إلـى حضـرة الـمنفّـذ العـام لـمنفذيـة سـان باولـو، الرفيـق وليـم بحليـس، سـان باولـو، البرازيل
حضرة الـمنفّذ العام الـمحترم،
تسلمت كتابكم الأخير الـمؤرخ في 31 ديسمبر/كانون الأول الـماضي وأخذت علماً بكل ما ورد فيه.
العمل النظامي في سان باولو: سرّني جداً ما ذكرتـموه عن انتظام الاجتماعات النظامية وتوسيع الأعمال الإذاعية وما تبع ذلك من انضمام عدد من الشبان الـمواطنيـن الذين كانوا خارج الـحركة القومية الاجتماعية ضائعيـن بلا هدف معيّـن في الـحياة، وارتـحت كثيراً إلى اهتمامكم بإفهام جميع الـمنضميـن حقيقة العقيدة والنظام.
تاريخ سورية للرفيق إدوار سعاده: عندما كتبت إليكم كتابي الـماضي لم أكن قد طالعت في هذا الكتاب سوى قسم من أوله فوجدت معلوماته قديـمة، ولذلك ناقصة.
ونظرت في خاتـمته فوجدت كلامه على النهضة قليلاً جداً ومهملاً أهم النظريات الفلسفية الاجتماعية. ومع ذلك فإني وجدت تأويله التاريخي جيداً فيما تعلق بحوادث تاريخ سورية. فلما بلغني أنّ الكتاب أحدث ضجة، وكنت قد وضعت النسخة التي وردتني في صندوق مع كتب أخرى أصبحت مسمّرة، طلبت النسخة التي جلبها معه إبن الرفيق يوسف بشارة وقرأت فصل ظهور النبي محمد وشرح بعض سيرته، فوجدت أنّ الرفيق إدوار أخذ بكامل النظريات الـمقلّلة من شأن محمد الـمصورة أفعاله بصورة سخيفة، فكان من هذه الناحية مثيراً لعوامل دينية ضارة بالوحدة القومية.
ويؤاخذ على الرفيق إدوار عدم اعتماده بحث «جنون الـخلود» وتفضيله الاعتماد على نظريات مؤرخيـن أجانب لا يفهمون قضايانا كما يجب ويؤاخذ عليه أيضاً طبع الكتاب برمز الـحزب من غير عرضه على مراجع توافق عليه فأوهم الناس أنّ الكتاب صادر عن الـحزب ومعبّر عن روحيته ونظرياته. وقد كتبت تعليقاً على الكتاب يظهر في عدد الزوبعة الذي تـحت الطبع، تـحت عنوان «شخصيات وكتب» (أنظر ج 7 ص 190) وسيوزع بعد بضعة أيام.
الرفيق فؤاد لطف الله: سأنظر في قضية نظاميته ومسألته الشخصية عندما أزور سان باولو قريباً.
عودة الزعيم إلى الوطن: يظهر أنّ الوزارة اللبنانية الـجديدة أقلّ رغبة من سابقتها في عودة الزعيم فحتى الآن لم تـجب وزارة الـخارجية على برقية القنصلية الفرنسية الـمرسلة مع دفع أجرة الـجواب في الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول الـماضي الطالبة تفويض القنصلية إعطائي جواز سفر. وقبل حصولي على جواز سفري أو استيثاقي من نواله ضمن مدة معيّنة لا يـمكنني تعييـن يوم السفر، سواء أفي باخرة أم في طيارة. ولـمّا كان الوزير الـمفوض في الأرجنتيـن الأستاذ جبران التويني لا يصل قبل أواسط فبراير/شباط القادم فقد رأيت أن أغتنم هذه الفرصة، كسباً للوقت، فأسافر إلى البرازيل بعد نحو عشرة أيام - الأرجح يوم الـخميس في 23 يناير/كانون الثاني الـحاضر - بالطيارة، إذ قد استحصلت على جواز سفر موقت من القنصلية الفرنسية وأجريت الـمعاملة مع القنصلية البرازيلية وأصبح كل شيء قانوني تامّاً وكان بإمكاني السفر في أواخر هذا الأسبوع، إذا وجدت مكاناً في الطيارة، ولكن منفذية بوينُس آيرس وأوساط الـمحبذين تريد إقامة عشاء وداعي، وقد تقرر أمس أن يكون هذا العشاء في 21 الـحاضر.
سأحاول في البرازيل تـحصيل جواز سفر من القنصلية في سان باولو أو الريو، لكي لا أُضطر للعودة إلى الأرجنتيـن لأخذ جواز سفر من هنا عند وصول السفير الـمفوض. فأطلب منكم أن تخابروا الصديق هكتور خلاط القنصل العام بصورة مكتومة وتدرسوا معه أفضل الطرق لسحب جواز سفر بدل جواز معي بدون ضجة ولا تطويل. السيد خلاط أديب صاغ أسلوبه وأدبه ضمن اللغة الفرنسية. هو صديق وأخ للرفيق روبير خلاط القنصل اللبناني في الإسكندرية، مصر، حالياً.
إذا لم تنجح العملية مع الـممثليـن اللبنانييـن في البرازيل نحاول استحصال تأشير على جواز السفر الـموقت من القنصلية الـمصرية، فإذا أمكن ذلك كان موافقاً، إذ متى وصلت إلى مصر، أو العراق، وجدت الوسيلة اللازمة لدخول الوطن شاءت الوزارة اللبنانية أم أبت.
