حضرة مدير فرع توكومان،
منذ نحو ثلاثة أشهر ونيف أرسلت إليكم نسخة من كتاب مسهب موجه إلى أحد الـمنفذين العاميـن يشتمل على خلاصة الصلاحيات والـمسؤوليات والأنظمة الـمختصة بالـمنفذيات والـمديريات. وكان الغرض من إرسالها إليكم إيقافكم على الواجبات التي يترتب عليكم القيام بها والـمسؤوليات التي عليكم تـحمّلها، كما على الصلاحيات التي يحق لكم مـمارستها.
ومن مراجعتكم النسخة الـمذكورة يتضح لكم أنه يترتب عليكم رفع تقرير كامل مفصّل بالأعمال والـمشاريع التي قمتم بها، فضلاً عن الاجتماعات التي عقدتها مديريتكم والأبحاث التي دارت فيها،وعدد الـجلسات التي عقدتها هيئة الـمديرية والأمور التي تناولتها بالنظر والبتّ، ومجموع الـجباية والشؤون الـمالية والإذاعية وغيرها. ويجب، أيضاً، أن يشتمل التقرير على ذكر كل ظاهرة روحية أو غيرها بدت في مجموع الـمديرية.
وقد استغربت أنه حتى الآن لم يردني، حتى ولا علم وخبر بتسلّمكم النسخة الـمشار إليها وعزمكم على تطبيق الأحكام الواردة. وقد مر على تأسيس مديريتكم سنة وبضعة أشهر، وحتى الآن لم يردني تقرير مفصّل يوقفني، أو يوقف أي مرجع أعلى، على حالة مديريتكم من الوجهات الروحية والإدارية والإذاعية والـمالية والعملية. وكنت أتوقع أن أجد، حال عودتي من كوردبة، تقريراً عن مديريتكم وأحوالها عملاً بواجبات وظيفتكم. وها الأيام تـمرّ تباعاً وأنتم في توكومان في شبه حصار أو في حالة إهمال أو فوضى. وهذه الـحالة يجب ألا تستمر طويلاً.
بلغني أنكم، أو بعض أعضاء هيئة الإدارة عندكم، تسألون لـماذا لا يجيب الزعيم على كتاب أو كتابيـن أرسلا من عندكم. فأفيدكم أنه ليس متوجباً على الزعيم أن يجيب على كل سؤال أو كتاب يرسله إليه مدير. وإنه يجب على الـمدير تنفيذ ما يرده من التعليمات والتوجيهات بدون تردد، إلا إذا منعه مانع لا سلطة له هو عليه.
وأفيدكم، فوق ذلك، أنه ليس من شأن مكتب الزعيم الاهتمام بشؤون الـمديريات. فهذه يهتم بها الـمنفّذ العام وهيئة الـمنفذية، ولتعذّر وجود الأشخاص الـمؤهليـن لهذه الوظائف هنا كان مكتب الزعيم يهتم، ما أمكنه، بتلبية مطاليب الـمديريات الهامّة وتعهّد أهم حاجاتها بقدر ما تسمح شؤون مكتب الزعيم في ظروفه الـحاضرة وصحة الزعيم.
وبلغني أيضاً أنّ بعض الأعضاء في مديريتكم أخذوا يهتمون ويضجون لـخبر وردهم يتعلق بحياتي الـخصوصية، وهذا أمر خطير جداً أتعجب من سكوتكم عليه تـجاهي، وأنا قد وضعت ثقتي بكم. فأنا أريد أن أعرف مَنْ من الأعضاء أو من الناس له أي شأن في حياتي الـخصوصية، ومَنْ من الـموظفين الـمسؤوليـن تـجاهي له أي حق في التدخل في شؤوني أو في شؤون مكتب الزعيم.
ليس في وسعي اعتبار ما يجري في توكومان من الـمخالفات للقانون ومن إهمال الواجبات القانونية ومن الاهتمام بـما لا يعني أحداً، لا من الوجهة القانونية ولا من الوجهة الـحقوقية ولا من الوجهة الشخصية. وقد أرسلت إلى أحد أعضاء هيئة مديريتكم، الـمذيع، جبران مسوح جواباً على كتاب أرسله إليّ يقول فيه: «إنّ خبر خطبة الزعيم أوجد هزة بيـن أعضاء توكومان» وأشرت في كتابي بوجوب عقد اجتماع عام مستعجل لـجلاء الـموقف. وأستغرب أنه حتى الآن لم يعمل بإشارتي، ولـمّا كان الـموقف يتعلق بيميـن العقد الـحزبي وبالقانون وجاوز كل حدود حتى بلغ إلى كرامتي الشخصية بصفتي رجلاً حراً قبل كل شيء، فإني أطلب منكم رفع تقرير مستعجل إليّ يوقفني على جلية الـحالة عندكم وعلى موقف كل عضو من أعضاء مديريتكم. وإذا كان ذلك ليس بإمكانكم فأريد أن أعرف هذا منكم في مدة لا تتجاوز أربعة أيام على تسلّمكم هذا الكتاب، أي أن تكتبوا إليّ ضمن هذه الـمدة.
واقبلوا سلامي القومي ولتحيى سورية.