صادرة رقم ر ج 4
حضرة الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود،
أعلنت في كتاب سابق تسلّمي بيانكم العام، الذي تضمنونه منهاجكم للوكالة العامة لـمكتب عبر الـحدود. ولـمّا كانت حالة فروع الـحزب السوري القومي في الـخارج تتطلب السرعة في تنظيم علاقاتها والاهتمام بشؤونها وشؤون القضية السورية القومية بين السورييـن الـمقيميـن عبر الـحدود، وهو في صدر الأسباب التي دعتني إلى إنشاء الوكالة العامة لـمكتب عبر الـحدود، رأيت أن أنظر في بيانكم ومنهاجكم وأجيبكم عليه مضمناً الـملاحظات والتوجيهات التي أراها ضرورية لعملكم ولـمقتضيات الـحال.
الـمقدمة: إنّ مؤسسة «مكتب عبر الـحدود» الـمنشأة خصيصاً للعناية بنظام السورييـن القومييـن عبر الـحدود وشؤونهم وعلاقتهم بحزبهم، وللاهتمام بالسورييـن الـمقيميـن في الـخارج، وإذاعة مبادىء النهضة السورية القومية بينهم وإيقاظ وجدانهم القومي، أُنشئت في ظروف الصدام الأولى العنيف بين الـحزب وأعداء نهضته. وكانت مهمة من أسندت إليه رئاستها شاقة، إذ لم يكن هناك عمل سابق في هذه الناحية أو معلومات متوفرة أو مراسلات ووثائق يصح الاستناد إليها. كل ما كان هنالك عنوانات قليلة لعدد من الأعضاء الذين تركوا أرض الوطن، وعدد أقلّ من رسائل بعض هؤلاء. والسبب في هذا النقص الأوّلي أنّ أعضاء كثيرين تركوا أرض الوطن غير حاصليـن على ثقافة عمومية كافية، أو على الثقافة القومية الراسخة والتربية النظامية الوافية وذلك بحكم الوقت القصير الذي مر على نشوء الـحركة السورية القومية التي جاءت الشعب السوري بتعاليم وأنظمة لا عهد له بسابقة لها. من هذه الـمواد الأولية القليلة كان يجب أن تنشأ مؤسسة مكتب عبر الـحدود بصورة تنفيذية وتبتدىء عملها العظيم. ولكن الصفات الروحية والثقافية التي امتاز بها من عهد إليه جعل هذه الـمؤسسة مركز قوة للحركة السورية القومية ذللت الصعوبات الكبيرة، فأذيعت بيانات خصوصية وفي بعض صحف الـمهجر تعلن للسورييـن القومييـن وجميع السورييـن الـمقيميـن في الـخارج وجود مكتب عبر الـحدود وكيفية الاتصال به. واستحصلت إدارة الـمكتب على عنوانات لشخصيات سورية مقيمة عبر الـحدود وراسلتها، وراسلت عدداً من الصحف في الأميركتيـن، واتصلت ببعض الـمفوضيـن بالدعاوة عبر الـحدود، ونظّمت علاقاتهم، وبهذه الطريقة أمكن تنظيم بعض الفروع في الـمهجر والوصول إلى بعض نتائج روحية ومادية. والوقوف على تفاصيل ما قام به مكتب عبر الـحدود، منذ تأسيسه، بالوسائل الـمحدودة جداً التي كانت له يظهر القيمة الكبيرة للمجهود الذي بذله فرد واحد تولى جعل هذه الـمؤسسة عنصراً فاعلاً، والنتيجة الأولية الكبيرة التي حصلت من هذا الـمجهود الذي بذله فرد إلى جانب عمله اليومي الذي يستغرق معظم وقته. فهذه «العلاقات الابتدائية البسيطة» كلّف إيجادها عملاً شاقاً مستمراً. وطبيعي أن تكون النتائج الأولى لهذه الـمؤسسة الـمنشأة حديثاً نتائج «إبتدائية». ولكن هذه «العلاقات الابتدائية» قد أصبحت أساساً يـمكن البناء عليه. ولقد تعرضت مؤسسة مكتب عبر الـحدود لتقلبات الظروف والأشخاص في تلك الأطوار