إلى الرفيق غسان تويني، مفوض الاتصال
كمبردج، ماس. أميركانية
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت كتابك الأخير الـمؤرخ في 9 مايو/أيار الـحاضر، وأخذت علماً بتنفيذ الـمرسوم الإداري الـمختص بإقالة الرفيق فخري معلوف من منفذية أميركانية وتوقيفه عن مـمارسة وظائفه الأخرى ورتبته وحقوق العضوية ابتداءً من تاريخ كتابك الـمذكور، فأسفت جداً لـحبوط الـمحاولة الأخيرة لإرجاع الرفيق الـمذكور عن شذوذه، وأسفت، بالأكثر، للحالة النفسية التي صار إليها الرفيق معلوف، وسببت إقصاءه عن الـمساهمة في النهضة السورية القومية الاجتماعية، وحصر جهوده الفكرية والعملية في مسائل غيبية قد فرغ التاريخ من الاستماع إلى حجج أصحاب الوجهة اللاهوتية منها.
منفذية أميركانية: الآن وقد حلّت منفذية أميركانية بـمسألة الـمنفّذ العام السابق الـمعزول، صار من الضروري الاهتمام السريع بإعادة تنظيم هذه الـمنفذية الواسعة الإمكانيات، التي لم يكن لها نظام سابق، منذ بدء وجودها، غير وجود الرفيق الـموقّف فخري معلوف على رأسها وعمله الشخصي فيها. وقد كنت أستغرب عدم إكمال جهاز الـمنفذية بناموس وناظر إذاعة وغيرهما من الـموظفيـن، ولكن الثقة التي كانت موضوعة في الرفيق معلوف الـموقّف جعلتني أعتمد على حسن إدراكه لتهيئة الأسباب الكافية واقتراح الأشخاص الذين يرى فيهم الأهلية، النسبية على الأقل، للقيام بالوظائف الـمتعددة في هيئة الـمنفذية. أما الآن فإني مرتاح إلى قدومك، في هذا الظرف، إلى أميركانية ومسرور باكتشاف مؤهلات الرفيقيـن جورج شاهين، مدير مديرية الإسكندرونة، وميشال أبي رجيلي، ناموسها.
بناءً عليه أكلّفك درس مسألة إعادة تنظيم منفذية أميركانية بإشراك عناصر صالـحة في هيئتها الإدارية. وفي هذا الصدد أرغب في أن تطلعني على أعمالك الدراسية والـموضوع الذي تتخصص بدرسه وأوقات عملك الدراسي، وإمكانيات تولّيك منفذية أميركانية وإعطائها الاتـجاه السياسي - العملي اللازم على الأساس العقائدي الصحيح والـمدة التي تقدّر أنك ستقضيها في أميركانية.
إنّ الـحياة الأميركانية واسعة وعظيمة الـمشوقات، وقد ضاع فيها معظم مهاجرينا الذين لم تكن لهم نفسية اجتماعية خاصة يبنون حياتهم عليها، ولا وعي قومي أو ميزة روحية تـحفظ لهم شخصية اجتماعية يفيد الاستناد إليها لتحريك قواهم الكثيرة الإمكانيات. وإنّ تعدد ألوان الثقافة في أميركانية وما يصحب ذلك من تعدد منازعها الروحية والعقلية قد أفقدنا عدداً غير يسير من شبابنا الـمؤهليـن لأعمال البناء النفسي في مجتمعنا وفي العالم بواسطة مجتمعنا، خصوصاً أولئك الذين تقدّموا الوعي القومي وجاؤوا أميركانية للدرس، وغاياتهم في الغالب شخصية بحتة فأشبهوا الـمواد الـخام الـجيدة النوع في معامل نسيج الفكر والشعور الأجنبية. ولم يخلُ الأمر من الذين جاؤوا بوعيهم القومي الـجديد، وكان أقوى شبيه بهم الرفيق الـموقّف فخري معلوف، الذي لم يصل إلى غير النتيجة التي تقدّمه إليها الدكتور شارل مالك، الذي وجد زبدة الفلسفة في الفلسفة الدينية والفلاسفة الكلاسيكييـن الإلهييـن ولم يتأثر بـمجاري الفكر العلمي التي أظهرت الفلسفات العصرية من اجتماعية ومادية ولا مادية وغيرها فبقيت القضايا الإنسانية الكبرى محدودة له في نطاق الفكر القديـم.
هذه الـحقيقة تـجعل عملنا القومي الاجتماعي في أميركانية غير بسيط وتقتضي إحساساً دقيقاً بالقضايا الـمنبثقة عنها. وقد اصطدم الـمنفّذ العام السابق ببعض هذه القضايا واقترح بعض الـحلول الـحقوقية التي تسهّل اشتراك مهاجرينا الـمتجنسيـن بالـجنسية الأميركانية في غايات نهضتنا الـمحدودة لهم في نطاق: مساعدة الأمة التي خرجوا منها على إصلاح أحوالها الاجتماعية الداخلية ونيل حريتها، على أن يكون ذلك عملاً تبرعياً من قِبلهم وبقدر ما تسمح لهم واجبات جنسيتهم الـجديدة التي لها دولة تعيّنها وحكومة منظمة تنظيماً دقيقاً تسهر على تنبيههم إليها ومقاضاتهم تنفيذها. فوافقته على استعمال الـمرونة اللازمة لتسهيل عملنا القومي الاجتماعي في أميركانية بإدخال شرط في القَسَم للمتجنسيـن بالـجنسية الأميركانية ينص على قيامهم بكل ما لا يخلّ بولائهم لـجنسيتهم الـجديدة.
