إلى الرفيق غسان تويني، كمبردج، ماستشوستس، أميركانية
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت رسالتك الأخيرة الـمؤرخة في 23 يوليو/تـموز الـماضي، وسررت بها وبالصورة الـمرفقة بها التي عرّفت إليّ الرفيقيـن العامليـن جورج شاهين وميشال أبو رجيلي وبخطابيك بالراديو في إذاعة الرفيق أبو رجيلي.
كنت أود أن أكتب إليك كثيراً وأسهب لك في ما تفيدك معرفته من نشوء الـحزب وشؤون مرحلة تأسيسه، ولكن ليس في مقدوري الـمادي أن أقوم بكل ما أوده نحو عدد من الرفقاء غير قليل، ولم أعد اليوم بعد الطوارىء التي طرأت على صحتي في مثل النشاط الفيزيائي الذي كنت عليه في الـماضي، فبعد كل وقعة طعام أحتاج إلى لا أقل من ساعة راحة تامة بأمر الطبيب. وكنت في الـماضي أكتب على الطعام وبعد الطعام وأفكر في كل وقت وكل حالة. مع ذلك فقد اعتنيت بإعطائك معلومات وشروحاً رأيتها كافية لإنارة طريق تفكيرك في بعض قضايانا الفكرية والإدارية والسياسية. وأعتقد أنه يفيد أن تراجع بين الفينة والفينة ما كتبته وأكتبه إليك في هذا الصدد.
ما كتبته في رسالتك الأخيرة شارحاً الـمقصود من «سياسة» عمدة الثقافة ينطبق على الـمقصود التقني من النص القانوني فيما يتعلق بسياسات العمد، وليس في كتابي السابق إليك ما يحتمل أن يستنتج منه أني أنكر ما شرّعته في هذا الصدد من ضرورة تخطيط كل عميد سياسة عمدته العملية في تطبيق ما يخص عمدته من غاية الـحزب وخطته الأساسية. وقد رمت سياستي دائماً إلى تقوية الأشخاص الـمؤهليـن وجعل الـمضطلعيـن منهم بالأعباء يشعرون أنهم يتمتعون لقاء مسؤولياتهم الكبيرة، بصلاحيات واسعة على نسبة كبر الـمسؤولية. وحصول الوضوح التام لهذه النقطة لا يدخل ولا يوجب إدخال أي تعديل على ملاحظاتي في كتابي السابق، فالـمسألة ليست مسألة هل يجب أن يكون لعمدة الثقافة سياسة يضعها عميدها، وهل يجوز أن تصطبغ سياسة العمدة بصبغة خطوط شخصية العميد؟ فمجرّد القول إنّ العميد مسؤول عن سياسة عمدته ينفي كل جدل أساسي حول هذه النقطة، وإنـما الـمسألة، كما حددتها في رسالتي السابقة، تنحصر، من جهة الـمبدأ الأساسي، في هل يجوز أن تتقدم «سياسة العميد الأساسية» في الـمنزلة والأساس، على أهداف الـحزب العليا وغايته الأخيرة وتعاليمه الأساسية التي أوجدت عمدة الثقافة لتطبيق ما يختص بناحيتها منها؟ وهل يجوز أيضاً أن تقدّم عمدة الثقافة، كائناً من كان عميدها، حتى ولو كان عميدها الزعيم نفسه، مسؤوليتها الـمطلقة تـجاه القيم العليا وحرصها على مصلحة الأمة التي تخدمها، على مسؤوليتها الواضحة نحو الـمنظمة التي أوجدتها لتحقيق غايتها ونحو تعاليم هذه الـمنظمة الـممتازة بصفتها الثقافية، ونحو وحدة إدارة الـمنظمة ووحدة إرادتها في الـحرص على مصلحة الأمة بحيث لا يكون لأية عمدة من العمدات حرص مستقل على مصلحة الأمة غير مندمج في حرص الـمرجع الأخير للمنظمة مهما كان شكل هذا الـمرجع: الزعيم أو الـمجلس الأعلى أو الـمبادىء والتعاليم أو الدستور؟
إنّ الـمسؤولية الـمطلقة تـجاه القيم العليا لا يـمكن، دستورياً، أن تكون من صلاحية أية عمدة أو إدارة جزئية من إدارات الـحزب يفترض أنها عاملة بتعاليم الـحزب، وليس بتعاليمها الـخاصة، وأنها مسؤولة عن أعمالها وسياستها وإجراءاتها تـجاه المصدر الذي تستمد منه مشروعية وجودها وصلاحية عملها. الـمسؤولية الـمطلقة تـجاه القيم العليا لا يـمكن، ولا بوجه من الوجوه، أن تكون سياسة من سياسات العمد ولا مبدأ أساسياً من مبادىء وجودها وأغراضها. فالقاعدة الأساسية الـمنطقية يجب أن تكون: إنّ الـمسؤوليات الكلية لا يـمكن أن تكون صلاحية من صلاحيات أية مؤسسة جزئية وإنّ الـمسؤوليات الـمطلقة ليست من شأن إدارة مقيدة، مهما كانت عامة الصفة ضمن دائرتها الـمحدودة. وإنه لـمن الصعب قبول مثل هذا التعبير حتى من مجلس العمد كله. فكون مجلس العمد مؤسسة صادرة عن سلطة تشريعية عامة لتحقيق أغراض تعاليم معيّنة، فمرجعه هذه السلطة وهذه الأغراض والتعاليم الـمقيد بها والـمسؤول تـجاهها في كل ما يخطط وينهج، ويجب عليه أن لا يتعدى هذه الـحدود إلا إذا أراد تعريض النظام الدستوري كله للانهيار.
إنّ عمدة الثقافة، ككل عمدة أخرى من عمدات إدارة الـحزب السوري القومي الاجتماعي، لم تنشأ دستورياً، «لـخدمة الأمة» بإرادتها وأمرها، بل لتحقيق بعض غايات الـمنظمة التي صدرت عنها، ويجب عليها أن تتقيد بهذه الروحية حتى في حالة كون هذا الشكل إسمياً، فكم بالـحري والشكل فعلي. ومثل بسيط قد يزيد الفائدة: لا تزال حكومة بريطانية تستعمل هذا التعبير: «تريد حكومة جلالة الـملك أن...» ونحن نعلم أنّ حكومة بريطانية هي حكومة الشعب البريطاني بالفعل وليست «حكومة جلالة الـملك» إلا بالاسم.
إنّ مسؤولية عميد الثقافة تـجاه مراجع الـحزب العليا لا تـجرّده من شخصيته ولا من تخطيط سياسته العملية في الاضطلاع بأعباء ما ألقي عليه من الأغراض والـمهمات، ولكن الدستور لا يجيز له أن يغفل أنّ كل ما يجري باسمه إنـما هو على مسؤولية الدستور الأخيرة لا على مسؤوليته هو الـمطلقة.
