رفيقي العزيز،
وردني كتابك الأخير الـمؤرخ في 11 سبتمبر/أيلول الـجاري، ومنه علمت أني سهوت عن إخبارك بوصول السند بـمبلغ 51 فاس. وقد كنت أختصر الكتابة إليك نظراً لـما كان مطلوباً مني القيام به هنا. فإنّ التطورات الـجديدة اقتضت أن أفسح وقتاً لـمقابلات كثيرة ولاجتماعات متعددة، خصوصاً ما اقتضاه تعديل قانون «الـجمعية السورية الثقافية» وتشكيل هيئتها الإدارية وإعطاؤها التوجيهات الثقافية والإدارية اللازمة.
ثم نقل الـجريدة إلى مطبعة «السلام»، ثم الاهتمام بقوانيـن الصحافة الأجنبية الـجديدة الذي كاد ينتهي بتسليمي اليوم تعهداً بنشر الـمقال الرئيسي من دائرة الإنشاء بالإسبانية ليعود امتياز التعرفة السابقة. وكان عليّ أيضاً أن أراجع مقالات الصراع الفكري، وقد نسيت أني أصبت بوعكة شبه غريبي وبقيت في الفراش نحو عشرة أيام. وصفية كانت في الـمدة الأخيرة متراوحة بين الصحة والتوعك. وقد أخذت مؤخراً أهتم بكتب السِيرَ والـحديث الـمحمدية لأعود إلى بحث الـمسيحية والـمحمدية.
تسلمت مؤخراً كتاباً من الرفيق نعمان ضو يقول فيه إنه عازم على التوجه إلى الشمال وزيارة توكومان. وكان في نيّته أن يأخذ معه نسخة من عريضة مرفوعة إليّ يفوض فيها موقّعوها أمر الدفاع عن وحدة سورية ومصالـحها الـمعلنة في مبادىء حزبنا إليّ. ولكني تأخرت في الكتابة إليه ولست أدري هل سافر أم لا يزال في سان خوان، فإذا كان باقياً فلا بد أن يصله كتابي الذي أرسلته منذ يوميـن أو ثلاثة وفيه إيضاح بشأن العريضة مع نص جديد لها.
وقد رأيت أن أضع ترجمة بالإسبانية والإنكليزية لهذه العريضة وطبعها على أوراق صالـحة، فيها مواضع معيّنة للأسماء وأماكن الإقامة وأسماء الـمناطق السورية التي ينتمي إليها الـممضون، ليكون كل شيء واضحاً وتعميمها لتأخذ الأهمية والقيمة السياسية الضرورية.
يهتم الرفيق ضو في الوقت عينه بأن يصدر نداء إلى النزالات السورية من قِبل إدارة الـحزب، فأخبرته بـما كان في نيّتي وأطلعتك عليه قبل عودتك وهو أن يصدر نداء باسم عدد من أصحاب العقيدة القومية الاجتماعية، يوضحون فيه الـحق الذي اتّبعوه، والفرق بين حالة القومية الواضحة والنظام من جهة وحالة اللاقومية والفوضى من الـجهة الأخرى، ويدعون الناس إلى ترك الفساد والعنعنات ومؤازرة الـحركة السورية القومية الاجتماعية فيكون هذا النداء مـمهداً لنداء يوجهه الزعيم إلى الـمغتربيـن.
إنّ الزوبعة قد عبّدت الطريق لـمثل هذا العمل ويجب أن لا تفوتنا الفرصة. ولـما لم يكن مجيئك إلى بوينُس آيرس قريباً مؤكداً فقد أفكر في وضع نص النداء بنفسي، وأحب أن تعمل من عندك وتكتب نقاطاً يخطر لك الوصول إلى مركز الشعور من الناس بها.
أحب أن تتمم وضع بصمة الإبهام على البطاقات بسرعة لكي لا تظل هذه الـمسألة معلقة وشاغلة الفكر والعمل الـمنظم.
كتبت إليك مقتضباً في شأن عدم الاطناب بـمدح الرفيق صبري عبدالـخليل، ولم أعنِ بذلك أنه لا يستحق الـمدح، وإنـما عنيت أن لا نهوسه بالـمدح قبل معول العمل خشية أن يهوّره الـمديح كما هوّر غيره. فإني أفضّل، وهذا الرفيق في بدء عمله القومي، أن يوجه نظره إلى خطورة العمل ودقة النظام وعظم الـمسؤولية لكي تبقى هذه الأمور أبرز شيء أمام عينيه. ليس شيء أسهل على الذكي النشيط من الإعجاب بنفسه والاغترار بـمقدرته ولزومها الذي لا غنى عنه.
ولا أريد أن يقع صبري في أغلاط جديدة من هذا النوع، خصوصاً وهو لا يزال رهينة القمار إلى حدّ لـما يـمكني حتى الآن تعيينه. وفي حديث معي مؤخراً صرّح لي أنه لا يـميل إلى الرولته ولكنه يستحسن البوكر، لأنه يجد فيه إعمال فكر ولذة في اللعب. وقد حاول أن يقنعني أنّ اللعب ليس مضراً إذا كان بهذه الصفة. فأظهرت له كم يعطل اللعب من الـمواهب والعقول فضلاً عن مضاره الأخرى. فجاء معي قليلاً ودافع عن البوكر قليلا وتركنا الـحديث في هذا الأمر. إنّ صبري ذو مواهب جيدة وصالـحة ولكن الاختبار النظامي وحده يـمكّننا من معرفة إلى أي حد نقدر أن نعوّل عليه إداريا ونظامياً. وأتـمنى أن ينجح في جميع الاختبارات لـمصلحة القضية ومصلحته هو.
العدد سيطبع غداً أو بعد غد. وسيباشر ترتيب صفوف الصراع الفكري، والورق يـمكن أن يرسل إلى مطبعة «السلام» لإسمي. وقد جلبنا الورق الأول إليها.
عسى أن يخطر لك وتـمكّنك الظروف من القدوم إلى بوينُس آيرس قريباً أو إلى كوردبة فيكون في ذلك فوائد.
نشاط الـحركة هنا يزداد وتتهيأ عناصر جديدة للانضمام. الرفيق خليل الشيخ مندفع جداً، ويظهر نشاطاً كبيراً، وسيساعد في إنشاء القسم الإسباني في الزوبعة. أتـمنى أن تكون وجميع الرفقاء العامليـن بخير. ولتحيى سورية.