حضرة رئيس وأعضاء مجلس العمد الـمحترميـن،
قد مضى، إلى اليوم، نحو ثلاثة أشهر على انقطاع مجلس العمد عن الاجتماع وعقد الـجلسات الـمتتابعة والـمتواصلة للنظر في الـمسائل والقضايا الإدارية العارضة وفي الـموازنة والبيانات الـمالية وفي التوافق الشكلي والعملي لتنفيذ سياسة الزعيم، كما هو منصوص في الدستور.
إنّ تغيّب حضرة عميد الداخلية مدة طويلة - نحو شهر - في أنحاء اللاذقية وحلب كان من أسباب تعذّر عقد جلسات كاملة في الـمدة التي استغرقها غيابه، وأهم الأسباب الأخرى خلو عمدة الإذاعة من عميد، الأمر الذي كان يداوى بحضور وكيل عميد الإذاعة جلسات مجلس العمد.
على أنّ الأسباب الـحقيقية الكاملة للانقطاع عن عقد الـجلسات هي: استمرار التراخي النظامي في الـمؤسسات الـمركزية وفي مقدمتها مجلس العمد ومعظم العمدات.
رئاسة مجلس العمد: في مدة سنة كاملة لم أجد حضرة رئيس مجلس العمد مولياً الـمسائل الإدارية اهتمامه أو محاولاً حمل قسم من مسؤوليات الرئاسة. فهو لا يزور الـمركز يومياً أو مرتيـن أو مرة في الأسبوع لتفقد الأعمال، وليست له مواعيد دوام لا يومية ولا موقوتة بترتيب ما، وليس له اتصال دائم بالزعيم لتبادل النظر في الأمور الـجارية وأخذ التوجيهات في متابعة القضايا والإشراف على معالـجتها.
العمدات: إنّ جميع العمدات، ما عدا عمدة الداخلية، تتبع نهجاً لا مركزياً ولا دستورياً في قيامها بـمسؤولياتها.
عمدة الـمالية: في الـجلسات الأخيرة التي انعقدت قبل أواسط ديسمبر/كانون الأول الـماضي، كنت قد طلبت من حضرة عميد الـمالية بياناً عن مبلغ أربعة آلاف ليرة سورية بقيت في خزانة الـحزب من آخر مبلغ مالي دخل الـخزانة. لم ينعقد بعد ذلك مجلس العمد لـمطالبة العميد ببيانه في هذا الصدد أو في حالة الـحزب الـمالية عموماً.
من جهة أخرى ألاحظ أنّ الداخل والـخارج من الـخزينة، عدا عن أوامر الصرف التي أصدرها الزعيم لضرورات النشر، يجري على مسؤولية عميد الـمالية النهائية، أي أنّ حضرة العميد صار عملياً، بهذه الطريقة الـمسيطر الـمطلق والضابط الأعلى للإدارة الـمالية فهو يتسلم ويأمر بالصرف بناءً على تقديراته وحده، بلا موازنة ولا مراجعة. النتيجة هي أنّ الإدارة الـحزبية الـمركزية تـجهل كل الـجهل الـحالة الـمالية وأنّ عمدة الـمالية صارت السلطة العليا الـمطلقة في الشؤون الـمالية.
إنّ النتيجة الـمتقدمة التي تـحرم الزعيم والعمد الآخرين من النظر في السياسة الـمالية، تـحرم عميد الـمالية، بدوره من توجيهات الزعيم ومؤازرة بقية العمد في حل الـمشاكل الـمالية وتلافي الأمور قبل اتساع الـخرق وتوسيع الـموارد وتـحسين الفوائد.
إنّ انقطاع مجلس العمد عن الاجتماع، من جهة، وعدم عودة عميد الـمالية إلى الزعيم لأخذ موافقته على الـمصروفات قبل صرفها، من جهة أخرى، يجعل إدارة الـحزب الـمركزية تـحت رحمة لا مركزية عمدة الـمالية واقتصارها على رأيها ومقرراتها في تدبير مالية الـحزب وتصريف شؤونه الـمالية. وقد كنت أبديت لـحضرة عميد الـمالية ملاحظات شفوية سابقة في هذا الصدد في الصيف والـخريف الـماضييـن.
