إلى الأميـن الـجزيل الاحترام نعمة ثابت،
رئيس الـمجلس الأعلى الـموقر
أيها الأميـن الـحبيب،
تسلمت من أيام كتابك الـمؤرخ في 16 أكتوبر/تشرين الأول الـماضي ورسالة مكتب عبر الـحدود في نسختيـن وصلتا كلاهما. وكنت قبل ذلك قد تسلمت رسالة من مكتب عبر الـحدود ونسخ [صدى] النهضة الـمحتوية على وصف مهرجان الشوير ومهرجان «يوم الفلاح» في بعلبك. لم أكن أتوقع أن تؤجل الكتابة إليك إلى هذا الوقت. فقد كنت أريد أن يحمل كتابي إلى الـمركز الأخبار الأكيدة عن إمكان سفري عائداً إلى الوطن، وتوقعت أن يكون ذلك في مدة أقصر من التي مرّت. والآن يـمكنني أن أقول إني قد أصبحت، عملياً، حراً من جميع العلاقات والـمسؤوليات الـخصوصية في هذه البيئة. فقد بعت الـمحل التجاري في الـخامس عشر من الشهر الـماضي وبقي عليّ أن أساعد الشاري على السير بالـمحل مدة قصيرة، وأن أجمع ما لي من ديون على بعض التجار. وقصة الديون التجارية هنا قصة طويلة، وقد حصّلت معظم الديون والباقي لن أنتظره. وكان أمس آخر يوم قبضت فيه من بعض تـجار قبضة تخفف الـخسارة التي أتعرض لها. وقد أزمعت الانتقال إلى بوينُس آيرس مع عائلتي نحو آخر هذا الشهر حيث أصرف شهراً في الاستعداد للسفر.
موعد قدوم الزعيم ونشر موعد قدومه: في كتاب سابق، أُرسل إلى مكتب عبر الـحدود، أشرت بنشر إذاعة صحفية عن موعد وصول الزعيم إلى الـمركز. وكنت موقناً أنّ الـمجلس الأعلى الـموقر لا يستنتج من ذلك أني سأتقيد بالإذاعة الـمذكورة التي قد تتلوها إذاعات تعدّل مفادها في الوقت الـمناسب وللأغراض الـمناسبة. كل قصدي كان أن تبتدىء الـجريدة تعلن عن تـحرك الزعيم وقرب عودته من غير إذاعة موعد قدومه بالضبط إلى أن تـحيـن الفرصة الـمناسبة. أما أنا فخطتي مستقلة عما ينشر، وإني أفوض الإدارة الـحزبية العليا نشر ما تراه مناسباً عن عودة الزعيم، وكنت ظننت الأوفق التحفظ تـجاه الأوساط غير الراغبة في عودته وجعلها تطمئن إلى أنها بعيدة. فافعلوا ما ترونه مناسباً في هذا الصدد.
حالـما أصل إلى بوينُس آيرس سأطلب من القنصلية الفرنسية توقيع الإذن بعودتي إلى لبنان. وأظن أنّ القنصلية ستخابر وزارة لبنان الـخارجية برقياً في هذا الشأن، فإذا حصلت الـموافقة بلا تأخر يصبح سفري متوقفاً على سرعة حصول واسطة الانتقال، إذ سأفضّل الانتقال بحراً إلى أوروبة، فإذا لم يكن ذلك مـمكناً فسأعتمد الطيران، وفي حالة حصول تأخير رسمي للمعاملة أخبر الـمركز برقياً وبالبريد الـجوي ليجري ما يلزم، وفي الوقت عينه أبحث عن طريقة أخرى هنا كالانتقال إلى مصر، مثلاً.
يجب أن تستوثقوا أنّ وزارة الـخارجية اللبنانية لا تريد «اللعب على الـحبليـن» في مسألة الإذن لسعاده بالدخول إلى لبنان، فإني أرى تردد الوزارة في إجراء ما يلزم بنفسها من غير انتظار مخابرات قنصلية وسفارية دليلاً على ضعف كبير في موقف الوزارة الـمذكورة.
كان رئيس مكتب عبر الـحدود قد سألني من مدة عن عدد أفراد عائلتي بقصد تدبير مسألة بيت الزعيم. ولم يخطر في بالي إمكان نقل أثاث بيتي هنا. ولكن يترجح الآن نقل غرفة الأكل وغرفة النوم والـمكتب، إذ إنّ أخذ هذا الأثاث معنا لا يكلّف في البحر أكثر من نقله من هنا إلى بوينُس آيرس. وقد حاولت بيعه فلم يتقدم أحد بـمبلغ قابل الـموافقة فقررت نقل الأثاث. فإذا سافرت بحراً أخذت قسماً كالـمكتب ونحوها معي ثم تـجلب الباقي زوجتي معها، وإذا كان سفري بالطيارة، نظراً للعجلة بقي الكل لتأخذه زوجتي معها. والأثاث هذا جيد أكثره من خشب فنلندي جيد، فيكون أمر البيت مقضياً إلا بعض زيادة للصغيرتيـن يـمكن ترتيبها بعد وصولي، وما أحتاج إليه عند وصولي يكون مقتصراً على الضروري، ويـمكن أن يكون بناءً على ترتيب موقت.
بعد نحو عشرين يوماً أكتب ثانية بُعيْد انتقالي إلى بوينُس آيرس، ثم أواصلكم كل خمسة عشر يوماً مرة وكلما اقتضى الأمر.
هذا ما لزم الآن. سلامي القومي لك ولأهل بيتك وللأمناء والرفقاء. ولتحيى سورية.