إلى حضرة مدير مديرية خوخوي
خوخوي
حضرة الـمدير المحترم،
تسلمت كتابك الأخير الـمرسل من خارج مدينة خوخوي، ووقفت على ما جاء فيه مـما هو موافق لـما قدّمه محصّل الـمديرية الرفيق رستم صدير، إنّ سؤالي عن سعر - الكمبيو وكيفيته كان لأجل الـمعلومات، لأنّ بعض الرفقاء والـمواطنيـن يسألونني عن ذلك، وقد سأل رفيق مصرف لندن فأعطاه معلومات منها أنّ الـمصرف لا يرسل خبر التحويل إلا برقياً والبرقية تكلف نحو أربعيـن فاس وغير ذلك، وهذا الرفيق يريد أن يرسل مالاً إلى والدته في حمص فإذا لم يتوفق في إرسال الـمبلغ بواسطة مصرف هنا من غير أن يضطر إلى دفع أجرة البرقية، فيمكن أن تكلف منفذية بوينُس آيرس أو مديريتكم بإرسال الـمبلغ.
كتابك السابق الـمؤرخ في 23 يونيو/حزيران الـماضي وصل في حينه، وقد أبديت موافقتي على ما ورد فيه من فكرة اليانصيب في كتاب مني إلى الرفيق منير ديب وآخر إلى الرفيق الـمحصّل وأزيد على ذلك: كل واسطة حسنة لتأييد نهضتنا بالـمال والقوة الروحية هي جيدة ويجب استعمالها. إنّ قوة حركتنا عظيمة من الناحية الروحية والناحية العددية، ولكنها ضعيفة من الناحية الـمالية، فيجب توجيه عناية خاصة إلى هذه الناحية.
النظام الـحزبي في مديرية خوخوي: إنّ التقيد بعقيدة حزبنا وخططه وأهدافه والطاعة لقوانينه وفروض نظامه Disciplina هما شرطان لا غنى عنهما لـحقيقة عضوية الـحزب السوري القومي الاجتماعي. وقد كان معقولاً غض النظر عن بعض الأمور النظامية والتساهل فيها في طور الـمديرية التأسيسي الأول، أما الآن فقد صار من الضروري في الأمور النظامية لأنها هي التي تـحفظ وحدة موقفنا ووحدة عملنا، وهذا يعني أنه يجب على جميع أعضاء الـحزب التابعيـن للمديرية التقيد بالنظام الـحزبي بدقة والاستعداد لتقديـم حساب عن تصرفاتهم السياسية والعمومية أمام هيئة الـمديرية والـمراجع العليا. ويجب على الـمدير وأعضاء هيئة الـمديرية درس دستور الـحزب وقوانينه ونظامه وتقاليده جيداً ومراقبة تصرفات أعضاء الـمديرية ودعوتهم إلى النظام كلما ظهر منهم أو من أحدهم ميلاً إلى الشذوذ أو الإهمال ورفع التقارير اللازمة في هذا الصدد إلى الـمراجع العليا. وهذا أصبح الآن ضرورياً جداً في هذا الطور الـجديد، وقد عاد الاتصال بصلب حركتنا في الوطن وفروعها في جميع أقطار العالم.
إنّ حادثاً سياسياً جرى في مدينة خوخوي من قِبل رفيقيـن من الحزب أوجب فتح هذا الـموضوع وسهّل لي وضع التمهيد العمومي الـمتقدم. الـحادث هو ما صدر في جريدة السلام عدد 7118 - الصادر في 16 يوليو/تـموز الـحاضر الصفحة 3 العمود الرابع بعنوان «إحتجاج الـجمعية السورية اللبنانية في خوخوي إلى الـجامعة العربية بالقاهرة» وخلاصته احتجاج باسم الـجمعية الـمذكورة لدى الـجامعة العربية على تقرير اللجنة الإنكليزية - الأميركانية في صدد فلسطيـن ومطامع اليهود فيها.
