إلى الرفيق العامل خليل الشيخ
بوينُس آيرس
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت كتاباً من الرفيق عبدالله دروج يخبرني فيه أنّ العملية التي أجريت لقرينتك نـجحت وهي تقارب الشفاء، فأرجو أن يتحقق ذلك بسرعة وتعود إليها الصحة والعافية والنشاط.
قرأت ما نشر في عدد الزوبعة الأخير من الـمقال الأول بالإسبانية الذي أرسلته لينشر في إحدى الصحف الأرجنتينية أولاً ثم في الزوبعة. وقد رأيت أنّ الـمقدمة التي وضعتها لهذه السلسلة من الـمقالات لتنشر باسم A.S. Mudschaes إذا رأيت أنّ بعض الصحف تـميل إلى نشر مقالات بشيء من هذه الصفة، قد نشرت في الزوبعة باسم أنطون سعاده. ولم يكن هذا قصدي قط. وما كتبت في صدده هو أنه إذا لم تستحسن الصحيفة الأرجنتينية سلسلة الـمقالات تـحت الـمقدمة الـمذكورة يـمكنها نشرها بالاستغناء عنها وباسم Antun Saadeh فقط. وقد ذكّرتك أن يكون الاسم أنطون وليس أنطونيو. فلم أستحسن نشر الـمقدمة الـمذكورة في الزوبعة وبهذا الشكل.
ثم إني رأيت أنك لم تقتصر على تصحيح بعض الأغلاط الصرفية والنحوية الناتـجة عن عدم درسي صرف اللغة الإسبانية ونحوها كما يجب، بل تناولت أسلوب الـمقال وتعابير الكاتب فأدخلت عليها تعديلاً في الـمعنى والشكل خرج بها عن قصد الكاتب وغيّر طابع البحث تغييراً لا أرغب فيه. ففي أول فقرة من العامود الثالث نـجد هذا التعبير:
El pais es de una importancia estrategica de primer orden, que lo hace, des graciadamente, victima de la verocidal criminal de las potencias imperialistas, que en todos los tiempos de estas comarcas el objeto, etc.
وفي الفقرة عينها وعند آخرها نـجد هذا التعبير:
Pudieron resitir airosamente a todas las bestiales incasiones de Oriente y Occidente.
فهذان التعبيران بعيدان كل البعد عن عبارتي والـمعنى الـمحدود والـمقصود من وصف البلاد الـجغرافي الذي هو تـمهيد لـما سيأتي من وصف أحوال البلاد السورية التاريخية وأعمال شعبها. هذان التعبيران هما مزيج من التغني الشعري بـمحاسن البلاد والإذاعة الـخطابية ضد الشعوب الفاتـحة والدول الاستعمارية والأسلوب الزخرفي في الأدب، وهذه الـمعاني والأوصاف كلها بعيدة عن قصدي في هذه السلسلة، خصوصاً في القسم الـجغرافي - التاريخي العلمي الـمحض منها:
Estas expresiones son contrarias a la descripcion objetiva, cientifica, breve y fria del pais en cuestion, a la cual era mi proposita limitarme.
ومع أني لا أريد تـحميل هذه التعابير الدخيلة مسؤولية عدم قبول الصحيفتيـن الأرجنتينيتيـن اللتيـن قدّم الـمقال الأول إليهما نشره، فلا يبعد أن تكون هذه التعابير من أسباب عدم رغبة الصحيفتيـن الـمذكورتيـن في نشره. وليس التعبيران الـمتقدمان هما الوحيدان من هذا النوع، ففي العامود الرابع، الفقرة الـمتوسطة، نـجد هذا التعبير
Tanto pueden la maldad y el criminal extravio de los hombres.
وهو أيضاً مـما لا أوافق عليه.
كذلك رأيت أنك أردت مساعدتي بالاستناد إلى مسبيرو في ذكر الاسم الذي أطلقه قدماء الـمصرييـن على البلاد، ومع تقديري لاهتمامك وشكري لك، فإني لم أجد ذلك لازماً في هذه العجالة وهنالك محققون أعظم من مسبيرو Maspero يـمكن الاستناد إليهم، ولكن هذا يقتضي بحثاً غير هذا البحث ويدخلنا في مواضيع متشعبة.
في ما سوى هذه الـملاحظات الهامّة، أشكر لك كثيراً الإصلاح الذي أجريته من حيث مقتضيات صحة العبارة الإسبانية، حتى ظهر الـمقال قابلاً الاحترام من هذه الوجهة عند القراء باللغة الإسبانية.
بناءً على ما تقدم ومن أجل متابعة السلسلة من حيث انقطعت وإعادة النظر في بعض العبارات أود أن تعيد إليّ ما بقي من الـمقال لأنظر فيه. ثم إني أطلب أنه متى أرسلت إليك القسم الثاني لتنظر في بعض عباراته أو كلماته غير الصحيحة أن تقتصر على ضبط اللغة وصحة التعبير وأن تتجنب تـحسين الأسلوب وزيادة الـمعاني، لكي لا يخرج البحث عما أقصد منه.
هنالك ملاحظة أخرى وهي: إني كنت قد جعلت للعنوان الكبير عنوانات ثانوية تفصيلية ضرورية Subtitulos Necesarios - فلم يظهر شيء منها، وإني أطلب إظهارها فيما يأتي من حلقات هذه السلسلة.
اليوم أكد لي أحد الراغبيـن في شراء محلي التجاري عزمه على الشراء واتفقنا على الابتداء من الغد الإثنيـن بـمقابلة مـمثلي محلات بوينُس آيرس لأخذ موافقة الـمحلات الـمذكورة على نقل الديون وفتح حساب جارٍ لـمن يخلفني في الـمحل. ويحتمل أو يترجح أني أسافر أواسط أو أواخر الأسبوع القادم إلى بوينُس آيرس بصحبة الشخص الـمذكور الإسباني الهوية لأعرّفه لدى محلات بوينُس آيرس وحينئذٍ يـمكنّي النظر في بعض الأمور الـحزبية وغيرها.
سلامي القومي لك ولقرينتك الفاضلة وكريـمتك أفاليا والوالدة الكريـمة وشقيقك ميخائيل وعائلته سلاماً تشترك معي فيه قرينتي. ولتحيى سورية.