الرفيق جورج بندقي،
ما كدت أفتح سورية الـجديدة وأجدها خالية من صورة البلاغيـن حتى صعد الدم إلى رأسي. لم أعد أدري ما هي اللغة التي يـمكن بها إفهام الرفقاء الـمعاونيـن. وقد وجدت في كتابك الـمؤرخ في 18 يوليو/تـموز الـجاري بلادة عظيمة.
إني طلبـت في برقيتـي الأولـى التثبـت من أنّ البلاغيـن وصـلا، لأنـي أرسلتهمـا غيـر مسجليـن وخشيـت أن يفقـدا كغيرهمـا في الـمـاضـي. وطلبـت نسخـاً بالبريـد الـجـوي، أي نسـخ العـدد الـذي يصـدران به ولـم أستعمـل كلمـة Exemplares سهـواً. وعـلى افتـراض أنـي طلبـت نسخـة خطيـة فمـا شأنـك أنـت في تقديـر الأسبـاب التي دعتنـي لطلبهـا، فأنـت لسـت شريـكي في الإدارة، وليـس لـك حـق ترجمـة التعليمـات أو تـأويلهــا. وأنــا لو أردت تأجيــل النشــر لـمـا طلبـت الاستيثـاق من الوصـول بـل لقلـت "Adias Publicacás Communicados" فقـط، ثـم كنـت أرسلـت بالبريـد أطلـب مـا أريـد، ولكنـي قلـت: «أخبرنـي عـن وصـول البلاغيـن. أرسـل إليّ نسخـاً بالبريـد الـجـوي» وليـس في ذلـك إشـارة إلى تأجيـل النشـر، ولـم يـكن مـن واجبـك ولا من حقـك محاولـة الاشتـراك معـي في تقديـر الأمـور. ثـم عنـد ورود برقيتـك بطلـب التثبيـت أرسلـت برقيـة أثبـت فيهـا وجـوب النشـر وأطلـب نسخـاً بالبريـد الـجـوي. ومـن الآن إلى خمسيـن سنـة لـن أتـمـكن من حـل اللغـز العقلـي الـذي حملـك على تأجـيل النشـر وإلـحـاق هـذا الضـرر بالقضيـة.
إنّ لغة البرقيات تكون مختصرة ولا يحسن إنفاق مبلغ خمسيـن أو مئة «باسس» (ريال أرجنتيني) للاستعلام عن وصول بلاغيـن، وطلب إرسال نسخ بالبريد الـجوي مع شرح مسهب يبيّـن أنّ طلب إرسال النسخ لا يعني وجوب أو جواز توقيف النشر. فالـمسألة بديهية ولا دخل لطلب إرسال نسخ بـمسألة النشر.
وقد خشيت أن لا تعود تنشرهما في العدد الـمقبل السادس والسبعيـن، فأرسلت رسالة برقية ليلية مسهبة أطلب فيها نشر البلاغيـن، ونشر الرسالة الـمرسلة في البريد الـجوي الأخير[1]، وطبع 200 نسخة زيادة وإرسالها إليّ. والرسالة تتضمن خبر تأليف الـجمعية السورية الثقافية، وخبر طرد خالد أديب من الـحزب. وقد أكون جعلت التاريخ للرسالة «في 13 يوليو/تـموز» والصواب 21 يوليو/تـموز فإذا لم تظهر الرسالة بهذا التاريخ يجب الإشارة في العدد الذي إليه [يليه] إلى أنّ تاريخ الرسالة كان 21 يوليو/تـموز، ولكن وضع تاريخ 13 يوليو/تـموز غلطاً.
سورية الـجديدة: إني كنت أعلم قبل إصدار الـجريدة نوع الـمشاكل التي ستتعرض لها باعتبارها جريدة ذات رأي وتـمت إلى الـحركة القومية. ولذلك فكرت في إنشاء مجلس إداري لها يدرس مسائلها ويكون على صلة بالإدارة القومية لتلقي التعليمات والتوجيهات الـمفيدة. ولكن الأنفُس، على ما يظهر، غير مستعدة لفهم هذه الـحقيقة وضرورة تـحقيق هذه الفكرة. ولانعدام عمل الـمجلس الإداري لم يـمكن إيجاد التوافق والتجانس العملي بيـن الـجريدة والعمل القومي، وهكذا تصطدم إدارة الـجريدة بالفتور القومي في الأوساط، ولا تـجد الـمناصرة اللازمة والإقبال الـجدي السريع. ولقد كان لـمنع توزيع مبادىء الـحزب، وشلل العمل القومي عندكم، التأثير الكبير على موقف الـجريدة من القُراء وموقف القُراء من الـجريدة. إنّ الـجريدة مشروع تابع للحركة، فإذا لم تنمُ الـحركة ظلت صعوبات الـجريدة عظيمة. وقد وافق صدور الـجريدة حصول الأزمة السياسية، ثم وقوع الـحرب، وتوقف الاتصال بالوطن وبعض فروع الـحزب في الـخارج. إنّ جميع هذه الأسباب تـحتاج وجود هيئة تدرس وسائل تنشيط الـحركة والتغلب على الصعوبات. لا تلقوا آذانكم إلى الدعايات. يجب نشر البلاغيـن ونشر رسالة الأرجنتيـن الأخيرة في أول عدد. وإذا كانتا لم تنشرا وتـم طبع العدد، ولم تفهم البرقية الـمسهبة الـمرسلة إليك بوجوب نشر البلاغيـن والرسالة، فأطلب تأجيل توزيع العدد وإعادة طبعه مع البلاغيـن والرسالة، لأنّ ظهورهما قد أصبح ضرورياً جداً، والضرر الذي حصل حتى الآن من تأخير نشر البلاغيـن عظيم جداً. ولتحيى سورية.
بعد: ستندهش من لهجة هذا الكتاب التي لم تكن تتوقعها، إذ لم تقصد سوى الـمفيد. ولكن هذا سيكون أول درس لك في ألا تقصد شيئاً غير مطلوب قصده، أو غير مخوّل التدخل فيه. ففي الشؤون الـمتعلقة بأوامر الزعيم وأعمال مكتبه توجد دقة لا تـجيز لغير الـمسؤوليـن التدخل فيها، مهما كان القصد من هذا التدخل. فيجب أن تتعلم ذلك.
ما زلت قد فتحت مسألة الـجريدة رأيت أن أضيف أنّ الكتاب الـمطبوع الذي توزعه الإدارة على الـمشتركيـن هو عمل إذاعي حسن، ولكنه لا يغني عن العلاقات الشخصية، وهذه لا يـمكن أن تأتي بـمجرّد مراسلة بعض الأدباء والوجهاء وتـحقيقها يقتضي مرونة وحنكة ومثابرة وتـجوالاً شخصياً لـحصول الاحتكاك الشخصي والتعارف الـمكيـن، وغير ذلك، ولا تنسى أنّ سياسة الـجريدة في نشر صور الـجيش الألـماني فقط وفتوحات الألـمان، ليست منطبقة على تعليماتي وتوجيهاتي الـمرسلة إلى مجلس الإدارة، ومـما لا شك فيه أنّ الكثير من السورييـن يعدّون ذلك دعاوة لألـمانية، وهي شيء لا يجلب مشتركيـن جدد للجريدة، فيجب الاعتدال الشديد في هذا الباب خصوصاً مسألة الصور.