أشار الشريف حسين في الكتاب الذي أرسله إلى السر هنري مكماهون في 14 تـموز 1915 - أثناء الـمفاوضات التي جرت بينه وبين الإنكليز لفصل البلاد العربية عن جسم الدولة العثمانية- إلى أن الـحدود الشمالية للبلاد العربية يجب أن تـمتد إلى مرسين وأدنة، إلى خط عرض 37 شمالاً، فتغدو منطقة الإسكندرونة وأنطاكية جزءاً من الدولة العربية الـمنشودة. أما السر هنري مكماهون فاقترح فصل هذه الـمنطقة في الكتاب الذي أرسله إلى الشريف حسين في 24 تشرين أول 1915 زاعماً أن سكانها ليسوا عرباً خلصاً. فرفض الشريف حسين الاقتراح، وأصرّ على رأيه في الكتاب الذي بعثه إلى السر هنري مكماهون 5 تشرين ثاني 1915، أن سكان هذه الـمنطقة عرب، لكنه رضي أخيراً بالتنازل عن مرسين وأدنة فقط.
نـجد ذكر وجوب إبقاء لواء الإسكندرونة ضمن البلاد العربية قد تردد في مراسلات ومذكرات أخرى. فقد ذكر ذلك الشريف علي في رسالة كتبها قبيل الثورة العربية، في 26 أيار 1916، وأشار إليها الأمير فيصل في مذكرته التي قدمها إلى مؤتـمر الصلح في 29 كانون الثاني 1919. فلما عقد الـحلفاء معاهدة الصلح مع الدولة العثمانية (معاهدة سفر) في 10 آب 1920 تنازلت الدولة العثمانية عن منطقتي الإسكندرونة وكيليكية معاً واعتبرتا جزءاً متمماً للبلاد العربية الـمنسلخة عنها.
على أن معاهدة سفر أثارت ثائر الوطنيين الأتراك فالتف بعض أعضاء البرلـمان العثماني حول مصطفى كمال الذي قاد الـحركة الوطنية في شرقي الأناضول ورفض الاعتراف بـمعاهدة سفر. وقد وضع مصطفى كمال وأتباعه برنامجهم الوطني الـمعروف بـ»ميثاق الـمجلس الوطني الكبير «وأعلنوا بـموجبه تكوين تركية جديدة مؤلفة من جميع أجزاء الدولة العثمانية التي تسود فيها أغلبية تركية.
وقد ساعدت الظروف الدولية هذه الـحركة الوطنية. فقد دب الـخلاف بين الـحلفاء، ولا سيما بين إنكلترة وفرنسة وإيطالية، من جراء السياسة التي انتهجتها انكلترة في الشرق الأدنى، وذلك بإفساحها الـمجال لليونان لـمحاربة تركية والتوغل في آسيا الصغرى، فانتهز الكماليون هذا الـخلاف واستثمروه إلى أبعد حد مـمكن بعقد معاهدات صلح منفردة مع الدول ذوات الـمصالح الـمتناقضة في الشرق الأدنى.
لقد بدأ الأتراك الكماليون بهذه الـحركة الدبلوماسية الـموفقة بعقد إتفاقية مع حكومة الإتـحاد السوفياتي في 16 آذار 1921 اعترف بـموجبها الإتـحاد السوفياتي بحكومة الـمجلس الوطني الكبير وبـمساعدته بـمعدات عسكرية وعدم الاعتراف بأحكام معاهدة سفر. وحدثت مفاوضات سرية بين الكماليين وفرنسة وإيطالية عُقد على أثرها اتفاقيات وعدت بـموجبها كل من فرنسة وإيطالية بالإعتراف بحكومة الـمجلس الوطني الكبير وبـمساعدته بـمعدات عسكرية.
