حضرة عميد الإذاعة والثقافة مقرر الوفد لـجبل حوران ودمشق
الـمركز
حضرة العميد الـمحترم،
تسلمت تقريركم رقم 8/1 الـمؤرخ في الـخامس عشر من شهر أغسطس/آب الـحاضر وتسلمت أيضاً مرفقاً به نسخة من صادرة عمدة الإذاعة الـمؤرخة في الـحادي عشر من شهر أغسطس/آب الـجاري.
التقرير: رسم تقريركم عن أعمال الوفد والشؤون العامة والـمفصلة التي واجهها والـمسائل والقضايا التي مرت أمامه صورة جلية واضحة كل الوضوح تـمكن من فهم الـحالة السياسية في جبل حوران فهماً مبنياً على دراسة الـحالة والأمر الـمفعول كما هما، كما أنه اشتمل أيضاً على تصوير الـحالة الـحاضرة غير الواضحة سياسياً في مدينة دمشق وأوساط هذه العاصمة السياسية، وعلى نظرة مجملة في حالة الـحزب وإمكانياته في منفذية دمشق ومحافظة جبل حوران والنواحي القريبة. فأهنئكم تهنئة حارة بنظرتكم الشاملة وتصنيفكم الوثيق للقضايا التي مرت أمامكم في رحلتكم.
في ما يلي أضع ملاحظاتي على بعض النقاط التي استوجبت اهتمامي الـمباشر.
مطالب الرفيق كمال كنج: الرد على البيان الوزاري - أطلب منكم تـحويل نسخة من هذا البيان إلى مكتب الزعيم لإطلاعي عليه ولأرى إذا كان من الـمناسب والـممكن أن أضع رداً عليه بنفسي ليلقيه الرفيق كمال كنج، أو لأشير عليكم ببعض النقاط الأساسية أرى من الواجب تضمينها في رد تكلّفون به أو تكلّف عمدتكم بوضعه للرفيق كنج. أما فيما يختص بقضية شركة النفط الأميركية وقضية الـموازنة، فلعمدتكم أن تكلّف الأخصائييـن التابعيـن لها لوضع البيانات اللازمة لتأمين مطلب الرفيق كنج.
جبل حوران: سأستفيد من الـمعلومات الثمينة الواردة في تقريركم في الـمعالـجة القريبة الـمقبلة لـحالة جبل حوران السياسية.
معالـجة الوفد للحالة: تذكرون لأسباب نهجكم تـجاه الـحالة السياسية في جبل حوران خمسة أسباب أ، ب، ج، د، هـ، وفي كل سبب من هذه الأسباب تذكرون هذه العبارة «تقتضي الـمصلحة القومية، الخ.» هذه الصيغة تـجعل الوفد في حالة مقرر لـمقتضيات الـحزب السياسي. فمن الوجهة الشكلية ليس صحيحاً هذا الاستعمال لسببيـن أساسييـن:
1 - الوفد لا يقرر أسباب السياسة، ولذلك لا يجوز له استعمال الصفة الـجازمة الباتّة،
و2 - لأنّ الوفد لا يستند فيما يقدّر له لـمصلحة الـحزب لأي قرار أو مرسوم سابق من الزعيم، ولا إلى أبحاث أو مقررات تـمهيدية في مؤسسة مجلس العمد أو غيرها. لذلك كانت الصيغة الشكلية غير منطبقة على الأصول النظامية اللازمة والـمتبعة، إذ من البديهي أن لا تفرض هيئة ثنوية أو وقتية على مراجع الـحزب العليا أية وجهة نظر مهما كانت في عرف الهيئة الـمذكورة صحيحة. وفي أ، ب، بوجه خاص أمور يجب التداول والنظر فيها ملياً ورفعها إلى مقام الزعيم لإعطائها التوجيه النهائي، فلا يـمكن الوفد مثلاً أن يفترض أنه أمر يجب أن يكون مفروغاً منه عند الزعيم، تقرير بقاء جبل حوران موحداً على الوضع الـحاضر أو بأي شكل من الأشكال.
فيجب أن يترك الوفد للزعيم إمكان انتهاج نهج آخر، وأن يكون واضحاً الاعتراف له بهذا الـحق وهذه الصلاحية كي لا يقيد ولو في الظاهر بأشكال كالتي وردت فيما سميتموه مقتضيات الـمصلحة الـحزبية أو القومية.
