عندما قرر سعاده أن يختط طريقة حياة قومية اجتماعية لم يكن يبحث لنفسه عن فلسفة بين الفلسفات، ولا عن طريقة حياة بين طرق الـحياة، وإنـما كان يحاول أن يحل قضية قومية واجهته وأحس بها ولـمس خطرها وقاسى من أضرارها، وسأل نفسه عن حلها (1).
كانت القضية ذات أوجه عديدة: اقتصادية، اجتماعية وسياسية ...
فمن الناحية الاقتصادية، ساد في سورية نوع من اقتصاد زراعي متخلف غلب عليه نظام إقطاعي، ونوع من اقتصاد صناعي رأسمالي، وكلا النوعين (الزراعي والصناعي ) قام على الاحتكار: احتكار فئة قليلة من الناس لـمصدر الثروة من أرض الريف والـمصانع في الـمدن، ومعنى احتكار الأقلية لـمصادر الثروة حرمان غالبية الـمجتمع من حقهم في خيرات وطنهم، والهبوط بهم إلى مستوى الفقر الذي يتلاشى معه كل ما لهم من حقوق كمواطنين حتى حق الـحياة الكريـمة.
وفي الناحية الاجتماعية، انعكس الوضع الاقتصادي ، فانقسم الـمجتمع إلى طبقتين. طبقة قليلة العدد استأثر افرادها بالامتيازات الاجتماعية نتيجة لاستئثارها بالغنى والثروة، عاشت على مستوى من الـمعيشة غاية في الارتفاع وتـمتعت بالـخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية على أرفع مستوى، وطبقة اشتملت على غالبية الـمجتمع، حرمت من كل حق: - حق التعليم، ومن حق الرعاية الصحية، ومن حق الأمن، ومن حق العدل. وحتى من مستوى الـمعيشة الأدنی... وبين هاتين الطبقتين طبقة - تألفت من موظفين وصغار تـجار تـمتعت بـمستوی لا بأس به من الـمعيشة ، ولكنها ادا قورنت بالطبقتين الرئيسيتين كانت أقرب إلى الفقر منها إلى الغنی، فكان معظم أصحابها لا يتجاوزون درجة الكفاف إلا قليلا .
ومن الناحية السياسية سادت أشكال من البرلـمانية تربع فيها على كراسي النيابة والـحكم طبقة الأغنياء والإقطاعيين والـمحتكرين، تناوبت جماعاتهم الـحكم وأداروا مصالـحهم هم دون مصالح الأمة، وأصدرت التشريعات كلها لصالح الأقلية صاحبة الامتيازات من الاقطاعيين والرأسماليين. فكانت النتيجة الـمتوقعة لذلك هي وجود نوع من الاستبداد يصل درجة الاستعباد.
هذه هي بعض جوانب القضية القومية، وهناك جوانب أخرى، أوصلت دراستها سعاده إلى إنشاء العقيدة القومية الاجتماعية. وهو في بحثه عن الـحل، لم يكن طالب فلسفة، ولا هاوي تأمل ولا غاوي تغيير من أجل التغيير، وإنـما كان يواجه قضية أمته، ويتصدى لها بالـحل في جد واخلاص وأتى الـحل على شكل أسلوب حياة هي: القومية الاجتماعية (2).
هل العقيدة القومية الاجتماعية ضرورة اجتماعية ؟
في أي مجتمع من الـمجتمعات يـمكن التحدث عن الاشتراكية بـمنطق العدل والـمساواة، ولكننا نحن عندما نتحدث عن نظرتنا الاقتصادية في عقيدتنا القومية الاجتماعية، لا نتحدث بـمنطق العدل والـمساواة فحسب، بل بـمنطق الضرورة أيضا .. الضرورة بالنسبة لكل فئات الـمجتمع، لا بالنسبة لفئة واحدة دون الأخرى.
ولكي نفهم ما نقصد بالضرورة فلا بأس من التعرف على ما حدث في العصور الـماضية من انقسام كل شعب في حقيقة الأمر إلى شعبين: شعب غني وشعب فقير وهذا يصعب أن يتكرر اليوم، فاستحالة اجتماع الثراء الفاحش والفقر الـمدقع في بلد واحد لیست استحالة نظرية، ولكنها استحالة مادية قررها التطور الاجتماعي في صور عديدة وقعت بالفعل ولا بد من الاعتراف بنتائجها التي منها الآتي :
1- فقد ارتفعت نسب التعليم في كثير من بلدان العالم وهذا أحدث تطوراً في صورة انتشار الوعي بين جميع فئات الـمجتمع تقريباً، وبانتشار التعليم والوعي، اختفت من العقول الفكرة التي كانت تـجعل الاستسلام للحظ التعيس مـمكناً. فبهذا التنوير العقلي تغير تفكير الإنسان، ولم يعد مـمكناً أن يقنعه أحد بأن فقره وبؤسه حظ وقدر مقسوم له وأن رسالته في الـحياة هي الصبر والاحتمال.
