حضرة الـمنفّذ العام الـمحترم،
تسلمت كتابكم الـمؤرخ في 4 يناير/كانون الثاني الـحاضر وأخذت علماً بـمضمونه.
حالة الـمديريات التابعة لـمنفذية بوينُس آيرس: لـحالة التفكك والتضعضع الغارقة فيها الـمديريات الـمذكورة، كما يذكر كتابكم، أسباب منها العمومي ومنها الـخصوصي. ومن الأسباب التي نبّهت الإدارة السابقة إليها: إنصراف الـمتميزين عن العموم، عن العمل القومي الصحيح وتعهّد الأعضاء بالعناية إلى الاهتمام بالوظائف العالية والـمظاهر الاجتماعية. زد على ذلك التصرف الظاهر فيه الشذوذ عن السلوكية السورية القومية الاجتماعية وتقاليد نهضتنا الـمقدسة، من قِبل بعض الـمسؤوليـن في الـمنفذية، في عهد الـمنفذ السابق وبعده. فلم يـمكن رجال الإدارة إعطاء القدوة في الإيـمان الكلي بالنهضة السورية القومية الاجتماعية، والإخلاص كل الإخلاص لتعاليمها وخططها ونظامها، والعمل بروحيتها وتقاليدها الـجميلة، والتفاني في سبيل تنزيه العمل القومي الاجتماعي عن الشوائب، خصوصاً ما اختص منها بالغايات والـمآرب الـخصوصية. ولم يـمكنهم رفع الـمعنويات بأفعال تدعو إلى الإعجاب، كما حدث في الوطن حيث قام عدد كبير من الشبان، الـمعروفيـن والـمجهوليـن، بأفعال جميلة ألهبت الرفقاء بالـحماس حتى صاروا يتبارون في الـمكارم والفضائل فارتفعت الـمعنويات، وقيمة الأفعال الشريفة وتولّد في الـحزب رأي عام راسخ في الـمبادىء والأفعال.
في مواقف كثيرة ظهر من الـمتقدميـن تساهل وتراخٍ تـجاه خونة الـمبادىء وأعداء القومية. وفي الـمواقف الشديدة ظهر الـجبـن بأدلة وبراهيـن واضحة. ثم ظهر ما هو أسوأ من كل ذلك. ظهر عدم الاكتراث بالشذوذ والـخيانة. بل ظهر التواطؤ مع الـخونة والـمنافقيـن سراً واستمرار الصلات معهم حفظاً للمنافع الـخصوصية. وفي اجتماعاتي الأخيرة بكم ظهرت من البعض أدلة واضحة على عدم احترام السلطة العليا ومنشأ النهضة القومية الاجتماعية كلها، ولم يحدث ذلك أي استنكار أو ردّ فعل يعيد القيم إلى مواضعها. الـخلاصة أنه لا يوجد حرب بيـن التعاليم والـمبادىء الـجديدة وطرق الـحياة الـماضية الفاسدة الـمهلكة للمجموع، فتدنّى معنى العمل القومي الاجتماعي والـجهاد من أجل إيجاد نظام جديد يشرِّف الـحياة إلى حضيض قبول الـحالة الراهنة والتسليم بالأمر الواقع وترك الأمور تـجري في أعنّتها. وحيث لا قتال بين الـخير والشر، وحيث يجتمع الفساد مع الطهر، لا يوجد قضية مقدسة ولا إيـمان بقضية مقدسة ولا حماس من أجل تعاليم سامية مقدسة.
إني أقلت الـمنفّذ العام السابق ساعياً إلى تغيير الـحالة بقدر الإمكان. ولكن بقيت في إدارة الـمنفذيـة بقية استمرار للميعـان القديـم، ولا أزال أنتظر نشوء حركة جديدة من قِبل الـمنفّذ العام الـجديد ومن يعاونه لتأليف جبهة عمل جديدة وغربلة الإدارة في الـمنفذية وفي هيئات الـمديريات وفي مجموع الرفقاء التابعيـن للمنفذية. وأقول لكم إنه لا شيء غير حركة مثل هذه تكفل رفع الـمعنويات والتمسك بالقيم العالية. أما ترك الأمور تـجري في أعنّتها، وقبول كل عذر للخروج عن السلوكية القومية الاجتماعية الصحيحة، ومقابلة كل خرق لدستور حركتنا الـمناقبي والـمعنوي «بالتساهل» وعدم الاكتراث، فليست من الأمور التي تساعد على إنقاذ الـموقف واستعادة القيم التي أضاعها التراخي وعدم الـمبالاة وملازمة الـحياد تـجاه اختلاط الـحق بالباطل، نحن لا نتكلم بالـمعميات ولا بالألغاز.
