رفيقي العزيز ساسيـن ساسيـن،
تسلمت كتابك الـمؤرخ في 6 سبتمبر/أيلول الـماضي ومعه نسخة كتاب السيد رافلس وعليه أجيب:
آسف جداً لأنّ جواب السيد رافلس على كتابي الثاني إليه لم يصل إليّ، ولأني لم أعد أتسلّم شيئاً منه، حتى ظننت أنّ كتابي لم يصل إليه. وكم كنت أود لو أنّ السيد الـمذكور أرسل إليّ نسخة من جوابه الثاني، ويـمكنّي إعطاؤه عنواناً خارجياً يضعه على الغلاف في الـخارج فيصل إليّ وهو [.......]
إنّ ما كتبته أنت إليه حسب الصورة التي أعطيتنيها في كتابك هو حسن، ولكن جوابه لا يحلّ مسألة كيفية بقاء من يضطر إلى البقاء في إسبانية، خصوصاً وليس لنا موارد مالية واسعة في هذه الظروف لنقوم بنفقات كبيرة. ولـمّا كانت هذه الـمسألة هامّة وتوجد عراقيل فضلاً عن عراقيل السفر ونوع البواخر التي تسافر ويـمكن استخدامها، فقد كانت لـجنة الـمؤتـمر أوقفت الاستعدادات، وهذا ما يحسن أن يقف عليه السيد رافلس، أي مسألة توقيف الاستعدادات تـجاه الصعوبات الـمتزايدة، لكي لا يظن أنّ التأخير لتردد من نوع آخر.
وقد بدأت مخابرة الـمهتميـن في أمر إعادة الاهتمام بتنفيذ فكرة الـمؤتـمر، ومتى حصلت على جواب يـمكن عدّه صالـحاً لـمباشرة الـمخابرة في الشؤون الهيولية (كنكريته). فيمكن حينئذٍ تقديـم لائحة بأسماء الـمرجح أو الـمؤكد اشتراكهم في الـمؤتـمر. ولكن يجب إفهام السيد رافلس أنّ عدم وصول كتبه إليّ وانقطاع الاتصال من طرفه قد أخّر الـمشروع كثيراً، وقد نحتاج إلى وقت لإعادة ما كان جارياً من الأمور، ولا ننسى أنه بـمرور الوقت الـماضي تبدلت أمور كثيرة، وتغيرت أحوال وظروف بعض الأشخاص الذين اتـجهوا إلى أمور أخرى.
ولا أكتمك أنه يجب أن لا نتعرض لـخسارة الأعمال الـجارية في الـمهجر، والاضطرار للقيام بأعمال بعيدة عن محور قضيتنا، خصوصاً الـمعركة الدائرة رحاها في الـمهجر لاكتساب الـمهاجرين إلى قضيتنا الـمقدسة. وأبشّرك أنّ قسماً لا يستهان به في أميركة الـجنوبية قد أصبح مقتنعاً وموالياً، ولكن يجب الآن توجيهه نحو الناحية العملية، وترك هذه الأمور الآن يضر، ولا يحسن تركها إلا لأسباب عليا. وكنت أود أن أحصل من السيد رافلس على تأكيدات برغبة إسبانية القومية في التفاهم معنا ومعاضدة قضيتنا، التي هي قضية سورية القومية وليس «العروبة والإسلام». وهل يـمكن الـحكومة الإسبانية تقديـم أو اعتماد مساعدة النهضة السورية القومية عملياً لقاء مساعدات من قبلنا لإسبانية؟
إنّ الرغبة الظاهرة تدل على احتمال حدوث شيء من ذلك، وهذا ما يجعلني أميل إلى عقد الـمؤتـمر في إسبانية، ولكن يجب التغلب على الصعوبات التي ولدتها الظروف الـحاضرة وصعوبة الـمواصلات وانقطاع مراسلات السيد رافلس عني؟
ويحسن معرفة هل لإسبانية بواخر تسافر إلى الولايات الـمتحدة والـمكسيك، كما تسافر إلى أميركة الـجنوبية، وهل يـمكن سفر أعضاء الـمؤتـمر عليها. وهل إذا أرادت بريطانية التعرض لي في البحر، فماذا يحدث؟ وبـما أنك أعطيت السيد رافلس عنواني فسأنتظر كتاباً منه أو مراسلة منك في ما يجدّ، فالـمسألة لها وجوه تـحتاج إلى درس دقيق. وإني أعتبر كتابي إلى السيد رافلس لا يزال قائماً، ويجب أن يأتي الـجواب منه أولاً ليصح أن أكتب بدوري إليه. ورسائله يجب أن تكون بواسطة شركة «الإيطالية لان كندر» التي تسافر إلى أوروبة أو منها. وإذا كان هو يكتب إليّ ولا تصل رسائله فيمكنه استعمال العنوان الـمستعار الـمعطى في هذا الكتاب.
هذا ما عندي الآن في هذا الصدد. وأتـمنى لك التوفيق. ولتحيى سورية.
بعد: إنّ مسألة تهيئة الأمور لـمجيئنا وبقائنا في إسبانية، إذا لزم الأمر، هي مسألة قد لا يكون من الـمفيد حلّها بالـمراسلة، فإذا كانت لك مصالح في مدريد ورغبت في السفر إليها للتفاهم هناك شخصياً مع السيد رافلس ويكون التفاهم شفوياً فقد يكون ذلك أفضل حلّ. ومع ذلك تبقى مسألة الاعتبارات الأخرى التي سأرى إذا كان يـمكن حلّها بطريقة موافقة تساعد على السفر وعقد الـمؤتـمر.