2- وحدث تطور بوسائل الاعلام الـجماهيري، وأصبح الـمواطن يلم بـما يدور في مجتمعه بل وفي العالم أجمع، وانتهى ذلك العهد الذي كان فيه الفلاح لا يرى من حياة الاقطاعيين إلا أسوار القصور دون أن يدري شيئاً عما يجري خلف هذه الأسوار.أما الآن فإن الصحافة والاذاعة والتلفزيون وشتى وسائل الاعلام وسهولة وسائل الانتقال، كلها أشياء جعلت أي مواطن في أية بقعة من الأرض يعرف كل ما يدور من حوله، يعرف أن فقره ليس صورة الـحياة الوحيدة، يعرف أن غيره يتمتع بـمتع لا يحلم مثله أن تتحقق له ولاحفاده إذا ظل أسلوب الـحياة على ما هو عليه.
3- وحدث تطور في الصناعة، فالـمصانع بطبيعتها نقلت الفرد من تشتت الريف إلى تـجمع الـحياة وتلاحمها في الـمدينة، ونقلت الفلاح من حالة الاكتفاء بـما توارثه من آلاف السنين من معرفة بسيطة بأحوال الأرض، إلى الرغبة في تلقي معارف جديدة، تيسّر له الوقوف أمام الآلات والنظم التي يحتك بها في الـمصنع، فيتفتح ذهنه وتتحرك مشاعره ويتحول إلى إنسان جديد، أشد مطالبة بحق الـحياة. وباطراد التقدم الصناعي يصبح هذا النموذج الإنساني كثرة لا تلبث أن تتحول إلى أغلبية ساحقة مع الزمن مـما يجعله اللون الغالب في الـمجتمع.
4- وحدث تطور في التقنيات، فلم يعد الرزق معه ناتـجاً من الزراعة التي عرفت قواعدها ولم تتغير من آلاف السنين، بل أصبح الانتاج والتقدم رهناً بـمعطيات علمية حديثة، هندسية و كيميائية وقانونية وادارية وفكرية، وهي علوم تعتمد كلها على العقل، وبالتالي ارتفعت قيمة العمل الانساني، ارتفعت حتى علت على قيمة رأس الـمال نفسه ... وأغلب هذه العقول تـجيء عادة من العناصر الصاعدة النشيطة في الـمجتمع، إنها لا تأتي، من بيئة الثراء الفاحش وإنـما تأتي على الأغلب من أبناء الشعب البسطاء، وهي باستنارتها وبقدرتها على استخدام الأدوات الـجديدة الـمنتجة في الـحياة، تتعاظم سلطتها، وتـجر وراءها صعوداً الـمتحدات التي أتت منها.
5- حدث تقدم كبير بانتشار العلاج والوقاية الصحية. فارتفعت نسبة الزيادة في عدد السكان، ولم يكن مـمكناً أن یكفي النمو الرتيب البطيء في موارد الـمجتمع حتى الاحتفاظ بـمستوى الـمعيشة الراهن للشعب في درجته التعيسة. فمجرد الاحتفاظ بالـمستوی الراهن يحتاج إلى جهد كبير .
6 - حدث تغير في القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد، فقد تيسر لأبناء كل الطبقات - تقريباً الالتقاء في أماكن واحدة سواء في العمل أو اللهو، والتأثر بعادات واحدة وتقاليد واحدة، فلو نظرنا إلى الريف في عصر إقطاعي مثلاً، لوجدنا أنه كان مـمكناً ألا يرى الـمالك أرضه مرة واحدة في حياته وبالتالي لا يراه فلاحوه مرة واحدة ولو فلحوا أرضه جيلاً بعد جيل. أما اليوم فقد تغير هذا.
ففي مجال العمل، اختفى الفاصل الـمكاني بين مدير الـمصنع مثلاً وبين العمال فيه، وفي مجال اللهو، خرج اللهو من القصور إلى الأماكن العامة، كدور السينما والـمسارح التي يؤمها كثير من الناس يومياً أو يشاهدون برامج تلفزيونية واحدة. يرون نفس الشيء ويتأثرون بنفس الذوق العام في الـمشاعر والعواطف والتقاليد ...
7- لقد ألغيت فكرة الطبقة ونظام الطبقة من العقول والنفوس ومن الـمحتم أن تلغى من واقع الـحياة والعلاقات، فكل هذه الأشكال من التطور، حدثت في العالم كله وحدثت في بلادنا أيضاً، ولكن يضاف إلى بلادنا ظرف خاص هو: التخلف عن الركب، التأخر الطويل والتخلف الذي جعل مسألتنا الاقتصادية ليست مجرد عدم مساواة في توزيع الدخل القومي فحسب، بل أن الـمسألة هي أنه حتى مجموع هذا الدخل القومي، لو وزعناه بالعدل، فإنه لا يكفي إلا لـحياة لا تختلف كثيراً عن الـحياة التعيسة الراهنة التي يحياها أغلب الناس، إذن فنحن محتاجون إلى زيادة حجم الانتاج القومي كله، كحاجتنا إلى إعادة توزيع هذا الانتاج .
8 - إذا كان مستوى الـمعيشة الراهنة هابطاً، فإنه يـمكن أن يزداد هبوطاً وتعاسة والسبب هو أن العالم يعرف كل يوم مزيداً من التقنيات والسلع الـجديدة والـحاجات الـجديدة، فليس عدد السكان وحده هو الذي يزداد بسرعة، ولكن حاجات كل فرد من السكان أيضا تزيد بسرعة، وهكذا نـجد أنفسنا بالنسبة لـحجم الانتاج في ذاته في اكثر من سباق (3) .
