الرفيق العزيز جورج بندقي،
أخبرني أخي [إدوار] عن تأخرك الصحي، الأمر الذي قد يدعو إلى اجتيازك أكثر من عملية جراحية، فتأسفت جداً لذلك، وتكدرت لـما لـحق بك أنت العامل الـمخلص في مكانك. وإني أتـمنى أن تـجتاز الصعوبات الصحية بنجاح، وتعود إلى الـميدان وقد زدت نشاطاً وقوة، وتخلصت من كل وصب.
وردني كتاب من أخي يخبرني فيه أنك «لم تتمكن» من نشر مقالتيَّ في صدد «محاضرة» رشيد سليم الـخوري، فأدركت أنّ الـمانع يجب أن يكون من الرفيقيـن فؤاد وتوفيق [بندقي]. ثم وردني كتاب من الرفيق [إلياس] فاخوري يطلعني فيه على موقف إبني عمك في هذا الصدد، وبعض كتب أخرى علمت منها بعض التفاصيل. وقد كنت دائماً مستعداً أن أجيز للرفيقيـن فؤاد وتوفيق تقديـم الاعتبارات الـمتعلقة بهما باعتبارهما ذوي مصلحة رئيسية في الـمشروع، وأن آخذ ما يبديانه بعيـن الاعتبار، أما أن يتناولا اعتبارات لا شأن لهما فيها ومن شأن الـمراجع العليا وحدها، فما لا أجيزه مطلقاً، وأعدّه تـجاوزاً لـحدودهما في هذا الأمر. فهما يـمكنهما أن يقدّما وجهة نظرهما باعتبار مصالـحهما، أما أن يحكما على مقالاتي التي هي درس نفسية عامة في أحد «الشعراء» الذين يعالـجون قضية الـحركة القومية، ويتهجمان عليها سراً وعلناً، ويعدّاها من باب «الـمهاترات الشخصية»، فخروج على حدودهما القانونية والثقافية، إذ هما عضوان عاملان بسياسة الزعيم ومؤيدان لسلطته، بدون شرط استشارتهما في التدابير التي يقررها. وهما من جهة الثقافة في مركز لا يخولهما الـحكم على ما يصدر عن الزعيم أو مكتبه. ولو أنهما كتبا إليّ رأساً وحاولا التفاهم معي لكنت ساعدتهما على عدم ارتكاب مثل هذا الغلط الفظيع. ولكنهما لا يقبلان تقييد نفسيهما معي بتوقيع صريح، وهذه كانت سياستهما منذ البدء. وقد أقاما أنفسهما حكماً على سياسة الـجريدة وعلى تعليمات الزعيم، وهذا مخالف للاتفاق الأساسي على إصدار الـجريدة، ومخالف للقَسَم الذي أدّياه وأصبح من واجبهما التقيد به، ولولا أنهما لا يدريان ما يفعلان لـما غفرت لهما.
في كل حال أطلب منك أن تسلّم الـمقالتيـن لأخي إدوار ليعيدهما إليّ. وبـما أني سأصعد إلى هضاب كوردبة قريباً، عملاً بإشارة الطبيب، ونظراً لاحتمال بقائي هناك بضعة أشهر، ولـمّا كنت أريد أن استفيد من هذه الفرصة لدرس بعض نقاط تاريخ الـحزب وجهاده، فإني أحتاج لوجود مجموعة النهضة معي. وهذه كنت قد طلبتها تكراراً من قبل، ولا يسعني خسارة وقت أكثر مـما خسرت، فسلّم الـمجموعة لأخي ليرسلها إليّ طرداً بالبريد.
وقد رأيت أن أحارب الفتور القومي في البرازيل، وكلفت أخي أخذ عدد كبير من نسخ شرح الـمبادىء لتوزيعها في الداخلية، وإرسال قسم إلى الـمكسيك وجهات أخرى، فسلّمه ما يطلبه منها.
إنقطع إمدادي بعشر نسخ من كل عدد من سورية الـجديدة منذ العدد 82، فأطلب إرسال عشر نسخ منه وعشر نسخ من كل عدد صدر بعده.
سأكون مسروراً جداً بورود خبر اجتيازك الأزمة الصحية وتعافيك. ومتى تـمكنت من الكتابة فاكتب إليّ لأني أحب الوقوف على رأيك ومعلوماتك. ولست أدري ماذا سيحدث لإدارة سورية الـجديدة أثناء مرضك ومعالـجتك وعلى من يـمكنني الاعتماد لـمتابعة معاونتي للجريدة على توجيه نهجها ما أمكن، ولست أدري كذلك إذا كان الرفيقان توفيق وفؤاد يريدان الاستقلال بإدارتها الإنشائية على مسؤوليتهما، وقد بلغني أنّ فؤاد كلف توما [توما] الكتابة إليّ بهذا الصدد، ومتى وردني كتاب الرفيق توما درست الـموضوع وقررت ما أراه.
أتـمنى لك الوفق في علاجك والـمعافاة السريعة. ولتحيى سورية.