ظهر مؤخراً عمل عمومي جديد قام به أحد الـمنتسبيـن إلى الـحزب السوري القومي الاجتماعي. وهو يحمل وظيفة إدارية هامّة في هيئة منفذية فرع بوينُس آيرس، فلم يبلغ علمي أنّ الـمنفّذ العام أو هيئة الـمنفذية اهتمت لهذا الأمر، وفتحت بحثاً أو مناقشة رسمية جدية في صدده ولا وردني من الـمنفذية تقرير أو رأي بشأنه. العمل هو إنشاء أو جمع عضو الـحزب السوري القومي وناظر إذاعة منفذية بوينُس آيرس، جواد نادر، كتاباً أسماه - تاريخ الـجهاد لأجل الـحرية والاتـحاد - «جمع مساعدات كثيرة من أعضاء الـحزب ومحبّذيه الذين تعرّف إليهم بواسطة الحزب» ومن خائنين مطرودين من الـحزب أمثال يوسف الغريب وإسبر حجار وحنا الـملوحي، من أجل تـمجيد ما أعلنت الزوبعة الشبه رسمية بطلانه مـما قامت به أحزاب الذل في الوطن وحلفاء الإرادات الأجنبية الذين وضعتهم تلك الإرادات عينها في مقام الـحكم في لبنان والشام. وهو حلقة في سلسلة غش الشعب بالأعمال الباطلة، وتثبيط همم قارئيه من الـمنضميـن حديثاً إلى الـحركة السورية القومية بإيهامهم أنّ «الـجهاد» قائم في غير الـحركة السورية القومية الاجتماعية، ويحملهم على الـموافقة على الأمر الواقع الذي أحدثته إحدى الإرادات الأجنبية. والكتاب يعرّض صاحبه، باعتباره عضواً في الـحزب السوري القومي ومقسماً يـمينه، للتّهم الأولية التالية -
1 - الـحنث بيمينه بخدمته غير أغراض الـحزب السوري القومي الـمعلنة فـي مبادئـه ودستوره.
2 - إستخدام مساعدات من رفقاء للقيام بعمل مخالف للخطة الـمرسومة التي تعمل بها الـحركة السورية القومية الاجتماعية، والتي يتحتم على كل عضو مخلص التقيد بها.
3 - إنشاء صلات ودية مع خونة الـحركة السورية القومية الاجتماعية الـمشهّرين، وقبوله مساعدات مادية منهم، مضحياً بـمبادىء السلوكية القومية الاجتماعية، إما من أجل منافعه الذاتية وإما من أجل غاية مشبوهة.
4 - إنكار الـجهاد الـحقيقي الوحيد في سبيل حرية سورية ووحدتها الذي هو جهاد الـحزب السوري القومي وحده.
5 - تـحبيذ الأحزاب والأشخاص التي ناوأت النهضة القومية الاجتماعية واتفقت مع الأجانب على محاربتها.
6 - إهمالـه أعمـال وظيفتـه للاهتمـام بأغراضـه الـخصوصيـة الظاهـرة بوضـوح فـي كتابه.
هذه بعض التّهم التي توجه إلى صاحب تاريخ الـجهاد لأجل الـحرية والاتـحاد ومع أنّ الـمسألة خطيرة ومن الطراز الأول في تاريخ أعمال منفذية الـحزب السوري القومي الاجتماعي عندكم، فلم أجد أنّ الـمسؤوليـن في الـمنفذية أعاروا هذا الأمر اهتمامهم، مع أنّ واجباتهم الأولية في وظائفهم تـحتم عليهم تناول هذا الـحادث بشعور قوي بالأهمية التي يستحقها من وجهة سلامة العقيدة السورية القومية الاجتماعية ووجهة الـمحافظة على السلوكية القومية الاجتماعية الصحيحة.