إنّ هذه النقاط الـحقوقية والدستورية والإدارية والروحية تدخل في جملة ما قلت إني سأتناوله في خطابي أو رسالتي إلى الـمجلس الأعلى، وفي خطاب أو خطب موجهة إلى هيئات الـحزب الـمسؤولة لتكون درساً للجميع. وقد أدليت بها إليك خصوصاً من أجل ما قلت في كتابي السابق من اهتمامي ببناء نفسك العقائدي والنظامي وزيادة وعيك القومي الاجتماعي، خصوصاً وأنك قد عرضت لها بحماس في شرحك التبريري لاتـجاهات عميد الثقافة في قيامه بـمسؤولية عمدته في كتابك الأخير، وقبل أن أنتقل إلى النقطة التالية التي يهمني نقل وجهة نظري فيها إليك عملاً بقاعدة: بناء النفوس الـمؤهلة في العقيدة والنظام، أريد أن أقول إنّ غرض ملاحظاتي هو غرض تعليمي إصلاحي عملاً بالقاعدة الـمذكورة، وإني أزيد على ما تقدّم أنه لـمّا كان الأمر متعلقاً بـمن هو مثلك، ومثل الرفيق فايز صايغ من تلامذة العقيدة القومية الاجتماعية وحملة أفكارها ومـمثلي روحيتها، فلن أترك التثقيف لألـجأ إلى السياسة. بهذه الطريقة بنيت شخصيات أعضاء الـمجلس الأعلى وإدارة الـحزب العليا، وبهذه الطريقة أريد تقوية وحدة الفكر والقصد في دائرة جميع أصحاب الفكر والعلم من العامليـن والـمشتغليـن بقضايا الـحزب الفكرية. وفي هذا السياق، وقبل تناول التحفظ للحق والـخير والـجمال، أريد أن أقول إنه مهما يكن من أمر كون الرفيق فايز صايغ أول محقق لـمؤسسة عمدة الثقافة فلا يجوز القول إنّ هذا التحقيق العملي هو «تأسيس يكاد يكون كلياً»، أي بالغرض والغاية الفكرية أيضاً، فهذا أمر حاصل في تعاليم الـحركة القومية الاجتماعية التي هي جد ثقافية وفي تأسيس العمدة دستورياً، الدال على قصد واضح من هذا التأسيس ثم في التمهيدات الثقافية بإنشاء «الندوة الثقافية» التي تعهّدها الزعيم بنفسه في عهدها الأول. وإذا كان يحق للرفيق فايز صايغ أن يفتخر بأنه أول من نظّم عمدة الثقافة وخطط لها سياسة فيجب أن يترك لـمراجع الـحزب العليا الشهادة له بـمبلغ خدمته من الـجلال وهي لا تبخسه حقه، وأن يتجنب إغفال كون عمدة الثقافة منبثقة من فكرة ثقافية وغرض ثقافي واضحيـن، وأنه مهما وسّع هو في هذه الفكرة وهذا الغرض فالأمر توسيع لا إنشاء كلي ولا شبه إنشاء كلي. وإذا لم تتوضح هذه الـمسألة كما يجب صارت سابقة لتشجيع النزعات الفردية ونشوء «سلسلة الاستنباطات» التي حدّثتك عنها في رسالة سابقة ولإهمال الأصول العقائدية، والدستورية، خصوصاً إذا أخذ العمد الآخرون أو بعضهم يفكرون متأثرين «بالـمبادىء الأساسية لبيان عميد الثقافة الأساسي» وينظرون إلى عمداتهم كمؤسسات حرة مستقلة، مسؤولياتها هي تـجاه «القيم العليا» رأساً لا تـجاه الـمنظمة ووضعها الدستوري، وغرضها «خدمة مصلحة الأمة» لا تـحقيق غاية الـمنظمة وفاقاً لدستورها وتشريعها ونظامها. وليست هذه الـمرّة الأولى التي يغفل فيها أعضاء الـمجلس الأعلى التدقيق، في غيابي، في مثل هذه القضايا الأشد خطورة مـما يدل عليها ظاهرها، أو لا يتنبهون إلى ذلك.
وقفت على شرحك لتحفّظك في قوميتك «للحق والـخير والـجمال» الـمشترك في الـمعنى مع احتياطات عمدة الثقافة في هذا الصدد. والذي أراه بعد النظر في الأسباب الباعثة على التحفظات والاحتياطات الـمذكورة، أنّ هذه التحفظات والاحتياطات العامة غير موفقة من الوجهة العقائدية. وموضع عدم التوفيق هو في تعميم إطلاق قيم الـحق والـخير والـجمال الذاتية، وهذا التعميم يتجاوز كثيراً حدود رفض «الشوفنية» الذي أعلنه الزعيم ويكوّن في الأخير خطراً نفسياً (سيكولوجياً) على العقيدة القومية الاجتماعية في نفوس الكثيرين. فالـحق والـخير والـجمال من حيث هي قيم مطلقة لا وجود لها، في الواقع، في العالم الإنساني إلا حيث ينتفي تنوع النظر أو تنوع الـمصالح وتصادمها، ولـمّا لم تكن هذه القيم مادية فلا يـمكن أن يكون لها تـحديد واحد في العالم، فهي إذاً، حتى في أوسع إطلاقها، نسبية لتنوع الـجماعات البشرية وتنوع مراتب ثقافتها وأمزجتها، فالـحق الـمطلق للإنكليزي هو ما يراه بنظرته الإنكليزية، والـحق الـمطلق للسوري هو ما يراه بنظرته السورية، وكذلك الـخير والـجمال. أما ما يختص بـمقدرتنا النفسية على فهم مختلف أنواع الـحق والـخير والـجمال عند الأمـم الأخرى، فلا يوجب أن نتخلى عن الـحق والـخير والـجمال كما نراها نحن لنقبل القيم الـمطلقة كما تصورها نظرات الأمـم الأخرى.
كل حق وكل خير وكل جمال، لكي يصح أن تكون قيماً عليا حقيقية، مطلقة عندنا، يجب أن تخضع لشروط رؤيتنا إياها كذلك أو لاشتراكنا في رؤيتها كذلك، وإلا تعرّضنا لفقدان نظرتنا الشخصية الـخاصة. فإذا كانت هذه القاعدة صحيحة فلم تكن أو لم تبقَ حاجة إلى التحفظات والاحتياطات التي هي موضوع هذا الشرح، بل إنّ القاعدة التحفظية الـمشار إليها تضعف الثقة بصحة نظرتنا الشخصية إلى الـحق والـخير والـجمال واعتبارها كافية، مع نـموها وتطورها، لتعيين الـحق الـمطلق والـخير الكلي والـجمال الكلي. ومعناها في الأخير، بالاستناد إلى تعميمها وإطلاقها، قد لا يختلف عن هذه العبارة: إننا نقدر أن نكون قومييـن، في معترك الـحياة والتفوق بين الأمـم، في كل شيء إلا في النظر إلى الـحق والـخير والـجمال، أي في أهم مزايا الشخصية القومية.
يوجد فرق كبير بين هذا التعميم العقائدي أو الفلسفي وتـحديد الزعيم للظاهرة الـمعروفة «بالشوفنية». ولا يستدعي تقبيحنا لإحراق الكتب الفرنسية في الساحات العمومية، الذي هو من الوجهة العملية شيء رمزي فقط، تقرير مثل هذه القاعدة التحفظية الـمطاطة التي ستبقى، بعد زوال إحراق الكتب، قاعدة فكرية تضعف الثقة بالنظرة القومية وتخضع الأمة «لقيم مطلقة» تضحّي نظرتها على مذبح نظرات سواها الـمبثوثة في آدابها. وفي هذه الـحقيقة يكمن سر اهتمام الأمـم الاستعمارية بحمل آدابها إلى الشعوب الواقعة ضمن نطاق إمبراطورياتها ناقلة إلى هذه الشعوب الـحق والـخير والـجمال في الصور الـمطلقة الـخاصة بكل أمة من الأمـم التي قدرت على تكوين نظرتها العليا إلى الـحق والـخير والـجمال.