عقد اتفاقية أنقرة
أما الـمفاوضات بين فرنسة والكماليين فقد بدأت على أثر زيارة الـمسيو فرانكلان بويّون (Franklin Bouillon)، أحد أعضاء البرلـمان الفرنسي، الذي بدأ زياراته لتركية منذ السنة 1920 بصورة شبه رسمية. فلما سمع بذلك اللورد كرزن (Lord Curzon)، وزير خارجية انكلترة، أرسل إلى الـمسيو بريان (M. Briand)، وزير خارجية فرنسة، يستفهم منه عن مهمة الـمسيو فرانكلان -بويّون في تركية. فأجاب الـمسيو بريان أن رحلة فرانكلان-بويّون هي صحفية وشخصية، وأكد له في مذكرة بعث بها إليه بأن فرنسة لا تفكر في مفاوضة خاصة تتعلق بأمر قضية الصلح العامة. على أن الأخبار وصلت للورد كرزن ثانية بأن الـمسيو فرانكلان-بويون شخص مرة أخرى إلى تركية، فوجّه اللورد كرزن سؤالاً إلى الـمسيو بريان عن غرض الرحلة، فأجاب الـمسيو بريان في مذكرة رسمية (14 تـموز 1921) قائلاً: إن الغرض منها هو عقد اتفاقية محلية (Tractation locale) ، وأن ذلك لا يتعلق بـمفاوضات الـحلفاء مع تركية وتوسطهم في النزاع القائم بين تركية واليونان، على أنه وصلت أخيراً أخبار التوقيع على »اتفاقية أنقرة« في 20 تشرين أول 1921 وفيها تـمّ عقد الصلح بين فرنسة وتركية بعد مفاوضات استمرت منذ آذار 1921.
تنص إتفاقية أنقرة على انتهاء حالة الـحرب بين فرنسة وتركية (الـمادة 1)، وأن الـحدود بين تركية والبلاد السورية تتحوّل إلى الـجنوب على أن يكون الـحد الفاصل بينها خطاً يبتدئ من خليج إسكندرونة (على أن يعين موقعه في ما بعد بالإتفاق) من جنوب ضاحية باياس ويـمتد شرقاً إلى ميدان أكبس (على أن تبقى محطة سكة الـحديد ضمن البلاد السورية في هذه الناحية)، ثم يمتد شرقاً ثم جنوباً حتى تبقى مدينة كلبس ضمن الـحدود التركية ويبقى الـخط الـحديد (الـمسمى بسكة حديد بغداد) داخل الـحدود التركية، ثم يـمتد الـخط شرقاً حتى يتصل بدجلة عند جزيرة ابن عمر (الـمادة 8)، وهكذا تنازلت فرنسة لتركية عن نحو 18000 كيلو متراً مربعاً من الأراضي السورية (بـما في ذلك كيليكية) بالنسبة للحدود التي وضعت لسورية بـموجب معاهدة سفر.
ومنحت إتفاقية أنقرة أيضاً امتيازات خاصة بالسكان الأتراك في لواء الإسكندرونة وأنطاكية بـموجب الـمادة 7 التي تنص:
»يتألف نظام إداري خاص في منطقة الإسكندرونة، ويتمتع السكان الأتراك في هذه الـمنطقة بكافة التسهيلات لنماء ثقافتهم، وأن يكون للغة التركية هناك مركز رسمي..« (الـمادة 7)
وقد حصلت الـحكومة الفرنسية لقاء ذلك على تصريح من الـحكومة التركية يـمنح امتيازات اقتصادية لشركات فرنسية بقصد استخراج معادن الـحديد والكروم والفضة من وادي خرشوط مدة تسع وتسعين سنة على أن يساهم الأتراك في رأسمال هذه الشركة إلى حد 50 % من الرأسمال الـمستثمر.
لقد اعتبرت هذه الإتفاقية ضربة قاسية للسياسة الإنكليزية في الشرق الأدنى، فأثارت مساجلة دبلوماسية عنيفة بين اللورد كرزن والـمسيو بريان، وزيري الـخارجية الإنكليزية والفرنسية، ولكنها لم تـحسم الـخلاف بينهما إذ استمر حتى 20 أيلول 1922 حين ذهب اللورد كرزن نفسه إلى باريز للتفاهم مع الـمسيو بوانكاريه، رئيس الوزارة الفرنسية، لإيقاف التقدم التركي في ترافية وإنهاء الـحرب بين تركية واليونان[1].