تـحليل القضية إلى عناصرها: إنّ الاحتجاج الـمذكور صادر باسم «الـجمعية السورية اللبنانية في خوخوي»، وهي جمعية غير تابعة لعقيدتنا ونظامنا وليس لنا عليها محاسبة إدارية ولكن لـحزبنا أعضاء مندمجيـن في تلك الـجمعية، لنا أن نحاسبهم على تصرّفهم ضمن الـجمعية وعلى تكلمهم باسمها في الشؤون السياسية والاجتماعية والتي لها أية علاقة بالسياسة. فوجود أعضاء من الـحزب السوري القومي الاجتماعي في عضوية أية جمعية، مهما كانت صفتها، لا يجعل لهم ولائيـن ومسؤوليتيـن سياسياً (Dos lealtades y dos responsapilidates) بل هم لهم ولاء واحد هو: ولاؤهم للمنظمة القومية - الاجتماعية، الـخاضعيـن لقوانينها ونظامها والـمؤمنيـن بعقيدتها وتوجيهها، وليس لهم في الـمسائل السياسية والتصرفات الشخصية الاجتماعية - السياسية مرجع غيرها. فكل تصرفات الرفقاء القومييـن الاجتماعييـن التي هي من هذا النوع يجب أن تخضع، في جميع الـحالات والظروف، لنظام الـمنظمة القومية الاجتماعية وقوانينها وأوامرها وتوجيهاتها وأن تكون دائماً موافقة للعقيدة القومية الاجتماعية وخطط الـحزب السياسية، فأعضاء مديرية خوخوي الـمشتركون في «الـجمعية السورية اللبنانية في خوخوي» وفي إدارتها الذين وافقوا على نص الاحتجاج الـمذكور آنفاً وأمضوه باسم الـجمعية هم مسؤولون أمام هيئات الـحزب الرسمية ومراجعه العليا عن تصرفهم في هذا الصدد.
البرقية الـمذكورة تشتمل على عدة أغلاط واختلاطات بالأصول العقائدية والأشكال السياسية، وقبل تناول الوجهة النظامية الـحزبية يحسن الإشارة إلى أنّ «الـجمعية السورية اللبنانية» تنتمي إلى دولتيـن هما: دولة الشام ودولة لبنان السوريتان فواجبهما العضوي السياسي هو تعزيز دولتيهما والرجوع إليهما في كل أمر سياسي، فكل احتجاج أو رغبة صادرة منهما يجب أن توجه إلى حكومتي لبنان والشام أو إلى أي مؤتـمر إنترناسيوني أو دولة أجنبية بقصد الاحتجاج على أعمالها أو أعماله في صدد أي قرار يتخذه أو تتخذه كأن يكون الاحتجاج موجهاً ضد بريطانية وأميركانية في صدد تقرير لـجنة حكومتيهما، فيرسل الاحتجاج رأساً إلى لندن وواشنطن. أما حين يكون الاحتجاج موجهاً بالواسطة، أي مضموماً إلى غيره فيكون بواسطة الدولتيـن اللتين تنتمي إليهما الـجمعية وتـحمل اسمهما، فترسل البرقية إلى بيروت ودمشق تعزيزاً لهذين الـمرجعيـن. هذا هو وجه القضية اللاحزبي واللاقومي.
