أيها القوميون الـمسؤولون،
عاملان رئيسيان يتصارعان ضمن النهضة القومية منذ نشأتها إلى اليوم: عامل قوة جبارة هو القوة الدافعة الـمعبر عنها باللغات الغربية dinamisme وهي القوة التي تـحرك وتدفع حيوية القوميين، وعامل ضعف مخيف وهو عدم توفر الإمكانيات الـمادية، الضرورية لتغذية هذه النهضة القومية العظيمة.
لقد اعتقد زعيمنا أن القوى الروحية هي ينبوع كل الـحركات الإصلاحية وأهواؤها لذلك قد اعتمد على روحيتكم الـمتوثبة لتحطيم كل ضعف كامن في نهضتكم.
إن استمرار العمل في منظمتكم، وهي تتغذى فقط من تضحيات أعضائها، لدليل على صحة نظرية زعيمنا الفلسفية، ولولا روح الانهزامية والاستسلام وفقدان الثقة بالنفس، هذه الروح التي تتفشى في شعبنا منذ مئات السنين وتـحطم كل فضائله القومية، لولا هذه الروح الشريرة لكان تـحول حزبكم إلى حركة مجتاحة تضم أكثرية الشعب وتبدد كل عوامل الفناء الفاعلة في أمتنا.
إن حزبنا اليوم لم يعد حركة إصلاحية منعزلة في الطبقة الـمثقفة، أنه أصبح حركة شعبية واسعة تدخل كل يوم متحدات جديدة وتتطلب جهوداً روحية ومادية جديدة، لذلك فإن غذاء الـحزب الـحالي سيفرض علينا، وعلينا فقط، تضحيات أصعب بكثير من الـماضي. إن عامل الضعف في مالية الـحزب يهددنا بتحويل كثير من قوانا الروحية والفكرية والشعبية إلى طرق أخرى بدوافع اليأس وطول الطريق الإصلاحية الوعرة!
وقد أشار الزعيم إلى ذلك بقوله:«إن طريقنا لطويلة وشاقة والضعفاء يستساقطون على جانبيها».
إن قول الزعيم هذا لا يقلل من ثقته بروحيتكم القوية التي لن تتراجع فإذا كان حسب حساب الضعفاء فإن ثقته كانت غير محدودة بالأقوياء.
حاشى أن تكون ثقة الزعيم عبثاً بكم وبالأمة.
إن العوامل الهدامة الـمتضافرة ضد النهضة القومية هي هائلة، ولكن ثقوا أن عناصر النهوض والتجدد في أمتكم ستتغلب، ولولا هذه الـحقيقة الواقعية لـما كنتم أنتم. ولكن عناصر النهوض والتجدد هي معادن ثمينة دفينة في أمتكم وعليكم، أنتم الـمسؤولين خصوصاً، أن تخرجوها من مكامنها وتـحسنوا استعمالها لـخير أمتكم!
إن النهضة القومية لا يـمكن أن تقوم على فضلات حياتنا!
إنها لن تدوم وتقوى إلا إذا غذيناها بعناصر أساسية من حياتنا! فإذا لم ننتزع كل يوم وكل ثانية قطعاً من حياتنا اليومية والعائلية ونقدمها غذاء للنهضة، فلن تتحول النهضة إلى خزان يغذينا جميعاً!
يقول الفيلسوف الاجتماعي:
«إن الجماعات تعيش على فضلات الأفراد»
وهذه النظرية الاختبارية ستبقى صحيحة إلى الأبد، لأنه مهما ارتقى الـمجموع فستبقى الـمساواة في التضحية نسبية يجب أن يعلم القوميون أن تضحيات النهضة ستفرض عليهم وعلى أمثالهم من أفراد الأمة.
إن القوميين وأمثالهم من الـمحبذين قد قرروا ألا يقبلو بحياة مجردة من الـحق والعدل والـجمال والقوة، لذلك تـحتم عليهم أن يتحملوا نفقات إيصال شعبهم إلى هذه الـمثل العليا الراقية!
تصوروا معي كم ينفق كل من القوميين على كماليات عيشه. فلو اقتصد هؤلاء الألوف عشراً بالـمائة في نفقات هذه الكماليات اليومية وخصص هذا العشر لـمساعدة النهضة لتمكن الـحزب من القيام بأعمال إصلاحية عظيمة.
جميل هو الإيـمان، أيها القوميون، بل على الإيـمان بالـحياة وبقوى الإنسان الروحية قامت وتقوم وستقوم كل الـحركات الإصلاحية، ولكن خطراً كبيراً يرافق الإيـمان إلى حالة تصوف كامن في داخل الشخص، يقنع بالأحلام والانتظار آل إذاً ذاك الإيمان إلى الـجمود، فالتحجر فالـموت!
الإيـمان يجب أن يكون قوة مهاجمة تدفع بنفسها إلى قلوب كل الـمواطنين الـمؤهلين لقبول رسالة النهضة القومية.
إن إيـماننا بنهضتنا هو صالح إذا دخل القلوب الـمخلصة وجمعها حول فكرة واحدة وإرادة واحدة وإلا كان إيـماننا باطلاً وحركتنا فاشلة.
إن إيـماننا القومي يقوم إذن على عملنا الـمتواصل وعلى تضحياتنا الـمستمرة لـجمع كل عناصر أمتنا السليمة من الأمراض الاجتماعية الـمستعصية حتى نتمكن من اجتياز الطريق الطويلة، الشاقة ونحقق ثقة الزعيم بأنه وأن سقط كثيرون على الطريق فهناك عمالقة سيقطعون الطريق كلها ويصلون إلى الغاية!