رفيقي العزيز وليم بحليس،
لم أرسل إليك حتى الآن نسخة كتابي إلى الرفيقيـن بندقي بسبب كثرة الأشغال واشتداد الـحر في الأيام الأخيرة، ولكني أرسلها اليوم بالبريد العادي.
تسلّمت كتابك الأخير الـمؤرخ في 3 أبريل/نيسان أصيل أمس. وأهم ما ورد فيه يتعلق بأمر منفّذ مينس. وكنت كتبت إليك أنّ الرفيق [نـجيب] العسراوي ينتظر مني تعليمات بشأن سورية الـجديدة، لأنه يقول في تقريره الرسمي إنه لا يعلم إذا كانت الأسهم أمراً قرره الزعيم أم إنها مشروع «مساعدة اختيارية للجريدة نظّمها مجلس إدارتها الـمفوض.» وأنا حتى الآن لـمّا أتـمكن من إجابته على تقريره والكتب التي وردتني منه مؤخراً.
وقد يكون هو شعر أنه جرح نوعاً لأنك حولت فقرة مقالته رأساً إليّ قبل استشارته في الأمر باعتباره رئيسك، وكان يحسن أن تصارحه بأنك تـجد في مقالته نقاطاً غير متفقة مع الـمعلومات التي عندك، وأنك تستصوب استشارة الزعيم ليعطي رأيه، وأنك مضطر لـمشاورته في هذا الأمر قبل النشر (أي مشاورة الـمنفّذ) نظراً للمسؤولية الـمباشرة التي يضعها عليك الزعيم في صدد ما ينشر من الـمقالات السياسية.
أما أمره مع شكيب أرسلان وتبرعه مع عدد من القومييـن الـجدد لهذا السياسي فهو بقية علاقة وثيقة كانت له معه، أظن أنّ الـمنفّذ لم يشأ قطعها بصورة قاسية. وهذا التبرع هو، في كل حال، سابق للمراسلة الأخيرة بيني وبينه في صدد شكيب أرسلان وسياسته.
في هذه الـمراسلة كان الـمنفّذ صريحاً فأطلعني على أنه لا يزال على تراسل مع شكيب، وأنه في جدل معه حول قضية الـحزب، وهو كان لا يزال حسن الظن بدوافع سياسة شكيب أرسلان، وقد صرّح لي أنه قد يكون عَمِيَ عن أمور كثيرة، لأنّ «عيـن الرضى عن كل عيب كليلة»، كما يقولون. وصرّح أيضاً أنه أخذ يدرك رويداً رويداً الـمرامي الشكيبية الـمستورة، وأنه سيقف موقفاً قوياً ضد ألاعيبه ومشايعيه التي بيّنت له أنها منافية لـمبادئنا القومية.
أعتقد أنّ هذه الـمسألة تستدعي الصبر. إنها نتيجة عدم وجود نظام سابق ومن مشاكل بداءة التنظيم واحتكاك العقليات الناشئة في بيئات منفردة كل منها بشؤونها النفسية. هذه حالة شعبنا. وفي بداءة أعمال الـحزب في الوطن نشأت صعوبات كثيرة من تصادم النفسيات الناتـجة عن تباعد بيئاتنا، وبالصبر الطويل والتغيير والتحور والتقليب تـمكنت من تعديل الأمزجة وسبك النفسيات سبكاً جديداً. وأنا اليوم، بعد كل الـجهاد الـمتقدم، أبطأ كثيراً في الأعمال من قبل، ولا أملك الوسائل التي كنت أملكها في الوطن من معاونيـن وآلات كاتبة وآلات ناسخة وكتّاب، الخ.
الرفيقان بندقي: سرّني خبر سهرتك والرفيقيـن غالب [صفدي] و[إلياس] فاخوري عندهما. ومن معلوماتك أستنتج أنّ كتابـي وصل إليهما وأعطى تأثيراً حسناً، خصوصاً لأنه كان مدعوماً من موقف الرفيق إميل بندقي الذي يجعلهما يشعران بحقيقة النظام القومي.
شؤون أخرى: النشرة البذيئة التي صدرت هنا من قِبل الـمطرودين لم تكن سوى إعصار في كأس، ونتيجتها ستكون وبالاً على الذين أصدروها. وأول أمس عاد الـمطرود فريد نزها يلتمس مقابلتي ليعيد الأمور إلى ما كانت عليه فأبيت مستغرباً وقاحته. إنّ فريد نزها هو صاحب الـمقال الـمغفل الذي تشير إليه في مقالك «بدون عنوان»(1) وليس خالد أديب، لأنّ هذا الشخص لا يقدر أن يكتب مقالاً بهذا الطول والتركيب، على ما فيه من فساد نظر، وهو قد كتب مقالاً مغفلاً أيضاً صدر في العدد نفسه في الصفحة الثالثة «يشمت» فيه بـمرور أول مارس/آذار بدون حفلة عمومية في بوينُس آيرس، وهو مقال ركيك قصير.
لا حاجة للاهتمام بهذه الزعانف ولا لزوم حتى ولا لتكذيب ما يتقولونه. وإذا وجب نشر شيء للرأي العام يتعلق بالرفيق إميل بندقي فليكن بصورة عامة وغير مخصص بذكر نشر هؤلاء السفهاء أي بصورة كهذه:
«بلغني أنّ بعض أقاويل أشارت إلى أني غير راضٍ عن سلطة الـحزب وغير موافق لـمراجعه العليا. أو أني انتقـدت الزعيم أو أني لم أستحسن عملاً من أعماله وتدابيـره، فأعلـن أنّ جميع هذه الأقاويل هي اختلاق محض من أصحابها لغاية دنيئة يرمون إليها.»
سرّني أنّ الأميـن فخري معلوف، الذي أصبح الآن الـمنفّذ العام لفرع الولايات الـمتحدة كله، قد بدأ تعاونه مع سورية الـجديدة حسب إشارتي إليه. وفخري هو أحد أعضاء الـمجلس الأعلى، وكان رئيسه الأول بعد غيابي وقبل سفره.
تأسفت لاستمرار مرض الرفيق جورج بندقي. فأتـمنى له الشفاء العاجل.
«رسولا الـمهازل» ينتقلان من فشل إلى فشل ومن خيبة إلى خيبة.
الـحركة القومية تنتعش في هذه الـجالية انتعاشاً جديداً، وقد وجّه إليّ سوريو «فرقمينو» دعوة لإلقاء محاضرة وسأكون عندهم في 20 أبريـل/نيسان الـحاضر، وهناك عدد من الـمستعدين للدخول وتشكيل مديرية جديدة.
عسى أن تكون والعائلة بخير. سأرسل لك سريعاً القرارات الرسمية سلامي القومي لك وللرفقاء. ولتحيى سورية.
(1) نشر الـمقال في سورية الـجديدة، العدد 106، 1941/3/29.