إلى الرفيق الـمجاهد نعمان ضو
كوساته - سان خوان
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت رسائلك الأخيرة وآخرها ما ورد معه مقالة في صدد فلسطيـن. لم أتـمكن من إرسال جواب قبل الآن لأنّ انهماكي بأمور التصفية وبالـمخابرات الـمتعددة مع عدة جهات حزبية كان يستغرق كل وقتي.
تأسفت لأنك لم تتمكن من تصفية النبيذ الذي صنعته ولتعرّضك لبعض الـخسائر التي أرجو أن تعوّض عليك أرباحاً مضاعفة.
أبشّرك، أني قد بعت محلي التجاري الذي استدرجني إليه لغاية سافلة في نفسه الـمدعو جبران مسّوح، وقد تـمّ البيع أول أمس إلى رجل إسباني مهذب كان سابقاً مدة في سان خوان ومعه رأسمال مبلغه واحد وعشرون ألف فاس، وقد أعطاني سنداً على الـمصرف الإسباني بـمبلغ رأس مالي الـحاصل من إحصاء البضائع والـموازنة الـمبنية عليه، وأودعت السند في مصرفي أمس وأعتقد أنّ الـمبلغ يكون حاصلاً غداً.
تبقى مسألة تـحصيل الديون التي لي عند تـجار أكثرهم في داخلية الولاية وتبلغ نحو ثلاثة آلاف فاس. ومسألة بيع بضاعة الألعاب التي لم يشأ الشاري التعامل بها. وفي هاتيـن الـمسألتيـن سأتعرض لبعض الـخسائر الطفيفة، فلا بأس. وإني مطمئن لأني عوضت معظم الـخسائر السابقة التي لـحقت بي من جراء الاحتيال والسرقة، وسأتـمكن من إيفاء الدين الذي عليّ لابن حمي ويبقى معي شيء قليل لنفقة العائلة. وأرى هذه النتيجة حسنة جداً بعد ما جرى في توكومان وانتصاراً كاملاً على مكائد الـمنافقيـن والـخونة.
لم تتم مسألة بيع الـمحل بلا فصل أخير لأهل الشر. فبعد صدور إعلان عرض الـمحل للبيع في جريدة محلية بعدة أيام سعى الـمدعو محمد إبراهيم الكردي الذي تعرف خبره والذي كان أقام عليّ دعوى باطلة طالباً إعلان فسخ الشركة الـمشؤومة معه قضائياً وتعويض ما يدعيه من «عطل وضرر»، وقدّم كفيلاً وطلب الـحجز الاحتياطي على محلي وبضائعه استناداً على أنّ له دعوى عليّ قيد البتّ. وقد أجاز القاضي الـجديد، الذي يظهر أنه قليل الاختبار في هذه الـمسائل، طلبه وأمر بإجراء الـحجز الاحتياطي.
ولكن الكردي لم يتجاسر على القدوم مع مفوض الإجراء فأتى هذا وحده وأعلن لي أمر القاضي، فأراه رفيق جديد، اتفق وجوده في الـمحل، صعوبة الـحجز على البضائع لكثرة أصنافها وما يتطلبه إحصاؤها من وقت فضلاً عن أنّ قيمتها فوق ما يـمكن أن يكون مطلوباً بكثير. فخابر الـمفوض الـمحامي بالتلفون فقبل هذا بإجراء الـحجز على الرفوف، إلا بعضها، وعلى الـمستعرضات فتبلغت ذلك. في اليوم التالي طلب الكردي تـمديد الـحجز، لأنه يعدّ ما حجز عليه غير كاف للتعويض على «خسائره» وأخذ يطبل ويزمّر للحجز في قهاوي السورييـن. فطلبت من القاضي إيقاف التنفيذ لأنّ الـمدّعي لا يعيّـن مبلغاً لـما يطلبه وطلبت إعادة النظر في إجازة الـحجز ورفعه والاستئناف إذا لم يرفع الـحجز فتوقفت هذه الـمسائل.
وبعد بضعة أيام صدر حكم القاضي في 9 الـجاري في دعوى الكردي الأساسية مجيباً طلب الكردي إعلان فسخ الشركة قضائياً «بلا غرامة ولا ذنب للمدّعى عليه» ورافضاً طلب الكردي تعويض «العطل والضرر» مع تغريـم الـمدّعي. وقد استأنف الكردي هذا الـحكم إلى محكمة الاستئناف، وأظن أنّ النتيجة الأخيرة تـحصل بعد نحو عشرين يوماً.
