الرفيق العزيز إلياس فاخوري،
فعلت حسناً بكتابك إليّ في صدد موقف الرفيقيـن فؤاد وتوفيق بندقي من الـمقالات الـمرسلة لـمعالـجة نقطة هامّة من نقاط الصراع الفكري بيـن النهضة القومية والرجعة في أميركة الـجنوبية. ومن اطّلاعي على معلوماتك وجدت أنّ السيدين الـمذكورين قد أجازا لأنفسهما تـجاوز كل حد، ونقض كل اتفاق، والتدخل في ما لا يعنيهما، حتى بلغا حد إصدار الأحكام بشأن ما يكتبه الزعيم أو ما يأمر بنشره. وقولهما إنّ هذه الـمعارك الفكرية هي «مهاترات شخصية» تطفّل لا أجيزه مطلقاً. ولو أنهما وقفا عند حد ذكر وجهة نظرهما فيما يختص بـمصالحهما الـمادية لكنت أسمع لهما بكل طيبة خاطر. وإذا كانا هما يفضلان أن «يسكّرا الـجريدة ويعطّلاها» فأنا أيضاً أفضل أن «يسكّراها ويعطّلاها» على أن أتـحمل أنا والـحركة القومية مسؤولية الأفكار الأجنبية الـمعاكسة لاتـجاه الـحركة القومية التي تنشر فيها بإيعازهما، أو بإيعاز أحدهما، وكتابته بنفسه كمقالات «الإلياذة السورية» و«إرميا الاستعمار الأجنبي»، التي يقول فيها إنه يجب أن يفرح السوريون لسقوط فرنسة وبريطانية وانتصار ألـمانية وإيطالية لأنهم في عرف الكاتب «قد نالوا الـحرية والاستقلال».
كتابك فيه عودة إلى موضوع مفروغ منه، وحججك فيه غير وثيقة ولا ثابتة. فإذا كانت نـجيبة عبود كما ذكرت فما قولك بحسني [عبدالـمالك]. وإذا كانت نـجيبة وحسني في حالة واحدة، فلماذا تستنتج من ذلك أنّ النساء غير أهل للأعمال القومية؟ من الأمثلة التي ضربتها يتضح أنّ الـمسألة ليست مسألة رجال ونساء بل مسألة أخلاق في جنسي شعبنا الـخشن واللطيف. والنتيجة الـمنطقية لهذا كله هي وجوب العمل مع الـجنسيـن لنعالج أمراضنا حيث هي، لا أن نترك كل مرض على حاله. وأقول لك إنّ الست نـجيبة كانت أكثر رصانة وأبعد نظراً وأشد دهاء من حسني أو غيره، وهذا حجة لهن لا عليهن.
أما أمر حسني فإني كنت غير مرتاح إليه منذ البدء، وحيـن سافرت الـمرة الأولى إلى توكومان أقمت رقيباً عليه، كما أقمت رقيباً على نـجيبة، ولكنك أنت ومريانا [فاخوري] كنتما تـحاولان إبعادي عن كل شك فيه، خصوصاً الرفيقة مريانا التي كررت عليها السؤال بشأن حسني وفي كل مرة كانت تـجيبني «لا، حسني هو الوحيد الذي يـمكن الاعتماد عليه»، إلى أن رأت بأم عينها كيف يـمكن الاعتماد على حسني بعد أن كشفت القناع عن خبثه ومآربه. ومهما يكن من الأمر فقد شجب الناس فعله، ويوجد من يعرف فضلك عليه، وهؤلاء لم يكتموا الأمر. والـمدركون كلهم يعدّون عمل حسني لؤماً شديداً.
بطاقة فؤاد: لم أطلب منك مشاورة فؤاد أو غيره في أمر إرسال بطاقتي غالب [الصفدي] وفؤاد [لطف الله] إليّ. وإنـما أنت مأمور فافعل ما أمرت به. أما من جهتي فلا حاجة بي أنا لهاتيـن البطاقتيـن لأني على ثقة من صاحبيهما ولكني أريدهما، خصوصاً لـجعل صاحبيهما يشعران بزوال الـخطر ويتمرنان على الـخروج من الـجمود.
حالة سان باولو: لم يعد بعيداً الوقت الذي أتخذ فيه قراراً حاسماً بشأن إدارة سان باولو. وقد فصلت ولاية مينس عنها وأنشأت هناك منفذية وعينت الرفيق نـجيب العسراوي منفّذاً عاماً عليها. وهو الآن يحمل أعلى منصب إداري في البرازيل، وإليه تعود جميع الأمور حيـن لا يعود مـمكناً الاتصال بالزعيم. ولكني سأنشىء لسان باولو نظاماً إدارياً جديداً يقتصر على الولاية نفسها فقط. ومع الوقت والتطور يصبح في الإمكان مركزة جميع الفروع حيث توجد الهيئة الأكفأ.
بهذه الـمناسبة أريد أن أعرف رأيك في الأشخاص، واستعدادك أنت أيضاً، والإمكانيات لإيجاد إدارة عملية لولاية سان باولو.
إني أعرف حي الطولبه حيث تقيم وهو جيد الهواء وصالح ليتهشم عليه الأولاد الذين يريدون أن يخشوشنوا، ويجب أن يكون تهشم طارق مدعاة لسرورك ما دام ذلك بـمقدار الاخشيشان.
عسى أن تكون وجميع أفراد العائلة بخير.
سلامي للجميع. ولتحيى سورية.