أفاد هذا الـحل فائدة قليلة من الوجهة العملية، لأنّ حركة الـمنفذية الإذاعية كانت مشلولة ومتوقفة على نشاط الـمنفّذ العام السابق واعتباراته الشخصية، وانحصرت في مقالات قليلة في الـماضي البعيد، وفي خطب قليلة في مناسبات بعض الـحفلات التذكارية. ولم يكن لهذا الـحل انعكاس أو صلة بالعمل الأساسي لكسب الـمغتربيـن غير الـمتجنسيـن بالـجنسية الأميركانية، الذي يجب أن يكون هاماً جداً في عمل الـمنفذية.
وفيما أنا أسوق إليك وصفاً مقتضباً للحياة الأميركانية وحالة مهاجرينا ومغتربينا وطالبي العلم منا في ميدانها ليكون منه فائدة في معالـجة الـمسائل التي تعترض مهمة الـمنفذية العامة، أشعر أنّ الفائدة تزداد بإيقاظ إحساسك للأخطار الكامنة في مختلف نواحيها وللاعتصام بعقيدتنا ورسالة نهضتنا من غوائلها.
مهمتكم الأصلية الاتصالية: إنّ هذه الـمهمة، التي حققت القسم الأول من غايتها بوضع التقرير الأول وإرساله مع الوثائق والـمنشورات الـمزوّد بها إلى مكتب الزعيم، قد أصبحت منتهية بالفعل بحصول الاتصال الـمباشر بين الزعيم والـمجلس الأعلى ومكتب عبر الـحدود بحيث لم تبقَ حاجة لاعتماد مفوضية الاتصال الـمداور التي أقيمت بسبب فقد الاتصال الـمباشر بين الزعيم والـمؤسسات الـمركزية. فأبلغكم انتهاء مهمتكم الاتصالية رسمياً، الذي لا يـمنع استمرار إمداد الزعيم بجميع الـمعلومات التي يرى أن يطلبها منكم للوقوف على كل ما يلزم لتكوين رأيه في الـحالة الـحزبية الـحاضرة واستمرار التعاون في جميع الـمسائل التالية.
وإني أنتهز هذه الفرصة لتهنئتك باغتباط بإحاطتك الفكرية بالـمسائل الـحزبية الدقيقة الـمتشعبة وشؤونها التقنية ولقيامك بالـمهمة التي انتدبت إليها على أفضل وجه.
تقريرك الأول: قد شمل هذا التقرير جميع نقاط الاستعراض اللازمة لتصوير حالة الـحزب الـحاضرة، الداخلية، وموقفه وخططه السياسية العملية الـحالية بالنسبة إلى حالة البلاد السياسية والـحالات السياسية الإنترناسيونية الطارئة التي وصفها التقرير وصفاً فنياً متقناً.
إنّ جميع القضايا التنظيمية والإدارية والسياسية التي ذكرت في التقرير ستجد تـحليل الزعيم وتعليله لها وحلولها في الـخطاب الذي يوجهه الزعيم إلى الـمجلس الأعلى في أول جلسة يحضرها الزعيم بعد عودته وتكون مخصصة لسماع هذا الـخطاب، وفي الـخطاب الذي يلقيه الزعيم بعد عودته في اجتماع حزبي عام يعيّـن خصيصاً لهذه الغاية أو يوجّهه الزعيم إلى مجموع الـحزب.
إلا أنه لا بد لي من إبداء ملاحظة على تـحليلك نهج الـحزب في صدر الباب الثالث من تقريرك في وصف «الاتـجاهات الـحزبية الداخلية» إذ تقول:
«لقد عرف الـحزب في الـماضي بالتشديد الـمتطرف على العقيدة، حتى أنه تـحوّل هذا التشديد إلى تـحجّر أكاديـمي جعل الـحزب في موقف سلبي من السياسة القائمة بدلاً من اشتراكه في هذه السياسة والتميّز عنها بوجود الأساس العقائدي كمبدأ تـحاكم هذه السياسة بالنسبة إليه وكغاية يسعى إليها. وإزاء هذا الوضع، وبالنظر للظروف السياسية التي لم تكن، في توجيهها الظاهري، موافقة للعقيدة القومية الاجتماعية، اتـجه الـحزب نحو اتباع نهج جديد، هو تطبيق عملي لـمبادئه، فأحلّ العمل السياسي الـمجرّد مكان الـجدل العقائدي، وبالتالي تـحلى بالـمرونة، وتـمكن بذلك من الاشتراك الـمباشر في الـحياة السياسية العامة والعمل على إصلاحها من ضمنها، الخ.»
إلى أن تقول:
«كما أنّ هذا التحجّر الأكاديـمي صرف حيوية الأعضاء في الأبحاث النظرية حول طبيعة الأمة ووجودها وغير ذلك، بدلاً من النشاط الـخلاق الذي يدخل العقيدة إلى النفوس والعقول كأساس ضمني للنهضة الإصلاحية والثقافية التي يقوم بها الـحزب.»