أما فرنسة فقد اعتبرت اتفاقية أنقرة ظفراً دبلوماسياً لها إذ أحبطت السياسة الإنكليزية في الشرق الأدنى بتأييدها الـحركة الكمالية وإيقاف الـجيوش اليونانية عند حدها، وهذا معناه تقلص النفوذ البريطاني، وفي الوقت نفسه انتقمت الـحكومة الفرنسية لنفسها عن عدم تعاون الـحكومة الإنكليزية معها ووقوفها موقف الـمنتقد تـجاه السياسة الفرنسية في حوض الرين حيث تركت إنكلترة فرنسة وحدها لـمجابهة الصعاب أمام ألـمانية. كما انتقمت لنفسها أيضاً من موقف إنكلترا الـموالي للأمير فيصل في الشام بينما كانت فرنسة ترمي إلى السيطرة على البلاد السورية كافة.
فالإتفاق الفرنسي التركي إذن ساعد مبدئياً على تقوية مركز فرنسة في الشرق الأدنى بـمعاضدتها الـحركة الكمالية وإضعاف مركز إنكلترة في آسية الصغرى، واستطاعت أن تتفرغ لـمقاومة الأمير فيصل في الشام وكانت ترمي من وراء ذلك أن يخضع للسياسة الفرنسية وإلا فالـحرب بينها وبينه.
على أن هذا الظفر الظاهري للسياسة الفرنسية كان له أبعد الأثر في إحراج موقف فرنسة في ما بعد في البلاد السورية. فإن التنازل عن كيليكية قد أضعف كثيراً من هيبة فرنسة في سورية، وأن تفرغها للقضاء على الـحكومة العربية التي أنشأها الأمير فيصل في الشام قد أثار عليها ثائر الوطنيين في الشام والبلاد السورية كافة فلم تهدأ ولم تئبط عزيـمة السوريين عن مقاومة فرنسة منذ أن خرج فيصل من الشام حتى جلاء الـجيوش الفرنسية عنها.
وضع لواء الاسكندرونة الـخاص
على أثر عقد اتفاقية أنقرة شرع الـمفوض السامي الفرنسي بتطبيق أحكام الـمادة (7) فيما يتعلق بإدارة لواء الإسكندرونة. والـمادة السابعة، كما أسلفنا، تنص على إنشاء نظام إداري خاص باللواء وعلى مساعدة الأتراك لنماء ثقافتهم واعتبار أن للغة التركية مقاماً رسمياً في اللواء. ولا يخفى أن منح هذه الإمتيازات يتفق مع سياسة فرنسة الإدارية حيث تـميل فرنسة إلى تطبيق سياسة إدارية لامركزية في البلاد الـمشمولة بانتدابها في الشرق الأدنى[2] فأصدر الـمفوض السامي قراراً (Arrété) لتطبيق النظام الـخاص في 8 آب 1921، ثم ألـحقه بقرار آخر في 4 آذار 1923. وتقرر بذلك أن تطبق في لواء الإسكندرونة جميع القوانين الـمرعية في دولة حلب، على أن يُـمثل اللواء بنواب في مجلس دولة حلب التمثيلي[3] ويعيّن في لواء الاسكندرونة متصرف لإدارة اللواء وإلى جانبه مندوب الـمفوض السامي الذي يـمارس في الواقع صلاحيات الـحاكم السياسي كافة. وللواء ميزانية خاصة يحضرها الـمتصرف ويعرضها على مجلس اللواء، وبعد الـموافقة عليها يعرضها على مندوب الـمفوض السامي قبل عرضها على مجلس الدولة التمثيلي في حلب.
ولـما حل الـجنرال ويغان (Weygand) الإتـحاد السوري في 5 كانون أول 1924، وضم دولة حلب إلى الشام لتكوين دولة سورية واحدة، انفصل لواء الاسكندرونة عن حلب واتصل بحكومة الشام مع الإحتفاظ بنظامه الـخاص.
ثم أصدر الـجنرال سراي (Sarrail) الـمفوض السامي الذي عقب الـجنرال ويغان قراراً في كانون الثاني 1925، أيّد بـموجبه نظام اللواء الـخاص في الإدارة والـمالية ولا سيما في جعل اللغتين: العربية والتركية متساويتين في الـمقام الرسمي.
