حضرة الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود [أسد الأشقر]،
لم يخطر في بالي قط أنكم تستعملون العشرين استرلينية التي وردت من منفذية الشاطىء الذهبي لتغطية نفقات سفركم، أو تـحملونها معكم، خصوصاً والزعيم باقٍ ومعه مرافق وليس معه سوى سبعيـن باسس أرجنتينياً، وقد قارب الشهر نهايته، ويترتب عليه دفع أجرة محل إقامته وغسيل فضلاً عن نفقات أخرى ضرورية كالبريد الـجوي والتنقل في الـمدينة وغير ذلك. لقد خطر لي أن أذكّركم بهذا الـمبلغ قبل سفركم وسهوت عن ذلك في آخر ساعة، ولكني لم أكن أنتظر قط هذا التصرّف في هذا الـموقف الدقيق بعد حادث البرازيل وما جرّه من ذيول لا من الوجهة الـمناقبية الـمعنوية ولا من الوجهة القانونية.
إني أضرب صفحاً من الوجهة الـمناقبية وأتناول أمر هذا الـمال الـحزبي من الوجهة القانونية فقط، فأذكّركم إبدائي استغرابي لوصول هذا الـمبلغ من منفذية الشاطىء الذهبي بناءً على طلبكم بصفتكم الناموس الأول لـمكتب الزعيم في أثناء الرحلة، وعدم موافقتي على هذا الـحادث، ولم أشأ في ذلك الوقت أن أزيد حراجة حالة مرافقيْ الزعيم بعد نكبة البرازيل وفي وجودهما في بوينُس آيرس بتوليد ضغط جديد في هذه الناحية فاكتفيت بـملاحظتي الـمشار إليها. وكنت ظننت أنّ العناية بتأميـن موقف الزعيم ومركزه هي التي دفعتكم إلى خرق القوانيـن وطلب تـحويل مال جباية بعض الـمنفذيات إلى مكتب الزعيم، ولكن تصرّفكم الأخير باستبقاء هذا الـمال في حوزتكم أو بتصرّفكم به قضى على هذا الظن.
قد تقولون إنّ لكم مبرراً لهذا التصرف، وهو أنكم دفعتم من مالكم الـخاص مبلغاً لا أعرفه تـماماً في بوينُس آيرس، والراجح أنه يزيد على الـمبلغ الذي تصرفتم به من مال الـحزب، فأقول إنّ تصفية شؤون الرحلة الـمالية لا يـمكن أن تـحدث بهذه الطريقة، وهذا وجه واحد من هذه الـمسألة، والوجه الآخر وهو الأهم، هو كيفية نقل أموال حزبية والتصرف بها بصورة غير قانونية. فإنّ تـحويل منفذية الشاطىء الذهبي أموالها الـمجبية إلى مكتب الزعيم بناءً على طلب ناموس في هذا الـمكتب هو عمل مخلّ بالقانون الـمالي والقوانيـن الإدارية، فليس لناموس في مكتب الزعيم أو في مكتب عمدة أو في أية إدارة حزبية سلطة إدارية تخوّله إصدار تعليمات إدارية في الشؤون الـحزبية، وفي حالة مالية لا يحق لغير عميد الـمالية نفسه إصدار تعليمات بنقل أموال أو تـحويلها بناءً على اضطراريات الـموازنة الـمقررة وكيفية الصرف، أو بناءً على قرار مجلس العمد الـمصدق من الزعيم. والزعيم وحده بصفته مرجع السلطتيـن التشريعية والتنفيذية له حق اتخاذ قرارات تنقل أموالاً بصورة استثنائية لأسباب ترجع إلى تقدير الزعيم وحده الذي يعلنه في الظرف الـمناسب. وبعد وصول الـمال إلى مكتب الزعيم أصبح تـحت أمر الزعيم الـمطلق ولم يبقَ لـموظف سابق في مكتب الزعيم حق الاطلاع عليه، فضلاً عن الاحتفاظ به واستعماله. قد تقولون إنكم ذكرتـم عرضاً شيئاً عن الـحالة الـمالية. فأنا أذكر أنكم قلتم عبارة غامضة مثل هذه - «لم يبقَ معنا مال إلا ما يكفي بالكاد لتغطية نفقة السفر» أي سفركم. فأنا لا يسعني مطلقاً أن أعدّ هذه العبارة تبليغاً لي، إنّ مبلغ الـمال الـحزبي الذي تسلمتموه قد اندمج بـمالكم الـخاص، وإنّ هذه العبارة تطلق على مالكم الـخاص والـمال الـحزبي معاً، بدون استشارة وبدون موافقة مرجع له الصلاحية.