إني أرى في هذا التحليل غلطاً في التقدير والاستنتاج ناشئاً عن عدم العناية بدرس نشوء الـحزب السوري القومي الاجتماعي والكيفية التي نشأ فيها والظروف الـمحيطة بتلك النشأة. والظاهر أنّ مؤسسات الـحزب الثقافية والإذاعية والسياسية لم تعنَ العناية اللازمة بهذه الناحية الهامّة من الثقافة الـحزبية، أو لم تسمح لها الظروف بتوجيه العناية إليها. وإني لعلى يقيـن من أنّ دراسة صحيحة لتاريخ نشوء الـحزب السوري القومي الاجتماعي تؤدي حتماً إلى تعديل الآراء الـمتقدمة الواردة في تقريرك، التي يحتمل أن تكون آراء شخصية بحتة مـما تستنتجه من ملاحظاتك الـخصوصية، ويحتمل أن تكون آراء مشتركة بين عدد من أشخاص الإدارة الـمركزية الـجدد الذين لم يشتركوا في اختبارات الـحزب الأولى لعهد نشأته. ويشجع على أخذ الاحتمال الثاني بعين الاعتبار ما يلاحظ في تعابير بعض الـمسؤوليـن الـجدد من صبغة «الاستنباط» أو «التجديد» كما في فاتـحة نشرة عمدة الثقافة و«بيان عميد الثقافة والفنون الـجميلة الأساسي» مـما يحمل على الظن أنّ العميد يتوخى نهجاً جديداً غير الذي كان قبل تولّيه العمدة. فكل قول من هذا النوع يحتاج إلى تدقيق كثير وإعادة نظر ودرس تفاصيل عهد نشوء الـحزب السوري القومي الاجتماعي وفلسفة عقيدته وخطوطه الأساسية، وإلا اضطُررنا للدخول في سلسلة اختبارات «للاستنباطات» و«التجديدات» التي يأتي بها الـمنتدبون الـجدد للمسؤوليات الـمركزية الذين لم يجتازوا امتحاناً في تاريخ الـحزب ووحدة سياسته وإدارته واستمرارهما.
الـحزب السوري القومي الاجتماعي نشأ حزب عقيدة جديدة في سورية فكانت غايته الأولى الـمباشرة إعلان هذه العقيدة وشرحها وغرسها في النفوس. وهذه الغاية الأولى الـمباشرة اقتضت عملاً يجب درس تفاصيله والتأمل ملياً في مشقاته، وفي الـمدة التي يقتضيها نـجاحه في دائرة واسعة من الشعب تكفل حصول الـملاك الـمؤهل لتشكيل جبهة عامة في جميع مناطق سورية، وحمل رسالة العقيدة التي تتجسد فيها شخصية الأمة الاجتماعية وبالتالي شخصيتها الـحقوقية التي تعيّـن ليس فقط ماهيتها، بل حقوقها ومصالـحها الرئيسية والـحيوية التي تريد الاحتفاظ بها والدفاع عنها واسترجاع ما سلب منها وتنميتها وتوسيعها وضمانة رفاهية الشعب بواسطة تأمينها. وبتعبير تقني، إنّ تعييـن شخصية الأمة الاجتماعية والـحقوقية وحقوقها ومصالـحها هو ما يعطي الأمة أساس عملها السياسي أو هو الشرط الـجوهري السابق لنشوء سياسة قومية بالـمعنى الصحيح. ولـمّا كانت العقيدة جوهر النهضة السورية القومية الاجتماعية التي أسسها الـحزب السوري القومي الاجتماعي وكانت دعوته إليها، فمن البديهي أن يكون كل عمله الأول فيها وأن يكون تـحقيقها غاية أعماله. وقد اقتضى بث العقيدة واكتساب العناصر الصالـحة على أساسها للعمل لها بإيـمان بها عملاً شاقاً طويلاً لأسباب عديدة، منها حداثة عهد الشعب بـمثل هذه العقائد والـمواضيع، وضعف الثقافة العمومية وتأصّل النعرات الدينية والعرقية والـحزبيات الـمذهبية والشخصية، ولوجود سياسات أجنبية في البلاد تعمل على منع نشوء الشعور بالشخصية القومية والوعي القومي للحقوق والـمصالح الرئيسية.
