحرب العالـمية الثانية!
ولـما بلغت الـمسألة الفلسطينية طورها الأخير الإنترناسيوني وتناولتها جمعية الأمـم الـمتحدة نفسها ماذا عملت السياسة الـخصوصية في سورية: في فلسطين، في لبنان، في الشام، في الـجزيرة (ما بين النهرين)، في شرق الأردن؟ إنها عملت بخصوصياتها واتّكلت على «الـجامعة العربية»!
ولـما بات أمر التقسيم مقرراً وصارت الـمسألة مسألة كيفيات وحينيات قامت السياسة عينها الـمسؤولة عن وصول الـمسألة إلى هذا الـحد تنادي وتدعو إلى «الـجهاد» وتستفز وتـحرّض لتعيد تـمثيل محاولة جديدة من تلك الـمحاولات الاعتباطية!
إنّ الاستفزاز والتحريض كان يجب أن يبدل بهما التنادي إلى التعاون القومي الـمنظم. وإنّ الـحركات الـحربية كان يجب أن تهيأ من قبل، لا أن ترتـجل كقصيدة صغيرة في عرس!
إنّ السياسة الـخصوصية الاعتباطية قد وصلت بالـمسألة الفلسطينية إلى النتيجة عينها التي وصلت إليها بالـمسألة الكيليكية والـمسألة الإسكندرونية - إلى الكارثة!
والغريب أنه بدلاً من أن ترى تلك السياسة إفلاسها وتعترف به، تطلب أن تـجيّش الـجيوش لتأييده!
إنّ كارثة فلسطين مسؤولة عنها سياسة الـخصوصيات والـحزبيات الدينية والعشائرية!
أيها القوميون الاجتماعيون،
إني أعلن:
إنّ الأمة السورية هي وحدها صاحبة الـحق الطبيعي والشرعي في فلسطين، وأنه ليس لغيرها أن يقول الكلمة الأولى والأخيرة في مصيرها.
ليس لبريطانية أن تقرر مصير فلسطين، وليس لروسية أن تقرر مصير فلسطين، وليس لأميركانية أن تقرر مصير فلسطين، بل ليس لـمصر ولا للعُربة أن تقرر مصير فلسطين.
ليس من حق جمعية الأمـم الـمتحدة كلها أن تفرض على الأمة السورية مقررات تنزع سيادة الأمة السورية عن وطنها أو حقها في أرضها.
ليس لـجمعية الأمـم الـمتحدة كلها أن تتعمد إلغاء حق الأمـم الـحرة في تقرير مصيرها بنفسها!
إنّ جمعية الأمـم الـمتحدة هي جمعية الأمـم الـمحاربة التي انتصرت مصالـحها في الـحرب العالـمية الثانية ومن والاها. إنها ليست جمعية عالـمية ولم تنشأ بإرادة عالـمية في ظروف من تساوي الـحقوق فيما بين أمـم العالم. وإنها فوق ذلك جمعية منقسمة على نفسها ولا تكون وحدة إنسانية كلية. إنّ هذه الـجمعية لا تـملك حق تقرير مصير الأمة السورية ولا تقرير مصير جزئها الـجنوبي، فلسطين.
إنّ كل مقررات إنترناسيونية تخالف إرادة الأمة السورية وحقّها في تقرير مصيرها ومصير وطنها بـملء حريتها هي مقررات باطلة.
وإنّ عمل الـجامعة العربية ومقرراتها يجب أن تخضع أيضاً لهذا الـمبدأ عينه. فليس من حق الـجامعة العربية إلغاء سيادة الأمة السورية على نفسها ووطنها. وليس بحقيق لها إقرار ما ترفضه الأمة السورية أو لم يتح لها إعلان إرادتها الـحرة فيه في صدد مصيرها ومصير وطنها.
أيها القوميون الاجتماعيون،
إنني باسمكم أدعو اليوم إلى ما حالت الإرادات الأجنبية وأذنابها دون دعوتي إليه في الـماضي وما لا تزال تـحاول الـحؤول دون دعوتي إليه في الـحاضر:
إنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتـمر مستعجل تقرر فيه الأمة السورية إرادتها وخطّتها العملية في صدد فلسطين وتـجاه الأخطار الـخارجية جميعها.
إنني أدعوهم إلى الأخذ بنهضة قومية اجتماعية تغيّر وجه التاريخ وتـجعل إرادة الأمة السورية في الـحياة والتفوّق نافذة.
إنني أدعـوهم إلى نبـذ الـحزبيـات الدينيـة والتآويل الطائفية البغيضة، تلك الـحزبيات والتآويل التي أوّلت الدين تأويلاً فاسداً وقالت غير ما قال الله.