وهكذا تنحلّ نهائياً جميع مشاكل سفالات الـمجموع السوري في توكومان.
أنتقل الآن إلى أمر آخر: أمر قبض مبلغ مالي هنا يحوّل إلى الوطن من أفريقية الغربية. الآن يـمكن قبول ما عرضته عليّ سابقاً. فإن منفذية الشاطىء الذهبي قد وضعت تـحت تصرّفي ما يلزم من نفقات رحلتي وعودتي إلى الوطن مبلغ مئة ليرة استرلينية يـمكنها أن تـحوّلها في الـحال إلى أي شخص في الوطن أرسل إليها اسمه وعنوانه ووصولاً بتسلّمي ما يعادل الـمبلغ الـمطلوب دفعه. فإذا كان الأشخاص الذين ذكرتهم سابقاً على استعداد لإجراء هذه الـمعاملة فخابرهم وأخبرني ما يكون من وراء الـمخابرة. والآن يجب السرعة، لأنه يجب أن لا أخسر وقتاً فعودتي إلى الوطن أصبحت ضرورية جداً.
وردني بالبريد الـجوي من أيام عددان من [صدى] النهضة وفيهما وصف الـمهرجان القومي الاجتماعي الذي جرى في الشوير في ساحات فندق القاصوف والأراضي التي حوله على ذلك التل البديع الـمشرف على زرعون، في أول سبتمبر/أيلول الـماضي. وقد سارت من بيروت خمس مئة سيارة بين كبيرة من نوع الأمنيبص وعادية للركاب إلى بيت مري ومنها إلى الشوير. فكان حشداً عظيماً وملأت الهتافات جميع القرى. وتـجمّع في ساحات القاصوف خلق كثير من القومييـن الاجتماعييـن ومن السكان ومن الـمصطافيـن من سورييـن ومصرييـن وغيرهم. وحضر من القومييـن الاجتماعييـن وفود من الشام وفلسطيـن. فألقيت خطب وختم الاجتماع بتلاوة رسالة خاصة من الزعيم إلى القومييـن الاجتماعييـن في هذا الاجتماع. وذلك أنّ الـمركز أبرق إليّ في أول أغسطس/آب الـماضي يطلب رسالة للاجتماع الـمذكور فأنشأت الرسالة يوم وصول البرقية ووضعتها في البريد الـجوي فوصلت وتليت في الاجتماع.
لن أبقى في توكومان أكثر من الـمدة التي تقتضيها تصفية بقية العلاقات وقد يكون ذلك نحو شهر آخر. وسأهتم بالإسراع بـمعاملات السفر الذي لست أدري الآن هل يكون بحراً أم جواً.
أتـمنى أن أراك قبل السفر. قد أذهب إلى بوينُس آيرس مع الذي اشترى الـمحل لأعرّفه الـمحلات التي يشتري منها. وقد أؤجل السفر معه إلى حين انتقالي نهائياً إلى بوينُس آيرس، والأمور تتقطع شيئاً فشيئاً.
جوليـيت وصفيـة وأليسار يشتركن معي في إهدائك والعائلة السلام
القومي. ولتحيى سوريـة.
حاشية: نشطت الـحركة السورية القومية الاجتماعية في توكومان بانضمام نحو ثمانية مواطنيـن أكثرهم من رباح. وتتحرك الآن أوساط جديدة نحو الـحزب.
بعد: لـمّا كان قصدي إقامة دعوى تعويض عطل وضرر على الكردي وكفيله وكانت الوثائق ضرورية لإثبات العطل والضرر، فإني مرفق بهذا الكتاب نسخة كتاب موجّه إليّ معلناً إلغاء الاتفاق على شراء محلي بالكمية الـمعيّنة مع الكمية الـمتفق عليها تعويض «خلو رجل». فإذا استحسنت أن توجّه إليّ على ورق رسمي لعنوانك التجاري أو عنوان تاجر معروف، والأول الأفضل، فافعل وأرسله إليّ على جناح السرعة. ويبقى عنواني في صورة الكتاب الـمرسلة كما هو ولكن على الغلاف يكون عنواني إلى شارع كوردبة 822 أي عنوان البيت.