فقد بدأت بث أفكاري ودعوتي في سنة 1930 ولم أتوفق إلى تكوين نواة للعمل العقائدي - السياسي إلا في أواخر سنة 1932. وبعد تكوين هذه النواة بأيام أو أسابيع قليلة اضطررت للتظاهر بحلّها لإقصاء عضوين فاسدين دخلا في صلبها ولإعادة تكوينها، وظلت نبتة ضعيفة جداً سريعة العطب طوال سنة 1933 ولم يتجاوز عدد أعضائها الـخمسة عشر، وفي سنة 1934 تـمكّنا، إلى حزيران من هذه السنة، من مضاعفة عددنا فصرنا ثلاثيـن عضواً وكان الأميـن الـجزيل الاحترام نعمة ثابت تكملة العدد 30. وفي صيف السنة الـمذكورة امتدت الدعوة إلى طرابلس والكورة بـمناسبة العطلة الصيفية واكتسبت عدداً من الشبان الذين قبلوا الفكرة قبولاً مبدئياً وكان الواجب صهرهم في العقيدة. وفي شتاء 1934 - 1935، امتدت الـحركة خارج نطاق طلبة الـجامعة والـمدارس الأخرى إلى أحياء بيروت وقرى الـجبل ودمشق، وجميع هؤلاء الـمقبليـن كانوا بحاجة إلى فهم العقيدة وإرساخها في نفوسهم، ولـمّا تكن قد نشأت إذاعة ولا كتب ولا نشرات ولا أبحاث لنقل الأفكار بسرعة فكان العمل بطبيعته بطيئاً ومحفوفاً بالـمخاطر بسبب قوانيـن «قمع الـجرائم» وغيرها. ثم لـمّا استشعرت أوساط الطلبة والأساتذة في الـجامعة الأميركانية بنشوء فكرة جديدة ابتدأت مقاومة «العروبييـن» لها، وفي مقدمتهم الأستاذ قسطنطين زريق، فكان علينا الدفاع عن العقيدة قبل كل شيء. ولـمّا قبض على الزعيم وأعضاء مجلس العمد الأول وابتدأ الرأي العام يعرف من منشورات الصحف أصول عقيدة الـحزب ابتدأت حملة رباعية على عقيدته - من «العروبييـن» ومن «اللبنانييـن» ومن الإكليروس الـمسيحي، وخصوصاً الـماروني - الكاثوليكي، ومن رجال الدين الـمحمدي. كنت في السجن ولم يكن بين أيدي القومييـن الاجتماعييـن غير الـمبادىء والدستور الأولي وخطاب الزعيم في أول يونيو 1935 ونص كتاب خصوصي موجّه مني إلى سائل عن رأيي في العالم العربي. فدافع الأعضاء بهذه الوسائل وبـما اكتسبوه من الـمحادثات مع الزعيم وما نقل عنه. وبديهي أنّ هذه الوسائل كانت ناقصة لا تفي بحاجة عقيدة خطيرة كعقيدة الـحزب السوري القومي الاجتماعي. ولكن الدعوى القضائية والـمحاكمة في الـمحكمة الـمختلطة أنقذتا الـموقف وأحدث دفاع الزعيم في الـمحكمة ذلك التيار من القوة الـمعنوية الذي رفع منزلة الـحزب في أعيـن الشعب وأعيـن الفرنسييـن «الـمنتدبيـن». وبعد الـمحاكمة تـمكنت من إنـجاز كتابي نشوء الأمـم في السجن، ولكنه لم يطبع إلا في سنة 1938.
وما خرجت من السجن في مايو/أيار سنة 1936 حتى عدت إليه في يونيو/حزيران سنة 1936 وفي هذا السجن وضعت شرح الـمبادىء الذي بلور العقيدة وصفاها من التآويل غير الـمسؤولة ومن الـمخالطات الغريبة. وبعد خروجي من السجن الثاني ببضعة أشهر جرت اصطدامات بكفيا الـمشهورة وحصل السجن الثالث. فيكون غياب الزعيم، موجد العقيدة وصاحب الدعوة، عن الـحزب وعمله الإداري السياسي مدة نحو سنتيـن تتخللها فترتان قصيرتان جداً. وكانت الـحرب على العقيدة تشتد وكان يجب إرساخ العقيدة في الـحزب وصيانته من الـميعان الـمبادئي والأخلاقي الـمتفشي في شعبنا وإكسابه الصلابة والـمناعة اللتيـن هما، مع رسوخ العقيدة، كل رأسماله الـمعنوي الذي يكسبه هذه الـمنزلة الـممتازة في الأمة ويؤهله لبدء الـمرحلة الـجديدة - مرحلة دخول ميدان السياسة العملية. والـحقيقة أنّ هذه الـمرحلة كانت قد ابتدأت في زمن السجن الثالث حين شعرت الـحكومة اللبنانية بـمناعة الـحزب وصلابته وحاجتها إلى التفاهم معه، فابتدأت من جانبها بـمفاوضة الزعيم في السجن فقبل الزعيم الـمفاوضة وتـمكن من الفوز بذلك «التفاهم» مع الـحكومة اللبنانية الـمؤلفة من حزب إميل إده - خيرالدين الأحدب، وكان من وراء ذلك الإفراج عن الـمعتقليـن وعدم التعرض لـحركات الـحزب والسماح للصحف بنشر أخباره واكتساب الرخصة بإصدار النهضة، وإصدارها أشهراً عديدة، وطبع مبادىء الـحزب مشروحة بقلم الزعيم وكتاب نشوء الأمـم. وفي شرح الـمبادىء وغاية الـحزب، وفي تصريح الزعيم لـجريدة النهضة في صدد «الكيان اللبناني»، وفي سياسة الـحزب مع الـحكومة اللبنانية في زمن إده - الأحدب، ومباشرة تدخّله الفعلي في السياسة اللبنانية، وسياسته مع الـحكومة الشامية، والـمساعي التي بذلها للتفاهم مع «الكتلة الوطنية»، ثم مع الدكتور [عبدالرحمن] شهبندر[1] الـمرحوم بطلب منه وحصول مقابلة سرية بين الزعيم والشهبندر عقبتها مقابلة ثانية بين وفد حزبي والشهبندر بعد مغادرة الزعيم الوطن وعدم كفاءة الوفد لاكتساب الوجه السياسي من الـمقابلة، ودخول الـحزب في السياسة الشامية العملية حيثما تـمكن من ذلك. كما في تدخّله الفعلي في انتخابات محافظة اللاذقية وفوزه في تلك الانتخابات في بعض الـمناطق وخسارته بعضها بسبب عدم ثبات بعض الـمتحالفيـن معه - في جميع هذه الظواهر الـمحسوسة نـجد مبادىء السياسة العملية وقواعد مرونة الـحزب الصحيحة مع صلابة عقيدته ورسوخ إيـمانه اللذين أنقذاه من ورطات الـميعان العقائدي والأخلاقي الذي حاول جرّه إليها أمثال صلاح لبكي وإميل الـخوري وغيرهما.
