رفيقي العزيز وليم بحليس،
وقع عليّ نعي إبنك كما وقع عليك، مع فارق القرابة الدموية، وكان شعوري نحوك عظيماً، وكم وددت أن أكون معك وسط هذه الشدة. وثق أني أكبرت تصرفك الذي أصبح أحد هذه الأمثلة الـجلية على سلوكية جديدة متفوقة تشق طريقها لتعطي الـحياة معاني وقيماً جديدة أسمى مـما عرف في وسطنا حتى الآن.
إنّ سلوكك لم يكن أقل مـما توقعت منك، فقد كنت موقناً بسمو نظرتك الـجديدة إلى الـحياة، وبشعورك الصحيح بـمعنى الواجب، وبصبرك على التضحية في سبيل نصرة مثال أعلى لأمة بأسرها. كنت واثقاً من أنك تعرف كيف تتألم وتعمل، وكيف تكون في تألـمك وعملك قدوة السلوكية الـجديدة للكثير من أبناء أمتنا، ولم تخب ثقتي بك.
إنّ موقفك يدل على معدنـك. ومنـه يشـع نـور سيبصـر بـه الكثيـرون طريـق الـمناقـب الـجديدة.
قبل ورود خبر مغادرتك الفجائية لسان باولو، وضعت لك كتاباً بالبريد الـجوي تناولت فيه مقالتك التي صدرت في العدد السابق لسفرك بالنقد الدراسي، وكان ذلك لنقطة وردت في الفقرة الأولى منها. وعدّلت فقرة مقالة الـمنفّذ العـام لـمينس(1)، وأدخلت التعديـل في الكتاب، وصرّحت لك أن تتناول جمعية «الرابطة الوطنية السورية» بالنقد، ولكن طلبت منك أن تنتظر صدور عدد الزوبعة الرابع عشر ففيه مقالة توضح لك ما تـجهله من أمر هذه الـجمعية. والـمقالة نشرت في العدد الـمذكور في أوله، ونسخة من العدد حملها الرفيق إميل بندقي، كما أرسلت نسخاً إلى الـمشتركين، ولم أرسل إليك نسخة بالطيارة لغيابك.
بعد ذلك كتبت إلى الرفيق فؤاد لطف الله في شأن متابعة إصدار سوريـة الـجديـدة وشؤون أخرى. وكذلك كتبت إلى الرفيقيـن جورج بندقي وإلياس فاخوري وهنأتهما على قيامهما بالواجب في غيابك. وكتبت أيضاً، بالبريد الـجوي، إلى الـمنفّذ [نـجيب] العسراوي في شأن مقالته وشأن الـمير شكيب أرسلان. وكتبت إلى الرفيق [إبراهيم] طنوس في شأنك وشأن كتابته في سورية الـجديدة، ولم أعد أذكر كل ما كتبته له، لأني لا أبقي نسخاً من كتبي إلا نادراً نظراً لضيق وقتي.
زكي كرم: إنّ ما يطلبه هذا الشخص هو لـخدمة الإذاعة الأجنبية على حساب الأقطار العربية، كما يفعل الآن عدد غير قليل غيره من السورييـن. ويـمكنك أن تكتب إليه أنه ليس عندك الآن مصادر لغرضه، وتكلفه أن يكتب إليك شيئاً مفيداً لقضيتنا عن إسبانية والـمكان الذي هو فيه.
أما السيد [أنريكي] رافلس، رئيس فرع الإذاعة للشرق الأدنى في وزارة الداخلية [الإسبانية] فقد اتصل بي وعرض عليّ أن يكون الـمؤتـمر السوري الذي أشارت إليه سورية الـجديدة في إسبانية، وعرض تسهيلات فيما يتعلق بالـمعاملات القانونية. وكان في ما كتب كثير من الدعاوة الإسبانية، وإذا لم يكن في كتاب السيد كرم شيء خصوصي يستحق الاهتمام فلا لزوم لإرساله إليّ.تعيينك:
إنّ رتبة الـمذياع العام في سلك الإذاعة تنتقل معك إلى كل قطر تنتقل إليه، وليست محـددة تـحديداً شديـداً بالقطر الذي تقيم فيه، فهي ذات صفة عامة، ولكن يحسن ألا تتدخل في مناطق عمل مذاييـع آخرين منعـاً للتصادم، إلا إذا ورد طلب أو بعد مـراسلـة مع أحـد الـمـذاييع الـمختصيـن. وعندمـا لا تكـون الـمسألـة الـمقصود النظر فيها ذات صفـة موضعيـة فـلا تضييـق على الـمذاييـع في التدخل فيها حيثما وجدت. وهذه الوظيفـة عائـدة رأسـاً إلى عمدة الإذاعة.
موقف العسراوي: يسرّني أن أجد هذا الفهم الصحيح لـما يتطلبه النظام في الـمنفّذ العسراوي. فعلاقته بالـمير شكيب أرسلان كانت وثيقة جداً حتى أنه كان يناضل في سبيله.