إنّ تقبيح إحراق الكتب في تظاهرات «شوفنية» صحيح، ولكن القاعدة التي وضعت لتقبيحه ورفضه ليست موفقة. وأعود فأقول إننا لسنا في حاجة إليها في هذا الطور الذي هو طور إيجاد وجداننا القومي وإرادتنا القومية في كل ما هو من معاني الـحق والـخير والـجمال. وإحراق الكتب في الساحات في تظاهرات شعبية عمل مألوف جرى ويجري في أرقى الأمـم تـمدّناً وثقافة، ولا موجب للخوف الكبير منه على الـحق والـخير والـجمال، وأنتم الذين ترغبون في التشديد على الوجهة العملية والسياسة العملية من عملنا القومي الاجتماعي، كان يجب أن تتجنبوا إثارة مثل هذه القضايا النظرية التي لا فائدة عملية منها. وعمدة الإذاعة وبعض مفكري الـحزب الـحريصيـن على عدم إضاعة الـحق والـخير والـجمال في التظاهرات الشعبية غير الـمسؤولة كان يـمكنهم الاكتفاء ببعض مقالات وإذاعات تـحليلية لهذه الأمور من غير حاجة إلى مثل هذه التعميمات الـخطرة من الوجهة النفسية التي قد تؤدي في الأخير إلى غير الـمقصود منها الذي لم تقتصر عليه، بل الأوْلى عدم الـخوف من إحراق الكتب الذي ليس هو سوى عمل رمزي ضد أدب الدولة التي رمت لى استعباد السورييـن ووضعهم في قالب نظرتها. ويوجد وسائل عملية كثيرة لـمنع تـحوّل هذه التظاهرات إلى «شوفنية» متفشية من غير التعرض لهذه الـمطلقات الـخطرة خصوصاً في الكيفية والقرائن التي وضع عميد الثقافة عبارته فيها حتى قد يبدو أنها تـحفظية ضد عوامل من داخل الـحزب في قرائن عبارتك. وفي رأيي أنّ ما هو أهم من إحراق جمهور من الطلاب غير الـمسؤوليـن الكتب الفرنسية هو تصريح رئيس جمهورية الشام السيد شكري القوتلي أنه لا يـمكن أن يؤمّن أحد من الفرنسييـن، على الإطلاق، على حياته وماله ضمن نطاق الـجمهورية. فهذه شوفنية مسؤولة لا تعبّر عن حقيقة نفسيتنا ونظرنا إلى الأمور يجب تقبيحها وانتقاد صدورها عن الـمسؤول الأول في تلك الدولة السورية بشدة. أكتفي بهذا الشرح في هذا الصدد وأعتقد أنّ ميلك إلى الدرس والتدقيق ومقدرتك على القياس لا يحوجان إلى أكثر منه.
بعد كتابة ما تقدم خطر لي أن أعود إلى النقطة السابقة الـمتعلقة بعمدة الثقافة والاعتقاد بتأسيسها القريب من الكلي، لأعطيك صورة ومعلومات توضح لك نواحي كثيرة وتـجلو لك فهماً أوسع للحقيقة والواقع: إنّ الرفيق فايز صايغ حضر، كما يترجح في ذاكرتي، مع أخيه الرفيق يوسف ومع الرفقاء فخري ورشدي وحلمي معلوف، وفخري يحمل آنئذٍ رتبة الأمانة، بعض اجتماعات «الندوة الثقافية» الأولى وأصغى إلى أبحاثها ومناقشاتها واطّلع على توجيهات ثقافية كثيرة للزعيم، وهو فوق ذلك، أحد الذين كان من نصيبهم سماع أحاديث كثيرة للزعيم ولوجوده مدة من الزمن في دائرة الـمقربيـن إليه وهي مدة كثرت فيها الأبحاث والأعمال ونشطت فيها الـحركة الثقافية بإيجاد «الندوة الثقافية» التي قصد منها إيجاد تأسيس أولي للثقافة والعمل الثقافي، فهو حين قدم، طالباً في سنته الأولى في الـجامعة الأميركانية سكن برفقة شقيقه يوسف وتوفيق (أرجّح أنّ هذا إسم أخيه الآخر) في بيت الرفيق الـموقّف فخري معلوف ووالدته وأخوته، فكان احترامي لوالدة فخري ومحبتي لأفراد هذه العائلة، كما لا يزالان الآن، كبيرين وكنت أتردد كثيراً على بيتهم، نظراً لتوثّق العلاقات الروحية بيني وبينهم ولكثرة الأعمال من ثقافية وغيرها، التي كان يعاونني فيها فخري باجتهاد كثير. وبعض اجتماعات مجلس العمد، في تلك الآونة، جرى في بيتهم (أواخر 1937 - أوائل 1938) وفي بيتهم جرى الشروع بوضع قواعد التدريب الـجندي بـمعاونة الـجندييـن الرفيقيـن جمال باشا الغزي الذي كان أول من أخذ يعلّم الرفقاء معنى الزعامة وقدر شخصية الزعيم ومنزلته في الـحركة والنظام، ومنير الـملاذي، وفي بيتهم تألفت لـجان وضع قواعد التربية القومية للنظام العام والنظام الـجندي وابتدأ العمل باشتراك جميع هذه القوى تـحت إشراف الزعيم وإدارته وتوجيهاته وأخذ في تـحديد الـمعاني والقيم الأساسية الآتية: ما هو الوطن، ما هي الأمة، ما هو الزعيم ومن هو، ما هو العلم، ما هو النظام، ما هي الـجندية، ما الـجيش، الخ. وكثيراً ما كنت أتغدى وأتعشى في بيت هذه العائلة الـجيدة الصفات، ويجتمع على الـمائدة أيضاً الرفقاء صايغ فنطرق مواضيع متعددة وكثيرة منها ثقافي. وأحياناً كنت أتـحدث إلى الصغار خاصة وأجيب على الأسئلة التي يلقونها عليّ، وكان حلمي أكثر السائليـن، وكان يريني بعض مقاطع إنشائية له، منها قطعة يخاطب بها طيارته.