الأولية الـحرجة. ولكن ليس هذا فقط كل ما تعرض له هذا الـمكتب، بل هو قد تعرض أيضاً لنتائج تولي أفراد ضعاف الثقافة السياسية مسؤوليات الإدارة والإذاعة لبعض الفروع. وهذا ما لم يكن للمكتب طاقة على تلافيه، لأنه مضطر للقبول بالـحالة الراهنة. ولقد تناول عمل مكتب عبر الـحدود الأول تنظيم القومييـن في مصر وأفريقية الغربية والولايات الـمتحدة والـمكسيك فضلاً عن الاتصال، ما أمكن، بالقومييـن الذين كانوا يفاجئون الـمكتب بـمغادرتهم الوطن دون أن يعطوه مهلة لتزويدهم بـما يلزم. هذا من الوجهة الداخلية. ومـما لا شك فيه أنه كان ينقص مكتب عبر الـحدود الـجهاز الإداري الكافي للاهتمام بالشوارد و«الـمبعثرين» وتعييـن أماكنهم على الـخارطة وقربهم من بعض فروع وغير ذلك من الأمور التكنيكية. وكانت الإدارة الـمركزية تشعر بهذا النقص وتنتظر أن يـمكّنها نـمو الـحزب من تلافيه. ومن هذه الناحية يجب إعطاء ضعف اليقظة القومية والاستعداد النظامي والعملي عند هؤلاء «الـمبعثرين»، الذين عليهم هم أن يعملوا على تسهيل مهمة مكتب عبر الـحدود، ويهتموا بالاتصال بالفروع الـمنظمة، ولا يكلّفوا الـمكتب مؤونة البحث عنهم وعن مواقعهم، وهو لا يزال في طوره التأسيسي، نصيبه الصحيح من الـمسؤولية في وجود الـحالة الـحاضرة الداعية إلى معالـجة سريعة.
إنّ عدم اطلاعكم على سجلات مكتب عبر الـحدود ومستنداته ووثائقه لا يخوّلكم إعطاء فكرة صحيحة عن هذه الـمؤسسة وعملها الكبير أو انتقادها. وحين النظر في حالة السورييـن القومييـن عبر الـحدود لا يـمكن قصر النظر على أعمال مكتب عبر الـحدود، لأنّ العمل القومي ليس مقتصراً على ما تبذله الـمؤسسة، بل يتناول فاعلية جميع القومييـن الذين أنشئت الـمؤسسة لتنظيم علاقاتهم وأعمالهم وفاعليتهم وتوجيهها. فإذا كان هنالك عدد من القومييـن «تبعثروا» لضعف يقظتهم القومية وكوّنوا مشكلة صعبة لـمؤسسة نشأت حديثاً، ولا يزال ينقصها شيء كثير من الوسائل وعدد من الـمتخصصيـن، فليس السبب «عدم عناية الـمكتب بهم» بل هو نقص الـجهاز الإداري للمكتب من جهة ونقص الـحيوية القومية، التي هي شيء أساسي، عند هؤلاء «الـمبعثرين» من جهة أخرى. فالـمساعدات التي تـمكن مكتب عبر الـحدود من الـحصول عليها من قومييـن عبر الـحدود قليلة جداً لا تقاس بالـمشاكل والـمصاعب التي ولدها تبعثرهم وانعزالهم وجمودهم.
وحيـن النظر في أعمال مكتب عبر الـحدود يجب ألا يغفل أمر الـملاحقات والتحريات التي يتعرض لها الـمسؤولون في الوطن، ووجود حالة صعبة محفوفة بالـمخاطر والـمخاوف تشلّ إمكانيات نظامية وإدارية كثيرة.
إنه نظراً لـحالة السورييـن القومييـن عبر الـحدود، وللشؤون والـمشاكل الكثيرة التي تتطلب عناية واهتماماً مستمرين من قِبل مكتب عبر الـحدود، أنشئت الوكالة العامة لهذه الـمؤسسة التي هي الآن فرع لها وأسندت إدارة هذا الفرع إليكم، فأصبحتم جزءاً هاماً من جهاز مكتب عبر الـحدود الإداري، ولكم صلاحيات واسعة لتنظيم فاعلية الـحركة السورية القومية عبر الـحدود وتغذيتها وتقويتها، وعليكم مسؤوليات كبيرة عن نظام مؤسسة مكتب عبر الـحدود وفاعليتها.