والظاهر من تصرّفكم أنكم أغفلتم معرفة أنّ اعتبارات مركز الزعيم في رحلة الزعيم تأتي قبل كل الاعتبارات الأخرى مهما كان نوعها. وإنّ هذه الاعتبارات تراعى في زمن الشدة بدقة أكثر مـما في زمن الرخاء.
ومع أنه لم يوضع قبل القيام برحلة الزعيم أي تصميم مالي يعيّـن مصادر النفقة، فإنكم تطوعتم لـمرافقة الزعيم بدون شرط مالي على الإطلاق، عالـميـن أنّ الزعيم نفسه لا يـملك مالاً للإنفاق. وفي جلسة 28 مايو/أيار الـماضي التي عقدتها معكم ومع الأميـن [خالد] أديب بصفتكما ناموسيـن لـمكتب الزعيم لغرض النظر في شؤون الرحلة والـموقف الـجديد أعلنتم تـحمّلكم نفقة الـماضي ونفقتكم الـخاصة لـمتابعة الرحلة. وكان أنكم تـحملتم فوق هذه النفقة ودفعتم لبعض الضروريات ولكن ذلك كان بسبب الـحالة الشاذة الـمتولدة من حادث البرازيل. وهذا يعني أنّ تصفية مسألة الرحلة لا تزال معلقة. ومهما يكن من شيء فبافتراض أنه قد صار لكم دين على الـحزب، فإنّ تصفيته لا تكون باستعمال الـمبالغ الـحزبية التي تقع تـحت يديكم، بل بتقديـم لائحة بالدين لتحصل على الـموافقة ولتبتّ دائرة الـمالية بكيفية تسديده، بإدخاله في باب النفقات من الـموازنة.
إنّ هذا الـخطاب الـموجّه إليكم هو موجّه بصورة رسمية، لا شخصية، وفي قضية قانونية كادت تورط مقام زعامة الـحزب السوري القومي ورطة لا يـمكنكم تقدير مدى نتائجها. والفضل في إنقاذ الـموقف يعود إلى برقية الأميـن [خالد] أديب إلى أخيه.
فبناءً عليه أطلب منكم تبليغ منفذية الشاطىء الذهبي أنّ عملها بتحويل مال عائد إلى خزانة الـحزب العامة إلى دائرة أخرى من دوائر الـحزب بدون أمر من عميد الـمالية أو من الزعيم هو غير قانوني، وأني أعدّه مخالفة. وأكتفي الآن بتسجيل ذلك لعدم وجود حاجة إلى غير تدبير باعتبار التقديرات التي من أجلها صار التحويل.
وأطلب منكم أيضاً أن تتبلغوا أني أعدّ طلب الناموس الأول لـمكتب الزعيم أثناء الرحلة من منفذية الشاطىء الذهبي تـحويل الـمال الـمجبى إلى مكتب الزعيم غير قانوني ومخالفة، وكذلك أعدّ تصرّف الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود بـمبلغ من الـمال حُوِّل إلى مكتب الزعيم.
وكنت قد طلبت منكم قبل سفركم مراسلة الفروع لتأميـن نفقة رحلة الزعيم إلى الـمكسيك، فليكن واضحاً لديكم أنّ ما أعنيه هو أن تهتم هذه الفروع بـمساعدة صندوق الرحلة من التبرعات وواردات مختلفة مع عدم مس الـمال الـمجبى لـخزانة الـحزب العامة، إذا أمكن، أي ألا يلجأ إلى تـحويل مبالغ مجبية لـخزانة الـحزب إلا لعدم وجود إمكانية أخرى.
وفيما يختص بتنظيم جباية الفروع عبر الـحدود ودفع الـمال عن طريق الوكالة العامة، أطلب تقديـم اقتراح رسمي بذلك مع بيان الأسباب، لأنه لا عبرة قانونية بالـموافقة الشفوية الـمبدأية. ولتحيى سورية.