1.سباق مع زيادة عدد السكان .
2.سباق لتعويض سنوات التخلف الطويلة، ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة.
3.سباق مع الازدياد الـمستمر للتقنيات وللسلع وللحاجات في بلادنا .
وفي هذه الظروف، وغيرها ، تعمل النظرية القومية الاجتماعية في الاقتصاد لتقول:
أ- إن التنمية تقوم بها الدولة القومية الاجتماعية، وهي صاحبة القطاع العام القائد في عملية الانتاج (4).
ب - والإنتاج الـمشترك هو حق عام لا حق خاص، و«رأس الـمال ملك قومي عام، يجوز للمجتمع أن يجعل الأفراد يتصرفون به بالقيمومة في مرحلة ولكن القاعدة تبقى بأنه ملك عام، بـمعنى أن تصرف الأفراد في كل العلاقات الرأسمالية حتى الـمحدودة منها، هي استثناء للقاعدة يـمكن الغاؤه في أية لحظة، يعني تأكيد على اجتماعية الرأسمال وقوميته، ورفض لفرديته (5) ...
ج - الـملكية الـخاصة جائزة وفي أحوال خاصة ما دامت لا تؤدي إلى احتكار أو استغلال.
د- احترام حق الـميراث، دون أن يؤدي إلى استغلال أو احتكار .
ومن رأي العقيدة القومية الاجتماعية أن نظرتها إلى الاقتصاد القومي ليست مجبرة على أن تلتزم التزاماً حرفياً بقوانين الآخرين الاقتصادية، فإذا كانت مجتمعات قد آمنت بالصراع الطبقي كسبيل للتحول الاقتصادي، أو أعلنت استنكارها الـمطلق للملكية الـخاصة في وسائل الانتاج أيّاً كانت صورة هذه الـملكية وحدودها، فإن العقيدة القومية الاجتماعية ترى أن هذه التجارب الاجتماعية وإن كانت قابلة للانتقال ولكنها ليست قابلة لـمجرد النقل، قابله للدراسة الـمفيدة وليست قابلة لـمجرد الـحفظ عن طريق التكرار.
إن منهجنا الاقتصادي بـما يتيحه من فرص لـحل الصراع الطبقي سلمياً، وبـما يتيحه من إمكان تذويب الفوارق بين الطبقات، يوزع عائد العمل على كل المجتمع، طبقاً لـمبدأ تكافؤ الفرص.
ومن العناصر الأساسية في العقيدة القومية الاجتماعية أنها تنظر إلى الـمساوة على أنها غاية عليا تسعى إليها. وليس معنى هذا هو الـمساواة المطلقة، لأنها تفترض في هذه الـحالة أن الناس يولدون متساوين، وهذا يخالف الواقع إلى حد ما، فالناس يختلفون في قدراتهم الـجسمية والعقلية، كما يتفاوتون في طباعهم وأخلاقهم وأمزجتهم، فالـمعنى الـمقصود بالـمساواة هو أن لكل مواطن الـحق في كل ما يجعل للحياة قيمة بالنسبة له، يعادل ما لسواه في هذا الـحق.
إن مبدأ الـمساواة الذي تعتبره القومية الاجتماعية هاماً بين ما تدعو إليه، يتعارض تعارضاً أساسياً مع أية مزايا أو امتیازات خاصة تستند الى الـمولد أو الدين أو اللون أو الـجنس. وليس لأحد أن يزعم أو يدعي أن له حقاً طبيعياً في السعادة يزيد على نصيب غيره منها .
والـمقصود بالـمساواة هنا، إتاحة فرص لـجميع الـمواطنين مناسبة وكافية، كل حسب قدراته واستعداداته وامكانياته. وهذا يتطلب من الـمجتمع أن يوفر الوسط الذي يـمكن أن تنمو فيه القدرات العقلية .
واذا انتقلنا إلى الـمجال الاقتصادي، فإن الـمقصود بالـمساواة الاقتصادية يصبح أقل قدر من عدم الـمساواة إذاً أريد من الناس أن يستخدموا مواهبهم بصورة فعالة، وهي بهذا لا تعني الأنصبة الـمتساوية وإنـما الأنصبة العادلة، ولذا فهي تعني العدل الاجتماعي(6) ..
يضم الـمجتمع السوري عدداً من العاجزين عن العمل بحكم كبر السن أو الـمرض أو إصابات الـحرب أو العاهات أو غير ذلك من الأسباب، وهؤلاء في نظرنا يجب أن يتوفر لهم الدخل الذي يـمكنهم من أن يعيشوا الـحياة الكريـمة اللائقة. إنهم لا يرفضون العمل، ولكنهم يعجزون عنه لظروف خارجة عن ارادتهم، وفي مذهبنا الاقتصادي تؤخذ هذه الظروف في الاعتبار حين تـحديد الـمقصود من عبارة الـحد الأدنى من عدم الـمساواة.