وكانت اجتماعات «الندوة الثقافية» لذاك العهد تـجري في بيت الأميـن عبدالله قبرصي الذي كان قريباً جداً من بيت معلوف في رأس بيروت. وكان يحضر هذه الاجتماعات، بصورة دائمة، فخري ورشدي معلوف ويوسف صايغ، وبصورة استثنائية صار يسمح للأحداث حلمي وفوزي معلوف وفايز صايغ بالـحضور والاستماع. وكان الزعيم يحضر جميع هذه الاجتماعات، حتى حين يكون مريضاً ومرهقاً، نظراً لاهتمامه الـخاص الكبير بالناحية الثقافية ولأنّ الثقافة من أقوى أعماله وأغراض رسالته، وكان في آخر كل اجتماع يتناول محاضرة الـمحاضر فيحللها ويعرض لأسئلة الـحضور وأجوبة الـمحاضر عليها، ويبيّـن مواضع النظر في كل ذلك ويصلح الأغلاط، ويصحح الاستنتاجات بـموجب قواعد أساسية يشرحها ويعطي توجيهاته فيستغرق كلامه أحياناً ساعة، وأحياناً أكثر أو أقلّ، على نسبة أهمية الـموضوع وطريقة عرض الـمحاضر له. وأكثر ذلك كان يدوّن في وقائع الاجتماعات. وكان الناموس الـمدوّن آنئذٍ الرفيق فؤاد سليمان شقيق موسى سليمان، وأحياناً كنت أملي عليه الأجزاء الهامّة من كلامي التي كنت أخشى أن تغفل، وفي سياق هذه الاجتماعات عرضت عليّ فكرة السماح لأشخاص من خارج الـحزب بحضور اجتماعات الندوة والاشتراك في حركتها وأعمالها، وذلك أنّ خبر الندوة وأبحاثها أخذ ينتشر في الـمجتمع في رأس بيروت، وأخذ بعض محبي الأبحاث الثقافية من معارف الرفقاء يبدي رغبته في الـحضور والاكتساب، فرحبت بالراغبيـن في ذلك بحسن نية وأعلنت أنّ غرضنا نشر الثقافة في جميع أوساط الأمة، وأننا نسمح لكل راغب في العمل الثقافي بالاقتراب منا والاشتراك في أعمالنا الثقافية بشرط أن لا ينتج من ذلك إفساد لـخطتنا وتعويج لأهدافنا الثقافية. وبعد سفر الزعيم تابعت «الندوة» أعمالها وتعهّدها تعهداً جيداً فخري معلوف ودرّس فيها كتاب نشوء الأمـم وغيره وأعتقد أنّ الرفيق صايغ، فايز، حضر اجتماعاتها. فالعمل الثقافي وتوضيح بعض غاياته الهامّة ابتدأ فعلاً قبل تشكيل عمدة الثقافة إدارياً. ولا يـمكن القول إنّ عمدة الثقافة لم يكن لها أساس فكري واضح إلا بعد أن تولى عمدتها الرفيق فايز صايغ. أما ما قدّمه لها الرفيق صايغ من الإنتاج الفكري العالي القيمة والتنظيم الإداري وابتغاء الـمحافظة على سلامة غرضها وصحة اتـجاهها فتقديره لن يكون أقلّ من حقيقته ولن يقلل من شأنه كون عمدته مسؤولة، قبل كل اعتبار وفوق كل اعتبار، تـجاه الـمنظمة القومية الاجتماعية التي هي فرع من فروعها، عن تـحقيق الغرض الثقافي الـموكل إليها تـحقيقه، خصوصاً وأنّ الـحزب السوري القومي الاجتماعي لم ينشأ حزباً سياسياً للأغراض السياسية فحسب، بل حزباً تعليمياً ومدرسة عقائدية تثقيفية ظاهرة أسسها وخطوطها في تعاليمها الأساسية. فعمدة الثقافة لم تنشأ من تلقاء نفسها ويجب أن تشعر، مع تأثرها بشخصية عميدها وسياسته، بوجوب انطباق كل ذلك على الفكرة الأساسية التي صدرت عنها، مع عدم حرمان العميد حق إثبات أو إبراز شخصيته ومواهبه الـمفترض أنه معين بناءً على وجودها فيه، لأنها هي مؤهلاته، بإعطاء من يراه من تآويل وترجمات لغاية عمدته كما فهمها وبـما تسلّمه من أصولها الـمكتوبة أو الـملفوظة وبما تـحسسه من عرض الشارع أو الـمنظمة من إنشائها، كما أظهر شيئاً من ذلك في غير البيان الأساسي الذي وضعه ووضع فيه الـمبادىء الأساسية الـمشار إليها، وكان من حقه إظهاره في البيان الأساسي ولزوم الظهور تـجاه خارج الـحزب بصفة الوكيل، كما هو حقيقة، لا بصفة الأصيل كما ظهر في الفقرات التي أبديت ملاحظاتي بشأنها، إن لم يكن مبالغة في الـحرص على مطلق الـحق والـخير والـجمال، فعلى الأقل محافظة على وحدة الـحزب الأساسية والشكلية تـجاه الأوساط والـجماعات خارج نطاقه وعلى مبادىء النظام الدستوري. وأرى هذا كفاية مع ما سبق فإذا أحببت التأمل فدقق وراجع.
قضية الرفيق الـموقّف فخري معلوف: بعد الاستعراض الـمتقدم الذي أثار فيّ ذكريات الـجهاد الـماضي وظروفه وقراءة تقريرك عن محاولتك إرجاع فخري معلوف عن تهوره في هوسه الـمذهبي، لا بد لي من إثبات حزني هنا على هذا الرفيق القديـم وما صار إليه بعد ما كان يُتوقع منه من النشاط في متابعة الغرض القومي الاجتماعي بعد نهاية دروسه الفلسفية. وقد تألـمت جداً لـحالته حين قرأت عبارتك: «فأبدي رغبة في تدوين هذه الأمور ودرسها والاستشارة بشأنها قبل إعطاء جواب نهائي»، فقد دلّ ذلك على استسلامه التّام لـمشيئة خارجة عنه بتحجر نفسي وتعطيل لـمزايا حرية الفكر التي كان يـمتاز بها في مدة وعيه القومي. وإني أسائل نفسي: ترى هل يـمكن أن يستعيد شخصيته ونشاطه العقلي وحريـة إرادته إذا انتقل إلى الوطن وتغيرت بيئته؟ ومـما ورد في تقريرك فهمت أنه احتفظ بالـمراسلات التي جرت بيني وبينه، ومنها ما هو ضروري وجوده في سجلات الـمنفذية، خصوصاً رسائل توجيهي السياسي له في ما يتعلق بالاتصال بالـحكومة الأميركانية، وشرح عقيدة حزبنا وغايتنا لها، وقد فعل وزار واشنطن وأرسل إليّ تقريراً عن نتيجة رحلته. والأرجح أنه لن يسلّمها لو سئل ذلك.
منفذية أميركانية: أقبل اقتراحك تأجيل التعيينات القانونية لتشكيل هيئة الـمنفذية إلى أن تكون أتـممت اتصالك بباقي الرفقاء واستوفيت استقصاءاتك. أما خطوط عمل الـمنفذية الأساسية فأريد أن أبدي في صددها ما يلي:
1 - إنّ الـخطوط الأساسية لعمل أية منفذية أو فرع في أي مهجر من الـمهاجر يجب أن تـماثل الـخطوط الأساسية لعمل أية منفذية أو فرع آخر في ذات الوضعية، وبالتالي: إنه يجب وضع قواعد عامة للعمل السوري القومي الاجتماعي عبر الـحدود يكلَّف مكتب عبر الـحدود بالإشراف على تطبيقها. وهذا أمر لم يوضع قبل الآن، لأنّ الـمعارك والسجون ابتدأت قبل ابتداء العمل عبر الـحدود بصورة مباشرة. وأثناء وجود الزعيم في هذا الـمغترب لم يحصل تقدّم واسع وبناء حزبي ثابت يدعو إلى وضع قواعد التنظيم والتصنيف، فإنّ قضايا من ألف نوع كانت تتراكم في مكتب الزعيم وليست من طبيعة العمل التنظيمي البنائي. ولـمّا كنت في الـمسائل العملية عملياً جداً لم أشأ الابتداء بتخطيطات ووضع قواعد مشكوك في وجود حالة تسمح بتطبيقها. ولـمّا كانت قواعد عملنا القومي العقائدية وبعض خطوطنا السياسية موجودة كان ذلك مواد كافية لبدء العمل القومي الاجتماعي والاحتكاك بالـمحيط لـمعرفة مدى إمكانياتنا فيه ونوع الـمواد التي نعمل فيها. ولم أرَ بأساً أن يبدأ العمل بأية طريقة كانت وبأبسط الـخطط: بالاتصال بالسورييـن الـمغتربيـن، وإيصال العقيدة إلى أفهامهم جميعاً، وإيقاظ الشعور القومي في نفوسهم، وقبول من يعتنق منهم الـمبادىء ويرغب في العمل لها، ومن ثم ينظر في أنواع الـجماعات وفي تعييـن أشكال تسمح باكتساب فئات منها بأشكال متنوعة، إلا إذا حدث اتصال مباشر في الأول مع بعض الفئات الـخصوصية الوضعية، كالـمتجنسيـن بجنسية مهجرهم، وظهر حصول إمكانيات واسعة لاكتساب عناصر عديدة منها لها وزن عددي أو معنوي.