بفضل ذاك «التحجر الأكاديـمي» وتغيّر الظروف السياسية يتقدم الـحزب السوري القومي الاجتماعي اليوم لاحتلال مكانه السياسي الـممتاز في جميع الـمناطق السورية ودولها ومكانه الثقافي الـممتاز في «تفجر النشاط الثقافي في البلاد، سواء في صفوف الـحزب أم خارجها» الذي دعت إليه، بالأكثر، عقيدة الـحزب السوري القومي الاجتماعي والتي وضعت على بساط البحث قضايا الأمة الـحقوقية والسياسية والاقتصادية والأدبية والفنيـة والفلسفيـة، وتناولـت ما هو أوسع من نطاق الأمة، والتي هزت الأفكار وحرّكت العقول وحرّضت الأفهام. فلا ننسى كم حلّ «الـجدل العقائدي» الذي أثاره الـحزب، للعقول من عقد، وكم دعاها إلى تفكير هادىء أو صاخب. فإنّ عقيدة الـحزب السوري القومي الاجتماعي ونظرياته قد حركّت العقول ونشّطت الأفكار، ليس فقط في الذين دخلوا في صفوفه، بل في جميع الـمشتغليـن بالسياسة والاقتصاد والثقافة والأدب. ولست أريد أن أقول أنّ كل نشاط فكري مصدره الـحزب، بل أريد إظهار ما كان لعقيدة الـحزب ونظرياته من شأن في دفع قوى الأمة نحو هذا «النشاط الثقافي الـمتفجر»، وهو شأن اعترف به رجال ومؤسسات لها مكانتها. فاعترف به السياسي الكتلوي الـمعروف الأستاذ فارس الـخوري[2] في عدة مناسبات منها أمام عدد من نواب الـمجلس الشامي في غرفة رئاسة الـمجلس بحضور الزعيم ومنفّذ دمشق العام آنئذٍ الرفيق فريد مبارك، وشهد به مؤلف كتاب arabe devenue Syrienne Nationalité من الكتلوييـن، واعترف به الدكتور شارل مالك[3] قبل تعرفّه بالزعيم في «نادي الفلسفة في الـجامعة الأميركانية»، واعترف به جميل مردم[4] نفسه في مقابلة بينه وبين الزعيم في فندق النجار في صوفر بحضور عدد من القومييـن الاجتماعييـن و«الكتلوييـن»، وأقرّ به رجال الـمفوضية الفرنسية أنفسهم، والأب شنتور في الـجامعة اليسوعية، والـمرحوم الدكتور عبدالرحمن شهبندر، وظهر أثر شأنه في محاولة «الكتلة الوطنية» اقتباس شكل مبادئه في «ميثاقها» الذي وضعته بعد أربعيـن هنانو[5] وبعد ظهور الـحزب السوري القومي الاجتماعي ومحاكمته، وفي تقليده وتقليد قسمه بتشكيل «القمصان الـحديدية»، وفي تنظيم «شباب الوفد» الـمصري سنة 1936، وفي إقبال عدد من طلبة الـجامعة الأميركانية العراقييـن على درس مبادئه وأشكال تنظيمه وطلب وفد منهم مبادئه ونظام تشكيلاته ليحملوها معهم إلى العراق ليسيروا هناك على غرارها، وفي تصريحات مكتومة للمير شكيب أرسلان إلى أحد أصدقاء خصوصييـن له، وفي أدلة كثيرة غير ذلك يـمكن أخذها من الصحف، وخطب السياسييـن، وحوادث البلاد بوجه الإجمال ونشوء طائفة من الأحزاب الببغائية فيها، تقلّد حزبنا.