9 - إننا نؤمن بالـحرية إيـماناً عميقاً، فهي ضرورية وجوهرية لنمو الشخصية. ولا يـمكن تـحقيق الـحرية لـجميع الـمواطنين إلا في ظل ضمانات خاصة: فهي لا يـمكن أن توجد في بيئة تسودها أو تتحكم فيها امتیازات خاصة لطوائف أو فئات أو طبقات معينة، وإذا كان النظام الاجتماعي - الاقتصادي يسمح باحتكار الأقوات والاتـجار في السوق السوداء والـمضاربات الـمالية التي تذهب بـمدخرات الناس، فإن هذا النظام يفتقر إلى معنى الـحرية.
ومعنى هذا أن الـحرية في صورها الاجتماعية وثیقة الارتباط بفكرة الـمساواة وبهذا لا يـمكن أن تـحصل على الـحرية إذا لم تنعم في الوقت نفسه بالـمساواة.
ما سبق من عرض يوصلنا إلى مناقشة حتمية الـحل القومي الاجتماعي بايجاز، مـمثلاً بالنقاط التالية :
1. كان الـمجتمع السوري قبل إنشاء الـحزب السوري القومي الاجتماعي، ولا يزال مجتمعاً يسوده كثير من التفاوت بين الـمواطنين في كثير من كیانات الوطن وهذا يؤدي إلى فقدان الكثير من أبنائه لـحقوقهم، ولكرامة الـحياة فيه. لقد أوصل الظلم والاستغلال الاجتماعي إلى سيطرة أقلية احتكارية على القوى الاقتصادية والتحكم فيها في بعض كیانات الوطن وساد التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في أرجاء كثيرة من وطننا وانعدم تكافؤ الفرص.
وباختصار كان مجتمعنا يقوم في كثير من صوره على الفساد والظلم والاستبداد والاستغلال والانتهازية والامتيازات الطبقية وخداع الـمواطنين تـحت ستار الديـمقراطية الـمزيفة.
2. تعمل النهضة السورية القومية الاجتماعية في مجتمع مجزأ يقوم في الكثير من كياناته، تـحالف بين السيطرة الأجنبية وبين الإقطاع والرأسمالية الـمستغلة، وهذا الفساد ناتج عن سيطرة الاستعمار على الحياة السياسية والاقتصادية في بعض كيانات وطننا يوجهها الوجهة التي تخدم مصالـحه الـخاصة ومصالح أعوانه من الاقطاعيين والرأسماليين (7).
3. على حركة النهضة السورية القومية الاجتماعية أن تهدم هذه الأوضاع الفاسدة لتبني مجتمعاً جديداً يحقق آمال الأمة، ويحقق الـمبادىء الإصلاحية التالية:
1- فصل الدين عن الدولة.
2 - منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
3 - إزالة الـحواجز بين مختلف الطوائف والـمذاهب.
4 - إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة.
5- إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.
الـمبادىء الثلاثة الأولى قصد بها تصفية الرواسب القديـمة التي بددت، وما زالت تبدد، قوى الـمجتمع. وهي متخلفة من عصور قديـمة ومتوسطة مرت على الأمة السورية، كما هي وليدة الاستبداد والظلم وعدم الطمأنينة في تاريخنا الـحديث .
أما الهدفان الأخيران فيمثلان تصميم الأمة وزحفها الـمقدس مـمثلاً في طليعتها الثورية : الـحزب السوري القومي الاجتماعي، نحو إعادة تشكيل الـحياة على أرض الوطن من جديد .
4. كان أمام حركتنا النظام الرأسمالي الذي تلازم تلازماً كاملاً مع الاستعمار، إن اتباع الطريق الرأسمالي معناه قبول الأوضاع الطبقية وما تؤدي إليه من استمرار سوء عدالة التوزيع والاحتكار وقبول التخلف الاقتصادي وإقرار لأوضاع عدم الإستقرار. إن الـمأساة الـمريرة مع الاستعمار وما خلفته اتفاقات سایكس - بیكو، وتـجاربنا مع الاقطاع والرأسمالية الـمستغلة تـجعل من الـمستحيل قبول النظام الرأسمالي كطريق للتقدم، كما أن طريق الشيوعية لا يتناسب مع قيمنا الاجتماعية.
5. لقد أملى، واقع أمتنا الـمجزأ والـمتخلف، وتطلعنا نحو مستقبل لها أفضل، يكون فيه وحدتها وتـحررها مـما يعيق حركتها نحو التقدم، نظام الاقتصاد القومي الواجب اتباعه، فهو يقوم على الأساليب العلمية الـمنظمة، وفيه حل لـمشكلات مجتمعنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لقد ميز النظام الاقتصادي القومي نفسه كنظام له فلسفته الـمستقلة وخصائصه الـمستمدة من الواقع الذي يعيش فيه مجتمعنا، من صور الاستغلال والاستبداد وانعدام تكافؤ الفرص والظلم الاجتماعي وأثقال الفقر والـجهل والـمرض التي ورثها عن عهود الاستعمار والإقطاع والرأسمالية الـمستغلة، وهو لا يرتبط نظریاً أو تطبيقياً بغيره من النظريات والـمذاهب، ويتميز لا كنظام اقتصادي فحسب، ولكن كنظام وعقيدة وأسلوب حياة يستهدف إقامة مجتمع جديد.