قضية مديرية كرالس: هي نتيجة عدم الـمحافظة على سلوكية قومية اجتماعية صحيحة وفاقاً لـمبادئنا ونظامنا، فقد سمح في الـماضي بخلط مسائل خصوصية غريبة بأمور الاجتماع القومي، وتولّد من ذلك خصومات ومنافسات وأحقاد كثيرة. ولست أوافقكم على أنّ رفع التوقيف عن جورج جروج الـمرتكب جنحة قبيحة اعترف بها أمام جمهور الرفقاء يحسّن حالة مجموع الـمنضميـن إلى الـحزب في حي كرالس. فلا ذنب جروج برّر ذنب الأفيوني، ولا ذنب الأفيوني بـملاحقته جروج يبرّئ هذا الأخير من ذنبه، والذين يطلبون تبرئة جروج بذنب الأفيوني يعملون بحزبية شخصية ضيقة لا تفيد القضية القومية الاجتماعية ولا مديرية حي كرالس. إبحثوا عن الذين يريدون ترك قضية ذنب جروج وذنب الأفيوني في يد القضاء القومي الاجتماعي والعمل بـموجب عقيدتهم ويـمينهم.
مديرية فرقمينة: في كتاب من منفذيتكم مؤرخ في 29 أغسطس/آب الـماضي رشّحتم الرفيق سليمان الـخالد لوظيفة الـمدير، وفي كتابكم الأخير ترشّحون الرفيق إبراهيم جروج. فأكلفكم بطلب رأي الرفقاء الآتية أسماؤهم - إبراهيم جروج، سليمان الـخالد، علي حسن، أنطون كدر، جورج إبراهيم (نبيه)، على أن يكون الطلب من كل منهم بكتاب خاص من ناموسية الـمنفذية إليه ذي صفة رسمية على أن يعطي جوابه وحده. وبعد حصول الأجوبة ترسل إليّ بعد نسخها في الـمنفذية مع رأي الـمنفّذ العام.
مديرية فالرمو: تعتبر هيئتها منحلّة بحكم عدم القيام بوظائفها.
مديرية واحدة لـمدينة بوينُس آيرس: الاقتراح حسن وموافق للحالة الـحاضرة ولكن من يكون الـمدير وأعضاء هيئة الـمديرية؟ إنّ بعدي وانقطاع احتكاكي بأعضاء بوينُس آيرس لا يـمكناني من اختيار الرفقاء اللازميـن. فإما أن تدرسوا الـحالة وتقترحوا الـحل، وإما تأجيل الـمسألة إلى فرصة أخرى لـحين زيارة مقبلة أقوم بها لبوينُس آيرس.
قضية جواد نادر وعمله وكتابه: هذه القضية قد نبّهتكم إليها وإلى واجبكم فيها، ليس لتجعلوني أنا الـمحرك الوحيد لها، ولتقفوا تنظرون كيف سيجري الأمر بيني وبيـن صاحبها، بل لتعيّنوا موقفكم الشخصي وموقف الناموس الشخصي وموقف ناظر الـمالية الشخصي منها أولاً، ثم لتقوموا أنتم بالـمطالبة بـما أنتم مسؤولون تـجاه العقيدة والقانون عن الـمطالبة به. فإذا قررتـم فتح القضية في جلسة رسمية فهيئوا الأسباب ونبّهوا الأعضاء لكي لا يؤخذوا على حين غرّة وتأخذهم الدهشة والـحيرة نظراً لضعف ثقافتهم وحاجتهم إلى الإرشاد. ثم اعقدوا الـجلسة واطرحوا الأسئلة الـمرتبة على صاحب العمل الـمنافي للعقيدة السورية القومية الاجتماعية ونظام حركتها ووحدة عملها وسيرها. ودوّنوا محضر الـجلسة بكل دقة على الطريقة التي أعطيتكم مثلاً لها في مناسبات سابقة.
هـذا الكتـاب هـو لإطـلاع حضـرة الـمنفّذ العــام ونامـوس الـمنفذيــة فقـط. ولتحيـى سورية.