2 - إنّ لـمهاجرينا أو مغتربينا حالة واحدة من حيث أسباب اغترابهم وأغراضه، وهذا عمل واحد لـجميع نزالاتنا مع اعتبارات تفاوت بعضها في بعض عناصرها وفي مبلغ تأثير بيئاتها الـجديدة فيها، ولكن العمل القومي الاجتماعي فيها كلها يجب أن يكون عملاً موحداً في خطوطه الأساسية.
3 - إنّ العمل في أوساط مغتربينا هو عمل قومي وطبيعته تختلف عن طبيعة العمل الإذاعي السياسي بين الشعوب لتوضيح قضيتنا القومية واكتساب ميلها وتـحبيذها. وفي العمل القومي بين مغتربينا أحصر الكلام أولاً لأنه الغرض من إنشاء مكتب عبر الـحدود وهدف من أهداف حركتنا القومية الاجتماعية. ونظرتي الأساسية إلى مغتربينا أو مهاجرينا هي أنهم جزء من أمتنا فيجب أن نـجعلهم جزءاً واعياً وأن نشركهم في نهضتنا. ومن حيث هم جزء له وضعية خاصة وظروف خاصة يـمكن أن ينتظر من شمول الوعي القومي لهم فوائد خاصة.
فهدفنا الأول للعمل بين مغتربينا هو: توليد الوجدان القومي في أوساطهم وإشراك العناصر الـحية الصالحة منهم الـمعتنقة مبادىء النهضة القومية الاجتماعية في هذه النهضة بكل الـحقوق والواجبات وبكامل الولاء والنظام.
4 - نرى من درسنا أحوال مهاجرينا أنهم في تعرّضهم لعوامل بيئاتهم تأثّروا بأنواع من هذه العوامل وحصل تغيير محسوس في الـحالات الـحقوقية - الـجنسية لعدد منهم. ونتيجة ذلك حصول عدد من مغتربينا في حالة التجنس بجنسيات الأمـم النازليـن فيها. هذه الوضعية الـحقوقية لي فيها نظر وتـحليل فقد تبيّـن لي أنه ليس لـجميع أصحاب هذه الوضعية الـحقوقية وضعية نفسية واحدة فيما يتعلق بوضعيتهم الـحقوقية. ولا شك عندي في أنّ إقدام كثيرين منهم على التجنس لم يكن نتيجة اختيار منهم لـجنسياتهم الـجديدة بل نتيجة اضطرار أو ما يشبهه. فقد وقفت على حادث تـجنس شقيقيـن بالـجنسية البرازيلية للسبب الآتي: قبل الـحرب الأخيرة عاد أحد الأخوين لزيارة وطنه وعند بلوغ الباخرة مرفأ الإسكندرية أراد النزول إلى البر والتجول مثل بقية السياح فلم يسمح له بالنزول بسبب جنسيته السورية وجرى تـحقيق دقيق معه عن أغراضه من النزول إلى البر، مع أنه مسافر درجة أولى أو ثانية، وبعد جهد جهيد سمح له بجولة قصيرة، بينما جميع الأوروبييـن والأميركييـن تـمتعوا بحقوق واسعة وتلبية سريعة. فلما عاد إلى البرازيل أجرى هو وأخوه معاملات التجنس بالـجنسية البرازيلية كي لا يتعرضا للإهانة في مثل هذه الأحوال. وهنالك من تـجنسوا لأسباب تـجارية، ومن تـجنسوا لأنهم لا يدرون لـماذا تـجنسوا، وغير ذلك، فإدراكنا الواقعي لوضعيتهم يجب أن يُبنى على معرفة أسباب تـجنس كل واحد منهم ورغبته الـخصوصية في هذا الصدد بعد إدراكه النظرة القومية التي كان يجهلها حيـن أقدم على تـجنسه. ويجب أن لا نتخلى عن حقوقنا فيهم بسهولة. وفي عملنا بينهم يـمكن أن نـميّز بين من يريد منهم أن يكون سورياً قومياً ومن يريدون الـجمع بين ولاءين لقوميتهم الأصلية ولـجنسيتهم الـجديدة كالذين أقسموا اليميـن الـحزبية مع تـحفّظهم أن لا يكون في عملهم لسورية ما يضاد أو ينقض ولاءهم لأميركانية. وطريقة عملنا معهم تتوقف على نوع انضمامهم إلينا ومبلغ عدد كل نوع من أنواعهم.
5 - أبناء السورييـن عموماً وأبناء القومييـن الاجتماعييـن خصوصاً: يكوّنون نقطة نزاع شديد بين نظرتنا إليهم ونظرة دول الأقطار التي يولدون فيها. قبل حصول الوجدان القومي كان السوري الـمهاجر يعدّ مولوده في الـمهجر للأرض التي يولد فيها لعدم وجود شخصية قومية له يجب استبقاؤها في نسله، فلا يهمه أتعلَّم ابنه لغته أم لم يتعلَّم، ولا يهمه أعرِف شيئاً عن تاريخ الشعب الـمتحدر منه أم لم يعرف. والسوري مشهور بسرعة فنائه في الشعوب التي يغترب بينها، ولكن هذا الـمشكل النظري صعب الـحل نظراً لنوع ثقافة مغتربينا اللاقومي - إذا كانت لهم ثقافة - وصعوبته في الأكثر في أبناء السورين اللاقومييـن وتقلّ هذه الصعوبة في الأبناء الـمولودين لقومييـن اجتماعييـن، عليهم واجب تعهّدهم بالعقيدة القومية الاجتماعية حسب نص القَسَم. فعملنا بينهم يجب أن يتوخى إيقاظ وجدانهم القومي عن طريق آبائهم وعن طريق نشر أدب نهضتنا وثقافتنا بينهم، وهنالك حجة قوية في جانب نظرتنا صعب دحضها: إنّ الولد من أبوين سورييـن هو نتاج سوري فينشأ بعناية والديه السورييـن ورعايتهما ويحيا بنتاج تعبهما ويتثقف ويتعلم بهذا النتاج.
