إلى الرفيق الـمقدام نعمان ضو،
كوسيته - سان خوان
رفيقي العزيز،
وردني كتابك الأخير الـمؤرخ في كوسيته أو كوساته في السادس عشر من ديسمبر/كانون الأول الـحاضر، وأنا أهِمّ بالكتابة إليك إلى بوينُس آيرس لظني أنك ستبقى فيها مدة أطول. وفي الوقت عينه تسلمت كتاباً من الـمنفّذ العام لـمنفذية بوينُس آيرس فيه شروح جديدة لـما جرى في بوينُس آيرس، وكنت قبل ذلك تسلمت منه كتاباً آخر في مسائل حزبية.
في جوابي إلى الـمنفّذ العام الـمكتوب أمس أبديت ما يأتي في صدد اقتراحك الـخطير، أنقله إليك فتقف منه على رأيي وجوابي في آن واحد وهو:
«الاقتراح الـمذكور يحتوي فكرة لم تـجد موضعاً مكيناً في تفكير القومييـن، أي صيانة مركز الزعيم وحرمته، وقد جرت محاولات من بضع سنوات لتأميـن موارد الزعيم من القومييـن، وكان في عدادهم آنئذٍ بعض الـمقتدرين مادياً، ولاقت هذه الـمحاولات استحساناً وتـحبيذاً في بادىء الأمر، ولكنها لم تعمّر ونتيجتها كانت جزئية، ضعيفة، ولم يتمكن الزعيم من الارتياح إلى شيء منها، وهي بطبيعتها ونظراً لـحالة السورييـن النفسية، بدلاً من أن تصون مركز الزعيم عرّضته أكثر فأكثر للقيل والقال بين الرفقاء وأضعفته في نفوسهم [لأن الذين] صاروا يدفعون أخذوا ينظرون إلى أنفسهم كأنهم [عماد الزعيم، وكأن الزعيم محتاج إليهم] فنقضت في نفوسهم حرمة الطاعة [وزرعت بذور التمرد].
[الفكرة في أساسها جميلة ولكنها لم تطبق] في الـماضي وليس يعلم أحدٌ كم [يكون مبلغ نـجاحها في الـمستقبل و] لا يحسن أن يسرع الزعيم إلى نقض محله التجاري والاعتماد على الآمال في جماعة ينقصها الثبات والإيـمان والأخلاق، مع كل التحسن الذي اكتسبته بتأثير التعاليم القومية الإصلاحية فيها.
«إنّ تأمين مركز الزعيم يحتاج إلى أكثر من هذه الفكر - إلى أشياء أو تعهدات أكيدة، محسوسة - أما الزوبعة والعمل الصحافي فلي فيهما خبرة طويلة. ولا سمح الله أن تكون مهنة حياتي الصحافة في الوسط السوري في الأرجنتيـن وأتدلى إلى حيث يوجد أمثال جورج عساف وجبران الطرابلسي وعبداللطيف الـخشن، وأصير أتـجول في البلاد لأجمع الاشتراكات وأطرق الأبواب لأجل ذلك.
«إنها، في كل حال، عاطفة جميلة تدل على حياة ولكني لا أراها مرتكزة على قاعدة عملية. ولذلك لا أجد فيها ما يحملني على قبول العمل بها، بل أفضّل عليها أن أجد من بعض الرفقاء ما يساعد على تقوية محلي التجاري، بعد الصدمة التي أصابته بخيانة الـمدعو جبران مسوح، فهذا أفضل لتعزيز مركز الزعيم وحرمته فلا يحتاج للاتكال على أحد من الناس. ومتى قوي الـمحل، وهو سائر الآن نحو هذه النتيجة، صار في إمكان الزعيم أن يعود ويصير مساعِداً من الوجهة الـمادية أيضاً، بدلاً من أن يكون مساعَداً، والفرق بين هاتيـن الـحالتيـن هو الذي يوجد الفرق في مركز الزعيم.»