وضع الـحزب الإداري الـحاضر: إنّ تقدم الـحزب إلى ميدان السياسة العملية وأخذه رخصة في لبنان باسم «الـحزب القومي» على أنه حزب لبناني واضطراره لإنشاء «لـجنة إدارية عليا» لدولة الشام وإدارات شبه لا مركزية في بقية الـمناطق السورية سيجلب معه قضايا تقنية تستدعي درساً سابقاً وخطة مقررة ومنهاجاً معيّناً. وهذا ما لـمّحت إليه في كتابي إلى حضرة رئيس الـمجلس الأعلى الـموقر. ومـما لا شك فيه أنّ التضعضع الإداري الذي مُني به الـحزب من جرّاء حروبه التي لا هوادة فيها، عرّضه لبعض التدابير الـمتسرعة كتعييـن خالد الـمورلي عضواً في الـمجلس الأعلى. فإنّ هذا الشخص كان عرضة لشكوك كثيرة في «مكتب الاستخبارات» الـحزبي وإدارة الـحزب العليا من جراء تصرفات غامضة له في نواحي الشام، ولكن الشكوك لـمّا تكن قد تـجسمت في عمل واضح. والظاهر أنّ هذا الشخص كان يحوك مؤامرة انفصالية في منطقة الشام اكتشفتها إدارة الـحزب العليا مؤخراً، وكان من وراء ذلك صدور قرار الـمجلس الأعلى بطرده وطرد شركائه وهم: جورج عزام، مصون عابدين بك، محمد الرافعي، كامل بنقسلي، نور أيوب آغا، زكي صواف.
أما جورج عزام فكان أمره مشهوراً من زمان. وأما مصون عابدين بك فإنّ الزعيم اكتشف تصرفات سيئة له في برليـن أثناء قيامه بوظيفة مدير لـمديرية الطلبة القومييـن الاجتماعييـن في ألـمانية وتلاعبه بأموال حزبية واتخاذه الـمديرية وسيلة لطلب إعانات مالية من بعض دوائر الـحكومة الألـمانية، فعزله في ختام إقامته في برليـن حين عرّج على ألـمانية بطلب من الـمديرية وهو في طريقه إلى أميركة. وأما زكي صواف ففيه هوج يساعده على الشذوذ. وأما الآخرون فلا علم لي بشيء عنهم.
فتبلّغ طرد هؤلاء الأشخاص لـمعرفتك ولا تذعه في أميركانية لعدم الـحاجة إلى ذلك.
عودة الزعيم: إنّ عودتي إلى الوطن وإلى نطاق إدارة الـحزب الـمركزية حيث أجتمع بأعواني وجميع رفقاء النهضة القومية الاجتماعية تعني لي فكاكاً من أسر كان أشأم ما عرفت من أسر. فإنّ النزالة السورية في الأرجنتيـن كانت لي أظلم سجن طويل عرفته، فكأنه فرع من سجن الرمل في بيروت في عهد إميل إده[6]. وإنّ متطلبات العمل القومي الاجتماعي في هذا العهد تـجعلني أرى واجب العودة السريعة، ولكن لهذه العودة ناحيتيـن يجب درسهما والعمل فيهما معاً: ناحية الزعيم وكيفية إقامته في الأرجنتيـن، وناحية الـحزب في الوطن وتأمينه الـمعاملات القانونية اللازمة والأسباب والظروف الـمناسبة لهذه العودة.
أما إقامتي هنا فكانت دائماً كرهاً. فقد نشبت الـحرب بعد وصولي إلى الأرجنتيـن ببضعة أشهر، وابتدأت تعقّبات الـحزب في الوطن من جديد، وأوعزت الـحكومة الفرنسية إلى قناصلها بإلغاء جواز سفري، فعلمت بذلك ولم أقدّم جواز سفري لتمديد الـمدة، ولم أعد قادراً على السفر إلى أي قطر آخر.
وبعد مرور نحو شهرين على قدومي إلى الأرجنتيـن عزم الرفيق الـمرافق أسد الأشقر على العودة إلى أفريقية فسافر إليها ومنها إلى الوطن، وبقيت يصحبني خالد أديب ولا فلس معنا، وأنـا في حالـة صحية سيئـة جـداً، فطلبت شيئاً من الـمال من رفقاء البرازيل، وأرسل خالد أديب بغير علمي فطلب مالاً من منفذية الشاطىء الذهبي. فلبّت منفذية الشاطىء أولاً بـمبلغ لم أعرف كم هو لأنّ خالد أديب إدّعى أنه من أخيه، وعرفت الآن أنه أربعون استرلينية وتصرّف به وحده. والـمال الذي ورد من البرازيل كان قليلاً يكفي لإقامة شهر.