ترتيب عمل سان باولو: سأرسل إليك تفويضاً باتخاذ التدابير اللازمة، التي تراها لإعادة الـحياة والنظام إلى منطقة سان باولو. وسأحـل رسمياً «اللجنة الـمركزية الـمفوضة» التي لم تكن موجـودة عملياً. وإذا كنت قد تفاهمت مع الرفقاء غالب صفدي وإلياس فـاخوري وإدوارد مقدسي على العمل في لـجنة الشؤون العملية للجريدة وأظهروا استعداداً لـحمل هذه الـمسؤولية، فإني أرسل القرارات اللازمة بهذا الصدد.
سنطس: سأكتب في البريد القادم إلى أحد الرفقاء في سنطس في أمر سورية الـجديدة. وما ظهر من بعض الرفقاء الـجدد هناك يجعلك تقرب أكثر من حقيقة النفسية التي نعالـجها، وتفهم أكثر نوع الصعوبات التي كان يجب أن أتغلب عليها في كل مشروع. وأنا أعرف الرفيق رفيق فرح وحيـن زرت سنطس الـمرة الثانية قدّم عشاء لي في بيته حضره أخوه والرفيق سليم عبود والرفيق جورج عبدالـحق. وإذا وجدت فرصة كتبت إليه سريعاً. ولكن النفوس الشاكة تـحتاج معالـجة طويلة. ومؤخراً حدث هنا حادث من هذا النوع تـجاه الزعيم نفسه، أثناء غيابي في كوردبة، فتأمل!
وكنت قبل صعودي إلى كوردبـة خطبت رفيقة قوميـة لأجـد مستقراً لـحياتـي وعملـي، إذ يظهر أنه مقضي عليّ بالبقاء في هذه البلاد مـدة لا أعرف كم تطول بسبب العوامل التي لا سلطة لي عليها كالـحرب وظروف الشعب والـحركة في الـمهجر. فاغتنم أحد الذين أوكلت إليهم وظيفة في الـجمعية الثقافية غيابي ليقول: «إنّ الزعيم لا يحق له الآن أن يفكر بالزواج. وقد كان إلهاً أما الآن فقد صار مثل بقية الناس، الخ.»! وفريد نزها، صاحب «الـجامعة السريانية» الذي أصدر العدد الـممتاز عن الزعيم اغتنم هذه الفرصة لينتقم من عدم إسناد إدارة الزوبعـة إليه بـدلاً من الرفيق جبران مسوح فاستغـل هذا الأمر إلى أبعد حد. وقد طـرد وعدد من الـمقلقيـن وطردهم سيؤدي إلى صفاء الـجو في داخل الفرع هنا وفي تقدم كانوا يعوقونه.
بلاغ بشأن سورية الـجديدة: أرسلت إلى الـمكسيك وإلى بعض جهات أخبر الـمسؤولين باعتماد مدير سورية الـجديدة الـجديد، وقد وردني أنهم ينتظرون وصول العنوان الـجديد إليهم ليقوموا بالواجب ويدفعوا الاشتراكات. وسأصدر بلاغاً داخلياً يوزع على الفروع في هذا الأمر.
ملحق قلم الاستخبارات: لا أدري من أين أتت هذه الوظيفة في الـمديريات، فهي غير موجودة في قوانيـن الـحزب. ولكن إذا كان مدير فرع الريـو يرى أنّ الرفيـق توفيـق أبي جمرة هو موضع ثقة فلا بأس من اعتماده في بعض الـمهمات. وبـمناسبة ذكر القانون أقول إنه وردتني نسخة من الدستور كانت في منفذية الـمكسيك، وسيصير طبع الدستور والـمراسيم الدستورية وتوزيعها على الـمنفذيات والـمديريات وأصحاب الرتب والوظائف العامة، نسخة لكل منفذية وكل مديرية وكل إدارة، فلا يعود هنالك مجال للبلبلة والتردد والإبهام.
إنشاء سورية الـجديدة: إنّ ما تتطلّبه مني الزوبعة هنا، فضلاً عن أعمالي الإدارية الواسعة لا يبقي لي وقتاً كثيراً للكتابة خصيصاً وبصورة مستمرة لـ سورية الـجديدة، ولكن يـمكن نشر بعض مقالاتي التي أكتبها لـ الزوبعة فأرسلها بالطيارة بعد نشرها، ومتى وردتني ماكنة الكتابة السورية من الولايات المتحدة هدية من منفذية الـمكسيك يصير في الإمكان إرسال نسخ الـمقالات فوراً فتصدر في الـجريدتيـن معاً.
وبـما أني أصطلح، في الشؤون غير الرسمية، على إمضاء هاني بعل فلا حاجة لذكر أنها منقولة من جريدة إلى جريدة، بل تكون خاصة بالاثنتيـن. وأحياناً يـمكنني أن أخص سورية الـجديدة بـمقالات لا تنشر في غيرها، ولكن ذلك يكون قليلاً لضيق الوقت.
أخبار الوطن: حالـما تـحصل على كتاب الرفيقة أخت الأمين جورج عبدالـمسيح أرسله إلي لأطّلع عليه ولنعمل تـحت كل الظروف. ولتحيى سورية.
مرسل إليك بالبريد الـجوي نسخة من العدد الأخير وفيها مقال افتتاحي(2) يحسن نقله إلى «رأي سورية الـجديدة».