إلى الرفيق العامل الأستاذ أكرم حوراني
بواسطة عمدة الداخلية
أيها الرفيق العزيز،
كان سروري بخبر انتخابك الشعبي في حماه للنيابة عظيماً، لأني كنت موقناً من أنّ نفسك الكبيرة، التي دفعتك في تلك الأيام الـمليئة بالـمحن، إلى اعتناق العقيدة السورية القومية الاجتماعية والانتظام في صفوف الـحركة السورية القومية الاجتماعية، والـجهاد في سبيلهما والدفاع عنهما والـجهر بالـحقيقة الكبرى التي تعلمناها، ستحمل عقيدتها وإيـمانها إلى الـمجلس النيابي وتؤثر فيه وتسعى ضمنه إلى تطبيق تعاليم نهضتنا لإنقاذ الأمة من البلبلة والفوضى.
لم يخب تفاؤلي. فقد قرأت مشروع القانون السوري القومي الاجتماعي الـجليل الذي تقدمت به إلى الـمجلس النيابي الشامي وأقرّه بالإجماع، وهو قانون قمع التحزبات والفتـن الدينية العمياء والـخيانة والـجاسوسية لـمصلحة الإرادات الأجنبية، وسررت كثيراً به. وقد أردت أن أوصل إليك تهنئتي بتفكيرك وتقديري لـمناقبك القومية وشكري لعملك.
عندما أستعيد في ذاكرتي صور الـماضي أجد أنه من دواعي الأسف أن لا يكون قد تعدى الاتصال الشخصي بيننا تلك الـمقابلات الإدارية القصيرة، الـمقتضبة في بيروت، التي جرت في ظروف حرجة والأعصاب تـحت ضغط شديد من الـحوادث والوقت ضيق وبدون سابق تقديـم أو تعريف شخصي، والـمقابلة الأخيرة القصيرة التي جرت في آخر زيارة قمت بها لـمنفذية حماه قبل سفري إلى أميركة.
إني أشعر أنه كان يجب أن تكون أنت في الـحلقة الأقرب إليّ والأكثر اتصالاً بي ليكون لاتصالنا نصيب من التفاعل الفكري والاتـحاد في النظر إلى الأمور أكبر من الذي سمحت به الظروف الـماضية. وإني، إذ أستعيد الآن الـماضي، أذكر ثورتي، في تلك الظروف العصيبة، من جراء تعابير مقال كتبته في الدفاع عن حركتنا وظهر فيه ما يستنتج منه أنّ أفكارنا ومناهجنا القومية متابعة لأفكار الكتلوييـن ومناهجهم، وهم الذين يبعدون بعداً كبيراً عن كل تأسيس عقائدي قومي وعن كل تفكير قومي أساسي، لأني كنت أرى أنّ مركز هجومنا يجب أن يكون أقوى من ذلك. وأذكر كم تأسفت فيما بعد لبعد الـمكان وحؤول الاضطرابات السياسية دون اجتماعنا واطراد البحث في مواضيع قضيتنا، وكان أسفي على قدر شعوري بـما أنت مؤهل لتناوله من قضايا الفكر والشعور في صدد نهضتنا.
في زيارتي الأخيرة لـمنفذية حماه واجتماعنا القصير في دار الرفيق صلاح شيشكلي، وجدتك في حالة من يحمل في نفسه أثر صدمة نفسية داخلية. لم يساعدني الوقت على جلاء شيء من تلك الـحالة وتفريج أكدارها عنك، ولكني ظللت أفكر بك وبها، فإني بقدر ما أهمل النظر في أمر نفسي أُعنى بالنظر في أمر الأعوان الذين هم في الـمنظمة القومية الاجتماعية ضمانة لـحقيقة النهضة ولقوى سيرها نحو مثلها العليا.
إني أشعر بارتياح كبير إلى ثباتك العقائدي وباغتباط عظيم بجهادك القومي الاجتماعي، وإني أرى في تشريعك وإنتاجك الفكري وسعيك في ما يؤول إلى تـحقيق أغراض نهضتنا الكبرى نضجاً وقوة يحتلان منزلة من التقدير في نفسي شديدة الـمناعة. فأكرر تهنئتي إياك وأرسل إليك سلامي القومي وأرجو أن لا يطول الوقت حتى نـجتمع في الوطن ونحقق ما فاتنا تـحقيقه في الـماضي من توثيق عرى التفاهم وروابط التعاون واتصال النفوس في الـمعرفة واليقيـن.
فإلى الأمام، أيها الرفيق العزيز وإلى اللقاء. ولتحيى سورية.