إلى الرفيق جبران مسوح
توكومان
رفيقي العزيز،
تسلمت كتبك الأخيرة، وهي أربعة: أولها في أول مايو/أيار تاريخه وآخرها في 7 مايو/أيار الـحاضر وقد تسلمته أمس. ومع هذه الكتب تسلمت ثلاث بطاقات انضمام وصكّيـن على البنك الواحد بـمبلغ 51 فاس والثاني بـمبلغ 20.
إنّ هذه النتائج حسنة جداً، خصوصاً، ما تعلق بانضمام العناصر الـجديدة السليمة، التي أعتقد أنها تعطي نتيجة جيدة إذا قوّينا نفوسها ومناقبها وأبقيناها منعزلة عن ذوي النفوس الـمريضة. والأفضل أن يبقى هؤلاء متكتميـن ولا يعلم جميع الناس في اليوم التالي أنهم دخلوا، فهذا يضر الـمصلحة، ولذلك أوصيك وأطلب أن توصي جميع الرفقاء بوجوب كتمان خبر دخول كل عضو جديد عن جميع الناس وعن الأعضاء الـمشبوهيـن مثل توفيق سعاده وأمثاله، وأن تبقى اجتماعاتكم سرية، وإذا أمكن عقدها في غير منزلك يكون أفضل، لتبقى بعيدة عن مراقبة بلوميا ولوريس وأميـن. وهذا احتياط ضروري الآن. وإذا بلغكم أنّ ما يجري في الاجتماعات يعرف في الـخارج وجب التشديد في معرفة من أين صدر الـخبر، وعزل كل عضو مشتبه به حتى يقوم النظام وترسخ الأخلاق. والذين ينضمون يجب أن يوصّوا بعدم إذاعة خبر انضمامهم، وأن يعملوا بحكمة وروية، ويستقصوا الأخبار ويستطلعوا نيات الأعداء والـمنافقيـن والـمراوغيـن.
سررت بكتاب الرفيق نسيم خزامة إليك وبـما ضمنه من حقيقة روحية وأعتقد أنك ستتوفق في سانتياغو.
زيارة الرفيق صبري عبدالـخليل التي استمرت نحو ست ساعات كانت مفيدة جداً وأدخلتني إلى نفسية هذا الرفيق. إنّ مشاكله معقدة نوعاً. أظن أنه سيكون مفيداً بعد التغلب عليها. وقد ابتدأ يهتم الآن وسيكون لاهتمامه تأثير. وإذا كان إخلاصه كلياً فينتظر منه نتائج كبيرة جيدة.
الرفيق عبدالله كاتربونا: قد قام باختبارات كثيرة في الـمدة الـماضية ولعلها كانت مفيدة له في اختبار البيئة وفي تثبيته في العقيدة والنظام. لا مانع من حضوره الاجتماعات. ولكن استدعه أولاً وأفهمه أهمية النظام والتقيد به بكل دقة، وقل له إننا كنا نراقب جولاته وحركاته بتساهل ليختبر بنفسه، ولكننا لن نتساهل بعد الآن، فإما أن يكون معنا بكلّيته وإما أن يبقى على الـحياد. وأخبره أنّ دعوته إلى الاجتماعات من جديد ليس معناها أنه سيمكنه أن يغيب في الـمستقبل عن النظام، كما غاب في الـماضي، ثم يعود إلى نطاق النظام متى شاء. هي فرصة يجب أن يعرف قيمتها.
توفيق سعاده: يهمل ويقاطع بالأخبار، لأنه مشتبه بإخلاصه وتصرّفه النظامي وصلاته. ولا تعد إلى معالـجته فلا فائدة، لأنه مفلوج الروح والإرادة وفصوله الـماضية توضح داخلية نفسيته. هو آلة تسيطر عليها الـمادة. ويجب أن يفهم الأعضاء الـجدد حالة أمثال توفيق سعاده، ويكون ذلك بجلوسك مع كل واحد منهم على حدة فتحدّثه وتوضح له الـموقف وتوصيه بالكتمان، لأنه يجب أن لا يحدث لغط في هذه الأمور.
الزوبعة: لم يقم فيليب بوعده معنا وقد خسرنا أسبوعاً كاملاً من جراء ذلك. أخيراً اتفقت مع صاحب الـمطبعة على العمل تـحت إشرافه. ونظراً لانهماكه بتغيير الـمطبعة لم نتمكن من العمل غير يوم الـجمعة. فدشنت العمل على اللينتيب بنفسي. فصببت نحو ستة أسطر تـحت إشراف صاحب الـمطبعة ثم سلّمت العمل لسامرجي، وبعد الظهر عدت إلى العمل وأشرفت على تـمرن الرفيق إسكندر مسوح الذي صف نحو عشرة أسطر، ونتيجة العمل ذلك اليوم كانت مئة سطر صبها سامرجي، وخمسيـن سطراً صببتها أنا، وعشرة صبها إسكندر، وقد جرت حوادث حالت دون العمل باستمرار. ولم يـمكن أن نبتدىء قبل الساعة الـحادية عشرة. والآن ننتظر دورنا يوم الـخميس الـمقبل.
وقد تبيّن من العمل أني أسرع العامليـن فالسيد سامرجي، الذي لا أعرف إذا كان يستحق لقب الرفيق، لا يحسن اللغة ويجب أن يتعلم قراءة خطي أولاً، فهو بطيء وفي شك من بعض الكلمات. والرفيق إسكندر بطيء التعلم ولا يزال في البدء. أما أنا فقد حفظت الـحركات من الـمرّة الأولى وحفظت مراكز الأحرف وصرت أسرع في تركيب الكلمات والأسطر. سأرى إذا كنا ننهي الأربع صفحات الأولى يوم الـخميس ويوم الـجمعة القادميـن. وفي كل حال قد بدأنا العمل.
إنّ وجودك في توكومان لم يؤخر شيئاً في العمل. ولكن عودتك القريبة تكون لازمة لـمسائل كثيرة.
أرسل إليك مع هذا الكتاب قصاصة من جريدة لا ناسيون تثبت عودة الـملاحة بيـن أسوج والأرجنتيـن، وكتاباً من السيد زكي زمار. وقد قبضت الصكّ الـمرسل منه.
أتـمنى أن تكون بخير. إقبل سلامي وسلام جولييت وصفية. ولتحيى سورية.