إلى السيد فريد آغا القلعة (قلعة جي)
فندق الأهرام - بيروت
حضرة السيد الـمحترم،
تسلمت كتابكم الـمؤرخ في 21 أكتوبر/تشرين الأول الـحاضر ومعه كتاب آخر منكم إلى حضرة عميد الداخلية الـمحترم تتقدمون فيه إليه «باستقالتكم النهائية القطعية من الـحزب» التي تثبتونها في كتابكم الـموجّه إليّ.
يشتمل كتابكم إليّ على:
1 - ذكر سفركم الـمستعجل إلى أوروبة بسبب مرض زوجتكم بالسرطان وإثارة أقاويل وإشاعات عنكم متأتية عن سفركم الفجائي على أثر تسلّمكـم بعـض الـمـال مـن أحـد الرفقاء.
2 - حساب عن تصرّفكم بـمبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية (3000 ل. س) تسلّمتموها من الرفيق زكي نظام الدين وجدول بالـمواد التي اشتريتموها بها وأسعارها.
3 - إيضاح عن سبب كتمانكم شراء قسم من الاحتياجات واحتفاظكم به وعدم ذكركم إياه في جدول سابق.
4 - عدم قبضكم أي مبلغ غير الذي تسلّمتموه من الرفيق زكي نظام الدين.
5 - إنكم، بناءً على الإشاعات والاستفسارات التي أثيرت حولكم نتيجة سفركم الفجائي وترك أمور معلقة غير واضحة، رأيتم أنّ كرامتكم قد مسّت «وقررتـم بعد تفكير طويل تقديـم استقالتكم من الـحزب السوري القومي الاجتماعي نهائياً وبصورة قاطعة.»
فإليكم جوابي على الـمسائل الـمذكورة:
1 - إنّ سفركم الـمستعجل أو الفجائي الذي اقتضى معاملات ترخيص سفر وقطع تذاكر لا يعتبر مانعاً من وجوب الـمرور بالـمركز، أو ترك رسالة مختصرة لأحد العمد أو للزعيم، أو إعلام منفّذ حلب العام بالأمر والضرورة التي قضت بسرعة سفركم وإخباره تبليغ الـمركز أنكم تتركون مسائل معلقة ستعودون لتصفيتها أو ستكتبون في صددها.
إنّ سفركم بالطريقة الـمذكورة ثم الاهتمام بـمراسلة بعض الرفقاء وعدم الاهتمام بـمراسلة الـمركز أو بتكليف الرفقاء الذين خابرتـموهم إيصال اعتذار ووعد للزعيم بإطلاعه على الواقع لا يتفق بوجه من الوجوه مع الطريقة النظامية الـمستقيمة في الأعمال والـمعاملات والـمسؤوليات. وهذا النقص النظامي الهامّ في تصرّفكم يبرر بلبلة الأفكار في صددكم وما جرت من أقاويل غير مسؤولة ويبرر كل سعي للوصول إلى الـحقيقة، خصوصاً وإننا نرث حالة من الفوضى الـمتفشية في الشعب التي أوجدت سوابق في عدد، وإن يكن محدوداً، من الذين انضموا إلى الصفوف القومية الاجتماعية.
2 - إنّ قبضكم الـمبلغ وتصرّفكم به بدون مراجعة الـمراجع الـمختصة وأخذ موافقتها هو عمل غير نظامي وغير صحيح ولا يـمكن تبريره بـمجرّد الثقة الشخصية. ولو أنكم رجعتم إلى الـمراجع في هذا الأمر لأمكن تـحقيق توفير غير قليل في النفقة وزيادة في كمية الـمشترى. فإنّ الأسعار التي أثبتموها في كتابكم تزيد نحو ضعفيـن عن الأسعار الـمعروضة من عدة جهات، فما اشتريتموه بسعر - 385 ل.س، يعرض بسعر يتراوح بين 100 ل.س و125 ل.س. يضاف إلى ذلك النقليات. وتفاصيل من هذا النوع كان يجب أن تبحث مع الـمسؤوليـن في الـمركز حال عودتكم من أوروبة. ولكنكم اخترتـم أن لا تبحثوا شيئاً وأن لا تـجعلوا النظام مرجعكم للوصول إلى الـحق فبحثتم عن الأقاويل والإشاعات واتخذتـموها أساساً لتقرير ما قررتـموه.