إن الاقتصاد القومي الاجتماعي ليس مجرد نقل لـملكية وسائل الانتاج من الأفراد إلى الـمجتمع أو الدولة، وليس مجرد إصلاح اجتماعي واقتصادي، ولكنه الى ذلك كله يتعدی كل هذا إلى نطاق الـحلول النظرية والعملية لـمشاكل الفرد والـمجتمع، إنه عملية بناء لـمجتمع تؤمن فيه كل الضمانات، مجتمع الكفاية والعدل مجتمع العمل وتكافؤ الفرص، مجتمع الانتاج والـخدمات، وهو يستمد خصائصه من التراث الـمادي - الروحي، ومن طبائع الأمة السورية نفسها وبإحساس الفرد بالـمسؤولية تـجاه الـمجتمع وادراكه لـحقوقه الأساسية وكفاحه من أجل تـحقيقها.
إن لنا قيمنا الاجتماعية، ولنا تراثنا الـحضاري، ولنا مفاهيمنا الـخاصة بالنظام والـحرية والواجب والقوة، وكل هذا يجعل نظامنا الاقتصادي القومي نظاماً خاصاً مستقلاً قائماً بذاته.
إننا نؤمن بأن لكل مواطن من أمتنا حقاً متساوياً في السعادة وفي كل ما يكسب الـحياة قيمة، وهذا الـحق يجب أن ينعم به الـجميع على أساس من الـمساواة.. فهذا هو العدل الاجتماعي الذي نسعى لتحقيقه.
إن نظام الاقتصاد القومي يتضمن جملة من المـبادىء نلخص بعضها بالنقاط التالية:
1. ملكية الـمجتمع لـمصادر الثروة: فمصادر الثروة جميعها ملك للمجتمع كله، لكل فرد فيها حق معلوم، ولا نقبل ادعاء فئة من الـمجتمع احتكار ملكيتها.
إننا نرفض النظام الرأسمالي الذي يجيز اعتبار الثروة ملكاً لـمن يضع يده عليها مهما كانت الطريقة التي آلت بها هذه الـملكية إليه، ولا يسأل الـمالك من أین ملك، كما نرفض السياسة الرأسمالية القائمة على احتكار أفراد قلائل لـما هو حق طبيعي لكل أفراد الـمجتمع.
2. ملكية الـمجتمع لوسائل الانتاج: فالثروة لا تخرج من الطبيعة قابلة للتداول، بل يجب أن تعالج بعملية انتاج لها وسائل معروفة هي: الآلات، والعمال، ورأس الـمال، وهذه الوسائل لا تقل أهمية عن مصادر الثروة لأنها هي العوامل الـمنتجة، وهذه الوسائل يجب أن تكون ملكيتها للمجتمع أيضاً، لأنها عندما تـمتلكها طائفة خاصة من الـمجتمع، تنقلب من وسائل إنتاج إلى وسائل إستغلال واستعباد.
3. ضبط الـمجتمع لعملية الانتاج(8): فعملية الإنتاج عملية حيوية فهي متصلة أشد الإتصال بالثروة العامة ومستوى الـمعيشة، ومن ثم فتوجيه الانتاج والإشراف عليه ومراقبته وضبطه بـما يضمن استمراره وسيره في حدود الـمصلحة العامة، أمر يجب ألا يخرج من يد الـمجتمع أو الدولة، فالانتاج عملية اقتصادية اجتماعية، ولذا يجب أن يأتي ضبطها وتوجيهها من ناحية الـمجتمع أو الدولة.
في النظام الرأسمالي، الإنتاج عملية فردية حيث يعتبر حق توجيهها وضبطها من حق الذي يـملك الإنتاج والذي يدار لـمصلحته، فمثلاً من حق الإقطاعي أن يترك أرضه دون زراعة، ومن حق الرأسمالي أن يغلق مصنعه أية فترة من الزمن لأغراض شخصية.
ولكن في النظام القومي الاجتماعي للاقتصاد، يكون الإنتاج عملية اجتماعية، أي أن الـمجتمع كله هو صاحب الـمصلحة فيه ومن ثم فهو الذي يضبطه ويوجهه، والإدارة عامل هام في الضبط والتوجيه، ومن هنا يأتي حق الدولة القومية في إدارة الإنتاج، أو على الأقل الإشراف على إدارته بحسب أهمية نوعه.
4. ضبط الـمجتمع للتوزيع: فعائد الإنتاج أو دخله أو إیراده أو ربحه، يجب أن يوزع على جميع العاملين على أساس العدالة الاجتماعية، وليس من حق فرد أو فئة أن تستأثر به دون الآخرين، ولكي يتحقق هذا يجب أن تستقر مسؤولية توزيع هذا العائد.
إننا نرفض التوزيع في ضوء معايير النظام الرأسمالي فأساسه هو الـجشع والاستغلال، فالإقطاعي والرأسمالي يعتبر نفسه مالكاً لكل أدوات الإنتاج، ومن ثم فمن حقه أن يستأثر بـمعظم العائد، والعمال في هذا النظام هم وسائل لإشباع جشع الرأسمالي، وليسوا غايات يستقلون بأهدافهم ويطمحون إلى كل ما يحقق للإنسان الـحر أن يطمح اليه (9).