في هذه الـحالة ابتدأت عملي الـحزبي في هذه النزالة الـجاهلة في جو مشبع بالدعاوات السامة ضدنا. وبعد جهد وتراوح بين الإخفاق والنجاح حصل تقدّم ضعيف للحركة. ولكن حصلت حوادث تخريب كثيرة من خالد أديب ومن بعض الدجاليـن ومتعودي الاحتيال الذين انضم بعضهم على يده ويد الرفيق أسد الأشقر، وبعضهم الآخر بواسطة العمل الـحزبي في الـمديريات. ولـمّا دخلت البرازيل وأميركانية الـحرب وانقطعت الـمواصلات الـحزبية مع فروع البرازيل، التي صارت منفذيتيـن ومديرية مستقلة، ومع منفذية الشاطىء الذهبي ورأيت جهودي ضائعة في نزالة الأرجنتيـن وعدم إمكان تأسيس مطبعة لـِ الزوبعة خطر لي في الأخير، حفظاً لكرامتي وصيانة لـمقام الزعامة قبول العمل في الصناعة أو التجارة. فقبلت ما عرضه عليّ «رفيق» محتال يدعى إبراهيم الكردي كان قدّمه إليّ الـمدعو جبران مسّوح وهو كاتب شعبي ومحتال آخر خفي، وعرّفه إليّ بأنه «من أركان الـحزب في توكومان» فوقعت في ورطة معه تخسّرت فيها قسماً من الـمبلغ الـمالي الذي اقترضته من ابن حميّ، وقامت الرجعة تأخذ بناصر الـمحتال وتـحرضه على ادعاء دعاوى مختلفة. ثم قبلت ما عرضه عليّ الـمحتال الآخر الذي كنت أرى أنه أفضل من عرفت في الـحزب في الأرجنتيـن لاستمراره في التظاهر بالإخلاص والنزاهة مدة طويلة، ولكونه الوحيد القادر على الكتابة الصحافية والـمعاونة في العمل الإذاعي، وهو الاشتراك معه في تـجارة أضع فيها أنا الرأسمال ويضع هو عمله وخبرته فنؤمن الـمداخيل اللازمة لنا وللعمل الإذاعي للقضية. وفي ستة أشهر فقط اختلس الرجل كل الرأسمال ومثل نصفه عدا عن الأرباح. ولولا تداركي الأمر بالتقويـم في ستة أشهر لـما كان مفرّ من الإفلاس والشماتة وذيول الإشاعات.
ففسخت الشركة في الـحال مع الـمحتال وقبضت على بعض الوثائق الدالة على احتياله، ولكن لم يكن لي وقت ولا مال للإنفاق على دعوى اتهامية ضده، فضلاً عن أنه لا فائدة من الدعوى التي تطول وهو لا يـملك عقاراً، ولا منقولات يـمكن حجزها والـمال أودعه عند خليلته.
وبعد أن كنت أؤمل الاعتماد على «مخلص» يؤمن الأعمال التجارية بالـمبيع والـحركة وجدتني تـحت عبء محل تـجاري مفلس وتـحت عجز مالي.
وفي هذه الآونة قاربت ولادة طفلتي الثانية ففقدت معاونة قرينتي مدة الوضع والراحة ثم عملت كل السنة الـماضية بـمساعدتها بكدّ وتعب وتـمكنّا من إنقاذ الـمحل، وفي التقويم السنوي الأخير، تبيّـن أني عوّضت معظم الـخسارة مع الـمدعو جبران مسّوح.
في هذه السنة الـحالية ابتدأت أعمالي التجارية تتسع وابتدأت أتوقع نـجاحاً مالياً جيداً، فاشتريت كميات بضائع أكثر من السنة الـماضية وأخذت على نفسي تعهدات، وآخر عمل تـجاري كان صفقة شراء كمية كبيرة من الورق لصناعة أكياس الورق للحوانيت طلبتها رأساً من معاملها الأسوجية ومركب الشحن يصل في آخر هذا الشهر، وينتظر وصول الورق إليّ بعد نحو عشرين يوماً. هذه الكمية يستغرق استهلاكها بالصناعة نحو ستة أشهر ومبلغ ثمنها نحو اثني عشر ألف فاس (ريال) أرجنتيني.
فتكون الـمسألة من جهتي مسألة التخلص من التجارة إما ببيع الـمحل وإما بتصفيته. أما البيع فهو أخصر الطرق إذا وجد الشاري الـمناسب. وأما التصفية فيمكن أن تستغرق ثلاثة أشهر إلى الستة.
تبقى مسألة معرفة ما يبقى لي من مال بعد ردّ الـمال الـمقترض من ابن حمي، وأظن أنّ ما يبقى زهيد لا يستحق الذكر، خصوصاً والبيع سيكون تصفية بلا ربح تقريباً. وفي هذه الـحالة يجب تأمين نفقة سفر الزعيم وعائلته من فروع الـحركة في أميركة.
أما الـمعاملات اللازمة من الوجهة القانونية فقد بدأت في الوطن بتقديـم مذكرة للوزير الصديق الأستاذ إميل لـحود بطلب إعطائي جواز سفر للانتقال بحريّة وللعودة إلى الوطن إذا شئت، والـمذكرة مشفوعة بالـحجج النافية لتوهّم خطر الزعيم على كيان لبنان أو اختلاف موقفه عن موقف الـحزب الـمعلن وإني أنتظر نتيجة هذه الـمحاولة.
وأما الأسباب والظروف الـمناسبة واستعداد الـحزب للاضطلاع بـمسؤولياته فيوجد توافق بين ما ورد في تقريرك وفي رسالة حضرة رئيس الـمجلس الأعلى وهو ما يشتمل على الـخطوط العريضة للحالة الـحزبية العامة.
هذا ما رأيت أن أورده لك الآن، وفي مناسبة أخرى أعود لأسألك بعض الـمسائل اللازمة لإيضاح بعض الأمور.
هنا قد بدأت بإمكانياتي الـمادية الـمحدودة حركة تبرّع من الرفقاء والـمحبذين لـخزانة الـحزب العامة، ولقد جمع مبلغ يـمكن إيصاله إلى عشرة آلاف فاس (ريال) أرجنتيني أو نحو أربع مئة أو خمس مئة استرلينية لترسل إلى الـخزانة الـحزبية العامة في الوطن.