أما من وجهة النظام العقائدي والعملي السياسي فالـمسألة لها وجه آخر: إنّ جميع الـمنضميـن إلى الـحزب السوري القومي الاجتماعي يعلمون أنّ للحزب عقيدة قومية وأنّ له نظاماً يخضعون له خضوعاً تاماً، وأنّ حزبهم وحده هو الذي يـمثّل حقيقة سورية ومصالـحها ويعبّر عن إرادتها، وأنّ جميع أشكال سورية الـحاضرة هي مخالفة لغاية الـحزب الأخيرة ولنظر النهضة، فكل تصرّف شخصي من تصرفاتهم في أي قضية أو مسألة أو حركة اجتماعية - سياسية يجب أن يخضع لنظام الـحزب وموافقة الـمسؤوليـن، وكل موقف من مواقفهم الشخصية العارضة التي تطلب منهم الظروف أن يظهروا فيها من غير سابق خطة سياسية أو غيرها يجب أن يكون مبنياً على عقيدة الـحزب وعلى خططه السياسية الـمعروفة وتوجيهاته. وجميع الـمواقف يجب أن تقصد غاية واضحة: تأييد الـحزب السوري القومي الاجتماعي وإعلاء شأنه وتعزيز صوته وقوّته والـجهر بغايته وعقيدته، فالأعضاء القوميون الاجتماعيون الـحقيقيون هم الذين يتجهون إلى حزبهم ومرجع حزبهم الأعلى في جميع الـحوادث والظروف ويولونه النيابة عنهم والتعبير عن إرادتهم وحاجاتهم وأشواقهم في القضايا القومية والإنترناسيونية، فإذا لم يفعلوا ذلك كانوا أحد شيئيـن: إما كمية مهملة في القضية السورية القومية الاجتماعية، وإما منافقيـن ونفعييـن ورجعييـن، فإذا لم يكونوا يعلمون فليعلموا.
فإذا نظرنا إلى برقية «الـجمعية السورية اللبنانية في خوخوي» التي أمضاها رئيسها السوري القومي الاجتماعي الرفيق إبراهيم صليبي الراعي وناموسها السوري القومي الاجتماعي الرفيق سليمان منصور عاصي التابعان لـمديرية خوخوي من وجهة العقيدة القومية الاجتماعية والنظام القومي الاجتماعي، ماذا نرى؟
نرى أنّ الرفيقيـن الـمذكورين والرفقاء الذين اشتركوا في نص البرقية الـمذكورة وفي الـموافقة عليه وعلى إرساله إلى ناموس الـجامعة العربية لم يحسنوا الولاء لـحزبهم ولا لعقيدتهم القومية الاجتماعية.
فمن الـجهة النظامية كان عليهم أن يعملوا لتوجيه البرقية إلى زعيم حزبهم أو مجلسه الأعلى تعزيزاً للقضية السورية القومية الاجتماعية والـمنظمة القائمة بها. ومن الوجهة العقائدية كان يجب أن يرفضوا النص القائل: «فلسطيـن العربية» وأنّ فلسطين «قطر هو قلب العروبة»، ففلسطيـن في عقيدتنا هي الـجزء الـجنوبي من سورية وليست قطراً قائماً بذاته، وجنسيتها أو هويتها القومية هي سوريّة، وسورية هي أمة من أمـم العالم العربي، فكما أنه لا يـمكننا أن نسمي خوخوي «قطراً إسبانياً»، كذلك لا يـمكننا أن نسمي فلسطيـن «قطراً عربياً»، وأما «العروبة» فمعناها عندنا يختلف عن معناها عند غيرنا، وتعبير البرقية «قلب العروبة» لا ينطبق على عقيدتنا وإرادتنا، فأين صارت عقيدتنا ونظامنا وغايتنا في هذا التصرف الشاذ؟
أطلب منكم أن تعقدوا، حال عودتكم إلى مدينة خوخوي، جلسة لهيئة الـمديرية للنظر في قضية تصرّف الرفقاء الـمشتركيـن في «الـجمعية اللبنانية السورية في خوخوي» في صدد البرقية الـمذكورة وخطط الـجمعية وحركاتها السياسية، وأن تتخذوا قراراً بفتح تـحقيق معهم، وأن تعقدوا اجتماعاً عاماً فيما بعد لدرس تصرفات الأعضاء، ونقل التوجيهات القومية الاجتماعية وتكليفهم التقيد بها، وأن ترفعوا إلى الزعيم، في ختام ذلك، تقريراً مفصلاً عن نتيجة التحقيق والاجتماعات، (راجعوا صلاحية الـمدير وواجباته في الـمرسوم الدستوري عدد 3).
واقبلوا سلامي القومي ولتحيى سورية.