لذلك كان من أصول نظامنا الاقتصادي الاجتماعي تـحرير الـمواطن من الـحاجة ومن العوز ومن الـحرمان ومن الـخوف ومن القلق على الـمستقبل وعلى هذا الأساس كانت نظرية الأجر في هذا النظام مبنية على قدر الانتاج ونوعيته بحد أدنى لا يجوز أن يهبط العامل عنه لتلبية مطالبه واحتياجاته التي لا بد من الوفاء بها حتى يستطيع أن يحيا حياة متزنة ويعيش عيشة راضية.
5. زيادة الإنتاج إلى أقصى حد مـمكن: فهدف نظامنا الاقتصادي هو إسعاد الـمجتمع، ورفع مستوى معيشة الـمواطنين، وإذا كانت عدالة التوزيع قد تقررت لينال كل فرد حقه ، فان زيادة الانتاج تصبح ضرورية ليزداد نصيب العامل من الأرباح أو العائد إلى الدرجة التي تقنعه بالكفاية، وتشعره بالسعادة ... ولذلك كان من أهدافنا أن يبلغ الانتاج أقصى حد مـمكن يستطيع الـمجتمع تـحقيقه في حدود مصادر الثروة، وما يـملكه من مصادر الانتاج، والعلم والكفاية.
إن مجتمعنا أو دولتنا القومية ستعمل على رفع الانتاج حتى تتسع دائرة الـمشاركة في الانتفاع به والـمقاسمة في عائده، فعدالة التوزيع تقتضي أن تـجد الدولة ما توزعه، وما یكبر به نصيب الـمواطن من عائد الانتاج.
إننا نهدف إلى أن يصبح كل عامل قادراً على التمتع بحظ مـما ينتج بالاضافة إلى زيادة قدرته على التمتع بكافة ما في السوق من السلع، وبذلك تزيد القدرة الاستهلاكية وتتحقق القيمة الاجتماعية للانتاج.
6. الدولة القومية الاجتماعية أداة إنتاج كما هي أداة ضبط وعدالة: فهي مـمثلة الـمجتمع، ومن ثم لا تستطيع أن تقف من أهدافه التي تـحقق الكفاية والعدل موقفاً سلبياً. فلكي يعود فائض الانتاج إلى الـمجتمع، يجب أن تكون الدولة أداة إنتاج وبالتالي أداة ربح، وهي السلطة الوحيدة التي تستطيع أن ترد أرباحها إلى الـمجتمع على شكل أجور عادلة وأرباح مناسبة، وخدمات ضرورية، وهذا يؤكد ما نذهب إليه من ضرورة كون رأس الـمال عاماً.
7. أن يقوم الإنتاج بكافة أنواعه على التخطيط الدقيق: فالأهداف لا تتحقق إلا إذا وضعت لها الـخطط الـمؤدية إلى تـحقيقها، ومن ثم فإن دولتنا القومية الاجتماعية ستضع تخطيطاً دقيقاً للتنمية الاقتصادية والإنتاج بأنواعه، فهي العارفة بحاجات الـمجتمع والعارفة لامكانياتها الاقتصادية من ناحيتي الـموارد والكفايات والعارفة لـحاجات السوق.
إن الـحرية الاقتصادية التي نؤمن بها مشروطة بـمصالح الأمة، ودولتنا لا تستطيع أن تترك الـميدان الاقتصادي يسير عشوائياً تتنازعه نزوات الأفراد وجشعهم، وليس لها من بديل إلا التخطيط القائم على حقائق الـموقف الاقتصادي والقدرة الانتاجية الاستهلاكية وحاجات الأسواق الـممكنة. وعلى هذا الأساس ترتب خطوات النمو الاقتصادي على حسب الأهمية .. فلا تنتج الكماليات قبل الضروريات، ولا السلع اللازمة للخاصة قبل السلع اللازمة للعامة، ولا السلع التي لها أسواق أو التي لها أسواق محدودة قبل السلع التي لها أسواق غير محدودة.
والتخطيط هو دراسة الـحاجات، ودراسة الإمكانيات، ودراسة الأسواق، ثم توجيه الإنتاج بـما يقابل هذا كله، بـما يضمن لـمجتمعنا أكبر قدر من الإنتاج وأكبر قدر من الدخل، وأعلى مستوى من الـمعيشة.
8. تشجيع دوافع العمل عند الأفراد: فإذا كانت الدولة تهيمن على التخطيط وعلى الانتاج وعلى التوزيع، فإنها تعتمد في كل هذا على الأيدي العاملة التي تـحقق التخطيط وتضع الإنتاج موضع التنفيذ، وعلى ذلك فمن سياسة دولتنا تشجيع دوافع العمل عند جميع الـمواطنين، التي منها الإخلاص، وتبني الهدف، والشعور بالرضى، والرغبة في القيام بالواجب في نظير الـحصول على الـحق، والقدرة على الاضطلاع بالـمسؤولية، وكل هذه دوافع منبعثة من داخل النفس، ومن الضمير.