إنّ حاجة الـحزب إلى بيانات مالية تامة تلحّ يوماً بعد يوم وبعض فروع عبر الـحدود طالبت وتطالب ببيان عن مصير الـجريدة والأسهم فلا تلقى مجيباً، الأمر الذي يقلل الثقة ويضعف الإمكانيات الـمقبلة.
وهنالك مسألة الـمطبعة واستئجارها وإدارتها ووضعيتها، وهي تابعة لعمدة الـمالية. فهذه تـحتاج إلى درس في مجلس العمد وإلى اشتراك الإدارة الـحزبية الـمركزية كلها في تقرير شؤونها ومصيرها.
عمدة الإذاعة: إنّ عمدة الإذاعة كانت من يوم وصولي وظلت، كل مدة الـحالة الاستثنائية الطارئة، في حالة استقلال إداري وسياسي مطلق فلا أعضاء مجلس العمد كانوا يطالبون ببيانات ويناقشون الإدارة الإذاعية ولا العميد السابق، الـمطرود فايز صايغ، كان يعدّ نفسه مسؤولاً تـجاه الزعيم أو متوجباً عليه تبيان أغراض عمدته وأهداف إدارته في مجلس العمد.
بعد طرد الـمدعو فايز صايغ بقي مركز عميد الإذاعة شاغراً وبقيت أعمال العمدة في مجهود وكيل العميد مستمرة في الـمسائل الصحفية، فلم تعرض قضايا إذاعية من قِبل العمدة في مجلس العمد أو للزعيم، ولم تكن عمدة الإذاعة تراجعني في أمور الإذاعة الـحزبية. وألاحظ أنّ العمل الإذاعي الـحزبي الإداري هو في شبه شلل وعمدة الإذاعة تـحتاج إلى تعديل مستعجل، خصوصاً وأنّ متطلبات النشر تضع على وكيل العميد مسؤولية كبيرة وتكلّفه جهداً لا يبقى له ما يسدّ به حاجة عمدة الإذاعة الإدارية.
عمدة التدريب: إنّ الانقطاع عن مراجعة الزعيم في الأمور والقضايا، البادي في عمدتي الـمالية والإذاعة، هو أمر واقع في عمدة التدريب. أضف إلى ذلك عدم وجود دوام مكتبي رسمي في مركز الـحزب من قِبل عمدة التدريب.
وكان حضرة عميد التدريب قد أبدى فكرة تأليف فرقة قومية اجتماعية لأداء مساعدة حربية في فلسطيـن وحصل على موافقتي لتنفيذ الفكرة ثم جرى انقطاع كبير.
ألاحظ أيضاً أنّ عمدة التدريب لم تعد تقوم، منذ الصيف، برحلات تفتيشية وزيارات لـمناطق الـحزب لرفع الـمعنويات وحثّ القومييـن الاجتماعييـن على النظام والتدريب. وما يقال في عمدة التدريب، في هذا الصدد يقال في عمدتي الإذاعة والـمالية.
عمدة الداخلية: إنّ حضرة عميد الداخلية هو اليوم العميد الوحيد الـمحافظ على اتصال مستمر بالزعيم، يعرض عليّ جميع القضايا الإدارية التي تعرض له ويبدي لي رأيه ويأخذ توجيهاتي ويعمل على التنفيذ. وإنّ جولاته واتصالاته بالفروع قد أعطت نتائج إدارية محسوسة. ولست أشك في أنّ النتائج تكون أضعاف ما هي لو كانت بقية العمدات محافظة على الطرق النظامية وعلى وحدة العمل ومركزيته.
الـخلاصة:
إنّ الإدارة الـحزبية الـمركزية، بصرف النظر عن النقص العددي في الأشخاص القائميـن عليها، هي في حالة تفكك ولا نظامية في أعمالها. وإنّ استمرار مجلس العمد والعمدات في الـحالة الـمذكورة سيورث الـحزب نتائج وخيمة في الإدارة والنظام والـمعنويات والسياسة.
تفضلوا بقبول سلامي القومي ولتحيى سورية.