نحن في عملنا القومي مسؤولون عن قوميتنا ونـموها وتقويتها لا عن قوميات الأمـم الأخرى ونـموها وتقويتها. وكما أنّ الأميركاني والإنكليزي يرمي إلى الاحتفاظ بقوميته لنفسه ولأولاده، في سورية، كذلك يجب أن نرمي نحن إلى الاحتفاظ بقوميتنا لأنفسنا ولأولادنا في أميركة وإنكلترة وحيثما وجدنا، مهما نقضنا بذلك مبدأ الـحق والـخير والـجمال لـمجرّد الـحق والـخير والـجمال. وإذا كان الأميركان والإنكليز يجيزون لليهودي الـمولود في بلادهم في الـجيل الرابع حسبان نفسه قومياً يهودياً فلا نرى سبباً حقوقياً أو غيره لإنكارهم حق حسبان الـجيل الأول السوري الـمولود في بلادهم سورياً قومياً.
هذه هي مواضيع العمل القومي في الـمهاجر والأهداف الأولى التي يجب على هذا العمل بلوغها أو بلوغ معظمها أو ما أمكن منها. وفي توخي بلوغ هذه الأهداف ينشأ الاحتكاك بالواقع وامتحان هذا الواقع والنظر في ما يـمكن استخلاصه من هذه الامتحانات التي قد تختلف نتائجها بعض الاختلاف بالنسبة إلى مختلف الأمـم والأقطار ودرجات ثقافاتها وحيوية قومياتها، وبالنظر أيضاً إلى اختلاف نوعية مجاميعنا من الوجهة الثقافية، ولذلك لا نرمي إلى إقرار أية وضعية غير وضعية حقيقتنا وأهدافنا، بالتسليم Apriori بحقيقة وضعيات غير مـمتحنة عملياً وغير مختبرة حقيقتها.
أما ما خرج عن هذه الـمواضيع «كالتوجه إلى الرأي العام الأميركاني وربـما الـحكومة الأميركانية» فمن الأغراض الإذاعية - السياسية التي ليست من خصائص العمل القومي عبر الـحدود بل من خصائص الـخطط والأهداف السياسية والإذاعية التي يـمكن جعل الفروع عبر الـحدود واسطة من وسائطها، فهي مواضيع ثنوية من وجهة توخي العمل القومي البحت عبر الـحدود ولا يحسن النظر في ما يـمكن أن تفعله في هذا الصدد الفروع عبر الـحدود إلا بعد نشوئها وتنظيمها. أما ما يـمكن أن يقوم به أفراد قوميون اجتماعيون أو يكلّفوا القيام به من هذا القبيل فأمر خاص متميز عن امتداد النهضة السورية القومية الاجتماعية بين السورييـن عبر الـحدود.
فالأهداف العملية الـمباشرة، التي يجب أن يتوخاها العاملون عبر الـحدود، والتي سيعطى مكتب عبر الـحدود توجيهات في الإشراف على تطبيقها تـمهيداً للتصنيف الفني التالي الذي يـمكن تعيين مداه بعد حصول الاختبارات الواسعة والنتائج الأولى والإحصاءات الضرورية، والتي يجب العكف عليها عملياً بدون تراكم كثير للقواعد والتصانيف النظرية والتضخم البيروقراطي، هي:
1 - إيجاد الوجدان السوري القومي الاجتماعي في مغتربينا بوجه عام وإقناعهم بـمبادىء نهضتنا الأساسية والإصلاحية، ودعوتهم بطرق متنوعة إلى اعتناق هذه الـمبادىء باعتبارها الوحيدة الـمعبّرة عن شخصيتنا القومية وحقوقنا ومصالـحنا والتي لا نهضة لأمتنا إلا بها كما هو الواقع. والاتـجاه إلى هذا الهدف يجب أن يكون تاماً، صريحاً، غير معرقل باعتبارات ثنوية لوضعية بعض مغتربينا الذين حازوا عضوية دول غير سورية. ويترك للقائميـن بالعمل القومي الاجتماعي عبر الـحدود، بـمسؤولية، حرية التصرف في الإذاعة وتكييفها في ابتغاء هذا الغرض.
2 - تنظيم الـمقبليـن على الدعوة إقبالاً تاماً معتنقيـن الـمبادىء بلا تـحفّظ حقوقي أو سياسي وبولاء تام للدولة السورية القومية الاجتماعية وللأمة الـمنبثقة منها.
3 - النظر في الـمقبليـن عملياً على الدعوة بتحفظات متنوعة وتصنيفهم حسب تـحفظاتهم مع تعييـن النسبة العددية والنسبة النوعية لكل فئة منهم في إحصاء صحيح مرفوق بتقديرات تقريبية للإمكانيات وغيرها، وبينما القائمون العمل، أو الـمنفذيات، ينتظرون التدابير والقرارات والـمراسيم النهائية في صدد الـمصنفيـن حسب وضعياتهم وتـحفظاتهم الـخصوصية يـمكنهم إيجاد صنف عام لـجميعهم متميز عن القومييـن الاجتماعييـن كلياً فيكون من مقتنعيـن بالـمبادىء ومحبذين لها ومتعهدين بتأييدها بتحديد لـمسؤولياتهم وحقوقهم ضمن الـمنظمة، ولا يكون لهم حق الاشتراك الفعلي في الإدارة الـحزبية ومؤسساتها السياسية.
هذه هي الأهداف الـمباشرة لعملنا السوري القومي الاجتماعي عبر الـحدود وبه يجب أن تتقيد منفذية أميركانية كغيرها. أما الأعمال السياسية والإذاعية الشاسعة بين الشعوب التي لنا فيها مجاميع مغتربة فناحية أخرى منفصلة نوعاً عن الأهداف الـمتقدمة ويجب أن تبحث وتوجه تـحت باب أهداف عمدة الـخارجية السياسية والإذاعية.
وبانتظار حصول شيء نهائي من هذا القبيل يـمكن القائميـن بدعوة الـحزب في الـمهاجر اغتنام الفرص لتعريف قضيتهم حسب حقيقتها ومثلها العليا إلى الرأي العام في الشعوب النازليـن بينها، ويـمكن الـمنفذين العاميـن ومَن في مقامهم استيحاء صلاحيات الـمنفذين العاميـن في بيئاتهم في الوطن. وأما العاملون الذين لهم امتياز خاص في عملنا القومي الاجتماعي ويـمكنهم القيام بـمهمات سياسية وإذاعية عليا فيمكن إمدادهم بصلاحيات خصوصية تكسبهم الصفة اللازمة للقيام بهذه الـمهمات.