سرّني ما وقفت عليه في بيانكم من الـملاحظات الدالة على إدراككم حالة القومييـن عبر الـحدود واحتياجاتهم وتنبهكم لـخطر الإهمال على معنوية الـحركة السورية القومية. وأقدّر أنّ عملكم في مكتب عبر الـحدود سيأتي بنتائج هامّة تضاف إلى النتائج الكبيرة التي حققها مكتب عبر الـحدود حتى الآن، لا سيما وأنكم ستعملون في جو هادىء بعيد عن الـملاحقة والاضطهاد وستكرسون من الوقت ما لم يكن باستطاعة الذين عملوا في إدارة مكتب عبر الـحدود تكريسه وأنكم حاصلون على علاقات ابتدائية هي، على بساطتها الظاهرة لكم من الـمعلومات الناقصة التي عندكم، أساسية وهامّة جداً، لأنها توجد نقطة الابتداء لكم فهي كأهمية الصفر العظيمة في الأعداد والـحساب. وأنتم تفتقرون إلى معلومات عن علاقات مكتب عبر الـحدود لتصبح فكرتكم عن عمله أوضح وليسهل عليكم تنفيذ مهمتكم. وهذه النقطة كان يجب أن يكون لها محل في برنامجكم الـمعلن في بيانكم.
برنامج أعمالكم: دلّني اطلاعي على «برنامج أعمال الوكالة العامة» الـمدرج في بيانكم الـمذكور على أنّ هذا البرنامج تناول مسائل فرعية وشكلية ووقتية من غير أن يتقدم هذه الـمسائل بتعييـن خطة أساسية تدل على إدراك الـمسائل الأساسية وطبيعتها في العمل الإداري. فقد كان منتظراً، بعد حصول فكرة عامة عندكم عن حالة السورييـن القومييـن عبر الـحدود واحتياجاتهم ومركز الـحركة السورية القومية في الـمهاجر، وبعد شعوركم بـما يُطلَب من مؤسسة مكتب عبر الـحدود، وبعد تولّيكم الوكالة العامة لهذه الـمؤسسة، وقيامكم بحمل قسط كبير من عملها بـمعالجة هذه الـحالة والاحتياجات مباشرة، أن تنظروا في تأسيس مكتبكم الـجديد وعلاقاته ومهمته الرئيسية وخطته الأساسية. كان يجب أن يبدأ البرنامج بهذه الـمسائـل الرئيسية ويتدرج منها إلى الفرعية، فيتناول: 1 - إدراك مهمة الوكالة العامة من معرفة حالة القومييـن والـحركة القومية عبر الـحدود. 2 - إدراك الـحاجة إلى ربط الوكالة العامة بـمرجعها التسلسلي الذي هو رئاسة مكتب عبر الـحدود وإيجاد الاتصال الوثيق بهذا الـمرجع، والاستحصال منه على الـمعلومات والنصائح والتوجيهات اللازمة لتحقيق مهمة الوكالة العامة. 3 - الابتداء بتعييـن فروع مهمة الوكالة العامة الرئيسية بإيجاد قواعد عامة أساسية تسير عليها التفاصيل الشكلية. فكان يـمكنكم مثلاً، جعل العدد الـخامس (5) من جدول الأعمال الإدارية النقطة الرئيسية لـمهمة الوكالة الإدارية العامة فيقال، مثلاً، «جعل الـمهجر، من الوجهة العامة، متمركزاً في مكتب عبر الـحدود في جميع شؤونه الإدارية والـمالية والإذاعية« هو ما تضعه الوكالة العامة هدفاً لها واضحاً. ولإصابة هذا الهدف تتوخى الوكالة العامة القيام بـما يلي - من الوجهة الإدارية الـخاصة - أ - جعل الـموظفيـن وحاملي التفاويض والتعيينات يشعرون بإشراف الإدارة العليا على أعمالهم وبـمسؤوليتهم الـحقيقية وخطورتها. ب - جعل كل فرع قائم إدارة نظامية دقيقة، وفاقاً للدستور والقوانيـن الـمرعية. ج - الاتصال بالأعضاء الـمتفرقيـن الذين يـمكن الـحصول على عنواناتهم وتنظيم علاقاتهم الـحزبية وتسهيل قيامهم بواجباتهم وإحياء فاعليتهم. د - إيجاد السجلات والقيود اللازمة لتنظيم عمل الوكالة العامة الـمكتبي ووضع الإحصاءات اللازمة التي تـمكن من قياس التقدم العملي. ولتحقيق هذه الـخطة الإدارية يسعى الوكيل العام، في الدرجة الأولى، لإيجاد مركز ثابت للوكالة العامة في مكان أميـن يسهل فيه العمل. وأقدّر أني أتـمكن من تعييـن هذا الـمركز في مدة نحو شهر. ثم يكون العمل الإداري الترتيبي في الشهر الأول بعد تـمركز الوكالة العامة على هذا النحو - إستقرار الاتصال بيـن الوكالة العامة ورئاسة مكتب عبر الـحدود. حصول الـمخابرة والاتصال الأولييـن بين