وأضيف إليك الآن أني كيفما التفت وقلّبت نظري في جماعاتنا، وفي بيئة رفقائنا أيضاً، أجد الأنانيات متسترة أو كامنة وراء مظاهر الـحمية والتفاني في سبيل الزعيم والـحركة القومية الإصلاحية. ولا أزال أذكر أمر التبرع لإنشاء مطبعة كيف أنّ كثيراً من الـمتبرعيـن القومييـن لم يدفعوا سوى نصف ما اكتتبوا به، وكيف فشلت تلك الـمحاولة. ومن الـمظاهر الأخيرة التي ألفت نظرك إليها وأطلب منك كتمانها [....] الزوبعة في الـمدة الأخيرة من محاولات جعلتني ألـجأ إلى تدابير جدية [.....] واستدراك ما يـمكن حدوثه.
[.....] «إعلان إداري» في أعداد الزوبعة الأخيرة.وهذا [.....] يصبح في علم العموم». إنّ الرفيق [إبراهيم] الأفيوني يقوم على [.....] أن ترسل الاشتراكات والـمراسلات من غير [.....].
قبل ظهور هذا الإعلان كنت في بوينُس آيرس، فانتهز الـمنفّذ العام الرفيق أفيوني الفرصة وشكا إليّ أنّ إدارة البريد ترفض وضع الكتب الواردة باسمه على صندوق بريد الزوبعة في الصندوق، لأنّ الصندوق هو فقط على إسم الـجريدة وصاحبها ولا يوضع فيه إلا ما يخصهما، وسألني أن أكتب وثيقة رسمية إلى إدارة البريد على ورق مختوم أبلّغها فيها أنّ الرفيق إبراهيم أفيوني هو مدبّر Administrador الـجريدة ولذلك يجب قبول الـمراسلات الواردة باسمه إلى صندوق بريد الزوبعة.
ولـما كنت أعلم ما يـمكن أن يكون وراء هذه الـمحاولات من اكتساب حقوق قانونية، ليس لها أساس في التدبير القومي الـموقت في صدد الـجريدة، رفضت إعطاء الوثيقة الـمطلوبة وقلت للرفيق أفيوني إنه إذا كان له أصدقاء يخابرونه ويرى عنوان الـجريدة آمن لوصول الرسائل إليه فيمكنه أن يكتب إليهم أن يجعلوا العنوان على الغلاف باسم «مدبّر الزوبعة» فقط فتصل الكتب إليه بهذه الواسطة. ثم زدت إنه إذا كان مستعجلاً ولا يتسع وقته للكتابة إلى كل بـمفرده فليضع إعلاناً صغيراً في الزوبعة يطلب منهم ذلك. فكان أنه وضع «الإعلان الإداري» الـمذكور الذي خرج فيه عن القصد الذي أبداه لي إلى قصد آخر هو أن «يصبح في علم العموم» أنّ أفيوني مدبّر الزوبعة وأنه يجب مخابرته هو في شؤون الـجريدة وإرسال اشتراكاتها إليه، الخ.
ثم إنّ أفيوني أخذ يضع في كل عدد من الزوبعة مقالة يصححها له الرفيق جواد [نادر] أو غيره، وصار يجتهد أن لا يخلو عدد من الزوبعة من مقالة له مع أنّ وقته لا يتّسع للإجابة على رسائل الرفقاء والـمشتركيـن والوكلاء كما يجب!
ومـما ذكره لي الرفيق أفيوني خلال سفرتي الأخيرة أنه سيتجول للجريدة في الداخلية ويرى أنها تعطي [.....] فيها، الخ.
[.....] إنّ جميع هذه الظواهر والـمحاولات لا [......] بثقة وإطلاق الثقة للذين يعملون معي. [.....] «إعلان إداري» وإرسال جميع الـمواد [.....] أمكّنه منها. وسأضع إعلاناً آخر أطلب [.....] وما ينفق على الـجريدة وإلا تعرّض أمرها للضياع من يدي.