إن الرأسمالي يهتم أيضاً بتشجيع دوافع العمل، ولكنه يعتمد على وسائل لإثارتها مغايرة في مضمونها دوافع العمل في النظام القومي للاقتصاد. دوافع الرأسمالي خسيسة رخيصة كالتخويف أو العقاب أو التهديد أو الرشوة أو التنافس وهذه دوافع لا تنبع من نفس العامل ولا من ضميره، بل تفرض عليه من الـخارج.
9. الاعتماد على الـحرية الـمنظمة: فنظامنا الاقتصادي القومي يؤمن بالـحرية شريطة أن تكون حرية ايجابية منظمة، تضع حرية الفرد في إطار حرية الـمجتمع وفي إطار مصلحة الأمة، فالفرد في نظامنا الاقتصادي حر في الـميدان الاقتصادي يعرقل حرية غيره في نفس الـميدان عن طريق الاستغلال أو الاحتكار أو التآمر.
إننا نرفض حرية صاحب العمل في استغلال العامل، وحرية رأس الـمال الكبير في تصفية رأس الـمال الصغير، وحرية تكتل الـمنتجين ليرفعوا الأسعار على الـمستهلكين، وحرية أصحاب رؤوس الأموال في احتكار أنواع معينة من مصادر الثروة أو وسائل الانتاج وحرية الإقطاعيين والرأسماليين في مـمارسة أنواع معينة من الضغوط لتحويل نظم الضرائب لـمصلحتهم وحريتهم في الاستهلاك إلى غير حد والكسب بغير ضابط ... فهذه حریات سلبية لا تعترف بالإطار الاجتماعي.
إن لنظام الاقتصاد القومي خصائص تـميزه عن غيره من النظم، وفيما يلي استقراء موجز البعض تلك الـخصائص:
1. إقامة توازن بين الفرد والـمجتمع:
إننا نؤمن بالـمجتمع ونقدم مصالح الأمة على غيرها من الـمصالح، ونحترم الـمواطن ونقدر حريته وكرامته، ولا نشجع على أن يطغى الـمجتمع على الفرد أو أن يطغى الفرد على الـمجتمع، بل نسعى إلى إقامة توازن تكامل الفرد مع مجتمعه، فالإستقرار في الـمجتمع لا يكون إلا بتلبية احتياجات الفرد وتـحقيق مصالح الأمة.
إن نظامنا الاقتصادي لا يسعى إلى محو شخصية الفرد وتـجميدها ليجعل منه آلة تعمل دون وعي، فسعادة الـمجتمع ليست مستقلة عن سعادة كل فرد من أفراده، وأن سعادة الفرد لا تتم إلا في إطار سعادة مجتمعه. ويستلزم هذا تنمية الشعور بالواجب والـمسؤولية نحو الـمجتمع مع التمسك بالـحقوق.
2. الإعتراف بالـملكية الـخاصة غير الـمستغلة (10)، وبحق الإرث الشرعي:
إننا نقبل بحق الـملكية ونرعاه في الـحدود التي تـمنع الاقطاع والاحتكار والاستغلال من أن تسيطر على اقتصادنا القومي مرة أخرى. فالـملكية وظيفة اجتماعية يجب أن تقوم على خدمة مصالح الأمة، وهي أمانة لا بد لصاحبها من أن يصونها من الاستغلال بقدر ما يطلب من الدولة أن تظلها برعاية القانون. والـملكية يـمكن أن تكون غير مستغلة طالـما كانت لا تلحق غبناً بالعمال، وطالـما كانت تـحقق مصالح الـمجتمع دون استغلال، وطالـما كانت هذه الـملكية تدر ربحاً معقولا يرتضيه الـمجتمع.
3. حل الـمتناقضات الطبقية سلمياً:
إن الصراع بين الطبقات يـمكن حله بالوسائل السلمية في إطار الوحدة القومية، ويتحقق تذويب الفوارق بين الطبقات بإیجاد نـمط جديد أكثر عدالة لتوزيع الثروات والدخول بحيث يصبح لكل فرد من أفراد الـمجتمع العامل نصیب عادل في ثروة وطنه.
إن نظام الاقتصاد القومي لا يـمكن أن يسمح بوجود طبقات أساس قيامها الاستغلال، لأن هذا يتعارض مع العدل من جهة، كما يؤدي من جهة أخرى إلى تعميق عنصر عدم الـمساواة وبالتالي حدة النضال الطبقي واحتمال تطوره.
وإن جعل العمل الـمصدر الأساسي للدخول والثروات يساعد على تذويب الفوارق، كما أن نشر التعليم والثقافة والوعي لإزالة رواسب القيم الـخاطئة في الـمجتمع ضرورة أساسية للقضاء على مساويء التناقض الطبقي.
4. العمل (11):
إن نظام الاقتصاد القومي يكرم العمل، ويعيد إليه إنسانيته ويجعله حقاً لكل مواطن، فالـمجتمع والدولة مسؤولان عن إتاحة فرصة العمل لكل راغب فيه، وهو شرف إذ أنه الـمعيار الذي يُقدّر الأفراد على أساسه في الـمجتمع، وهو واجب من حيث كونه الوسيلة الوحيدة أمام الـمجتمع لتحقيق أهدافه عن طريق زيادة الإنتاج والعمل حياة، فهو أسلوبنا في تـحقيق الـمجتمع القومي الاجتماعي، مجتمع الرفاهية والـخدمات، فبقدر ما نعمل ونبذل من جهد خلاق وبقدر ما ننطلق في العمل الـمنظم وفقاً لأسلوب علمي يقوم على التخطيط، بقدر ما يتحقق لنا من وفرة وسائل إشباع الـحاجات ومزيد من برامج الـخدمات .