الوكالة العامة والـمنفذين العاميـن والـمديرين الـمنفردين والأعضاء الـموجودة أسماؤهم في الوكالة العامة. تـجهيز الوكالة بالسجلات الأولية الضرورية لعملها وتنظيم القيود بالـمواد الـموجودة. هذا من الوجهة الإدارية الـخاصة. ومن وجهة الإدارة الـمالية يرى الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود أنّ الدورة الـمالية لتأميـن حركة الـحزب وتنظيم هذه الدورة هو من الأمور الرئيسية التي سيوجه إليها الوكيل العام عناية كبيرة، فيحقق في كيفية الـجباية وقيام الـمنفذيات العامة بواجباتها من هذه الـجهة وهل هي مجهزة بنظّار مالية. وسيهتم الوكيل العام أيضاً بتشجيع الـمشاريع الـمالية التي يـمكن أن يقوم بها سوريون قوميون ومحبذون للحركة القومية من السورييـن. وفي كل حال سيرى الوكيل العام أنّ كل سوري قومي عبر الـحدود يتمكن من القيام بواجباته الـمالية فينتظم، بهذه الطريقة، ورود مبلغ من الـمال جدير بالاعتبار بصورة موقوتة تسهل الكثير من أعمال الـحزب. ويأخذ الوكيل العام على نفسه تنظيم دخول الـمال بصورة منتظمة من الفروع الـمنظمة، ولو بعض التنظيم، ومن الأعضاء الـمتفرقيـن الذين يتصل بهم. ويقترح الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود، من أجل ضبط الدورة الـمالية وتـمكينه من العمل في هذه الناحية الـحيوية والإشراف عليها بشكل فعال، أن تتمركز أعمال الـجباية في الوكالة العامة أولاً. ومن الوجهة الإذاعية يرى الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود أنّ الإذاعة هي سر قوة الـحركة السورية القومية وانتظامها، وأنّ الإدارة النظامية والـمالية الـمتينة لا تكون إلا وليدة قوة مناقبية نافذة، وفهم للعقيدة والـحركة القوميتيـن ومراميهما.
وهذه القوة وهذا الفهم لا يـمكن أن يتوفرا في جميع الأفراد القومييـن ويولدا فاعلية عالية عامة فيهم إلا بالقيام بعمل إذاعي منظم، يشرح للقومييـن جمال حركتهم ودقة نظامها وصلاح عقيدتهم والـمثل العليا التي يحققها انتصارها، وسياسة حزبهم والأهداف الرامية إليها وكيف يشترك كل منهم في هذا العمل العظيم الذي يحقق أمل الأمة السورية، والطريقة التي يتمتع بها بحقوق الاشتراك وفخر العمل وتـمكنه من الافتخار والشعور بالارتياح لتتميم واجباته. هذا من وجهة الإذاعة الداخلية ضمن فروع الـحزب. ومن الوجهة الـخارجية، أي بيـن الـجوالي السورية بصورة عامة، يرى الوكيل العام اتخاذ جميع التدابير الإذاعية لإذاعة مبادىء الـحزب السوري القومي وتقريبها للأفهام، وإيضاح قيمة النتائج الروحية التي توصّل إليها الـحزب حتى الآن، وقيمة النتائج التي ينتظر الوصول إليها. ويقتضي ذلك تنظيم حركة نشر واسعة في الـمهجر. والوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود يشعر أنّ عمدة إذاعة الـحزب السوري القومي قد قامت بأعمال إذاعية كبيرة بالنسبة للظروف التي عملت فيها، ويرى أنه يـمكن أن يعتمد على الشيء الكثير من هذه الأعمال ومـما قامت به دوائر الـحزب الأخرى، ويقترح أن يتذاكر رئيس مكتب عبر الـحدود وعميد الإذاعة في وضع برنامج نشر خاص بالـمهجر، يتناول تعميم مبادىء الـحزب مشروحة، وإعادة طبع ونشر ما ظهر من خطب ومقالات للزعيم ومذكرات وكراريس إذاعية وتعميمها. أما الأعمال الإذاعية التي يتمكن الوكيل العام من القيام بها الآن فهي أ - تنظيم الـجهاز الإذاعي في فروع الـحزب عبر الـحدود وإفهام العامليـن في الإذاعة ما يُطلَب منهم وإرسال رسائل توجيهية إليهم. ب - إرسال نداء عام إلى السورييـن القومييـن في الـمهجر يوقظ حيويتهم. ج - تعميم سورية الـجديدة بيـن الأعضاء. د - وضع رسائل عامة شهرية تنبه القومييـن إلى واجباتهم وما تنتظره الـحركة القومية منهم، ابتداء من الشهر الأول الـمذكور.