قد صدرت جريدة صدى النهضة في بيروت، وإني أنتظر وصول أعدادها الأولى بالبريد العادي، وقد ساهمت منفذية الشاطىء الذهبي مساهمة جيدة في إيجاد رأسمالها.
بعد أيام غير كثيرة يصدر أول عدد من استئناف إصدار الزوبعة هنا.
إقبل سلامي القومي. ولتحيى سورية.
[1] طبيب وسياسي وكاتب سوري، (1882-1940) عُيّن وزيراً للخارجية في وزارة هاشم الأتاسي عام 1920. عارض الـمعاهدة الفرنسية السورية بشدة مـما أغضب الفرنسيين وجعلهم يتحينون الفرص للخلاص منه وتـم لهم ما أرادوا صبيحة السادس من تـموز عام 1940 حين هاجمه ثلاثة أشخاص في عيادته وأردوه قتيلاً.
[2] فارس الـخوري: (1873-1962) عالم وزعيم وطني سوري، كان أحد الآباء الـمؤسسين للجمهورية السورية ومن قادة الكتلة الوطنية. تسلّم رئاسة البرلـمان السوري ثم رئاسة الوزراء في الثلاثينات والأربعينات، ليعود رئيساً للحكومة في عهد الإستقلال سنة 1954. وهو مؤسس وزارة الـمال السورية وأحد مؤسسي كلية الـحقوق في جامعة دمشق ومؤسس نقابة الـمحامين في سورية، وأحد أبرز مشرعي الدستور السوري، إضافة لكونه أحد مؤسسي منظمة الأمم الـمتحدة عام 1945. وهو عضو سابق في مجلس الـمبعوثان العثماني ونائب عن مدينة دمشق في البرلـمان السوري من عام 1936 وحتى 1947.
[3]شارل مالك: (1906-1987) سياسي ودبلوماسي ومفكر لبناني. شارك في صياغة وإعداد الإعلان العالـمي لـحقوق الإنسان في كانون الأول 1948 بصفته رئيس الـمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم الـمتحدة. شغل منصب وزير خارجية لبنان كما شغل منصب وزير التربية والفنون الـجميلة في حكومة سامي الصلح في عهد الرئيس كميل شمعون. ترأس الـجمعية العامة للأمم الـمتحدة بين عامي 1958 و1959. شارك في بدايات الـحرب الأهلية اللبنانية في تأسيس «الجبهة اللبنانية» وكان من أبرز منظريها مع الدكتور فؤاد أفرام البستاني.توفي في بيروت عام 1987 بسبب مرض السرطان.
[4] جميل مردم: (1894-1960) سياسي سوري من مواليد دمشق لعائلة أرستقراطية. عُيّن معاوناً لوزير الـخارجية عبدالرحمن شهبندر، كما عُيّن أمين سر الكتلة الوطنية عام 1928. عُيّن عام 1932 وزيراً للمال والاقتصاد الوطني، ترأس أول وزارة بعد توقيع الـمعاهدة السورية الفرنسية، وأرسى تفاهمات مع الأتراك أدت إلى سلخ لواء الإسكندرونة، وكان موقف مردم مريب إذ اعتبر أن سلخ اللواء سيسبب مشكلة للأتراك كون أغلبية سكانه من العلويين.
وهناك مزاعم تقول أنه كان عميلاً للمخابرات البريطانية ثم عميلاً للمخابرات الفرنسية ثم عميلاً للإسرائيليين. توفي في آذار 1960 ودُفن في دمشق.
[5] هو إبراهيم هنانو (1869-1935) زعيم سوري، قاوم الغزو الفرنسي، كان أحد قادة الثورة السورية على الاحتلال الفرنسي لسورية ولبنان. حُكم على هنانو أربعة أحكام غيابية بالإعدام من قبل الفرنسيين. ومع سيطرة الفرنسيين على الطرق ونقص الدعم العسكري لهنانو اضطر إلى مغادرة معاقله في الـجنوب. وفي الطريق إلى شرق الأردن تعرض لكمين بالغرب من حماه في 16 تموز 1921، في معركة مكسر الـحصان حيث فقد معظم من كان معه واستطاع هو النجاة بنفسه، وتم القضاء على ثورته. وفي الطريق إلى القدس قبض عليه الإنكليز في 13 آب 1921 وسلموه إلى الفرنسسين.
في 25 آذار 1922 طالب النائب العام الفرنسي بإعدامه لكن القاضي الفرنسي أطلق سراحه معتبراً ثورته ثورة سياسية مشروعة. عُيّن عام 1928 رئيساً للجنة الدستور وفي عام 1932 أنتخب زعيماً للكتلة الوطنية. بسبب تـحركاته الكثيرة بين الـجبال دون ملجأ أصيب هنانو بالسل وتوفي في 21 تشرين الثاني 1935 ودُفن في حلب.
[6] (1883-1949) رئيس الـجمهورية اللبنانية الثالث في عهد الإنتداب الفرنسي على لبنان. أسّس حزب الكتلة الوطنية اللبنانية، عُرف بتعاونه مع سلطة الإنتداب الفرنسي.