كان يستحسن أن توضع الصيغة بهذا الشكل: «إنّ الوفد أو عميد الإذاعة اعتبر أنّ الـمصلحة الـحزبية أو القومية في هذه الظروف هي كذا وكذا، ونظراً لأنه لم يحصل توجيهات خاصة أو تعليمات جازمة في هذا الصدد إذ لم يكن النظر في هذه الأمور ومراجعة الـحالة التي واجهها الوفد في الـجبل موجودين في أساس مهمة الوفد، والعميد أو الوفد يأمل أن يكون قد استنتج الصائب تاركاً للزعيم تقديره التقدير الصحيح.»
الوضع الإذاعي ومشاريع عميد الإذاعة: ذكرتـم في التقرير أنّ درسكم الشخصي للوضع الإذاعي في منفذية دمشق، ومن ثم في الـجمهورية الشامية بكاملها، حملتكم على إقرار خمسة مشاريع إذاعية مبدأية: الـمشروع الأول - إقامة سلسلة محاضرات دورية. الـمشروع الثاني - تأسيس جريدة أسبوعية. الـمشروع الثالث - نشر كتيب عن موقف الـحزب من العروبة. الـمشروع الرابع - نشر كرّاس فيه مقتطفات من أقوال خصوم الـحزب ومقتطفات من التصاريح الـحزبية الرسمية لتبيان حقيقة الـحزب. والـمشروع الـخامس - تقديـم مذكرة من الـحزب في دمشق للمجلس النيابي السوري (يعني الشامي) تطالب الـمجلس الأول القائم في عهد الاستقلال بإجراء إصلاحات منبثقة عن مناهج الـحزب الإصلاحية.
قد وافقت في جلسة مجلس العمد الـمنعقدة في أغسطس/آب على تأسيس الـجريدة القومية الاجتماعية الـمقترحة مشترطاً أن يكون تأسيسها بصفة جريدة يومية تصدر أسبوعياً موقتاً، وإني أوافق هنا على الـمشروع الأول أيضاً والـمشروع الرابع.
أما الـمشروع الثالث الـمتعلق بنشر كتيب عن موقف الـحزب من العروبة فأطلب فيه الاستناد إلى شروح الزعيم وتصريحاته وعرض هذا الكتيب عليّ قبل نشره. وأما الـمشروع الـخامس، مشروع تقديـم مذكرة إلى الـمجلس النيابي الشامي نطالبه فيه بإجراء إصلاحات منبثقة عن مناهج الـحزب الإصلاحية، فلا أقرّه لأنه يعني منح مجلس غير قائم على مبادىء قومية صحيحة ثقة يصعب علينا سحبها منه فيما بعد، ولأنه يتعلق بسياسة الـحزب تـجاه مجالس الـحكومات السورية الـمجزأة التي لـمّا تعيّـن ولـمّا يصدر فيها أي قرار أو بتّ نهائي. على أني أقرّ تقديـم مذكرة تطالب الـمجلس بتأميـن حقوق أعضاء الدولة ومبادىء الـحريات الأساسية التي منها حرية الاعتقاد، وحرية إبداء الرأي، وحرية النشر، وحرية الاجتماعات وتشكيل الأحزاب ذات الـمبادىء القومية والإصلاحية التي لا تنافي القومية، كما أشرت في جلسة مجلس العمد الـمذكورة فوق. مرفق أمراً إلى الـخزانة العامة بصرف [...] ليرة سورية التي هي الرصيد لـحساب الرحلة.
ما خلا ملاحظاتي الـمتقدمة أهنئكم خصوصاً، وأهنىء الوفد كله بصواب النهج الذي نهجه في رحلته إزاء الـمهمة الأساسية التي كلّف القيام بها، وإني أقدّر تقديراً كبيراً النظر السليم والهدف العالي اللذين لازمهما الوفد في كل مساعيه وأعماله في الـمهمة التي انتدب إليها. وأبلّغكم أنّ نتيجة هذه الرحلة هي نتيجة حسنة جداً وفاتـحة عمل سياسي يـمكن أن يؤدي إلى نتائج ثمينة جداً لـمصلحة الأمة والوطن.
إقبلوا وأعضاء الوفد تقديري وسلامي القومي. ولتحيى سورية.