إلى الرفيق نعمان ضو
كوسيتي - سان خوان
رفيقي العزيز،
لعلك لا تتوقع أن يكون كتابي هذا إليك من مدينة توكومان. ومع أنّ هذه هي الـحقيقة، فقد عدت إلى بوينُس آيرس، وهناك تسلمت كتابك وهديتك التي ذكّرتني بعلبك ودمشق، ثم رجعت إلى توكومان لأسباب هي مفاجأة لكثيرين، هي أني قررت عقد شركة صناعية تـجارية مع الرفيق محمد إبراهيم الكردي! هذا الرفيق، على بساطة طبيعته وقلّة علومه، هو من أصحاب الأدمغة النيّرة والذكاء الفاعل.
وقد اكتشفت في سفرتي الـماضية أنه مخترع تركيب مواد لصنع ألواح لسقوف البيوت. ولـما أظهر لي نوع اختراعه قدّرت في الـحال أهمية العمل، فسألته إذا كان قد اتفق مع أحد على استثمار الاختراع، فقال إنه تقدّم إليه البعض ولكنه لم يكن قد بتّ مع أحد. فعرضت عليه، بين الـجد والـمزاح، أن أكون شريكه فقبل وعقدنا الأكف. فأتـممت العمل الـحزبي وقفلت إلى بوينُس آيرس، حيث اجتمعت بابن حمي جورج [الـمير] وأوقفته على الـمشروع وعلى عزمي في صدده، فاستحسنه وعرض عليّ مساعدته الـمادية لتحقيق الـمشروع.
فعدت للحال إلى توكومان. وثاني يوم وصولي دلّوني على محل في شارع مايفو صالح لإنشاء الـمصنع فجزمت باستئجاره، وقد تـمّ الاستئجار في أوائل الأسبوع الـماضي. وغداً أو بعد غد يتم عقد الشركة عند كاتب العدل. ثم يأتي دور طلب الآلات وإعداد العدد واللوازم للعمل والبحث عن منزل صالح لسكن العائلة، ثم نقل العائلة إلى توكومان. هذا التغيير جرى بسرعة البرق وهو عائد إلى سرعة جزمي في الأمر وسرعة عملي.
إني مسرور ومتأسف معاً، مسرور لأني سأكون أقدر على صيانة كرامتي وعلى تعزيز الـحركة القومية الاجتماعية مادياً. ومتأسف لأني سأحتاج إلى تـحويل بعض قواي ومجهودي إلى الأعمال الصناعية والتجارية، التي كان يجب أن يكون الزعيم في غنى عنها لو كان هذا الـجيل يعرف واجباته. إني انتظرت أربع سنوات طويلة، أو خمس سنوات، في الـمغترب لأجد فرصة تـمكنني من إظهار ما أقدر على فعله سياسياً وحربياً في سبيل قضية أمتي ووطني، ولكن النتائج كانت على ما تعلم. وقد تكون هذه الـخطوة الـجديدة أفضل خطوة لتغيير مجرى الأمور.
لم أجد عند عودتي إلى بوينُس آيرس الاهتمام الذي كنت أتوقعه من بعض الرفقاء. الرفيق خليل الشيخ اختلف مع أبيه وانفصل عنه. الأسباب عديدة أهمها عزم الرفيق على الاقتران بأخت زوجته الـمتوفاة من مدة وعدم رضى أبيه وأخيه عن ذلك. ثم ازدادت شقة الـخلاف بظهور فساد عقلية أبيه في ما يختص بالعمل القومي. وقد تزوج هذا الرفيق في أوائل ديسمبر/كانون الأول الـماضي حين كنت في بوينُس آيرس، وأخبار الـمنفذية هناك تقول إنهم لـمّا يقفوا له على أثر. وصبري عبدالـخليل قد ظهر أنه مستعد لتضحية مصالح الـحزب كلما كان ذلك مفيداً لـمصالـحه ومنافعه. ولا أستغرب ذلك نظراً لسيرة هذا الرجل السابقة. وهو الآن له خليلة يريد أن يترك عائلته ليعيش معها. وهو لذلك دائم القدح في امرأته واللوم لها.
باقي الرفقاء في بوينُس آيرس جيدون، وقد تقدمت الـحالة وجرى مؤخراً بعض الإقبال بسبب حفلة 16 نوفمبر/تشرين الثاني. سأوجه عنايتي مدة من الزمن لتثبيت الـمشروع وضبط العمل الذي أقدّر له أرباحاً جيدة. ومع ذلك لن أغفل شؤون القضية الهامّة التي يليق بالزعيم تناولها.
لا أكتب إليك الآن أكثر من كل هذه الأمور. وسأرى ما يجيء به الـمستقبل.
أتـمنى أن تكون وعائلتك الكريـمة بخير، وأن يكون موسم السنة كما تـحب. سلامي لك وللعائلة. ولتحيى سورية.
بعد: لا أظن أنّ قدوم عائلتي يكون قبل فبراير/شباط.
أكتب إليّ إلى توكومان على هذا العنوان:
597 Junin,
Tucuman
الـمحل الذي استأجرناه وسنبدأ بإصلاحه في هذا الأسبوع واقع في شارع:
Maipu, 451 al 455
Tucuman
وهو أيضاً سيكون صالـحاً لقبول الرسائل منذ الأسبوع القادم.