إذالم تنجح جميع هذه الـمحاولات، يكون موافقاً حجز مكان من درجة أولى في الباخرة الفرنسية كمبانا Campana التي تسافر من فرنسة في 20 من يناير/كانون الثاني الـحاضر قادمة إلى الأرجنتيـن وفيها يسافر قادماً الوزير اللبناني الـمفوض في الـجمهورية الفضية الأستاذ جبران التويني فأصرف الأيام بين البرازيل والأرجنتيـن برفقته وتكون فرصة جيدة لزيادة تعارفنا. الأستاذ تويني غير بعيد الآن عن الـحزب وله إبنان في عداد الرفقاء العامليـن:
أحدهما الرفيق غسان تويني الـموجود الآن في أميركانية، والثاني وليد تويني. ومتى وصل إليكم عدد [صدى] النهضة الصادر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني وجدتـم فيه صوراً للوزير التويني ولإبنه الرفيق وليد في الـحفلة التذكارية للسادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني. وكان مكتب عبر الـحدود قد كتب يقول إنّ الـحزب أقام حفلة على شرف الوزير التويني.
مـما تقدم يترجح أنّ نوالي جواز سفر أمر أكيد ولكن الـمسألة مسألة وقت. ولـمّا كان الـحزب يلحّ بضرورة عودتي بأسرع ما يـمكن إلى الوطن وكنت، في الوقت عينه، أشعر بفائدة زيارة فروع البرازيل، ولو لبضعة أيام، عزمت على السفر إلى البرازيل قبل مجيء التويني، حتى إذا اضطررت إلى العودة إلى الأرجنتيـن أكون قد فرغت من زيارة فرع البرازيل وأتأهب للسفر رأساً وبأسرع الطرق، لأنه لم يبقَ وقت للإضاعة فالمعركة الانتخابية أصبحت على الأبواب وكان يجب أن أكون في الوطن قبل آخر السنة الـماضية. ومتى وصلت إلى سان باولو نبحث جميع هذه الـمسائل.
في الوقت عينه يجب أن تـحذروا، أثناء وجودي بينكم من أية دسائس أو مكائد من قِبل [يوسف] السودا وجماعته وأن تكونوا مستعدين لـمجابهة كل حركة، ويـمكنكم أن تباشروا تهيئة مكان نزولي على أفضل ما يوجب الضيافة واللياقة. وقد يكون فندقاً في البدء ثم منزل بعض الرفقاء أو الأصدقاء، أو أن يكون على الدوام في فندق شرط تعييـن ملازم لي في النهار كل الوقت للقيام بأية مهمة. وأرى أنّ الرفيق فؤاد يجب أن يعطيكم فرصة طول الـمدة التي أقيمها في سان باولو، لأنّ الوقت ضيق والأعمال قد تكون كثيرة.
هذا آخر كتاب أكتبه إليكم قبل سفري. وسيكون نزولي في سان باولو. وسأبرق إليكم وأكتب معيّناً اليوم بالضبط، الذي أرجّح أنه سيكون الـخميس في 23 يناير/كانون الثاني فأصل إلى سان باولو الظهر.
إذا وجدتـم تسهيلاً لـجواز السفر وتأكيداً لـحصوله في الحـال من قِبل القنصل العام الصديق [هكتور] خلاط فيمكنكم حجز مكان لي في أول طيارة بريطانية أو أميركانية أو هولندية مع تأميـن نقلي إلى بيروت أو القاهرة. إنّ السرعة الآن هي التي يجب أن يكون لها الأفضلية، والطيارة التي تقلّ أنطون سعاده يجب أن تصل إلى حيث يريد.
خابر الـمدير الرفيق جرجي الدده والناموس الرفيق إبراهيم طنوس والـمنفّذ العام لـمينس الرفيق نـجيب العسراوي ليـحضر كل من أمكنه إلى سان باولو، فنعقد اجتماعات هامّة للحركة وتقدّمها في البرازيل وبقية أميركة الـجنوبية. وأوصوا الرفيق الدده بعدم إذاعة الـخبر وإذا وجب أن يخبر بعض الرفقاء كسابا وغيره فليوصهم بالكتمان وليذكّرهم القَسَم وما يوجبه من كتمان السر.
هذا الكتاب يصل إليكم ضمن كتاب إلى الصديق [جبرائيل] يافث تأميناً لوصوله، ولأني أكتب إليه في الوقت عينه.
سلامي القومي لكم ولـجميع الرفقاء العامليـن وإلى اللقاء. ولتحيى سورية.
بعد: مخاوف بعض الشبان اللبنانييـن:
إنّ التصريحات التي يطلبها هؤلاء قد أدلى بها الـحزب من زمان وعليها بني البرنامج السياسي الذي أخذ الـحزب رخصة للعمل في لبنان على أساسه، فضلاً عن أنّ خاتـمة شرح غاية الـحزب تعطي تصريحاً كافياً في هذا الصدد. فإذا كانت قد وصلت إليكم [صدى] النهضة العدد 155 الصادر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني فاعرضوه على الـمتخوفيـن من وحدة سريعة ليقرأوا فيه تصريح الزعيم في أول عدد من النهضة الصادر في 14 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1937 وقد مرّ أكثر من تسع سنوات على هذا التصريح الذي لم يحد عنه الـحزب.