إلى الرفيق العامل رفيق الـحلبي
كوماسي - شاطئ الذهب
أيها الرفيق العزيز،
لم يتسنّ لي الـجواب على كتابك الأخير. إذ كانت الـمسائل التي عرض لها تقتضي شيئاً من الشرح الـمسهب وكانت الـمسائل الـملحّة هنا لا تترك لي مجالاً للاهتمام بالرسائل الشخصية. والآن أتى الرفيقان نايف وبديع، شقيقاك، وقالا لي إنّ بديعاً مسافر إليك غداً صباحاً فأحببت أن أرسل إليك كلمة عجلى.
لم أطلب الـمبلغ الذي كلّفت أسداً [الأشقر] دفعه لي. لأني لا أقدر أن أقترض مالاً إذ كل ما أملك ليس لي وكل ما يأتيني ليس لي.
إنّ مسألة خيانة نعمة ثابت ومأمون أياس أصبحت واضحة، وإذا احتجت إلى تفاصيل أوسع أمكن عمدة الإذاعة ومكتب عبر الـحدود إعطاؤك إياها.
رحلة عميد الإذاعة: إنّ الغرض الرئيسي من تقرير رحلة عميد الإذاعة في هذه الظروف إلى شاطىء الذهب هو الـمال. أما الناحية الإذاعية فلم تكن موضع بحث لأنّ مسألة الإذاعة الـحزبية كانت قد أصبحت مشكوكاً بها نظراً لأنّ الرفيق فايز صايغ يذيع بالأكثر لتعاليم كاتب فلسفي روسي يدعى برديايف، ولصاحب نظرة فلسفية دينية - شخصية يدعى كركيغارد، وليس لتعاليم أنطون سعاده. وإذاعته لتلك التعاليم واضحة في محاضرته «الهدف» ومحاضرته «القومية الإيجابية» الـمنشورتيـن في كتابه البعث القومي وفي كتابه الأخير نداء الأعماق. وهذه التعاليم، على ما فيها من ألوان فكرية جديدة يحسن إطلاع الفكر السوري عليها للاطلاع، هي مخالفة لتعاليمنا القومية الاجتماعية التي تقول إنّ الـمجتمع - الأمة - وخيره ومثله العليا هي غاية النهضة والغاية الأخيرة للاجتماع. فتلك التعاليم الغريبة التي ينقلها الرفيق صايغ عن برديايف وكركيغارد تقول بالعكس. «الشخصية الفردية ونـموها هي غاية الـمجتمع». «الـمجتمع عدد من البشر ليس إلا.» «الشخصية (الفردية) لا يـمكن أن تكون واسطة لشيء» (أنظر «الهدف») وهذا التعليم يجعل الـمجتمع واسطة للشخصية لا الشخصية واسطة للمجتمع. فالرفيق فايز صايغ لا يريد التبشير بتعاليم سعاده، بل بتعاليم برديايف. وهذه النظرة خطرة جداً على العقيدة والقضية القوميتيـن الاجتماعيتيـن. ولم أكن قد وقفت عليها واهتممت لها إلا مؤخراً حين ابتدأت الـحكومة اللبنانية تتراجع تـحت ضغط قوة الـحزب، والآن ستصبح هذه الـمسألة موضوع نظر وبحث في مجلس العمد، إذ سأطلب من الرفيق صايغ تعييـن موقفه من العقيدة القومية الاجتماعية.
أحب أن أعلم ما كان فحوى محاضرات الرفيق صايغ، وهل ذكرت التعاليم القومية الاجتماعية، أم اقتصرت على تعبيرات الرفيق صايغ عن الفرد والـمجتمع الـمستمدة من الـمدرسة الفكرية الشخصية الغريبة عن الـمدرسة القومية الاجتماعية الـموضوعة تعاليمها في كرّاس الـمبادىء الـمشروحة وفي نشوء الأمـم وفي خطب الزعيم ومحاضراته وأحاديثه.
إذا رأيت أن ترسل إليّ تقريراً مفصّلاً في هذا الصدد أدّيت خدمة أخرى لسلامة العقيدة والقضية القومية الاجتماعية.
دمت للحق، إقبل سلامي، ولتحيى سورية.