لقد قالت الـمسيحية بالتآخي ومحبة حتى الـمبغضين وبرفع الفوارق والـحزبيات الدينية، وقالت الـمحمدية بـمثل ذلك، وأهل الـحكمة الـموحدون مذهبهم الإخاء والـمحبة.
أيها السوريون،
ليس من سـوري إلا وهو مسلم لرب العالـمين. فاتقوا الله واتركوا تآويل الـحزبيات الدينية العمياء. فقد جمعنا الإسلام: منا من أسلم لله بالإنـجيل، ومنا من أسلم لله بالقرآن، ومنا من أسلم لله بالـحكمة.
قد جمعنا الإسلام وأيّد كوننا أمة واحدة فليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وحقّنا ووطننا غير اليهود؛ فلنكن أمة واحدة في قضيتنا الواحدة ونظامنا الواحد.
إني أدعو العالم العربي إلى تأييد سيادة الأمة السورية وحقّها في وطنها.
وإني أدعـو الدول الكبرى إلى احترام سيـادتنا وحقّنا في الـحياة والـحرية والاستقلال والسيادة.
وإني أدعو شعوب الدول السورية إلى الـمطالبة بإزالة نظام جوازات السفر فيما بينها وفيما بينها وبين فلسطين لكي يصير في مقـدور كل سوري - كل لبناني وكل شامي وكل عراقي وكل أردني - أن يدخل فلسطين كلما شاء ولكي يصير في مقدور كل فلسطيني أن يدخل كل دولة سورية بحرّية تامة كما هي الـحال بين لبنان والشام.
أيها القوميون الاجتماعيون،
أنتم جبـابرة هذه النهضة القـوميـة الاجتماعية التي تعلـن اليوم هـذه الـحقائق الـخطيرة في سَمْع العالم وبصره.
إنكم قد ثبّتم حق هذه النهضة العظيمة في التعبير عن إرادة الأمة السورية وفي صيانـة سيادتها وحقّها. ومنكم ينتظر تثبيت حق الأمة السورية في الـحياة والتفوّق. العالم يشهد أنكم كنتم بنّائين لاستقـلال لبنان والشام عن السلطة الأجنبية لتكون السيادة فيهما للشعب، وسيشهد العالم أنكم ستحررون بقية الـمناطق السورية من الإرادات الأجنبية والـمفاسد الداخلية!
إني قد وضعت هذه الـمهمة الأولى في نفوسكم واثقاً كل الثقة من أنكم أهل لتحقيقها ومن أنكم محققوها عاجلاً.
قد وضعت في هدوء خطّة العمل لإنقاذ فلسطين وهيأت جميع الترتيبات لإعلان النفير والتعبئة العامة لإخراج قضية فلسطين من هزل الاعتباط إلى جد النضال الـمخطط الـمصمم. فكونوا في مراكزكم!
أذكروا فلسطين والإسكندرونة وكيليكية وقبرص وسيناء!
ليحيى لبنان! لتحيى الشام! ليحيى العراق! لتحيى فلسطين! ليحيى الأردن!
لتحيى سورية!
2 نوفمبر/تشرين الثاني 1947
أنطون سعاده
[1] جاءت هذه الإتفاقية على شكل مذكرات وقّعت خلال نيسان-أيار 1916، إبان الـحرب العالـمية الأولى، للحصول على أجزاء من الإمبراطورية العثمانية بعد دحرها. وتبودلت بين بريطانية وفرنسة وروسية القيصرية، وعرفت فيما بعد بإسم مارك سايكس وجورج بيكو الـمتفاوضين عن الـجانبين البريطاني والفرنسي. وبـموجب الإتفاقية احتفظ القيصر لدولته باستنبول والأراضي الـمتاخمة لـمضيق البوسفور وأربع ولايات متاخمة للحدود الروسية في شرقي الأناضول. وفي 9 و16 أيار 1916 تبودلت في لندن مذكرتان، بين وزير الـخارجية البريطاني إدوار غراي والسفير الفرنسي بول غامبون، اتفقت الدولتان بـموجبهما على اقتسام سورية الطبيعية.
[2] وهي مجموعة الأسس التي نادى بها الرئيس الأميركي وودرو ولسن في إحدى خطبه عام 1918 لإنهاء الـحرب العالـمية الأولى، ومنها منح الـحكم الذاتي لأجزاء الإمبراطورية العثمانية غير التركية (بند 12) وإقامة عصبة الأمـم بند (14).
[3] عصبة الأمـم.