أيتها العزيزة سلمى[1]،
يظهر أنّ السجن، مع كل ما يورثه من أذى ومتاعب، ليس عديم الـجدوى. فقد تـمكنت في الأسبوعيـن الأخيرين من إكمال العمل الأساسي الذي بدأته. وكانت حياتي، في هذه الـمدة القصيرة كثيرة الإنتاج، مع كل الظروف الصعبة الـمحيطة بي. وإني أعتبر إنـجازي شرح مبادىء الـحزب في مدة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة أعظم عمل قمت به في حياتي في أقصر وقت. إنّ هذا الشرح الوجيز يحتوي تعاليم الـحزب وإيضاح قضيته. وقد أنـجزت، مع الشرح الـمذكور، أهم شغل في بناء الـحزب منذ إنشائه، أي تكوين «جذعه»، الذي هو عدة هيئات ومجالس دنيا وعليا. فقبل هذا الإنشاء الـجديد كنت أتصور الـحزب رأساً وأعضاء بدون صدر وأكتاف، أما الآن فهو هيكل حي تام قابل النمو. إني أتعزى بذلك عن السجن. ولست أقول شيئاً غير صحيح إذا قلت إنّ عملي كان، إلى حد كبير، نتيجة الشعور بالعواطف الـحقيقية الـمرافقة لي، وإني مديون ببعض الأشياء الـمتفرقة التي كانت تردني بيـن حين وآخر من سلمى بقسم غير قليل من الدوافع النفسية.
أرجو أن تكوني بخير. إنك ثمينة جداً لنا وللقضية، وإنّ عملك ضروري. واقبلي سلامي، ولتحيى سورية.
[1] هذه الرسالة غير مؤرخة ولكنها كتبت في فترة الاعتقال الثاني التي امتدت من 26 حزيران /يونيو 1936 حتى 12 تشرين الثاني / نوفمبر 1936.