3 - إنّ إيضاحكم لسبب كتمانكم ما أبقيتموه في حوزتكم جاء متأخراً جداً عن الوقت الذي كان يجب أن تعلن فيه هذه الـحقائق لـمن يعنيهم الأمر.
4 - ليس عندنا علم بأنكم قبضتم أي مبلغ غير الذي أخذتـموه من الرفيق زكي نظام الدين.
5 - إنّ أخطر ما قمتم به بعد ارتكابكم الأغلاط الـمبيّنة في ما تقدّم هو جعلكم نفسكم فوق الأصول النظامية في إظهار الـحق وفوق طلب الإنصاف بواسطة النظام الذي يدين به الكبير والصغير، فبدلاً من أن تتقدموا من الـمراجع العليا بأية ظلامة أو إجحاف أو دعوى حط كرامة لتنصفكم وتضع الأمور حيث يجب، أقدمتم على التفرد برأيكم خارقيـن النظام وأساس الـمساواة بين القومييـن الاجتماعييـن في الـحقوق والواجبات ووجوب الرجوع إلى القضاء القومي الاجتماعي أو إلى السلطة القومية الاجتماعية العليا في جميع الأمور، خصوصاً أمور الكرامة الشخصية التي يجب أن لا تكون ولا مرّة فوق قداسة القضية العظمى والنظام الأساسي، والتي تـجد في النظام وفي متعهديه أقوى ضمان لصيانتها. فاعتباركم كرامتكم الشخصية فوق كرامة القضية الـمقدسة وفوق كرامة النظام وتصرّفكم بوجودكم النظامي كأنكم أنتم تـحكمون على النظام لا النظام عليكم أسوة بألوف القومييـن الاجتماعيـن أمثالكم، جعلكم في حالة خارقي النظام، العامليـن بأهوائها، الـخارجيـن على مبدأ الـمساواة تـجاه القانون. ووصلتم في هذا التصرف الشاذّ حدّ احتقار الرابطة القومية الاجتماعية وعدّها شيئاً فردياً لا يخضع لـمبادىء وحقوق عامة لا يـمكن للأفراد، مهما كانت مكانتهم السياسية أو الاجتماعية العبث أو التهاون فيها. فلم تتصلوا بالإدارة الـمركزية حال عودتكم من أوروبة ولم تراجعوها في شيء بعد سفركم إلى حلب وعودتكم منها، بل استقيتم معلومات من أشخاص اخترتـموهم وعدتـم تبلّغون الإدارة الـحزبية العليا أنكم تعتبرون كرامتكم الشخصية مسّت بالأقاويل والإشاعات التي ليست الإدارة مسؤولة عنها بل أنتم بـما تركتم من غموض بسفركم بلا إيضاح والتي تناقلها أعضاء غير مسؤوليـن. ولو أنكم عدتـم إلى الإدارة الـمركزية وجلوتـم موقفكم أمامها وطلبتم الإنصاف من الإشاعات لـما توانت الإدارة في إظهار الـحق والـحقيقة كما هما.
إنّ الذين يدخلون الـحزب السوري القومي الاجتماعي ويقسمون يـمينه لا «يستقيلون» منه فلا يوجد في عرفنا شيء يسمّى «استقالة» من الـحزب. فإما أن يكون هنالك خروج على القضية أو على نظامها وإمّا أن يكون هنالك ولاء تام والعمل بالنظام إلى آخر ما يطلبه. وأنتم فضّلتم قطع الولاء للنظام وعرّضتم أنفسكم للحنث باليميـن التي أقسمتموها.
هذا هو موقفكم أحببت أن أوضحه لكم بكل شدّته النظامية وكل حرمة كرامته لتختاروا الطريق التي تريدون سلوكها. وإذا ظننتم أني أقدر أن أساعدكم في شيء فإني دائماً مستعد.
تبقى هناك مسألة تسليم ما بقي في حوزتكم فعسى أن تـجدوا الطريقة الأفضل لذلك.وإني بدوري أتـمنى لكم كل نـجاح شخصي وكل توفيق في خدمة الأمة والوطن. ولتحيى سورية.