ولا ريب في أن موقف الـمفوضية الفرنسية هذا وإرضاء العنصر التركي بسياستها الإدارية اللامركزية قد شجع الـحركة الإنفصالية في لواء الإسكندرونة، حتى إن نواب اللواء الذين انتخبوا عن أقضية اسكندرونة وأنطاكية وقرقخان، في الإنتخابات النيابية لكانون الثاني لسنة 1926، رفعوا كتاباً إلى الـمفوض السامي يطلبون إليه فيه فصل اللواء نهائياً عن حكومة الشام وربطه مباشرة بالـمفوض السامي في بيروت.
وقد اجتمع هؤلاء النواب بالفعل بهيأة مجلس تـمثيلي مستقل في 22 شباط 1926، وفي آذار وضع هذا الـمجلس (معتبراً نفسه مجلساً تأسيسياً) قراراً لإعلان استقلال اللواء وانفصاله عن حكومة الشام، ثم وضع دستوراً خاصاً به وطلب إلى الـمفوض السامي رسمياً تعيين الـمسيو دوريو (Durieux)، مندوب الـمفوض السامي في الإسكندرونة، رئيساً لهذه الدولة. وقد أثار هذا الطلب حكومة الشام فأرسلت وزيري العدلية والـمالية إلى الإسكندرونة لـحمل الـمجلس على العدول عن رأيه، وتـمكنا من إقناع الـمجلس بسحب قراره السابق على أن يبقى اللواء بإدارته الـخاصة ضمن الدولة السورية.
وإذا فحصنا موقف الـموظفين الفرنسيين في مختلف دوائر لواء الإسكندرونة نـجد نزعة تشجيع الإدارة الـخاصة فيهم، وقد سعوا لتطبيقها بشكل ضمن مصالح العنصر التركي ولكنه أثار تذمر العرب حتى ظهر لهم أن الـمفوضية الفرنسية قد ناصرت في سياستها الإدارية الأتراك على العرب، وحتى فسر كثير من عرب اللواء هذا التشجيع أنه مقدمة لفصل اللواء تدريجياً وتسليمه لتركية. فكان الـمسيو دوريو، الذي شغل منصب مندوب الـمفوض السامي في الإسكندرونة (1923 - 1937)، والـمسيو كارو (Garreau) الذي خلفه (1937 - 1938)، يتبعان سياسة لامركزية استفاد منها العنصر التركي وتذمر منها العرب. أما الكومندان كوليه (Collet) الذي خلف كارو وبقي اللواء بعد انفصاله (1938 - 1939)، فكانت ميوله مـمالئة لأتراك اللواء. والواقع أن الـجانب العربي لم ينل من عطف الـموظفين الفرنسيين ما حظي به العنصر التركي، فكان الـمسيو بزانتين (Bazantayn) مفتش الـمعارف يشجع العنصر التركي للإقبال على التعليم ويسهل له السبل بينما كان يثبط عزائم الشباب العرب ويصرفهم إلى مزاولة الـحرف. كما أن بعثات اللواء العلمية التي أرسلت إلى دمشق كانت مؤلفة على الأكثر من الطلاب الأتراك، وكان العرب يشعرون بالغبن في هذه الـمعاملة. أما الـمسيو دلبس (Delbes)، مفتش الزراعة، فكان يفسح الـمكان للموظفين الأتراك دون العرب. أضف إلى ذلك أن الـحكام السياسيين[4]، أمثال الليوتنان كاكون (Gacon) والليوتنان فييه (Fillet) في أنطاكية، والكابتن كيرو (Kerrou) في إسكندرونة، كانوا يـمالئون الأتراك أيضاً. وهكذا أصبح للأتراك حظ أوفر في الوظائف الإدارية والتعليمية، ويظهر أن هذه النزعة في توظيف الأتراك كانت متجلية على الأخص في إدارة الـمعارف[5]. وكان العرب يتذمرون أيضاً مـما يلاقونه من الصعوبات في وجه حركاتهم الإجتماعية والرياضية، فكانت السلطة الفرنسية تغلق نواديهم إذا ظهرت فيها نزعة سياسية، بينما كانت النوادي التركية تترك وشأنها إذا نزعت نحو العمل السياسي. وهكذا قل عن الصحافة العربية التي كانت تعاني ما تعاني بينما كانت الصحف التركية تـجد أمامها مجالاً أوسع للعمل. ولا ريب في أن ثروة العنصر التركي في اللواء وغناه عامل مهم ساعده في الاستئثار بالنفوذ، فكان أكثر الـملاكين من الترك بينما كانت الأكثرية الساحقة من العرب الفلاحين فقراء مرتبطين بـملاكيهم الأغوات من الأتراك.