إن العمل هو الطريق الوحيد لإقامة مجتمع الإنتاج والـخدمات.
5. خلق قطاع عام قادر على قيادة التقدم:
إن القطاع العام، في نظامنا الاقتصادي ليس قطاعاً مكملاً لـجهود القطاع الـخاص، بل أنه الأساس ويضطلع بالـجزء الأكبر من حجم النشاط الاقتصادي في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة والـخدمات.
إن الهدف من إقامة قطاع عام هو إيجاد جهاز قادر رائد يقود التقدم في جميع الـمجالات، ويكون مسؤولاً عن تـحمل الـمسؤولية الرئيسية في خطة التنمية.
6. التعاون:
يعتمد تطبيق النظام الاقتصادي القومي، في بعض الـمجالات، على التعاون(12)، وعلى تفهم عميق لرسالته الإنسانية. إن النظام التعاوني يتمشى مع خصائص نظامنا الاقتصادي. فهو يحتفظ بالـملكية الـخاصة (في إطار محدد) ويعمل على تذويب الفوارق بين الطبقات ويعمل على تـحقيق تكافؤ الفرص. وهو يوفر الديـمقراطية الاقتصادية. ولذا فإن التعاون يعتبر ركيزة هامة من ركائز مجتمعنا القومي الاجتماعي، لأنه يهذب من النشاط الـخاص، ويحافظ عليه.
7. الـخدمات:
إن الاقتصاد القومي يستهدف رفع مستوى الـمعيشة للمواطن ويكفل له مقومات الـحياة الأساسية، وذلك بنشر الـخدمات العامة لأفراد الـمجتمع جميعاً في التعليم والثقافة والـخدمات الصحية والعلاج والرعاية الاجتماعية والإسكان وغير ذلك من الـخدمات، فنظامنا الاقتصادي يقوم على العدل الاجتماعي، ولن يتسنى ذلك إلا بضمان قدر متزايد من هذه الـخدمات، حتى يشعر الفرد حقاً بأن الدخل القومي شركة بين الـمواطنين وأن لكل مواطن نصيباً عادلاً في ثروة وطنه.
8. إتباع الأسلوب العلمي:
يعتمد نظام الاقتصاد القومي في تـحقيقه لركني الكفاية والعدل على الأسس العلمية وعلى تطبیق كل ما وصل إليه العلم الـحديث من نتائج. إن الطريق إلى التقدم له تـحدياته تـجب مواجهتها والتغلب عليها. إننا نريد أن نندفع في تـحقيق مزيد من الإنتاج ونرفع مستويات الاستهلاك لـمجتمع طال حرمانه، وفي نفس الوقت نضمن زيادة الـمدخرات التي توجه للتوسع في التصنيع وتنفيذ خطة التنمية الاقتصادية. إن هذه التحديات يـمكن أن تواجه عن طريق التخطيط العلمي.
إن عملية بناء الـمجتمع القومي الاجتماعي لا بد أن تقوم على أسس علمية، وأن تسير على منهج سليم يرتكز على التخطيط العلمي، ويستند إلى البحث العلمي، ويستخدم في التنفيذ كل تطبيقات العلم الـحديث في مختلف ميادين الإنتاج والـخدمات.
إن إرادتنا في بناء مجتمعنا الـجديد تـحتم علينا الانطلاق في ثورة علمية وفكرية شاملة لتحطيم أغلال التخلف والتجزئة اللذين فرضتهما علينا عصور الاستعمار والرجعية، ولنلحق بركب التقدم الـحدیث ثم نـمضي في سرعة وقوة.
الهوامش
1-أنطون سعاده، الـمحاضرات العشر، منشورات عمدة الثقافة في الـحزب السوري القومي الاجتماعي بيروت، 1980، ص 46-48.
2- أنظر: أنطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مرجع سابق، ص 41.
3- أنظر، ويلبر شرام: وسائل الاعلام والتنمية القومية، ترجمة: أدیب یوسف شيش، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي دمشق، 1969، ص 48.
4- إنعام رعد: الاقتصاد والقومي الاجتماعي، منشورات عمدة الإذاعة، بيروت 1977، ص 23-24، أيضاً أنظر ما يقوله أنطون سعاده في هذا الصدد، الـمحاضرات العشر مصدر سابق، ص 143.
5- إنعام رعد: الاقتصاد والقومي الاجتماعي، مصدر سابق، ص 8.
6- أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مصدر سابق ، ص 143.
7 - أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مرجع سابق، ص 131 - 132.
8 - أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مرجع سابق ص 135.
9- أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مرجع سابق، ص 140.
10 - أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر، مرجع سابق، ص 143 - 44.
11 - أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر ، مرجع سابق، ص 140 .
12 - أنظر، انطون سعاده، الـمحاضرات العشر ، مرجع سابق، ص 134 .