إنّ التجائي إلى الـمشاريع التجارية لم يكن إلا من أجل ترك مجادلة أخس الناس في مسائل النظام القومي والواجب الـمطلوب من كل فرد وغير ذلك. فهل أعود الآن إليه بعد أن خبرته سنوات؟ وهل يـمكن التعويل على عهود عقلية تنقض مبدأ الزعامة وتـحنث بأيـمانها، لأنها تقول إنّ الزعيم لا يجوز له أن يتزوج؟ ومن يكفل لي أنّ الذين يتعهدون اليوم بأمر لا ينقضونه غداً؟
إنّ محلي التجاري قد تـحسن كثيراً من الوجهة الداخلية بعد طرد جبران مسوح منه، ولكن جاء نقص معدل البيع بعد إقفال الـمدارس. ثم إنّ [إبراهيم] الكردي، بالاتفاق مع الـمدعوة نبيهة الشيخ انطكلي وجبران مسوح وزمرتهما على ما يظهر، أقام دعوى «فسخ شركة وطلب تعويض عطل وضرر» مدعياً أنّ فسخ الشركة بيني وبينه بصورة خصوصية هو غير صحيح وأنّ إمضاءه كان لي «على بياض» وليس على عقد فسخ، وكذلك ادّعى أنّ إمضاءه على وصول شهر مارس/آذار الذي يعترف فيه بانتهاء الشركة بيني وبينه هو أيضاً «على بياض»، مع أنّ الإمضاء هو على رسوم ضريبة الـحكومة.
وهذه كلها محاولات للقضاء على محلي التجاري وإضعاف الثقة عند التجار الكبار والـمعامل. وقد حاول الـمدعو الكردي تقديـم شكوى «احتيال وتزوير» أمام محكمة الـجنايات مدّعياً أني سلبته سر اختراعه وبعته إلى إحدى الشركات في بوينُس آيرس، وقصده وجماعته من ذلك تشويه سمعتي، ولكن الـمحكمة حكمت بعدم الإكتراث بهذه الشكوى لأنها بلا أساس. فحاول تقديـم شكوى أخرى من نوع [.....] فكان [.....] القاضي نصيب سابقتها. فبقيت دعواه في «العطل والضرر» [.....] لكي أوفّر [.....] الـمحامين وأعتقد أنه لا مجال لـخسارتها. [....] بوينُس آيرس. إنّ الـمدعو جبران مسوح [.....] التحقيق معي في تهمة «احتيال وتزوير» [.....] في بوينُس آيرس والقول لأصحابها إنّ أنطون سعاده ذو مشاكل ودعاوى كثيرة مقامة عليه في الـمحاكم، الخ. إنّ قصده وابن خالته شكري ملقي وأفراد عائلتيهما أن يزيلوا محل أنطون سعاده من طريقهم، بعد أن يكون بطلهم جبران قد أكمل اختلاسه وجعل خراب الـمحل محتماً.
ولكن ساء فألهم، فالتجار في بوينُس آيرس بعضهم فقط حدد في بادىء الأمر مبلغ الكرادتو والبعض الآخر لم يحدده، والآن جميع التجار يقبلون طلباتي، والبضاعة، بـمقادير كبيرة معتدلة، للفصل الـمدرسي الـمقبل قد ابتدأت ترد وزبائني هنا يزدادون شيئاً فشيئاً ومتى ابتدأت الـمدارس سأبيع كثيراً وأربح لأعوّض.
من الأمور التي أوجدت بعض صعوبات في هذه الظروف، أنّ عجز الـمحل اكتشف عند نهاية الفصل الـمدرسي وعند قرب استحقاق كمبيالة مبلغها ستة آلاف فاس بعد دفع أربعة آلاف في شهر سبتمبر/أيلول الـماضي. وهذه قد دفعتها في وقتها وعزز دفعي الكرادتو. والآن ستستحق كمبيالة أخرى بـمبلغ ثلاثة آلاف وخمس مئة فاس في آخر يناير/كانون الثاني وسيكون لدي ما يساعد على دفعها، إلا إذا حدث ما هو غير منتظر.
وإنـما يبقى أن أدفع نحو ألف فاس أخرى فواتير متفرقة، إذا دفعتها مع الـحوالة الـمذكورة فذلك يسهّل لي جلب أصناف أخرى كثيرة تساعد على زيادة الأرباح بعد نحو ثلاثة أشهر، ويرتفع الـمحل نهائياً فوق جميع الأمواج، وهذا يعزز مركز الزعيم أكثر كثيراً من تثبيت خلط جبران أنّ الزعيم لا يصلح للتجارة بالانسحاب منها في هذه الظروف. وبالاختصار، إنّ ديون الـمحل قد أصبحت زهيدة، وفي الـمحل الآن أكثر مـما عليه بدرجة محسوسة، ولكن الـحركة الآن بطيئة في حر توكومان الـمحرق، ومتى انتهى هذا الفصل أو قارب الانتهاء تنشط الـحركة ويزيد الدخل وأتـمكن من إعداد خطة جيدة للنجاح في الـمستقبل.