[1] كان اللورد كرزن قد أرسل مذكرة رسمية إلى الـمسيو بريان في 5 تشرين ثاني 1921 يعترض فيها على عقد صلح منفرد مع تركية ويذكر الـمسيو بريان بأنه سبق أن أكد له بأن ذهاب الـمسيو فرانكلان-بويون إلى تركية لم يكن للمفاوضة في عقد صلح مع تركية، لأن عقد مثل هذا الصلح يخالف الـمعاهدة الفرنسية الإنكليزية الـمنعقدة في 4 أيلول 1914 وميثاق لندن الـمنعقد في تشرين الثاني 1915 اللذين ينصان على وجوب عقد صلح مشترك. فأجابت الـحكومة الفرنسية على مذكرة كرزن في 17 تشرين ثاني 1921 في مذكرة مهمة لا تنازل فيها، ولكنها كانت بلهجة لطيفة، أكدت فيها أن فرنسية كانت بحاجة ماسة لإنهاء الـحركات العسكرية على الـحدود السورية الشمالية، وهي وضعية تختلف عن الـحدود العراقية التركية إذ أن عامل البعد جعل الإنكليز في غنى عن النزاع مع تركية، كما أن اتفاقية أنقرة إنـما هي ترتيب محلي ولم يقصد منها معاهدة صلح لأن الإتفاقية لم تعرض على البرلـمان الفرنسي ولذا فهي (بـموجب القانون الفرنسي) إتفاقية وليست بـمعاهدة صلح. وهكذا أرادت الـحكومة الفرنسية أن تتخلص من الـمسؤولية بالتفريق بين الإتفاقية والـمعاهدة كأن الإتفاقية لا تكفي لعقد الصلح مع تركية!
[2] راجع الـمادة الأولى من صك الانتداب لسورية ولبنان التي تنص:»...ويجب على الدولة الـمنتدبة أن تنشط الاستقلال الـمحلي بقدر ما تسمح به الأحوال» .
[3] كان الـمفوض السامي قد أصدر بضعة قرارات في أيلول 1920 بـموجبها تألفت أربع دول مستقلة إدارياً بشؤونها الداخلية وهي: دولة الشام، ودولة لبنان الكبير، ودولة حلب، ودولة العلويين. ثم منح جبل الدروز في 4 آذار 1921 استقلالاً داخلياً فأصبح هناك خمس حكومات في البلاد الـمشمولة بالإنتداب الفرنسي. ولـما لقيت سياسة التقسيم هذه مقاومة عنيفة من السوريين عدل عنها الـجنرال كورو (Gouraud) الـمفوض السامي الفرنسي الأول في سورية، وأعلن في 20 حزيران 1921 دمج دولة حلب والشام والعلويين وتكوين اتـحاد منها. ثم أصدر الـجنرال كورو نظاما للإتـحاد وانتخب السيد صبحي بركات (من أنطاكية) رئيساً للإتـحاد.
[4] ويسمون بضباط الإستخبارات أو الـمصالح الـخاصة.
[5] كان في مدينة أنطاكية العام 1921 مدرسة إعدادية تسمى «الـمكتب السلطاني» وهي الـمدرسة الإعدادية الوحيدة في اللواء، وكانت هذه الـمدرسة تركية صرفة إلى السنة 1927 حيث خصص قسم من الـمدرسة لتعليم الطلاب العرب. على أن أكثرية مدرسي هذا الـمعهد- حتى في القسم العربي- كانوا من الأتراك. وكان الطلاب العرب يتذمرون مـما يلقاه الطلاب الأتراك من التسهيلات التي حرموا منها. ولا شك في أن هناك صعوبة إدارية كبرى أمام السلطة الفرنسية في سبيل إرضاء عنصرين متنافسين، وأن الـموظف الإداري مـعرّض لنقد الـجهتين وقد لا يتوفق في إرضائهما حتى إذا كان محايداً. ويظهر أن النقد والتذمر كانا على أشدهما من الـجانب العربي.