ومن الأهداف العملية الأولى بعد التوجيه بالدعوة هو تغذية خزانة الـحركة بالـمال. فجميع فروع الـمغترب كانت، ما عدا منفذية أفريقية الغربية، مشلولة الفكر والعمل من هذه الناحية الهامّة. وكنت أنا شخصياً أتـجنب الدعوة إلى شيء من ذلك اتقاء تأويلات التفكير الـمنحط الـمتفشي في جماعاتنا الـمؤيد بسوابق مؤسفة من أفراد كثيرين توخوا أهدافاً مالية خصوصية من «وطنيتهم». والاهتمام بهذه الناحية أصبح الآن ملحّاً نظراً للمعارك السياسية الـمقبلة في الوطن، التي تـحتاج إلى نفقات إذاعية وغيرها كبيرة فيمكنك هناك بالتعاون مع أعضاء مديرية الإسكندرونة وغيرهم مباشرة حملة إذاعية مالية غرضها تعزيز صندوق الـحركة، ويـمكن درس عدد من الـمشاريع الـموصلة إلى هذه الغاية كتأليف «لـجنة لـمساعدة منكوبي الـحوادث في الوطن» أو «لتحقيق مشروع الـمدرسة القومية» أو لأي أمر من الأمور التي تـجد قبولاً عند الرأي العام السوري هناك وله حقيقة عندنا «كمشروع مقاومة الصهيونية» وما شاكل. ويـمكن الاهتمام بتمثيل روايات وبحفلات غنائية يخصص ريعها لـمقاومة الصهيونية أو لإنعاش التربية ويدعى إليها أميركان أيضاً.
إذاعتاك بالراديو: قبل تعليقي عليهما أريد الـملاحظة على عبارتك «وقد أتـمكن من نشر هذه الأحاديث في جريدة من الـجرائد العربية هنا» وملاحظتي هي على النسبة العربية للجرائد السورية، هو غلط شائع يجب تصحيحه. فجرائدنا التي تصدر باللغة العربية هي جرائد سورية. والنسبة يجب أن تكون إلى الأمة لا إلى اللغة، فأنت تنسب الـجرائد التي تصدر باللغة الإنكليزية في أميركانية إلى أمتها لا إلى لغتها فتقول جرائد أميركانية لا جرائد إنكليزية.
تعليقي التوجيهي على إذاعتيك سيكون وجيزاً. فإن الـخطوط الأساسية والنهج التدرجي نحو غاية مركزية واضحة: النهضة القومية الاجتماعية، هي جيدة وأسلوبها واضح جميل فأهنئك بذلك وأرجو لك كل النجاح.
إنّ قبول الأمر الواقع السياسي في لبنان (الكيان اللبناني) كان قبولاً سياسياً لا عقائدياً. وظهورنا في لبنان كفئة أو حزب سياسي محلي بـمنهاج موضعي، سياسي الصبغة لم يغيّر قط وضعيتنا العقائدية ولا حوّر ولا بدّل ولا عدّل ولاءنا للأساس القومي الاجتماعي وللغاية الأخيرة التي نرمي إليها. وكنت قد مهدت لأي مظهر من هذه الـمظاهر بشرح غاية الـحزب السوري القومي الاجتماعي وبتصريح لي نشر في النهضة سنة 1937 وبالتعاليم والتوجيهات التي كنت أدليها في مجلس العمد والـمجلس الأعلى. وجمعنا بين الـمظهر السياسي في لبنان والعقيدة السورية القومية الاجتماعية بلا تناقض يتحقق بشرحي وتعليمي أنّ الأمة واقع اجتماعي وأنّ الدولة كيان أو واقع سياسي، فيمكن لأسباب سياسية ظرفية أن تنشأ في الأمة الواحدة عدة دول، كما أنه يـمكن أن تتحد أمتان أو أكثر في دولة واحدة. فالدولة البريطانية هي في الـحقيقة متحد أمـم كما كانت إمبراطورية النمسة والـمجر كياناً سياسياً لأمتيـن مختلفتيـن في العنصر واللغة. ونرى في الوقت الـحاضر أنه يوجد مشروع أميركاني لإيجاد كيانات سياسية لبعض ولاياتها، أو بعض مجموعات ولاياتها، تكتسب صفة الاستقلال السياسي والتمثيل الـخارجي لتقابل مشروع روسية في إيجاد «دول مستقلة» ضمن نطاقيها القومي والسياسي لأغراض سياسية بحتة، غايتها زيادة الأصوات الـموالية في اجتماعات مجالس ولـجان جامعة الأمـم المتحدة، ولا يعني ذلك نشوء قوميات جديدة في أميركانية. فنحن في الـحزب القومي في لبنان فئة سياسية تعمل بـممارسة حقوقها الـمدنية بعقيدة قومية صحيحة لتحقيق الغاية الأخيرة لعقيدتها وحركتها القومية الاجتماعية الأساسية الشاملة كل سورية.
بناءً عليه، يجب على مفكرينا ومذيعينا وضع هذه الـحقيقة دائماً أمام أعينهم في كل إذاعة أو بحث أو درس يقومون به وينشرونه، خصوصاً مفكرينا ومذيعينا غير الـمسؤوليـن رسمياً، وجميعهم حين يتكلمون أو يكتبون مجرّدين من الصفة الرسمية فيتكلمون بحرّية أوسع بصفتهم الشخصية غير الـمسؤولة عن سياسة الـحزب وإدارته، فيجب أن يغتنموا هذه الفرص لإظهار خطوط العقيدة وصحتها، ويجب أن لا ننسى أنّ إدارة الـحزب السوري القومي الاجتماعي كله متمركزة في العناصر اللبنانية إلى حد الآن وأنه لا يـمكن إغفال احتياجات الفروع في جميع الـمناطق السورية غير لبنان.
ولا بد من القول إني أحتاج إلى معلومات أوسع وباستمرار عن تطور الـحركة في مختلف الـمناطق، وفي الـمنطقة اللبنانية بنوع خاص، لأتـمكن من تعييـن الـخطوط الأساسية لعملنا الإذاعي السياسي. فإذا كانت الانتخابات اللبنانية قريبة وكان أمل الـحزب بفوز كبير يقوى بنمو الفروع في جميع الـجهات اللبنانية وحصول ملاك من الـمرشحيـن الـحزبييـن الصحيحي العقيدة والنظام، فيجب إذاً سلوك خطة إذاعية خاصة في لبنان تستهدف الانتصار السياسي السريع وبلوغ النيابة ومنصات الـحكم بأكثر قوة مـمكنة، وتختلف الضرورة نوعاً فيما لو كانت الانتخابات وحالة الـحزب غير صالـحة لدخول الانتخابات بلائحة خصوصية. والرسائل من الـمركز مقطوعة عني منذ أواسط مايو/أيار الـماضي وقد بتّ في حيرة من هذا الأمر ولست أعلم ما جرى بطلب جواز سفر لي لأنتقل حيث أشاء ولأعود إلى الوطن إذا أردت.
بصـرف الـنظـر عن هـذه الـحـالـة أرى تـدقيـق الإذاعـة القوميـة الاجـتمـاعيــة للاعتبـارات الآتية:
1 - الضرورة اللفظية للعقيدة فلا نقول سورية إلا حين نعني سورية القومية الـمحددة بـمبادئنا، ولا نقول سورييـن إلا بهذا الـمعنى الشامل الذي يجب أن يحلّ نهائياً محل «أولاد عرب» وما شاكل من هذه التعابير اللاقومية. وحين نعني ما يسمونه «الـجمهورية السورية» نقول «الـجمهورية الشامية والشامييـن» إلا حين توجب الـمخاطبة الرسمية استعمال الأشكال الرسمية الـمستعملة، أما في الكتابات والتآليف الثقافية والأدبية فنستعمل إصطلاحاتنا باستمرار، وكذلك في الإذاعات، وكذلك لا نقول الأمة إلا بـمعنى السورية. بناءً عليه كان يـمكن في إذاعتك في 7 يوليو/تـموز الـماضي أن تقول «إلى جمع من الـمواطنيـن الـمهاجرين من لبنان والشام وأنحاء أخرى من سورية أو من الشامييـن واللبنانييـن» بدلاً من السورييـن - اللبنانييـن، أو السورييـن واللبنانييـن ولعل استعمالك «السورييـن اللبنانييـن» بلا واو العطف، يقلل الـخطر السيكولوجي.