كنت أريد الاهتمام بأمر [.....] ولكن غدر جبران مسوح حال دون ذلك، ولكني [.....] لا يزال في إمكاني بيع الورق الـملون الذي [.....] السعر الذي أعطيته لـمدة 15 يوماً أما ما ذكرته [.....] لأعلم أي نوع تقصد لأنك ذكرت Papel Tapa [.....] Papel فلم أتـمكن من تعييـن [.....] بإمكاني البيع بـمقادير إما نقداً أو لقاء حوالة لـمدة ثلاثيـن يوماً عدا عن شهر الـمشتري، أي نحو ستيـن يوماً. ويـمكني بيع سلفان بكميات وأسعار جيدة، ويـمكني الشحن من بوينُس آيرس كما من هنا، والأفضل من بوينُس آيرس لتوفير فرق الشحن مرتيـن على الشاري، فأرسل إليّ الـمساطر التي تـحتاج إليها وأنا أدبّر الكميات والأسعار.
نحو أواسط يناير/كانون الثاني القادم سأزور ولاية خوخوي حيث الرفقاء تـحسنت روحيتهم بعد خضة الـمدعو جبران مسوح. وغايتي تـجارية فضلاً عن زيارة القومييـن. فإذا توفقت، كما أقدّر، فيمكن أن تتحسن ماليتي الشهر القادم، بحيث أتـمكن من الـحصول على الإمكانيات التجارية اللازمة لتجهيز الـمحل بـمتنوعات كثيرة من البضاعة الضرورية للفصل الـمدرسي والتجاري الـمقبل. وإلا سأحاول اقتراض نحو خمس مئة فاس لتحقيق ما أريد، ولست أحتاج لأكثر من ذلك. وبعد دفع استحقاق الشهر القادم لا يبقى على الـمحل استحقاقات كبيرة فيزيد مدخوله على خرجه زيادة محسوسة.
الرفيق أحمد فوزي قلبقجي الضابط القديـم، عمل هنا في صناعة الـحلوى، وفي أيام البرد عمل تـجارة حسنة وربح ووفر نحو خمس مئة فاس أودعها معي، ثم زيّن له الاشتراك مع أشخاص لفتح مطعم قرب «ورشة»، وكان في الأمر شيء من الغش فخسر في هذا الـمسعى نحو نصف توفيره. ثم جاء الـحر فقلّ بيع الـحلوى وزاد مزاحموه في هذه التجارة.
وقد فكر من مدة في الاشتغال في شيء في الصيف يعوّض عن العمل في الـحلوى. ففكر في الوصول إلى الاتفاق معك لترسل إليه فاكهة ليبيعها. وقد كان في الأول يقول إنه مستعد للدفع حيـن التسلم. وهذا كان قبل أن يطير رأسماله. أما الآن فالأرجح أنه يريد أن يبيع أولاً ثم يدفع. سألني أكثر من مرة أن أكتب إليك في هذا الأمر، وأنا لا أستحسن إدخال مركز الزعامة وحرمتها في مثل هذه الوساطات التي يجب أن تتنزه عنها الأعمال الـمختصة بالزعيم. وهو الآن ينتظر جوابك [......] لأكتب إليك.
[.....] الـمسائل القومية والنظامية ولكني لست [.....] التجارية ومعاملاتها فانظر أنت في هذا الأمر [.....] واكتب إليه وتقول له إني خابرتك في [.....].
[.....] عائلتك وجميع أفراد بيتك. كذلك إبنتي صفية [.....] الطفلة الـجديدة فهي الآن تبتدىء تـميّز الأشياء. لتحيى سورية.
بعد: إنّ جوابك إلى رفقاء خونيـن اشتمل على شيء مـما كتبته الزوبعة في صدد الـمدعو جبران مسوح، خصوصاً مسألة كتاباته الاستعمارية وآرائه في كتابه الـمسيحي والـمسلم وسيظهر العدد قريباً موضحاً للمبصرين والعميان ما غاب عنهم.