إلى الأمين الـجزيل الاحترام معروف صعب
دمشق
رفيقي الـحبيب الأميـن،
تسلمت اليوم كتابك الـمؤرخ في 13 يوليو/تـموز الـماضي الذي استغرق وصوله شهرين، وكنت أنتظر وصوله من زمان، فسررت به كثيراً وبوصفك للحالة الـحزبية الـحاضرة وصفاً تناول بعض القضايا الهامّة من عقائدية وإدارية وسياسية وشخصية.
إنّ قلقي على مصير الأمة في التيارات السياسية الـجديدة، وجزعي على الـحركة القومية الاجتماعية وهي تواجه هذه التيارات بعد ما أصابها من إرهاق وتضعضع قوى شديدان جداً ويصعب وصف مبلغهما بالكلام، ولكن تغلّب النهضة السورية القومية الاجتماعية على الصعوبات العظيمة التي تعرضت لها يدل على متانة عقيدتها ورسوخها في النفوس وعلى أهليتها للبقاء والانتصار.
إنّ فترة الـمرارة والـحيرة تـجاه الأساليب السياسية الاختبارية الـجديدة لن تطول كثيراً وسيعقبها عود الـحرارة والثقة والعزم مع الوضوح والصفاء. فإني جاد الآن في تصفية أعمالي الـخصوصية التي قيدتني بها بيئة مهاجرينا الفاسدة في هذه البلاد، الأرجنتيـن، وسأفعل كل ما في مقدوري لأجعل سفرتي قبل ديسمبر/كانون الأول الـمقبل لأعود إلى وسط جيش الـجهاد القومي الاجتماعي بأسرع ما يـمكن. ليس شوقكم إليّ بأكثر من شوقي إليكم، وإنّ ما أعانيه هنا، من الوجهة النفسية، يصعب كثيراً أن تتصوروه أو أن يخطر لأحد منكم في بال.
إنّ موعد وصولي إلى الوطن ستعرفونه، وإني سأكتب إلى رئاسة الـمجلس الأعلى في ذلك وفي الترتيبات الواجب اتخاذها لإعداد الـحزب ليوم اللقاء والاجتماع، مع إبقاء الأوساط الـخارجة عنه في جهل من حقيقة الـموعد إلى أن يقترب اليوم ويصبح الوصول أكيداً. ويجب أن لا تُرتكب هذه الـمرّة الأغلاط الـماضية التي حرمت الـحزب، في عدة مناسبات، من الشعور بقوّته وإظهارها، بناءً على بعض اعتبارات سقيمة تـمسكت بها نفوس بعيدة عن البطولة وقريبة من الأغراض الشخصية الدنيئة، وكان أخيراً نصيبها الفشل والـخيبة والطرد. عندما حان موعد خروجي من السجن الأول في مايو/أيار سنة 1936 كتبت من السجن إلى الإدارة الـحزبية أقول إني أريد أن أرى الـحزب وقوّته في يوم خروجي، وكان على رأس الإدارة صلاح لبكي، الذي كان يريد التوفيق بين العمل القومي الاجتماعي والغايات الشخصية، فقرر منع احتشاد الـحزب من جميع الـمناطق لاستقبال الزعيم وأن يأتي القوميون الاجتماعيون فرقاً صغيرة للسلام على الزعيم، ويكون لكل فرقة دور وساعة معيّنة في يوم معيّن، فتوزعت قوات الـحزب وظهرت كأنها شراذم قليلة صغيرة ليست ذا خطر في الشعب. يجب نبذ تلك الـحكمة الـجبانة وكل تدابيرها ويجب حشد جميع القوات الـممكنة، من جميع مناطق سورية القومية لتشترك في إظهار حقيقة الأمة وقوة نهضتها الـجبارة.
إنّ صحتي ليست كما أود وأعصابي التي أضناها استنزاف القوى بلا هدنة لم تعد إلى حالها الأول. وما لقيته مؤخراً من عقوق وخيانة وغدر، وما اضطررت لبذله من مجهود للتغلب عليها وحدي بلا أعوان لم يـمكنّي من اطراد التحسن ومن الاهتمام بحالتي الصحية، بل قد طرأ مؤخراً عارض جديد هو ألم عضلي أو فيزيائي في القلب، يغيب مدة ثم يعود وزوجتي تعتقد أنه نتيجة التعب والـمجهود الأخير، وإني أرجو أن يكون رأيها صائباً، وإنّ الراحة في السفر - إذا كان فيه راحة - والارتياح إلى العودة إلى الوطن وإلى رفقاء العقيدة والـجهاد سيذهبان بهذا العارض.
قرينتي الرفيقة جولييت تشترك معي في إهدائك وقرينتك الرفيقة أدال السلام القومي، وأرجو أن يكون اجتماعي بك وبالرفقاء في الوطن قريباً جداً. ولتحيى سورية.
بعد: مرفق بهذا الكتاب كتابيـن الواحد للرفيق رئيس مكتب عبر الـحدود والثاني للرفيق أكرم الـحوراني، أكلّفك إرسالهما إلى الرفيق جبران جريج رئيس مكتب عبر الـحدود أو إلى الأمين الـجزيل الاحترام نعمة ثابت.