ويرى الوكيل العام لـمكتب عبر الـحدود أنه لا بد له، لتنمية فاعلية الوكالة العامة وترقية مقدمتها على سد هذه الـحاجات الـمتسعة مع الوقت، من الـحصول على معاونيـن يشارفون بإدارته على هذه الفروع الرئيسية لعمل الوكالة العامة. وهو، لذلك، سيسعى لإيجاد معاونيـن يقترح تعيينهم في دائرته ليعاونوه على القيام بـمهمته وتنفيذ دقائقها.
هذه، مثلاً، صورة لكيفية وضع بيان رئيسي يـمكن أن يفهم منه حقيقة العمل وأغراضه الرئيسية وكيفية تـحقيقها والوسائل الـمستخدمة لذلك. وهذا الترتيب - من الأصول إلى الفروع ومن الأساس إلى الشكل، هو الترتيب الذي يـمكن أن يقوم بـمؤسسات ويثبتها ويضطّلع بـمهمات ويحققها. فالتخطيط الترتيبي، النظامي هو امتياز الـمؤسسات وسر الأهلية للاضطلاع بالأعباء الـخطيرة. ولـمّا كان بيانكم خالياً من هذا الترتيب الـجوهري فإني أعدّه بياناً أولياً يكفي للابتداءات البسيطة، ولا يُغني عن وضع بيان أساسي على مثال الترتيب الذي أعطيتكم صورة منه فوق.
ألاحظ من النظر في جدول الأعمال الإدارية والأعمال الإذاعية أنه لا تفريق واضح عندكم بيـن ما هو إذاعي وما هو إداري، فضلاً عن عدم الترتيب بين النقط الأساسية والفرعية. فالعدد الـخامس من جدول «الأعمال الإدارية» ليس في محله وضائعة قيمته. وفي جدول «الأعمال الإذاعية» العددان الرابع والـخامس هما إداريان، وكذلك العدد الثامن، فيجب عليكم درس هذه الفوارق جيداً والتنبه لها، لأنها مسألة جوهرية في تنظيم الـمؤسسات، خصوصاً في طورها التأسيسي، والتنبه للمحافظة عليها بدقة، لأنّ كل خلل يكون سابقة في حياة الـمؤسسة يحدث اضطراباً في سيرها.
إنّ أعمال الـمؤسسات وخططها لا تكون ثابتة إلا بقدر ما تكون أساسية. أما الـخبط في العمل والاعتماد على ما يعنّ في ساعته فمن الأمور الاعتباطية التي لا يـمكن أن ينتج عنها قاعدة واضحة تظل منهاجاً لـحياة الـمؤسسة مهما تقلّب عليها من الأشخاص. ويجب أن تلاحظوا جيداً الفرق بين صفة الـمؤسسة وصفة الفرد وعمل الـمؤسسة وعمل الفرد. فصفة الـمؤسسة مستمدة من غرضها وقاعدة عملها. وعملها قائم على التخطيط الأساسي الذي يلازم حياة المـؤسسة ويكون قاعدة رئيسية لـحياتها. وهذه لا يـمكن تكوينها من الـمشاريع الـمتداخلة بعضها في بعض بدون ترتيب منطقي.
أرى أنّ تقدير سنة كاملة لتنظيم «الأعمال الإذاعية» الـمدرجة في البيان، أي ليصبح هذا التنظيم «في طريق التحقيق التدريجي» هو تقدير متساهل جداً وغير مضبوط، خصوصاً وعبارة «في طريق التحقيق التدريجي» لا تعيّـن شيئاً واضحاً. فطريق التحقيق التدريجي يـمكن أن تبتدىء من الشهر الأول وتصل إلى شوط غير قصير في مدة ثلاثة أشهر من العمل النظامي الـمرتب.
أنتظر أن تعودوا إلى درس بيانكم، وأن تدرسوا التوجيهات الـمرسلة إليكم في هذا الـجواب، وتضعوا بياناً أساسياً جديداً يـمكن اعتباره نقطة الابتداء التعميري في الوكالة العامة لعبر الـحدود، ومواد جديدة في بناء مؤسسة مكتب عبر الـحدود. وفيما أنتم تعدّون ذلك تقومون بالاتصالات الأولية التي أعطيتكم توجيهات فيها فوق، وبعضها وارد في برنامج الأعمال من بيانكم. وآسف لعدم تـمكني من إجابة رغبتكم وتسليمكم هذا الـجواب قبل سفركم، فهو ليس بسيطاً ولم يكن لي وقت لوضعه قبل. أتـمنى لكم التوفيق في خدمة الـحزب السوري القومي. ولتحيى سورية.