إلى الرفيق يعقوب ناصيف
خوخوي
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت من أيام كتابك الـمؤرخ في 18 مايو/أيار الـماضي، ومعه الـمقالة الثانية بعنوان «عصابة الاحتيال»(1).
الـمقالة نظرت فيها وأبقيتها على حالها، وإن كنت أرى أنّ ملحق الفطرة الإسلامية الذي تشير إليه ليس من صنع الرحال بل من صنع الـمدعو خالد أديب الذي حل محل الرحال، أو سلبه مركزه في إنشاء جريدة الفطرة. وفي كل حال فإني لم أطّلع على الـملحق الـمذكور ولا اهتممت له.
سررت كثيراً بالروحية التي تشير رسالتك إلى أنها متجلية في الرفقاء والذين على أهبة اعتناق عقيدتنا في خوخوي. وإني أقدّر هذه العواطف السامية حق قدرها. ولولا كثرة الـمشاكل التي انتابتني منذ قدومي إلى توكومان لكنت أظهرت تقديري للمذكورين شخصياً. فأكلّفك تبليغهم ثنائي وتقديري وأسفي لعدم تـمكّني من تـحقيق رغبتي في زيارة خوخوي في القريب العاجل. الـمشاكل ازدادت في الـمدة الأخيرة ازدياداً عظيماً، وآخرها كان هجوم ناكر الـجميل الـمدعو إبراهيم الكردي على الزعيم، وهو داخل إلى الدار الـمستأجرة للصناعة التي يأذن الزعيم من كرم أخلاقه للكردي الـمذكور في الإقامة فيها مجاناً، للغدر به!
تعلم أني كنت عقدت شركة صناعية مع هذا الأثيم، على شرط أن يقدم «امتياز اختراع». وأخيراً تبيّن لدى دائرة الامتيازات في بوينُس آيرس أن لا اختراع هناك. وبدلاً من أن يشكر الكردي ثقة الزعيم، ويظهر ندمه على ما كلّفه من نفقة وخسارة، أخذ يدّعي الدعاوى الباطلة، وأخيراً رأى أنه لا مفر له من الـحق فأمضى عقداً خصوصياً بيني وبينه بفسخ الشركة واعتبار العقد ملغى. ومنذ أيام ظهر لي من سوء نيّته ما جعلني أؤنبه حتى أنه قرر مغادرة الـمكان، ولكن تعمّد الشر وحاول الغدر بي وأنا داخل إلى دار الصناعة الـمقبلة. ومع كل غدره وضخامة جثته تـمكنت من لف زندي الأيـمن على عنقه وجرّه إلى الـخارج. وأدى الأمر إلى تدخّل الشرطة الذين له بينهم أصدقاء. وهو الآن دائب على استنباط أسباب الانزعاجات وسيقلقني ويكلّفني التخلص منه قدر ما أقلقني وكلّفني الاحتفاظ به!
الأغرب من أمر الكردي أمر الـجماعة السورية هنا التي أظهرت من حطة الأخلاق وفساد الـمناقب ما يندر مثيله. ولا أستثني الذين ادّعوا أنهم قوميون، إلا الرفيق جبران مسوح والرفيق أحمد قلبقجي والرفيق نديـم عاقل والرفيقة نبيهة الشيخ أنطكلي، والرفيق إلياس أنطكلي زوجها الذي بقي موالياً للزعيم. والباقون أخذوا جانب الكردي وانحازوا إلى أعداء الزعيم وأهل الرجعة والنفاق!
عندما وجدت أمر الصناعة صعباً لم أرجع عنه، وتابعت الدرس والاستنباط حتى توصلت إلى حلول جيدة وتوفقت إلى آراء مفيدة. ولكني رأيت الاحتياط ضد غدر الزمان. وهذا دفعني إلى الاشتراك في محل الرفيق جبران مسوح التجاري. فقد تشاركنا بصورة خصوصية وسيجري عقد الشركة بيننا في أوائل الأسبوع القادم وإسم شركتنا «سعاده ومسوح» للتجارة في الورق ولوازم الـمكاتب والـمدارس وغيرها. ويـمكن أن أسافر إلى بوينُس آيرس قريباً للتعرف على الـمحلات الرئيسية التي نتعامل معها ولشراء بضائع للمحل.
هذه لـمحة صغيرة من الـمشاكل التي اعترضتني مؤخراً. ولكني آمل أن تزول وإن كلّفت كثيراً. ومتى ثبتّ أعمالي التجارية فيمكن حينئذٍ أن أفكر في التجول لزيارة الرفقاء.
مقالتك ستسافر غداً إلى بوينُس آيرس.
سلامي القومي لك ولأنـجالك وبقية عائلتك وللرفيق سعيد [جرجس سمعان] والرفيق منير [ديب] وبقية الرفقاء. ولتحيى سورية.
(1) مقال «عصابة الاحتيال». نشر في الزوبعة، الأعداد 77، 78 و79 في 15/5/1944 و1/7/1944 و12/8/1944.