2 - إعتبار حالة البلاد الـحاضرة حالة وقتية غير قابلة الاستمرار لأنها حالة وضعية منافية لعوامل الاستقرار الأخير سياسياً وقومياً واقتصادياً، الخ.
3 - عدم تضخيم الـحكم الذاتي الذي نلناه ومظهر الاستقلال الـحاضر الذي هو مـمنوح وشبه مربوح وضرورة إبراز صورة وجود استقلال غير هذا الاستقلال - إستقلال كلي - نرمي إليه هو الاستقلال الذي سيعبّر حقيقة عن إرادتنا القومية الصحيحة ويكون ذا حقوق أوسع وفوائد أعم. فنمنع تضخم الأشخاص الذين لعبوا الدور الرسمي في حصول هذه الاستقلالات، ونـمنع أن يستقر في الذهن أنّ ما حصل هو ما تريده الأمة وتطمئن إليه ونحفّز النفوس إلى التطلع معنا إلى استقلال صحيح، قومي، شامل.
4 - إظهار فضل عامل النهضة السورية القومية الاجتماعية في السير بالأمة خطوة خطوة. نحو غايتها الكبرى، والأسباب الداعية لتعليق كل الأمل على هذه النهضة والثقة التامة، الـمطلقة بها.
5 - عملاً بـما تقدم من التوجيهات في بحث خطوط العمل عبر الـحدود نتجنب كل التجنب تذكير مغتربينا «بإخلاصهم لوطنهم الـجديد». خصوصاً حيث لا موجب لذكر ذلك بوضوح وحيـن مخاطبة مجموع بعضه اكتسب عضوية الدولة التي يقطن وطنها وبعضه لا يزال محافظاً على كامل قوميته وحقوق عضوية الدولة في وطنه.
6 - متابعة لـما ورد في مقطع 5 عدم الـموافقة وعدم تشجيع فكرة «الوطنيـن» خصوصاً للسورييـن الـمحافظيـن على جنسيتهم، ذلك التشجيع الذي يقول به أمثال إيليا أبي ماضي وعبدالـمسيح حداد وغيرهم وحاربته في الزوبعة حرباً شديداً.
إني مسرور جداً لكونك سرت في إذاعتيك على معظم هذه الـخطوط وخصوصاً السياسية منها، وإني أوافق بجذل على أسلوبك التدرجي خصوصاً كما يتضح في إذاعتك الثانية في 14 يوليو/تـموز الأخير. فعرضك فيه «لـجزئية الاستقلال» وإدخالك جمهوريتي الشام ولبنان ومـملكة شرق الأردن في «وضع البلاد الإنترناسيوني» الذي يوجه الأنظار بطريقة دبلوماسية لبقة إلى وحدة هذه الأجزاء وجزئية استقلالها، هي نقاط إذاعية تقنية موفقة جداً فأكرر تهنئتي. مع ذلك يجب التقليل من طلب «استقلال» فلسطين كدولة مستقلة واستحسان هذه الاستقلالات الـجزئية وإبراز وحدة حياتها ووحدة مصيرها.
إسم الـحزب في أوساط الـمغتربيـن: يحسن الـمحافظة على الإسم الأصلي، الـحزب السوري القومي الاجتماعي وعلى وحدة العمل الظاهرة والباطنة، وفي حياة مغتربينا في غربتهم أسباب كثيرة نتذرع بها ضد ما قد يوجه إلينا من أسئلة أو تدخّل رسمي، ولست أدري تـماماً ما هو موقف الدكتور شارل مالك من العقيدة اليوم بعد أن كان أكد لي شخصياً أنه معنا ومنا. ولكنه يؤجل الارتباط الفعلي إلى أن تكون استقرت وضعيته، وكان ذلك في مقابلة أخيرة بيني وبينه قبل سفري من الوطن.
الرفيق أسد الأشقر: رأيت أخيراً أن أكتب إليه وأعطيه جواباً مقتضباً بقدر الإمكان على ما سأل وأبدى من آراء. وفي جوابي على افتراضه: لو كان الزعيم أسّس في لبنان «حزب الإصلاح اللبناني» وفي الشام «حزب الإصلاح السوري» قلت كاتباً: لو كان الزعيم أسّس «حزب الإصلاح اللبناني» في لبنان و«حزب الإصلاح السوري» في الشام، كان يكون غير ما هو وكان واحداً مثل كثيرين غيره يفكرون هذا التفكير الـمختص بالسياسات الصغرى ويحاولون كل يوم هذه الـمحاولات ويبعدون بعداً سحيقاً عن إنشاء نهضة أمة بأسرها مهما بلغوا من مراكز الـحكم ومهما أطالوا الـجلوس والكلام في «جامعة الدول العربية».
الـمخابرة مع الـمركز: في أول رسالة منك إلى مكتب عبر الـحدود أخبر الـمركز عن انقطاع أخباره عني من آخر كتاب تسلمته من مكتب عبر الـحدود مؤرخاً في 6 مايو/أيار الـماضي. وإني أنتظر الأخبار الوثيقة عن إمكان عودتي لأعوّل على تصفية أعمالي بسرعة.
هذا الكتاب إليك: إستمَرَّ تـحت الكتابة نحو ثلاثة أيام وقد قطعته أعمال وأشغال متنوعة وعملت فيه في ليلتيـن متواليتيـن بعد تعب في النهار ساهراً إلى ما بعد الساعة الثانية بعد منتصف الليل. ونتيجة إجهادي في مختلف الأعمال: ألم في القلب لازمني الأيام الأربعة الأخيرة وسأرى أن أقوم بسفرة قريباً لزيارة مديرية خوخوي التي أرسلت جباية أعضائها لبضعة أشهر إلى الـخازن العام بإشارتي وإليها تشير رسالة مكتب عبر الـحدود إليك.
أخبار صغيرة: بعد الإخفاق في تـحويل أنظار الـمواطنيـن في الأرجنتيـن إلى وجوب تـحويل مساعداتهم الـمالية للوطن إلى لـجنة قومية عيّناها وذلك لأغلاط من قِبل منفذية بوينُس آيرس ولدخول عناصر استئثارية قوية رمت إلى جهة معاكسة، إهتممت بتحريك الفروع هنا للتبرع لـخزانة الـحزب العامة، ومع أنّ حالتي الـمادية لم تكن حسنة لتسمح بـمجهود مالي من قبلي، فقد افتتحت التبرعات في مديرية خوخوي بسند مالي على الـمصرف مني وفي منفذية بوينُس آيرس بسند آخر مـماثل للأول فأعطى ذلك نتيجة أولية حسنة، ومديرية خوخوي ساعية لإبلاغ تبرعاتها إلى الـحد الأدنى الذي عيّنته لها، أي ألف ريال أرجنتيني، غير جباية العضوية التي أرسلتها.
ومنفذية بوينُس آيرس جمعت ما يزيد على ألفي ريال أرجنتيني، وقد أطلقت على هذه الـحركة عنوان «حملة هادئة ل<